|
الحركة الجماهيرية في البحرين - الآفاق والمحددات
عبدالنبي العكري
الحوار المتمدن-العدد: 1314 - 2005 / 9 / 11 - 11:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
مقدمة:
تابع الرأي العام العربي والعالمي باعجاب تجربة انفراج الأوضاع في البحرين بعد عقود من التوتر، واثر تولي الملك الشاب الجديد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة سدة الحكم في 6 مارس (أذار) 1999 ، فقد تطور هذا الانفراج الي جو من الانفتاح الواعد بعهد جديد، مع اٍتخاذ الحكم سلسلة من الأٍجراءات التصالحية أهمها:
اٍطلاق سراح جميع المعتقلين والسجناء السياسين خلال عام 2000،الذين بلغ عددهم مثلا في عام 1997 الى 1200 معتقل سياسي حسب تقرير الصليب الاحمر الدولي.
السماح بعودة جميع المنفيين السياسين علي دفعات خلال عامي 2000 و2001.
تم اتخاذ هذة الأجراءات دون طلب أي تعهد كما كان يتم ذلك جزئيا في السابق ، وجرى تسهيل حصولهم على جوازات السفر ورجوع العديد منهم الى وظائفهم في القطاع الحكومي والغاء القيود علي توظيف ذوي السجلات الأمنية.
مرحلة الحلم الجميل:
لكن الانعطافه المهمة والتي دشنت المشروع الاصلاحي ، تمثلت في تشكيل لجنة وطنية شملت بعض العناصر الوطنية المحسوبة على المعارضة لصياغة ميثاق العمل الوطني. ورغم اٍنسحاب هذه العناصر في فترة لاحقه الاٍ أنه كان لرؤيتها واٍقتراحاتها تأثير اٍيجابي في صياغه الميثاق بصيغته النهائية . كما أن السماح بعقد اجتماعات جماهيرية لأول مرة ، قد مثل فرصة للمعارضة لنقد مشروع الميثاق وتقديم رؤيتها مما أسهم في تصويب الميثاق نوع ما.
والميثاق في جوهره جاء تأكيدا على ماجاء في دستور 1973 والذي جرى تجميده فعليا منذ 1975 ، فيما يتعلق بالحريات والحقوق المكفولة للمواطنين والشعب، اٍضافه الى مايلي:
1 – مقدمة تاريخيه أضفت طابع الوطنية على حكم آل خليفة ، وكون كيان البحرين تاريخيا وأن منطلق الميثاق هو دستور 1973 الذي ظلت المعارضة تطالب بتفعيله .
2 – النص بشكل واضح على مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية.
3 – النص على استعادة الحياة البرلمانية وتفعيل الدستور. لكن هذا النص كان ملغوم - حيث استشرف اٍقامه مجلس شورى معين الى جانب مجلس النواب المنتخب ليشكلا معا السلطه التشريعية (المجلس الوطني ).
4 – تغيير مسمى دولة البحرين وأميرالبحرين ، حيث كان متوقعا أن تصبح مملكة البحرين وملك البحرين.
لقد كانت قوى المعارضة متشككة من العبارات الغامضة الواردة في الميثاق ، وخاصة ما يتعلق بالسلطة التشريعية القادمة ، ولهذا فقد ضغطت من أجل الحصول على تأكيدات من القياده السياسية على عدم المساس بدستور1973 ، وأن يكون مجلس الشورى المعين اٍستشارى فقط ،وبالفعل وبعد تقديم هذه التأكيدات من رأس الحكم (سمو الأمير الشيخ حمد)، دعت القيادات السياسية المعارضة وكبار رجال الدين الشيعة ،الى المشاركة في الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني والموافقة عليه ، وذلك في يومي 14و15 فبراير ( شباط ) 2001 .
وقد اٍتخذت الحكومة خطوة ذات مغزى تتماشى مع ماجاء في الميثاق، وهي مشاركة النساء الى جانب الرجال ممن بلغن السن الانتخابي (21 سنة) في الاستفتاء.
وهكذا حاز الميثاق على نسبة 98.4% ممن أدلوا بأصواتهم من الناخبين ونسبتهم 97% ممن يحق لهم الاقتراع . وقد تغرز هذا المناخ بالغاء قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة . يمكن القول أن السنة الفاصلة بين الاستفتاء على الميثاق في 14 / 2 / 2001 واٍعلان مملكة البحرين والشيخ حمد ملكا واصدار دستور 2002 بمرسوم أميرى ، هي سنه الآمال الكبيرة بقيام نظام ديمقراطي دستوري يضع حدا لمعاناة شعب البحرين أمتدت لثلاثة عقود بعد الاستقلال في اغسطس 1971.
خلال هذا العام كان خطاب الأمير تصالحيا مع قوى المعارضة وانفتاحيا على الشيعة وقياداتهم الدينية . لقد قام بزيارات لهذه القيادات وأستقبل استقبال الابطال في معاقلهم الحصينة ، واٍندفعت القوى السياسية للانتقال الي العمل الشرعي العلني ، حيث تشكلت العديد من الجمعيات السياسية التي قبلت التسجيل كجمعيات وليس كأحزاب مراهنة على وعود الأمير، بأنه لايمانع من قيام الأحزاب متى ما تم التشريع لذلك .
