|
“إيج نوبل” ل “عبد العاطي”.. أو.. استثمار العار!
محمد رفعت الدومي
الحوار المتمدن-العدد: 4703 - 2015 / 1 / 28 - 03:51
المحور:
كتابات ساخرة
المصريون شعب (ألَّلاوي)، يستسلم عند أول شعور بالخيبة، لذلك، ليس غريبًا أن يمر مرور الكرام، أو (مرور فيصل)، اختراع “عبد العاطي” غير الموجود أصلًا إلا في هواجسه وهواجس الذين غرروا به دون استثمار هذا العار الذي لطخ سمعة “مصر” في وحل الكوكب!
وإذا جاز لنا أن نتخيل “مصر” في صورة المرأة التي كانت أيام “د.مرسي” تلطم علي كل وسائل التواصل:
– انتوا مش ولادي، حرام عليكم اللي بتعملوه فـ أمكم!
وهي نفس المرأة التي استعادت الآن شبابها الافتراضي وتسكنُ الحسابات المزيفة التي تديرها اللجان الإلكترونية للمخابرات وأمن الدولة ترتدي العَلَم المصري سعيدة، و”هتبقى أد الدنيا”!
أقول:
إذا جاز لنا أن نتخيل “مصر” في صورة تلك المرأة، يجب أن نصدق أن “مراية الحب عميا”، بدقة أكثر، “مراية الحب المسلح عميا”!
كما يجب أن نكون واثقين من أن هذه المرأة لو قبض عليها في بيت دعارة، وخرجت تستر عريَها بملاءة تحت عيون الحشود لما بلغ عارها هذا الحد الذي وصلته بفضل فضيحة (جهاز الكفتة)!
مع ذلك، ليس معقولًا أن نسخر من “عبد العاطي” إلى الأبد، فالرجل حاول، ويكفيه عار المحاولة، كما أنه بشر يخطئ ويصيب، بدقة أكثر، هو مصري يخطئ ويدافع عن خطئه حتى النهاية!
لابد أن نتجاهل انتحار باحث ياباني قبل شهور لأنه وعد فقط، الأمر لم يتجاوز الوعد؛ باكتشاف علاج من الخلايا الجذعية، ولم يستطع أن يفي بوعده، فهؤلاء كائنات غريبة الأطوار، بعيدون كل البعد عن (ربُّونا)، كما أنهم لا يقدرون قيمة “التلامة” في الوقت المناسب مثلنا!
لابد، أيضًا، أن نعمل على إجهاض المؤامرة الكونية التي تسعى لإسقاط (الوطن)، وأن نتوقف عن الحديث الممل عن الشهداء، فمن يدري، أليس من الوارد أن يكونوا قد تبرعوا بدمائهم من أجل “السيسي”؟
والآن، نحن قادرون على استثمار فضيحة “الكفتة” وتحويلها إلى جائزة “نوبل” مصرية أخرى هي أقرب مسافة إلى “عبد العاطي” من أي إنسان آخر، إنها “إيج نوبل” طبعًا!
في العام “1991” استحدثت المجلة الأمريكية الساخرة “حوليات البحوث غير المحتملة”، جائزة “إيج نوبل”، (Ig Nobel Prize)، بالتعاون مع جامعة “هارفارد”، وهي تمنح لعشرة موضوعات في العديد من المجالات الكلاسيكية لـ “نوبل” الأصلية بغرض الترويج للبحث العلمي كفكرة، مهما بدا موضوع البحث تافهًا ومخجلًا، بل تفاهة موضوع البحث وغرابته شرط للحصول عليها، ذلك أن التسمية ولدت بالتلاعب بالألفاظ من المفردة، ignoble””، وتعني بالإنجليزية: مُخْجِلا!
لا أعتقد أن ثمة بحثًا تافهًا أكثر ومخجلًا أكثر من تحويل الإيدز إلى (كفتة)!
ولا أعتقد أن نظرةً للموضوع برمته في ضوء نظرية المؤامرة يمكن أن تدفع أحدًا إلى اتِّهام “الإخوان المسلمين” بالضلوع فيها، فإن خيالهم، والله، لو تجاوز السقف الذي نعرفه عن الإصلاحيين عامة بآلاف الأميال لما استطاعوا إبداع مثل هذه الفضيحة!
“نوبل” ترفيهية، يبدو هذا واضحًا من مراسم توزيعها في احتفال هزلي يزخر بالكثير من النكات، ويظهر خلاله الفائز بالجائزة محاطًا بأشخاص في زي “أرنوب” أو “بطوط”، أو “نمنم”، كما تظهر الآنسة “سويتي بو” عندما يفرط الفائز بالجائزة في خطابه، لتصرخ:
– أرجوك كفى، هذا ممل!
