أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - شيماء الصباغ شهيدة مصر














المزيد.....


شيماء الصباغ شهيدة مصر


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4703 - 2015 / 1 / 28 - 04:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د. أحمد الخميسي

أمتار معدودة في ميدان طلعت حرب كانت تفصل بين الرصاصة وبين شيماء الصباغ ذات الثمانية والعشرين ربيعا. جاءت من الإسكندرية إلي القاهرة صباح السبت 24 يناير لتقدم باقة ورد لروح الشهداء. نشأت في أسرة متوسطة الحال. بذلت كل جهودها في مناصرة قضايا العمال المفصولين. ساهمت في تأسيس النقابات العمالية. ومع انتفاضة يناير لم تفارق الميدان منذ أيامه الأولى. تعرضت للضرب والسحل وكتبت على صفحتها في فيس بوك:" البلد دي بقت بتوجع.. يارب يكون ترابها براح". برزت بين الحشود الضخمة أمام قصر الاتحادية في 30 يونيو تطالب برحيل محمد مرسي. أصبحت إحدى قيادات شباب الثورة وأمينة العمل الجماهيري بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي. هي أيضا شيماء أم بلال الصغير بسنواته الست. تشبثت بالحرية ولم تدع شيئا يخمد لهب ذلك الشعور الغالي، وكتبت تقول" أنا لم أتجاوز إلي الآن أيام الثورة الثمانية عشر". عندما ظهرت الدعوة لتقديم باقات الورد لذكرى الشهداء كتبت تقول" أنا نازلة القاهرة للمشاركة ومش مهتمة بأي كلام يهد عزيمتي". يوم السبت وصلت إلي القاهرة. التقت بزملائها في شارع هدى شعراوى. تحركت بينهم إلي ميدان طلعت حرب وبين يديها باقة ورد وطفلها الصغير في خيالها، وفي خيالها أنها عائدة إليه. لكن تراب الوطن الذي تمنته فسيحا رحبا اتسع ليضمها ضمة عاشق يعلم أن الحب قد يكون جرحا وأحيانا يكون ضمة للأبد. رحلت واحدة من" ألطف الكائنات"الحنونين الطيبين اللواتي"همهم خدمة بلدهم زيهم زي البنين". المسافة القصيرة بين الرصاصة وشيماء امتلأت بحرس شرف يستقبل العروس الجديدة بالزهور والأهازيج. طابور من مكافحات وبطلات يبدأ بشفيقة محمد شهيدة ثورة 19، ويستمر حتى شهيدات يناير: رحمة محسن ، وزكية محمد ، ومريم مكرم ، ومهير خليل زكي، وهدى صابر، وسالى مجدي زهران، والطفلة هدير سليمان، وأميرة اسماعيل، ورشا جنيدي.
في المسافة القصيرة بين الرصاصة وشيماء سقط الوهم بأن الواقع قد تبدل. في المسافة القصيرة احتشد أمل آخر مختلف. وفي المسافة القصيرة وقف الكثيرون – بين الرصاصة والدم – يبررون ويفسرون ويحللون ويلتفون حول الحقيقة ويحكون القصة على طريقتهم. إنهم لا يستطيعون تغيير الحقائق، لكنهم يقومون بإعادة ترتيبها، بحيث يقللون من شأن أمور ويضخمون أشياء أخرى، ويحكون القصة بحيث تبرر في النهاية قتل شيماء. يتساءلون : " أكان ذهابها إلي الميدان ضروريا؟ هل كنا بحاجة للاحتفال بذكرى الشهداء الآن؟. ما مصلحة الشرطة في قتلها؟ إلي آخر تلك التساؤلات التي تقلل من وزن التضحية ومن حق الناس في التظاهر السلمي، بحيث يصبح القتل في نهاية المطاف أمرا مبررا أو مقبولا كحد أدنى. في المسافة القصيرة بين الرصاصة والدم يقف عدد كبير من المحللين، والمفسرين، والمثقفين الحكوميين، وغيرهم. أنا لا أستغرب أن يبنى الطغاة السجون، ولا أستغرب أن يفتحوا النار على الناس، لكني أستغرب أولئك الذين حين يجدون سجنا يدارونه بكلمة " حديقة "! أولئك الذين حين تنطلق الرصاصة يشمرون عن أذرعتهم ويطلون الرصاصة بلون الورد! وبالرغم من كل ذلك الكذب، ستبقى قصة شيماء، ويوما ما سيحكيها للناس منشد لامع الصوت يجوب بالحقيقة كل قرية، يردد على ربابته صيحة القلب الجسور: " أنا مش مهتمة بأي كلام يهد عزيمتي". مسافة قصيرة احتشد فيها أطول تاريخ للكفاح والأمل.

***
أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارلي إبدو.. ضمير أوروبي
- المسرح القومي بيحلم لمصر
- وراء الزجاج - قصة قصيرة
- قهوة الملحدين !
- هنا القاهرة .. هنا دمشق
- نحلم بالأمس وليس الغد !
- محمد ناجي .. موت لا يشبه سواك
- غاية المراد من قصة المنطاد
- تاكسي إلي الشعب !
- لماذا ندوس الآمال وهي صغيرة ؟
- باتريك موديانو .. خدعة نوبل !
- جنود بلادنا .. أرواح السماء
- مقبول للموت مرفوض للحياة
- النجم السينمائي بين الوعي والجهل
- أشياء لا تشترى
- ماذا يبقى عندما يسقط الهرم؟
- الشعب جاهز .. الحكومة جاهزة ؟
- أوباما يسطو على شابلن
- هذا القومي لحقوق الإنسان المصري
- حظر الأحاديث السياسية في المدارس المصرية


المزيد.....




- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - شيماء الصباغ شهيدة مصر