ورغم بقاء مجلس الوزراء كما هو موروث من العهد السابق، وكبار المسؤولين في مواقعهم بمافي ذلك جهاز الأمن والداخلية ، فاٍن ملامح الوضع الجديد فرضت على جهاز الدولة التعامل بشكل مختلف نسبيا، فيما عهدت المعارضة بمختلف أطيافها التعاطي بايجابية مع الدولة ، مراهنة علي دنياميكية التغيير. وهكذا شهدت البلاد فورة في النشاط السياسي والاجتماعي، وتشكل العشرات من الجمعيات السياسية والأهلية (النسائية والشبابية والحقوقية والدينية والثقافية) وغيرها .
فيما اٍنهمك التنظيم العمالى في التحول الى اٍتحاد عمالي، وتشكلت عدة نقابات في مختلف مواقع العمل كما في بعض الوزارات الحكومية.
ويمكن القول ان الحركة الجماهيرية خلال عام الحلم تمثلت فيما يلي :
1 – انتظام مختلف التيارات السياسية المحظورة أو الموالية للنظام في تشكيل جمعيات سياسية ، وقيامها بعمل محموم لاستقطاب الاعضاء والانصار، واصدارالمطبوعات والقيام بالندوات. ورغم اٍيجابية ذلك الا أن قبولها بالتسجيل كجمعيات ، وليس كأحزاب أو تنظيمات سياسية شكل تنازلا للنظام سيجرها لاحقا لتنازلات أخرى.
كما أنه في حمأة نشوة العمل السياسي العلني واثبات الذات، تشرذمت الحركة السياسية خصوصا المعارضة (الشيعية والديمقراطية) ، مما أضعفها في مواجهة النظام لاحقا.
2 – اٍنتظم المزيد من المواطنين في جمعيات أهلية ( نسائية، شبابية ، حقوقية، اسلامية ، ثقافية ،خيرية الخ )، بعد أن كانت هناك قيود شديدة عليها ، كما اٍنخرطت هذه الجمعيات في النشاط العام ففجرت طاقات كبيرة، لكن السلبي فيها ، هو أن عددا من هذه الجمعيات أصبحت اٍمتداد للجمعيات السياسية ، وبعضها ذات انتماء طائفي ، أو مناطقي أو مذهبي فرعي.
3 – في ظل هامش معقول لحرية التعبير ،وتجميد العمل بالقوانين المقيدة للحريات ،والغاء قانون أمن الدولة ،شهدت البلاد نشاطات سياسية واجتماعية وثقافية محمومة تمثلت في عقد الندوات والاجتماعات والتجمعات. وقد أسهمت العناصر التى جرى اطلاق سراحها أو العائدة من المنفى في هذا الحراك السياسي ، مما أعطاه زخما كبيرا ومبشرا بعملية تحول في البيئة السياسية المجتمعية وتحولا في بنية النظام السياسي وعقيدته.
المنعطف الدستوري:
قبل أسبوع تقريبا من ذكرى اٍقرار الميثاق، وفيما كانت البلاد تستعد للاحتفال بهذه المناسبة ،استدعى الأمير خليطا من ممثلي الجمعيات السياسية الفعلية وعدد من الجمعيات السياسية المفبركة وأخرى مهنية وشخصيات عامه، ليفاجأهم بأنة بصدد اٍصدار دستور واٍعلان قيام مملكة البحرين في ذكرى الميثاق 14/2/2002 ، وقد أذهلت المفاجأة قادة الجمعيات المستقلة عن السلطة ،وأهمها جمعية الوفاق الوطني الاسلامية ،وجمعية العمل الوطني الديمقراطي ، وجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي ، وجمعية التجمع القومي .
وقد عبر المهندس عبدالرحمن النعيمي رئيس جمعية العمل عن تحفظ القيادات التاريخية للمعارضة من أن يمس الدستور الجديد بالمكتسبات لدستور 1973 فيما يتعلق بالحريات والحقوق العامة، وهي ذات التخوفات التي سبقت الاستفتاء على الميثاق كما عبر الدكتور عباس هلال رئيس جمعية المحامين عن ذات المخاوف من أن يكون المستشارون العرب (الترزية) قد ورطوا الأمير في مشكلة دستورية .
وقد ذهبت جهود قيادة هذه الجمعيات للا طلاع على الدستور الجديد هباء، ناهيك عن اٍمكانية تعديله . بعدها أضحى معروف أن القيادة الرسمية، قد خططت لاحداث اٍنعطافة في مسار الأحداث ، مستفيده من الانفراجة الداخلية والسمعة الدولية والالتفاف الشعبي حول الأمير اثر الاستفتاء على الميثاق والخطوات التصالحيه . وهكذا شهد 14/2/2002 اٍعلان اصدار الدستور الجديد واعلان مملكة البحربن واعلان الشيخ حمد ملكا على البلاد من طرف واحد.
لقد بوغتت القوى السياسية غير الموالية بهذا الحدث وهي لازالت في طور التأسيس وتنظيم صفوفها ، بل أن بعضها مثل جمعية العمل وجمعية الوفاق لايزال يعاني من اٍنشطار تيار منه واستقلاله عنه . فمثلا اٍنشطرت جمعية المنبر التقدمى عن مشروع جمعية العمل الأوسع ، وانشطرت جمعية العمل الاسلامي عن مشروع الميثاق الأوسع.
