حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 31 - 13:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
حلوة زحايكة:
سوالف حريم-في بيتنا
يقع بيتنا عند الحدود الفاصلة بين أراضي 1948 وأراضي 1967، ما زلت أذكر جيدا معالم كل شيء في ذاكرتي، كان خلف منزلنا خنادق للجيش الأردني، وكانت بئر ماء مقابل الباب الرئيسي للبيت، ومغارة بجواره، وفي حرب حزيران 1967 صار بيتنا تجمعا للشهداء حسب ما روي لي، فقد اجتمعت فيه جثامين سبعة عشر شهيدا.
عندما اندلعت الحرب لم يكن أبي في المنزل، حيث كان في بقالة يملكها في قرية العيزرية، ووضعه الاقتصادي جيد.
عاد ابن عمي الذي كان ينهي المرحلة الإعدادية في ذلك الوقت من المدرسة الى البيت، وقال لوالدتي اجمعي كل ما يلزمك فقد بدأت الحرب، ولم يكن هناك في تلك المنطقة غير بيت أهلي، وحملتني أمّي أنا الرضيعة ابنة الشهور الستة، وهربت بنا الى مكان افترضت أن يكون آمنا.
وبعد ساعات عادت أمّي وابنة عمّي من أجل جمع الطعام والخبز وكل ما تبقى في البيت من مواد غذائية يستطعن حملها، وعندما فتحت الباب واذا أبي خلفها يقول لها: ماذا تفعلين هنا؟ اجمعي كل شيء وعودي بسرعة وسوف أغلق البيت والحق بك.
وبالفعل وصلوا بيتا في بطن الوادي،وقامت الجارة بانزال فرشة من أجل الجلوس عليها، ولكنه رفض ولم يوافق على الجلوس، وطلب ان يفتح أحدهم المذياع لسماع الاخبار، وعند سماعه ما يحدث لم يستطع الجلوس بعد ذلك، وقال لوالدتي: خذي هذا المبلغ من المال وابقيه معك، لكنها رفضت أخذه، وهمّ بالخروج وحاول من كان حاضرا أن يمنعه، لكنه أبى البقاء وقال: كيف اجلس والوطن يسلب؟ وقبل أن يغادرهم قال لهم: لا تبحثوا عني إن لم أعد، سوف تجدون جثتي بالبيت، فقد كان يساعد الجيش العربي في نقل الذخيرة الى موقع الاشتباك.
وبعد أن هدأت الحرب خرج عمّي يبحث عنه، فوجده جالسا متكئا على الحائط في بيتنا، ويده تحت رأسه ويسبح في دمائه، في الوهلة الأولى ظن عمّي أنه على قيد الحياة فاقترب منه بسرعة، ولكن سرعان ما تهاوى على الأرض جثة هامدة. وقد قام بلفه ببطانية ودفنه خلف بيتنا بسرعة.
وبعد ستة اشهر تم نقل جثمانه الى مقبرة البلدة.
لكن أطفال قطاع غزة والعراق وسوريا وغيرها لم تترك لهم آلة الدمار بيتا يعودون إليه.
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