وينتهي الاحتفال كل عام بعبارة واحدة:
– سواءً لم تفز بجائزة هذا العام، وخصوصًا إذا فزت، حظًا سعيدًا العام المقبل!
ليس من الصعب إذًا أن يحصل عضو في لجنة فض منازعاتٍ أصلحَ بين زوجين على جائزة نوبل للسلام، مثلًا. فما بالنا بـ “عبد العاطي” الذي تسلق بالكلام المجاني قمة الإعجاز العلمي!
من الواضح أن الجائزة مضمونة، بل، بقراءة سريعة في بعض الأبحاث الفائزة ندرك على الفور أنها استحدثت قبل “24” عامًا وادخرت ليحصل عليها “عبد العاطي”!
أحد الأبحاث مثلا كان يدرس “قدرة البشر على إثارة النعام جنسيا”!
والعام الماضي، كانت أكثر الأبحاث إثارة للجدل، بحث عن “مخاطر التعثر في قشر الموز”، وآخر عن “استخدام شرائح لحم الخنزير في إيقاف نزيف الأنف”، وثالث عن “قدرة البشر المتنكرين في زي دب قطبي على إخافة حيوان الرنة”، ورابع عن “كيفية استخدام فضلات الأطفال الرضع في إنتاج (سجق مخمر)”!
ما أشبه هذا البحث المقزز بهراء “عبد العاطي”!
ومنذ أعوام مضت، فاز أحد الأبحاث بالجائزة لأن صاحبه أثبت، شفهيًا، أن فرقعة الأصابع لمدة “20” عامًا لا تسبب خشونة المفاصل!
لذلك، ليس مطلوبًا من “عبد العاطي” سوى أن يحلف، وهو، بلا شك، أحد المسارعين إلى اختلاق الأكاذيب، ككذبة عرض الـ “2” مليار دولار مقابل التنازل عن اختراعه، وأزعم، لو أن شخصًا (كرمش) له مبلغ “300” جنيه ليس من الصعب أن يغادر الصفقة وهو يحمل صكًا بعبودية من شاء من أولاده!
ذهبت الجائزة أيضًا إلى باحثين عن “كيفية دعم الاقتصاد بإيرادات من الدعارة والاتّجار في المخدرات والتهريب وغيرها من الجرائم”!
شغل عصابات يعني!
وبصرف النظر عن كل شيء، فإن “عبد العاطي” يستحق الجائزة، ليس فقط لأنه أكد دون قصد أن “النظرية العبعاطية” هي أسلوب العسكرالمزمن في إدارة “مصر”، بل لأنه، بالإضافة إلى هذا، وفي وثبة ذهنية أشبه بوثبات المتصوفة المجانين، تخيل، احتمالية أن يكون للفيروسات أيضًا، تمامًا كالحيوانات، “بيت لوح” و”عفش” و”مخاصي”!
لكن، يجب أن يشعر العقلاء بالعار عند استعادة الفضيحة، لقد مارس “عبد العاطي” على الجميع نظرية الصدمة الهزلية، لذلك، لم ينتبهوا إلى أن كل فيروسات “الإيدز” التي تمرح في أجساد المصابين بالمرض في “مصر” لا تزن أكثر من “تُمن كفتة”!
في النهاية، تخيل “عبد العاطي” وهو يزين المراسم في زي بائع عرقسوس، أو كبابجي، أو طائر “أبو منجل”، ممسكًا بسيجارته “البلمونت”، أعتقد أن هذا الحدث سوف يرمم في عيون الآخر تلك الصورة الذهنية القبيحة لوطننا السمين!
محمد رفعت الدومي
#محمد_رفعت_الدومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جُزُر البحَّار -حمد-!
-
العائلة / الجناح السري ل (فرسان مالطا) في مصر .. أو .. غزال
...
-
محمد الجوادي - كونت فلاندرز!
-
الحسّونة - صباح.. من وادي شحرور إلي الخلود!
-
تونس .. ابعدي عني هذه الكأس!
-
سوداء العروس!
-
بيت النتَّاش
-
ماجدة الرومي .. لهذا اكتشف أجدادك الغوريلا!
-
تناذر إسكتلندا
-
داعش = (1.618) × داحس ÷ الرجل الفيتروفي!
-
أحمد رجب .. أوراق الغرفة (53)
-
نوستالجيا .. برائحة البخور و صخب القداس
-
تعيس صالح .. ذلك الممثل الفاشل!
-
مؤخرة ميريام فارس .. مقدمة ابن خلدون !
-
وليٌّ بلا جنود
-
الشيف (شفيق) في دار الندوة!
-
غزة .. جمرة العرب الخامسة!
-
كلُّ عام ٍ و أنت ِ أطولُ عمرا
-
حقيقة السيد (أحمد البدوي) .. و مَحَليِّاتُ المتعة العميقة !
-
جهادُ الأصابع الوسطي !
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|