سارعت الجمعيات غير الموالية ( العمل والوفاق والمنبر والوسط العربي و التجمع القومي ) الى تنظيم مؤتمر جماهيرى واسع في النادي الاهلى، حيث أعلنت معارضها للدستور الجديد والذي يعتبر تراجعا خطير عن دستور 1973 ، مما ينذر بالتحول الى مملكة تسلطية وليس دستورية ، واقامة بنى ديمقراطية شكلية ، وفي مقدمتها المجلس الوطني الجديد المشكل من غرفتين.
الحركة الجماهيرية في ظل المملكة:
يمكن القول ان مهرجان النادي الاهلى ، قد دشن حركة جماهيرية معارضة في ظل ظروف جديدة فيها الكثير من المتناقضات. فمن ناحيه مشروع اصلاح معلن ومن ناحية أخرى حكومة لا اصلاحية موروثة، وبنى تقليدية للدولة ، وفي الوقت الذي يتم فيه التأكيد على إقامة النظام الديمقراطي ، يتم اصدار قوانين مقيدة للحريات ومؤسسات يفترض أن تكون أعمدة للنظام الديمقراطي مثل المجلس الوطني ( التشريعي) والمحكمة الدستورية والنيابة العامة وديوان الرقابة، فإن هذه المؤسسات تحت سيطرة الملك والسلطة التنفيذية . وفي الوقت الذي يتم فيه التأكيد على المساواة في الحقوق والواجبات، فإنه يجري تعزيز الامتيازات والتمايزات لأطراف الحكم وحلفائه.
بالطبع فإنه لا يمكن تصور قيام حركة جماهيرية معارضة فورية لإصدار الدستور الذي ينذر بتراجعات عن الطريق الإصلاحي ومشروع إقامة نظام ملكي دستوري ديمقراطي، إن بناء حركة جماهيرية عملية معقدة، وتحتاج إلى تراكم الخبرات وإقامة تحالفات راسخة، واختبار فعلي لسياسات النظام وقدراته.
يمكننا استعراض أهم العوامل التي أسهمت في نشوء وبلورة حركة جماهيرية معارضة ، فيما يلي:
1 – إصدار دستور جديد مخيب للآمال، خلافاً لما اتفق عليه في الميثاق ودعمه في الاستفتاء بأغلبية ساحقة بناءاً على تأييد قيادات المعارضة السياسية والقيادات الدينية الشيعية ، بناء على تطمينات القيادة السياسية خصوصاً ما يتعلق بالسلطة التشريعية، بحيث أعتبرت هذه القيادات أنه جرى الغدر بها .
2 – تلاحقت بعد إصدار دستور 2002، ما يعرف بحزمة القوانين والتي أحكمت سيطرة الحكم على العمل السياسي والتحكم المسبق في تركيبة المجلس الوطني بغرفتيه والتضييق على الحريات العامة وإخضاع السلطة التشريعية والقضائية لسلطة الحكم (الملك والسلطة التنفيذية).
3 – استمرت الحكومة بشخوصها الرئيسية ورئاستها والتي حكمت البلاد طوال ربع قرن للحقبة السابقة لما قبل المشروع الاصلاحي، كما هي - مع تعديل وزاري بسيط لوزارات الخدمات - وأستمر كبار القادة الأمنيين المسئولين عن مرحلة القمع في مواقعهم أو جرى تدويرهم . والحقيقة أن ذات المسئولين الذين نظـّروا للحكم التسلطي وقادوا مرحلة التسلط استمروا في ظل العهد الجديد.
4 – بعد اطلاق الأمير ( الملك لاحقاً) للمشروع الاصلاحي والتأكيد عليه تكرار في عدد من المناسبات، جرى من ناحية رفع توقعات الجمهور وتسويغ آمال كبيرة في الحرية والبحبوحة، حيث سيتمتع كل مواطن بعمل مجز وسكن مريح ومستوى معيشي لائق، وحيث لامكان للتمييز الطائفي أو العرقي وحيث المساواة التامة للمواطنين في الحقوق والواجبات وخصوصاً في تقلد الوظائف العامة.
ولا شك أن هذه الوعود لقيت استحسانا شديداً من قبل من عانوا طويلا من التهميش والتمييز وهم بشكل عام كل المناضلين من الطائفتين عموما وسكان القرى، وعناصر اليسار التي اضطهدت طويلاً، لكن وبمرور الزمن فقد تراجعت هذه الامال. ورغم مبادرة الملك حمد بعدد من المكرمات للتخفيف من معاناة مختلف فئات المواطنين مثل العاطلين عن العمل، والأرامل والأيتام ومسددي اقساط الاسكان وغيرها، وارجاع العديد من المعارضين لاعمالهم، الا أنه تبين تدريجياً أن حجم المعضلات أكبر من أن يحلها النظام ببنيته الحالية وعقليته السائدة، وتمسك أركانه بمصالح غير مشروعة تعتبر من المكتسبات، بل أن تقليد الاستيلاء على اراضي الدولة والغرف من المال العام قد تفاقم في ظل المشروع الاصلاحي.
أما أهم العوامل المحبطة للحركة الجماهيرية فهي كما يلي:
1 – استطاع الحكم أن يستميل قوى لايستهان بها ، سوء تلك الموالية تقليديا للحكم مثل التيار السني التقليدي والمتمثل في الاخوان ( جمعية المنبر الاسلامي) والسلف ممثلا في جمعية الأصالة ، والمؤسسة الدينية التقليدية، والعائلات الحليفة تقليدياً ، والقوى الجديدة للتكنوقراط السياسيين التبعيين ، ممثلين في جمعية الميثاق .
