|
لعرب اكثر الشعوب حاجة لمسيرات تحت شعار الجمهورية
فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي
(Fuad Alsalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 30 - 15:41
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
في اطار مسيرة الجمهورية الفرنسية يمكن قراءة المشهد من زاوية اوسع في الدلالات والرؤية .. فلا احد ينكر الحادث (الهجوم على مقر الصحيفة) ولكن لا احد ينكر ان القاعدة والتكفيريين وكثير من الجماعات المتطرفة منها داعش جميعها صناعة غربية وامريكية على وجه التحديد وان استندت على اساس ثقافي وفقهي تم انتاجه في عصور الظلام العربية او من خلال فقهاء النفط وهم كثيرون . فالغرب عامة وامريكا منذ ان انهار الاتحاد السوفييتي وهم قلقون من غياب عدو كبير يعلقون عليه كثيرا من استراتيجياتهم الامنية والعسكرية التي ترتبط ببؤر النزاع من اجل تزايد مبيعات الاسلحة والتواجد العسكري المباشر وغير المباشر وزرع فكرة التهديد للمجتمع الغربي كأيقونة في الثقافة السائدة من اجل استمرار دافعي الضرائب في سخائهم ودون مناقشة لكيفية الانفاق العسكري والامني ومبرراته . (تم قتل جون كيندي في ستينات القرن الماضي لأنه اراد اخماد كثير من بؤر النزاع الاقليمية والدولية بدءا من فيتنام ) وللأسف العرب (الحكام والحكومات) انساقوا وراء المشروع الامريكي والبريطاني من اول القرن العشرين في حملات وتجييش لصالح لورانس العرب ضد الاتراك بهدف الحصول على الاستقلال الذي لم يأتي وجاء بدلا عنه استعمار غربي سلم فلسطين لليهود ثم تأسيس جامعة عربية مشلولة القدرة والكفاءة والفاعلية ثم الدخول في صراع جمهوري ملكي (تقدمي رجعي) وفي اطارها كان الغرب يساعد ويرقب عن كثب نشؤ جماعات اسلامية تربوية في النشأة ثم عسكرية وعنيفة في مسارات لاحقة ضمن طموحها للاستملاك السياسي للدولة وصولا الى تأسيس تنظيم القاعدة لمحاربة الاتحاد السوفييتي. وببلاهة شديدة دفع العرب بأبنائهم ونفطهم في معركة هم الخاسرين فيها من البداية ولم يكن لهم هدف بل لم يكن لهم ناقة ولا جمل في الحرب الامريكية السوفيتية داخل افغانستان.. لكن الامريكان والغرب وظفوا اصدقائهم العرب مستفيدين من غبائهم ونفطهم ليديروا معارك متعددة وظهرت الفتاوي بالجهاد وقدمت التسهيلات اللوجستية وما ان انتهت المعركة حتى تخلت امريكا عن كثير من اعضاء التنظيم وغيره من التنظيمات الاخرى واحتفظت بعلاقات قوية مع قيادات وجماعات طلبت منها الهدوء والكمون لبعض الوقت حتى اشعار اخر .. فرجع الافغان العرب لينشروا عنفا داخل بلدانهم حتى جاءت احداث سبتمبر الشهيرة التي لن يتخلى عنها الغرب ولن تنساها امريكا بسهولة بل ستراكم الاحداث معها وفي اطارها ومن هنا نفهم مسيرة الجمهورية الباريسية حيث جرى تضخيم اعلامي وسياسي للهجوم على الصحيفة وقتل عشرة افراد مع ان الامريكان قتل لهم في اليمن اكثر من عشرين وكانت ردود فعلهم غير مقبولة اعلاميا وسياسيا في داخل مجتمعهم .. ومعنى ذلك ان المخابرات الغربية –الامريكية خصوصا- وهي تتخلص من بعض من جندتهم بطريقة يكون غيابهم (قتلهم)له مردود ايجابي للغرب في معركة سياسية وامنية يراد لها ان تبقى مشتعلة ضد الارهاب الذي لم يحدد تعريفه وهدفه الحقيقي .. وللعلم الكثير من اعضاء تنظيم القاعدة و داعش والنصرة وغيرها هم من مواليد المجتمع الغربي وتعلموا هناك ويجيدون اكثر من لغة واكثر من مهنة بعضها تقني والكتروني فكيف بهؤلاء وهم ناجحون في دراساتهم واعمالهم المهنية ان ينساقوا الى تنظيمات عنيفة تمارس عبثا سياسيا ان لم تكن المخابرات الغربية والامريكية وراء تجنيد هؤلاء الباحثين عن البطولات وعن المال وهم في حالة فراغ فكري وثقافي يتم ملئه بثقافة جديدة من انتاج الامريكان واتباعهم في الشرق الاوسط عبر فتاوي تكفيرية وكتب اصولية لا علاقة لها بصحيح الدين وتاريخه الحضاري .. ومثلما يتفنن الامريكان في تدجين الحكام والحكومات والاحزاب العربية ودفعهم للاصطفاف في المشروع الامريكي الغربي تتفنن اجهزتهم الاستخباراتية في انتقاء افراد من كلا الجنسين ليشكلوا كتائب جهادية يتم زرعها في اكثر من مكان ويكون التدريب والتجهيز في الغرب ضمن فضاء الحريات للمسلمين والمهاجرين ..