|
تجنيس الفلسطينيين وأبخرة العنصرية الأخوية
محمد جلال عناية
الحوار المتمدن-العدد: 1314 - 2005 / 9 / 11 - 11:15
المحور:
القضية الفلسطينية
في خطابه في الجلسة الخاصة التي عقدها المجلس التشريعي الفلسطيني في غزة يوم الثلاثاء 9/8/2005، تناول الرئيس محمود عباس قضية تجنيس الفلسطينيين في الدول العربية على الارجح، لان قضية التجنيس في الدول الاجنبية لا احد يثيرها. ومما قاله الرئيس عباس: "لا مانع لدي ان يحصل الفلسطيني على جواز آخر، لانه لا يوجد عندنا في القانون (الفلسطيني) تحريم جنسيتين"، واشار الى حالة واقعية، هي: "اغلب المواطنين في الضفة (الغربية) معهم جواز اردني، وكثير معهم جوازات امريكية". وقال الرئيس الفلسطيني بشكل قاطع: "لا اعتقد ان من يحمل جوازا آخر ينسى الوطن". وفي اشارة الى المعاذير التي يلقيها العرب لمنع تجنيس الفلسطينيين، يقول الرئيس عباس: "يقول كثير (من العرب) لا نجنس لان هناك قرارا يحرم تجنيس الفلسطينيين، هذا الكلام لا صحة له اطلاقا، هناك توصية من جامعة الدول العربية وبالتالي لا نريد حجة (معاذير)، .. من اراد ليحسن (وضعه) هذا غير محرّم". لعل الاسطورة التي تقول بان تجنيس الفلسطينيين في الدول العربية يعني توطينهم في هذه الدول ومنع عودتهم الى ديارهم، هي الاخيرة في مسلسل الاساطير البلهاء التي دارت حول هذه القضية. فان التوطين قائم فعلا على اراضي الدول العربية، أي سابق على حمل الجنسية ان حصل، في البلد الذي يقيم فيه اللاجئ الفلسطيني. اما حرمانه من الجنسية التي يستحقها في حدود القانون ليبقى منبوذا في المجتمعات العربية، فهذا لون مقيت من الوان التمييز العنصري ولا وجه آخر لهذه القضية. واما قضية عودة الفلسطيني الى دياره التي طرد منها بالقوة، فهي قضية تتعلق بموازين القوى بين العرب واسرائيل. وان الخلل في موازين القوى هذه، واضح وضوح الشمس في وقت الظهيرة، فهل يستطيع مؤتمر القمة العربي، أي مؤتمر، منع أي يهودي على وجه الكرة الارضية من الهجرة (فيما يسمى بالعودة) الى اسرائيل، وحصوله على الجنسية الاسرائيلية فور نزوله من الطائرة؟ فرد يهودي واحد لا اكثر.. هل يستطيع؟ بصفتي لاجئا فلسطينيا "عتيق" فانني استطيع الحديث عن اساطير عودة اللاجئين الفلسطينيين من خلال التجربة الحية. وكباقي الاساطير فانها، أي اسطورة العودة، تعيش وتنتعش في غياب الحسابات العقلية، حيث كان الاعتقاد بانها ستتم من خلال طقوس ساذجة. ففي البداية تمسك اللاجئون بسكنى "الخيام" لان الخيمة تعني بان الاقامة ستكون مؤقتة. ومع مرور الايام، وليالي المطر والصقيع تحولت الخيمة من حصان العودة الى مربط للبؤس والحرمان، واتخذها الشعراء رمزا للضياع الذي اسقط فيه الفلسطينيون على غفلة منهم. اما ما فعله الاشقاء العرب بالفلسطينيين فكان ادهى وأمر. فمن المسلّم به ان اسرائيل قامت على الغزو التهجيري للعرب اصحاب البلاد الاصليين، والاستيطاني لليهود والمجلوبين من بلاد غريبة. ونتجت عن هذا الغزو قضية اللاجئين الفلسطينيين. واذا اردنا استكمال الصورة التي اصبح عليها الفلسطينيون، نجد ان الاشقاء العرب الذين حكموا الضفة الغربية وقطاع غزة ما بين عامي 1948 و 1967 قد حولوا الفلسطينيين المقيمين على ارضهم الفلسطينية في هذه المناطق الى "لاجئين" بعد ان نزعوا عنهم المواطنة الفلسطينية كهوية قانونية وصفة سياسية، واستبدوا بهم، وهدموا كيانهم الوطني وحرّموا عليهم أي نشاط سياسي او عسكري بسبب التزامات رودس 1949. كان من المفترض ان تتشكل الحركات الوطنية الفلسطينية على الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن ارهاب اجهزة المباحث والمخابرات في تلك المناطق حال دون ذلك، كما انها لم تتشكل في الدول ذات الانظمة البوليسية والتي تنعت نفسها بالثورية، والتي كانت اعلى جعجعة، بل تشكلت في مناطق اكثر هدوءا على الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية في الكويت وقطر. لذلك عندما يتحدث الرئيس محمود رضا عباس عن اللاجئين والتجنس، فهو لاجئ من صفد ومغترب في قطر، حيث زامل هناك كمال عبد الحفيظ عدوان اللاجئ من بربرة، ومحمد يوسف النجار اللاجئ من يبنة. وفي الكويت خليل الوزير من اللد وصلاح خلف من يافا، وغير هؤلاء عشرات الرواد الذين ذاقوا الامرّين، او المرارتين مرارة اللجوء ومرارة الاغتراب. لعل الرئيس عباس، وهذه تحسب له، اول مسؤول فلسطيني يستشعر الضيم الذي اصاب الفلسطينيين (لاجئين ومغتربين) في المجتمعات العربية بدعوى المحافظة على حقوقهم الوطنية، وكأن معاملة الفلسطيني بطريقة عادلة ولائقة تصنف على انها خيانة قومية. وكان يؤخذ على القادة والمسؤولين الفلسطينيين في مراحل سابقة بانهم قد حشوا جيوبهم بمختلف جوازات السفر العربية كالدبلوماسية والعادية لهم ولافراد عائلاتهم وتغافلوا عن الاجراءات المجحفة التي تجمّد تنقل ابناء شعبهم، وتحرمهم من الحصول على تأشيرات الدخول للدول العربية. وعلى مؤتمرات القمة العربية ما دامت لم تحدد موعد عودة اللاجئين بالساعة والدقيقة الى ديارهم فلتُقلع عن عملية التمييز اللاانساني ضدهم. ومن المعروف تماما ان القيود على حركة الفلسطينيين واقامتهم في الدول العربية وصلت حدا غير معقول حتى لا يتفشى وباء حركتهم الوطنية في المجتمعات العربية، واخذت الحكومات العربية تختلق المعاذير، القومية للاسف، لتبرير التمييز ضدهم، فأكرهتهم على هجرة جديدة الى البلاد الاجنبية بعيدا عن حدود وطنهم.. فيا له من هدف قومي نبيل نقدمه هدية لاسرائيل بمحو عروبة الفلسطيني وتحويله الى سويدي او كندي!!
#محمد_جلال_عناية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يذعن الاسرائيليون للسلام؟
-
بوش دفع بأمريكا الى الجحيم
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|