عمد الحكم إلى تشجيع التيار الحليف إلى تشكيل أكبر عدد من الجمعيات السياسية لاغراق الجمعيات المعارضة .
2 – أدت ثلاثة عقود من سياسية التمييز والامتيازات لعهد الاستقلال ، أضافة إلى التركة الاستعمارية إلى تكريس الانقسام الطائفي ما بين الشيعة والسنة ، مع شعور ترسخ لدى الشيعة بأنهم مهمشون وضحية التمييز، ولدى السنة بأنهم مهددون بطغيان الأغلبية الشيعية متى ما تمكنت . بالاضافة إلى قمع السلطة لليسار طوال السبعينيات والثمانينات، مما أدى إلى انحساره .
فقد أفرزت هذه الوضعية قوة سياسية وقيادات دينية تستند إلى الطائفة وحتى المدرسة الفكرية في الطائفة ذاتها، ولقد أسهمت الثورة الايرانية في بلورة الوعي السياسي المذهبي لدى الشيعة، وأذكت لديهم شعور المقاومة للظلم والتمييز الذي يعانونه، وبالمقابل فقد تمترس التيار السياسي السني في خنادقه في ظل حماية ورعاية النظام.
من هنا فإنه وعندما دشنت المرحلة الجديدة ، فقد تشكلت التنظيمات السياسية الرئيسية استنادا إلى الطائفة أو الخط الفقهي في الطائفة - تشكلت جمعية الوفاق كأقوى تنظيم سياسي مستندة على خط ولاية الفقيه في الطائفة الشيعية ، فيما تشكلت جمعية العمل الإسلامية، تسنده إلى خط أية الله الشيرازي (الولاية المشروطة) ، وجمعية التجديد استناداً إلى خط سفارة المهدي.
وعلى الجانب السني تشكلت جمعية المنبر الاسلامي لتمثل خط الاخوان وجمعية الاصالة لتمثل خط السلف، وجمعية الشورى لتمثل الخط الوسط، أما التيار الوطني الديمقراطي ممثلاً في جمعية العمل وجمعية المنبر التقدمي والتجمع القومي وجمعية الوسط، فقد استقطبت القلة في اوساط الطبقة الوسطى.
أن الاستقطاب الطائفي سيعكس نفسه سلبياً على الحركة الجماهيرية وعلى مجمل حركة المعارضة، بحيث تعذر الاجماع الوطني حول أي من الملفات الرئيسية .
3 - اتبع الحكم استراتيجية أدت إلى إنقسام المعارضة وتشرذمها ما بين خط المقاطعة وخط المشاركة، وتقوم هذه الاستراتيجية على الاحتفاظ بالقوى التقليدية الموالية، مع افساح المجال لفئات جديدة لاستيعابها سواء من خلال بنى الدولة الجديدة أو المنافع . ويصف البعض النظام الجديد/ القديم بأنه ديمقراطية تحت السيطرة، وفي الوقت الذي صمم الدستور والتشريعات والمؤسسات الجديدة بحيث تتيح للحكم السيطرة على مسار التجربة،فانها تخلق أوهام للبعض بإمكانية تعديل المسار أو التأثير فيه من خلال الانحرط في المشروع ذاته . من هنا فأننا نلحظ توافقا في البداية على معارضة اجرءات الحكم ثم احدث الانقسام في الموقف تجاه قضايا مفصلية مثل الدستور لعام 2002، ومجلس النواب، والسلطة التشريعية برمتها وديوان الخدمة المدنية والنيابة العامة والمحكمة الدستورية والتشريعات ، مثل قانون السلطة التشريعية وقانون ترسيم الدوائر الانتخابية ومباشرة الحقوق السياسية والصحافة والتجمعات السياسية، وعندما برزت فرص التوحد حول بعض الملفات مثل ملف الفساد في صندوق التقاعد والتأمينات أو خليج توبلي، أو الميزانية ، فإن هذه الوحدة سرعان ما تبددت في ظل أنصاف الحلول أو الحلول التلفيقية التي يعتبرها البعض مكسباً يجب أن يراكم ، فيما يراها أخرون التفافاً على مطلب المعارضة والشعب .
