صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 31 - 15:12
المحور:
الادب والفن
كأسُ الأَرَق
***
عاصفةٌ على وِحْدَتي تجهشُ
والفجرُ يُنصتُ إلى همسِ برودةٍ سكنَتْ عُروقي
وإلى حَيْرةِ قُبّعتي
حينَ صارَ يُزهرُ فوقَ نسيجِها الثلجُ
والرؤيةُ تَلتهمُ ما تيسّرَ مِن شجونِ الغَبشِ
وأنا الهاربُ مِن جحيمِ أرَقي
قررتُ أنْ أفْتَكَ بِما تَبقّى مِن نشيدِ الصحوَةِ
وأَهيم في الطّريقِ
فكيفَ أُمسكُ بناصيةٍ
عوّدتْني على الضّياعِ وسطَ وعورتِها في كلِّ حين ؟
الفجرُ يَئنُّ في جَسَدي محنةً
وتلك السّحابةُ الوهميةُ التي دوماً رافَقَتْني
والتي ظلّتْ تتعرّى كلّما بها مررتُ
وأشاعتْ فجورَها فوقَ رأسي
لم تدرجْ على عادتِها وأَنْكرتني
تَركْتُها ونحو ساحلِ هيامي مضيتُ
ثمّ صرتُ بالزمهريرِ ألوذُ
وأمامي ينحدرُ
بضعُ حافلاتٍ مِن شدّةِ الوَجْدِ ترتجفُ
حين تُقْبِلُ
وتنشجُ على أسفارِها حين تواجهُ أقدارَها وتُدْبِرُ
***
أنا ابنُ الفجرِ الضّالُّ
قبلتُ أنْ أَلْتَمَّ على ذاكرتي
وقبلتُ أنْ أَتَشَظّى معها كالرخامِ
وأتناثرُ
أطلبُ مِن قمرٍ مازالَ بالسِّحْرِ مُكْتَسياً
وبكأسِ سهرتِهِ ظلَّ مُمسكاً
ويرشقُ وجهَ الفجرِ بوردةٍ زرقاء :
رافقْني في رحلتِي أيُّها القمرُ
رقَّ لحاليَ
وظلَّ معي يرقبُ
حتى تعثّرَ به نهرُ فتوّتِهِ
فارتشفَ ما تثمّلَ في الكأسِ
وغادرني
***
" ... وهذا وجهٌ في الغيابِ ، وجهُ شاعرٍ تَجَلّى
بعد رحيلِه في سماء المدينةِ ... "
" ... لم أعثرْ عليهِ في اليومِ الأخيرِ
لكنني رأيتُهُ عند الظهيرةِ في سماءِ وطنٍ احتوتْها شاشةُ تلفازٍ ... "
***
عاصفةٌ تَدُكُّ جدارَ عُزلتي
إيقاعٌ يتسلّقُ أكتافَ الفجرِ
يأتي مِن ضحكةِ صالةٍ أُضيئتْ منذُ ليالٍ
ربما أدمنتْ صَخَباً بشرياً
وسَدّتْ بوجهِ القادمِ أبوابَ الأحلامِ
وأنا رفّةٌ في جنحِ طائرٍ
زفرتْهُ لحظةٌ خارجَ الوقتِ وتاه
لا بها يرشقُ نافذةً
ولا يُطلقُها نحو المُشتهى
***
" ... هي إرادتي ، أنا ارتضيتُ بها شاهقةً مثلما ارتضيتُ أنْ أكونَ ... "
" ... هي عادةُ الأشياءِ حين يُزهرُ في روحِها صبرٌ وبه تتجّملُ ..."
***
عاصفةٌ تأتي على غيابي
وعلى حقولِ اشتياقي
وأنا أُجرجرُ في خضمِّها ما تبقّى مِن رحلةِ العُمرِ
إلى أبوابٍ أَخْشى الوقوفَ عليها
وأُسددُ نحوها الطَرَقَات
29 ـ 1 ـ 2015 برلين
***
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