وهنا لن تحارب فرنسا ولا امريكا الارهاب ولا داعش ولا القاعدة قبل ان تجد لها ويتشكل عدو اخر يمكن قبوله مجتمعيا من خلال الاعلام وجعل الناخب والمواطن الغربي يصدق انه عدو للغرب ولأسلوب الحياة الامريكية . قبل ذلك ستستمر التنظيمات الجهادية في عبثها الامني والسياسي والتخريبي وستساعدها وتنشأ مقابلها جماعات مذهبية وطائفية بحجة مواجهتها وجميعها تلعب دورا في تدمير الدولة العربية ومجتمعها والعودة به الى بداياته في البداوة والقبيلة وما قبل الاستقلال الاول الذي توهمنا انه حصل في منتصف القرن الماضي..؟ في هذا السياق يمكن القول ان العرب –اليمن خصوصا اكثر شعوب العالم بحاجة لهذه المسيرة -مسيرة الجمهورية – فاليمن بكل تاريخها الحديث المعاصر واهداف نضالها في الجمهورية ونظامها وقيمها وشهدائها ووحدة البلاد في مهب الريح ومع ذلك لا نجد مظاهرة واحدة حقيقية تحت شعارات تعكس تطلعات المجتمع ونضاله... فالمظاهرات التي نراها بين الحين والاخر لا تزيد على المئات يتم تصويرها بالمليونيات وفقا لثقافة ام المعارك ..فالشأن اليمني جد خطير ومسيرة مليونيه واحدة تحت شعار الجمهورية والمدنية والديمقراطية اهم بكثير من الاحزاب البائسة في قياداتها التي لم تعد محل احترام المجتمع ناهيك عن قواعدها الحزبية وهي مثلها مثل الحكومة والرئاسة ..لا يثق بها المجتمع ولا يحترمها.. ووحده هذا الشعار –الجمهورية والمدنية- من سيعيد الالتحام الى صفوف الشعب لأنه تعبير عن وطن ونظام يجسدان دولة المواطنة ووفاء للشهداء وتقديرا لمستقبل افضل يليق باليمنيين ليعيشوا ضمن عالم متحضر تحت راية الجمهورية والمدنية بعيدا عن منطق البداوة والقبيلة والتطرف والمذهبية.. فهل تدرك القوى الوطنية هذا الامر وتتحفز لهذه المسيرة التي ستعيد تشكيل الاولويات والاجندة السياسية بل وتشكلات القوى والخارطة السياسية ..انه تحد للقوى الوطنية والمدنية لتكون حاضرة وفاعلة وذات صوت مسموع او لتبقى مدجنة وتابعة الى الابد ..؟
#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)
Fuad__Alsalahi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشهد سياسي عبثي في اليمن ...؟
-
الحوثيين قوة سياسية ام قوة محاربة
-
تغييب وتعطيل الجغرافيا السياسية في اليمن
-
سوق الشعارات وبيع الاوهام في اليمن
-
المصريون يجهلون بلادهم
-
التجريف السياسي للعقل الثقافي العربي
-
اليمن التي نريد
-
جدلية العلاقة بين الديني والسياسي
-
الصورة والظل في المشهد السياسي اليمني
-
من سبتمبر الى فبراير ..الثورة متجددة
-
اليمن بين ثورتين
-
جماعة الاخوان ... فكرة تجاوزها التنظيم
-
الجمهوريات العربية تبحث عن هوياتها
-
نحو رؤية جديدة في السياسات الاقتصادية لدول الربيع العربي
-
في اليمن ... بؤس الاحزاب والنخبة
-
الربيع العربي يحدث أهتزازات في النظام السياسي الخليجي
-
السعودية تجدد مملكتها
-
مملكة السيد وجمهورية الشيخ ..صراع الزعامات داخل القبيلة الزي
...
-
قطر في عين العاصفة السعودية
-
الربيع العربي يبيع النظام الجمهوري ..
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|