الحركة الجماهيرية في تعرجاتها:
يعتقد كثيرون أن المشكلة الاجتماعية ممثلة في البطالة والفقر والتهميش وخصوصاً ذلك الذي يعاني منه الشيعة، هو الذي فجر انتفاضة التسعينيات، رغم أن طابعها العام هو طابع مطالبة الحركة السياسية لعودة العمل بالدستور، وان ذات المشكلة هي المحرك وراء الحركة الجماهيرية الحالية والتي هي رد على انحراف المشروع الاصلاحي عن مساره وقصوره الشديد، لكنه ، وكما في انتفاضة التسعينات فإن الحركة الجماهيرية الحالية هي كالنهر ذا روافد عديدة ومتشابكة، تجمع ألازمة الاجتماعية من البطالة والفقر والتهميش وتردي الأوضاع المعيشية للشيعة خصوصاً، ومعارضة سياسية لما تعتقد المعارضة بأنه خروج عن العقد الذي تم التوصل أليه بالاستفتاء على الميثاق بين الحكم والمعارضة ( الشعب) أي العمل لإقامة نظام ديمقراطي شكلي يحافظ على جوهر النظام القديم وامتيازا ته، ومعارضة لما يعتقد بأنه رفض الحكم لتحمل تبعات النظام السابق تجاه الضحايا من الشهداء والسجناء والمنفيين والمتضررين، وإصرار على حماية المسئولين عن ذلك، ومعرضة لما يعتقد أنه عجز الدولة عن التصدي للملفات الكبرى مثل الفساد والاستيلاء على أراضي الدولة والسواحل والغرف من المال العام، والإسكان والبطالة بحيث يطلق عليه " نظام إدارة ألازمات" وليس حلها . أما القوى المنخرطة في الحركة الجماهيرية فهي متنوعة أيضا ولاتلتقي بالضرورة في محفل واحد أو فعالية مشتركة :
أولا : الحركة الدستورية
اٍنطلقت الحركة الدستورية من الموقف المتولد من رفض دستور 2002 والذى تجسد في الاجتماع الجماهيرى الذي دعت الية الجمعيات الست في النادي الاهلي . ولقد افترقت مواقف الجمعات المشاركة ما بين الجمعيات الاربع والتي ستعرف بجمعيات المقاطعة وهى (الوفاق والعمل الديمقراطي والعمل الاسلامي والتجمع القومي ) وجمعيات المشاركة ( المنبر التقدمي والوسط ) ، حيث تشكل اٍطاران للعمل المشترك - الأول ويضم الجمعيات الاربع والثاني الجمعيات الست .
بعد صدور قانون الانتخابات النيابيه وترسيم الدوائر الانتخابية ومرسوم مباشرة الحقوق السياسية والتجنيس السياسي الواسع تيقنت الجمعيات الاربع أنة يراد من الدستور ومن هذه القوانين أن تقيم سلطة تشريعية فاقده للصلاحيات ولا تعكس التمثيل الشعبي ، وتحجيم دور الجمعيات السياسية، خصوصا أنه راج حينها تصريح وزير الدولة محمد المطوع " أن دور هذه الجمعيات الانشغال وليس الاشتغال بالسياسة " .
من هنا قررت الجمعيات الاربع بعد فشل المفاوضات غير المباشرة مع الحكم ، مقاطعة الانتخابات النيابية ، واستطاعت أن تحشد في الاجتماع الجماهيري الذي دعت الية في نادي العروبة بتاريخ 20/10/2002 قبل يومين من اٍجراء الانتخابات النيابية ما يزيد على مئة الف مواطن . وقد عهد الحكم الى السماح بل حث العسكريين على التصويت في الانتخابات النيابية ، فيما منعهم من ذلك في الانتخابات البلدية ، كما سهل عملية تصويت المجنسين من المملكةالعربية السعودية بالتصويت في مركز اٍقتراع أقامه على جسر الملك فهد الذي يربط السعودية بالبحرين . ورغم ذلك فقد نجح دعاة المقاطعة اقناع 47% من مجموع الناخبين من الامتناع عن التصويت - حسب تقرير جمعية الشفافيه البحرينية .
انطلاقا من ذلك تكرس تحالف الجمعيات الاربع المقاطعة ، وقد اٍنضم اليها مجموعة المحامين الدستوريين المستقلين وهم مجموعة من الشخصيات المستقله .
المؤتمر الدستوري الأول – فبراير 2004:
عمد هذا التحالف الىتنظيم المؤتمر الدستوري الأول في 14فبراير (شباط) 2004 وقد جرى التحضير في البداية ليضم الجمعيات الست المعارضه ، لكن الجمعيتين المشاركتين في الانتخابات (المنبر التقدمي والوسط ) اٍنسحبتا في النهايه.
خطط للمؤتمرأن يكون مؤتمر حاشدا وقد دعيت اليه كافه الجمعيات السياسية والاهليه وشخصيات بارزه ، اضافه الى دعوة وفود عربية وأجنبيه من المنظمات والشخصيات التي ناصرت المعارضة في التسعينيات . وقبيل انعقاد المؤتمر أتخذ الحكم قراره بمحاولة احباط المؤتمر ولذا اعطيت الاوامر لفندق الدبلومات ليغلق قاعة المؤتمر، فيما جرى منع جميع الضيوف العرب والاجانب بمن فيهم الخليجيين من الكويت وقطر والامارات من دخول البحرين والمشاركة في المؤتمر، وأرجعوا من حيث أتو. وقد تسبب ذلك في زيادة حدة التوتر، لكن المؤتمر انعقد أخيراً في نادي العروبة وتمخضت عنه عدة قرارات كان أهمها:
1 – الاستمرار في العمل من أجل تغيير دستور 2002 بالعودة إلى دستور 1973.
2 – شن حملة جماهيرية واعلامية في داخل البحرين وخارجها لمناهضة دستور 2002. ومن ضمن ذلك تدشين عريضة شعبية لرفعها الى جلالة الملك.
3 – تشكيل لجنة متابعة وتنسيق من ممثلي الجمعيات الاربع اضافة إلى مجموعتي المحامين الدستوريين ومجموعة الدستوريين ، وقد قامت لجنة المتابعة بعقد عدة نداوت وحملة أعلامية داخل البحرين وبعثت بوفود لحضور عدد من الفعاليات العربية والدولية لمناهضة دستور 2002.
كما قامت اللجنة بحملة جمع تواقيع المواطنين على العريضة الموجهة للملك. وهنا قرر الحكم مرة أخرى مواجهة هذا التحرك فجرى اعتقال ما يقارب عن عشرين مواطناً من الذين يجمعون التواقيع بدءاً من 30/4/2004.
وقد تسبب ذلك في توتر الاجواء مجدداً ، مما دعى بعض الشخصيات للدعوة الى حوار وطني لجميع الجمعيات والشخصيات السياسية، وقد تمخض عن الاجتماعات كتابة رسالة إلى جلالة الملك يحملها وفد منهم تطالبه فيها باطلاق سراح المعتقلين . وبالفعل فقد التقى الوفد جلالة الملك حيث أخبرهم الملك بأنه أمر باطلاق سراحهم، فيما جرى انتعاش حول فتح الحوار بين الحكم والمعارضة، وقد فوض الملك وزير العمل د. مجيد العلوي بالحوار مع الجمعيات الاربع المعارضة، حيث جرت عدة جولات من المفاوضات و تم الاتفاق على اسس ومواضيع الحوار ، لكن المفاوضات توقفت دون الوصول إلى النتيجة. وهذا بدوره أسهم في إستمرار الصراع السلمي بين الحكم والمعارضة، واستمرت الملفات وفي مقدمتها ملف الدستور غير محلولة .
المؤتمر الدستوري الثاني:
عقد المؤتمر الدستوري الثاني في مارس/2005 في مقر جمعية العمل الوطني ، وقد دعي لحضوره عدد محدود من الخارج ، حيث جرى التفاهم بين منظمي المؤتمر ووزارة الشؤون الاجتماعية على أن لايشاركوا في المؤتمر مع السماح لهم بدخول البحرين.
كرر المؤتمر مواقف المعارضة المقاطعة والتي تشمل الجمعيات الاربع وشخصيات من محامين وسياسيين وغيرهم ، وقد تمخض عن المؤتمر إتنخاب أمانة عامة ترأستها المحامية جليلة السيد ، وضمت ممثلين عن الجمعيات الاربع وشخصيات مستقلة. وقد وضعت الامانة العامة برنامجاً للحشد والتعبئة لمناهضة دستور 2002، والاستمرار في جمع التواقيع على العريضة داخل الجمعيات حيث بلغ عددها حوالي 30 الف توقيع . وقد أرسلت العريضة الموقعة إلى الديوان الملكي الذي رفض بدوره استلامها وأعادها إلى المرسلين . وهكذا دخلت العلاقات بين المعارضة والحكم المأزق مرة أخرى.
ثانياً: الحركة الجماهيرية للضحايا
من أخطر تبعات المرحلة الماضية هو وجود الآلاف من الضحايا ، من ضحايا التعذيب وأسر ضحايا القتل. ورغم أهمية العفو العام واطلاق سراح المعتقلين وعودة المنفيين السياسيين، الا انه لم يجري انصاف الضحايا، ولا اعتراف الدولة بمسؤوليتها المادية والادبية، ولا معاقبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة، بل جرى تحصينهم من المساءلة بموجب القانون 56/2002 ، والذي يمنع النظر في أية دعاوي أمام محاكم مملكة البحرين ضد الموظفين العموميين في القضايا المتعلقة بأمن الدولة والتي شملها مرسوم العفو رقم 10/2001، وتم الابقاء على بعضهم في مواقعه ونقل آخرون لمواقع أخرى. وأمام إحباط الضحايا ويأسهم من أمكانية تمكين العدالة وتعويضهم، فقد قرروا تنظيم أنفسهم . من هنا فقد اجتمع المئات من الضحايا وأهاليهم في نادي العروبة، وجرى تشكيل لجنة الشهداء ضحايا التعذيب، بالانتخاب، وبدأ الضحايا واهاليهم في التحرك الداخلي ، حيث نظموا العديد من الفعاليات - منها عقد اجتماعات جماهيرية ومسيرات واعتصامات انتهى بعضها بصدامات مع قوات الأمن.
فقد ركزت اللجنة احتجاجاتها في البداية ضد رموز القمع وفي مقدمتهم العقيد عادل فليفل، خصوصاً بعد تبين حماية الدولة له، وأمام مواقع ترمز للقمع مثل قلعة المنامة، حيث مقر وزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة ، ومقر النيابة العامة ، وقد استفادت اللجنة من المناسبات الوطنية والدولية مثل يوم الشهداء في 17 ديسمبر واليوم العالمي لمناهضة التعذيب في 26 يونيو، واليوم العالمي لحقوق الانسان في 10 ديسمبر 2000، وتشكل أيام المناسبات الدينية الحزينة لدى الشيعة مثل عاشوراء ( العشرة الاولى من شهر محرم) وذكرى وفيات النبي وآله، فرصاً للجنة لعرض قضيتها على جمهور واسع يتجمهر في العاصمة المنامة، وفي المناطق ذات الاغلبية الشيعية.
وفي المعركة لالغاء قانون 56/2002 جرت تحالفات واصطفافات واسعة من قبل جمعيات وقوى متباينة، حيث تحالفت الجمعيات السياسية المعارضة والجمعيات الحقوقية ولجنة الشهداء وضحايا التعذيب، وتم التعبير عن ذلك في اعتصامات ومسيرات مشتركة كتلك التي تقام بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب في 26 يونيو من كل عام ، وكذلك في المهرجانات الشعبية التي تقام في مناسبات شهداء الحقبة السابقة. وتضافرت جهود الجميع في جمع التواقيع على مذكرات رفعت إلى الملك تطالبه بالغاء القانون 56/2003 وانصاف الضحايا ومحاسبة المسؤولين، كما انضم رجال الدين الشيعة الى هذا التحرك من خلال خطب الجمعة، كما تعاونت اللجنة مع المنظمات الحقوقية في طرح الملف امام المحافل الدولية ومنها أجهزة لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة بجنيف، لكن تلك الجهود لم تفلح حتى الآن.
ثالثاً: حركة الدفاع عن الحريات
إثر صدور دستور 2002 في 14/2/2002 تتالي صدور ما يعرف بحزمة القوانين التي أستبق بها الحكم إجتماع مجلس النواب المنتخب خصوصاً ، أضافة إلى مجلس الشورى المعين واللذان يشكلان معاً السلطة التشريعية، حيث نص الدستور في المادة 21/ب على صحة كل ما صدر من قوانين قبل انعقاد المجلسين وعدم إمكانية الطعن فيها.
ويمكن القول أن هذه القوانين، إضافة إلى دستور 2002 قزمت كثيراً من الحريات والحقوق العامة واستهدفة جعل الديمقراطية المنشودة تحت السيطرة، ومن أخطر هذه القوانين تلك المتعلقة برسم الدوائر الانتخابية، والانتخابات النيابية، ومباشرة الحقوق السياسية، ونظام مجلس الشورى والنواب، ونظام المحافظات والمجالس البلدية وديوان الرقابة المالية، والمحكمة الدستورية وحالة السلامة الوطنية، والصحافة والنشر، ويمكن القول أن هذه القوانين أعطت الملك صلاحيات اسثنائية وجعلته شريكاً في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وجعلت السلطة التنفيذية شريكاً أكبر للسلطة التشريعية وتتحكم فيها، وأضعفت كثيرا من السلطة التشريعية المنتخبة وحولت مقولة "نظام الحكم ديمقراطي السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً" الى مقولة وهمية، وفي ذات الوقت حصن الدستور الملك من المساءلة" الذات الملكية مصانة" ، وشرعنت من خلال المادة 121- ب من الدستور لكل الانتهاكات من قبل كل المسؤولين لمسؤولياتهم في الخدمة العامة، وللمال العام، وأراضي الدولة وحصانتهم من المساءلة سواء من قبل السلطة التشريعية أو القضاء، أو المحكمة الدستورية .
كما أنها شرعنت لأجهزة الدولة التي من المفترض أن تكون حارساً للدستور والحق العام مثل المحكمة الدستورية والنيابة العامة وديوان الرقابة المالية لتكون بتصرف الحكم . ومكنت هذه الشسريعات الحكم من التحكم في تركيبة مجلس النواب المنتخب خصوصاً في ظل مقاطعة المعارضة للانتخابات، وبالتالي فقد أفرزت مجلس نواب بغالبيته موال لها، ومجلس شورى معين موال لها، أضافة إلى ما جاء في اللائحة الداخلية لمجلس النواب ،والتي تعطي للحكومة اولوية تقديم القوانين وبالتالي سلطة التحكم في التشريع ، لذا فقد تمكن الحكم طوال السنوات الثلاث من التجربة النيابية وعلى حد تعبير النائب محمد آل الشيخ "من حجب التشريعات التي تستهدف مصلحة المواطنين وضمان الحريات العامة، واصدار التشريعات المقيدة للحريات والمقزمة للدميقراطية".
وهكذا فشلت محاولة تعديل الدستور من داخل مجلس النواب، وكذلك تعديل بعض القوانين التي تحد من الحريات والحقوق العامة، مثل قانون الصحافة والنشر، وقانون اتحاد نقابات العمال ، وقانون رسم الدوائر الانتخابية، وقانون اللائحة الداخلية لمجلس النواب أو اصدار تشريعات ضرورية مثل تجريم التمييز ووقف التجنيس السياسي وغيرها ، وفي ذات الوقت صدرت عن السلطة التشريعية قوانين تحد من الحريات والحقوق العامة لا تتناسب ابداً مع المشروع الاصلاحي مثل قانون الجمعيات السياسية وقانون الموازنة العامة لعامي 2005-2006 رغم ثغراتها.
لهذه الاسباب وغيرها فقد استثارت هذه التشريعات - سواء حزمة القوانين المذكورة أو تلك التي صدرت في ظل المجلسين - قوى المعارضة وصفا عريضا من الشارع، كما أن بعض هذه القوانين قد استثارت الفئة المستهدفة، فقانون النقابات، استثار عمال القطاع الحكومي، لأنه يحرمهم من نقابات خاصة بهم، وقانون الصحافة استثار الجسم الصحفي، وقانون الجمعيات إستثار غالبية الجمعيات السياسية وهكذا.
لقد شهدت البلاد اصطفافات وتحالفات متحركة حسب القانون المطروح أو القضية المثارة. ومن الطبيعي أن تتداخل الحركة الدستورية وحركة الدفاع عن الحريات، حيث أن دستور 2002 هو الارضية التي تستند إليها السلطة التنفيذية في توجهاتها التشريعية ، والسلطة التشريعة في إقرارها لهذه التشريعات.
وقد عمدت قوى المعارضة بدوائرها المتعددة (الجمعيات الاربع، الجمعيات الست أو الاصطفاف الاوسع) إلى التعبئة ضد هذه القوانين وحشد الاجتماعات والمسيرات ، خصوصا ضد قانون الجمعيات السياسية ، ومشروع قانون التجمعات والقانون رقم 56/2002 ، وكذلك فعاليات التضامن مع ضحاياها مثل الصحفيين الذين يتعرضون للمحاكمة والمتظاهرين الذين يتعرضون للاعتقال . واذا كانت هذه الضغوط قد افلحت في تحسين صيغة قانون الجمعيات السياسية وتأجيل النظر في مشروع قانون التجمعات والمسيرات وكذلك مشروع مكافحة الارهاب، فإنه من الواضح أن لاتراجع في المدى المنظور عن دستور 2002، وترسانة القوانين اللاحقة له، كما أنه يتوقع اصدار المزيد من القوانين المقيدة للحريات وخصوصاً حرية التعبير والتنظيم والعمل السياسي.
رابعا: الحركة المطلبية
تشكل الحركة المطلبية رافداً مهماً للحركة الجماهيرية العامة . وقد إرتبطت الحركة المطلبية وخصوصاً العمالية بالحركة الوطنية تاريخيا، ولذا فإنه من الطبيعي أن يحدث تداخل بين الحركة السياسية والحركة المطلبية.
المفارقة في اوضاع البحرين أنه ومع الازهار الاقتصادي الذي تشهده البلاد ونمواً مطرداً يتراوح ما بين 4% - 6%، فإن البطالة في اوساط المواطنين تراوح مكانها بحوالي 15% وهي مرشحة للتفاقم، حسب ما حذرت منه دراسة مكنزي لسوق العمل وحذر منه ولي العهد الذي رأس الورشة الموسعة لمناقشة الدراسة في 2005.
وينخفض فعلياً مستوى المعيشة وتنحدر فئات أوسع إلى ما دون خط الفقر وتنكمش الطبقة الوسطي ويزداد غلاء المعيشة وتتفاقهم أزمة السكن بحيث وصل عدد طلبات انتظار الخدمات الإسكانية 50 الف خصوصاً أنه جرى فعلياً تمليك 80 % من أراضي البلاد للمتنفذين وارتفعت أسعار الأراضي بشكل مخيف، والحكومة غير راغبة في تفعيل قانون التملك للمصلحة العامة.
يقف في مقدمة الحركة المطلبية، العاطلون عن العمل، حيث أنه في الوقت الذي يقدر فيه وجوده 30 الف بحريني عاطل عن العمل فإن هناك 200 الف عمالة أجنبية في البلاد، منها ما لا يقل عن 60 الف (فري فيزا)، حيث اضحى استخدام العمالة الاجنبية على حساب العمالة الوطنية يحقق المصالح الضيقة للمتفذين ولو على حساب المصلحة الوطنية وحقوق المواطنين
افرزت حركة العاطلين عن العمل قيادة لها تتمثل في لجنة العاطلين عن العمل، كما أن هناك لجنة دعم العاطلين من الخريجات وجمعية الجامعيين التي تساند توظيف العاطلين الجامعيين ، حيث الملاحظ أن نسبة كبيرة منهم في حملة الشهادات الجامعية والعليا.
تقود لجنة العاطلين ، العاطلين عن العمل ومناصريهم في حركة احتجاجية شعارها رغيف الخبز، وقد شهد عامي 2004- 2005 عدة إعتصامات أمام وزارة العمل ، ومسيرات واعتصامات أمام عدد من المواقع مثل رئاسة الوزراء ومجلس النواب والديوان الملكي، حيث أدى الاعتصام أمام الديوان الملكي إلى تدخل القوات الخاصة بقوة مفرطة ضد المعتصمين وتكرر ذلك قرب مجلس النواب، وهو نذير بتحول الاحتجاجات السلمية إلى مواجهات دامية تعيد أجواء التسعينيات المأزومة.
ولقد أدت التغيرات الهيكلية في اقتصاد البلاد وسياسة الخصخصة إلى إقفال عدد من مصانع الملابس وتسريح المئات من العاملات والعاملين، أنضم بعضهم لقافلة العاطلين ، وتشهد البلاد اضرابات متقطعة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص مثل وزارة الاشعال أو طيران الخليج وذلك لأسباب مطلبية أو احتجاجاً على التضييق على الحريات النقابية ، وأحد روافد هذه الحركة احتجاجات المحرومين من السكن المدعوم حكوميا في ظل تفاقم أزمة السكن، ويعمد هؤلاء للاحتجاج في مناطقهم، أو أمام وزارة الاسكان ، أما الرافد الاخر فهو حركة الاحتجاج ضد استيلاء المتنفذين على الاراضي العامة .
#عبدالنبي_العكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانون مكافحة الإرهاب والقانون الدولي
-
هيئة الاتحاد الوطني في الكتابات الأجنبية
-
الاستبداد العربي المديد لماذا؟
-
الديمقراطية المعاقة في الخليج
-
التنظيمات اليسارية في الخليج
-
الأنظمة الاستبدادية ترفض الانضمام للمحكمة...
-
أمريكا دولة خارجة على القانون الدولي
-
الجمعيات والمؤسسات الأهلية والخروج من دوامة الصراعات
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|