|
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 16
عباس الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 4702 - 2015 / 1 / 27 - 21:20
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الانتفاضة في النجف لا شك ان الانتفاضة الشعبانية كانت من الأحداث المفصلية في تاريخ العراق الحديث، وهي ليست حركة ضد ظلم طال واستفحل فحسب، وإنما علامة مهمة وواضحة على تجذُّر الإسلام في ضمير الشعب العراقي، إذ كان شعار الإنتفاضة ورمزها هو الإسلام لا غير، وقد برزت شخصيات إسلامية أصبح لها الدور الأساس في قيادة الحركة الإسلامية مباشرة بعد هذا الحدث الكبير. وقبل معرفة أحداث الانتفاضة لا بد من ذكر موقف مهم صدر من حوزة النجف، وهو موقف علماء النجف من إحتلال الكويت من قبل النظام العراقي، فقد رفضت الحوزة هذا الإعتداء وحرَّمت التصرف بأي شيء من ممتلكات الكويتيين، حتى الصلاة اعتبرت باطلة في الممتلكات الخاصة، وكانت الفتاوى واضحة خصوصاً من السيد السبزواري والسيد الصدر بحرمة استخدام أي شيء مغصوب من أرض الكويت، وحتى بعد هزيمة النظام من الكويت بسنوات كانت فتاوى السيد الصدر على نفس المستوى، فمن استولى أو اشترى أو أُهدي إليه شيء من ممتلكات الكويتيين الخاصة فلا يجوز له التصرف به بأي شكل من الأشكال، وعليه الإتصال بصاحبه لإرجاعه إليه أو التصالح معه. وكانت هذه الفتاوى بصورة معلنة ومكتوبة، قبل وبعد الإنتفاضة. أسفرت الإنتفاضة عن عجز البعض وفشلهم في هذا الإختبار، ونهوض البعض الآخر بعبء المسئولية بجدارة، وسوف يتضح لنا أن مَنْ شارك بإخلاص ووعي فيها سيكون هو صاحب الكلمة بعد ذلك، كالشهيد الصدر والسيد السبزواري، على الرغم من أن السبزواري كان متقدماً في السن إلا أن ذلك لم يحُل دون أن يؤدي واجبه بقدر المستطاع، ولا ننسى أن هذا العالم الجليل كانت له وقفة مشرفة قبل أكثر من عقد من زمن الإنتفاضة مع الصدر الأول عندما حاصرت منزله قوات الأمن، فكان من القلائل الذي سعوا لفكِّ الحصار وكسر العزلة عن السيد محمد باقر الصدر، وبالرغم من أن السبزواري لم يبق في الحياة أكثر من عام واحد بعد وفاة الخوئي إلا أن دوره في الانتفاضة لفت أنظار الكثيرين إليه فتحولوا إليه بالتقليد، وما أن توفي السيد الخوئي حتى أصبح السبزواري المرجع الشيعي الأول بلا منازع حتى وفاته. أما السيد محمد الصدر فهو الذي قلب الموازين ونهض بالحركة الإسلامية التي لا نزال نعيش بركتها حتى هذه الساعة. لم توفَّ الإنتفاضة حقها من قبل المؤرخين لهذه المرحلة، فمعظم الكتابات عنها شأنها شأن المرحلة التي نكتب عنها إنما أُرخت بأقلام لم تواكب الحدث، أو كتبت عنها من خارج العراق، مما جعل صورتها ضبابية أو مشوهة، فكلٌّ يكتب ما يناسب فكره أو أهدافه، وحتى من كان له دور سلبي أو ساهم في إفشال الإنتفاضة أراد ان يكون له دور بطولي لا وجود له، وللإنصاف فقد كانت الإنتفاضة حدثاً مفاجئاً بكل المقاييس، ولم يكن الشعب والقيادات الإسلامية مستعدة له، ولكن هذا ليس مبرراً كافياً للتقاعس أو التخاذل عن أداء القيادة لواجباتها، وهنا تكمن حقيقة القيادة الفعلية التي ينبغي لها أن تعد العدة مسبقاً لكل ما يمكن أن يحصل من تداعيات على كافة الأصعدة، خصوصاً أن العراق كان يشهد نتائج حرب مدمرة(1)، والفوضى تعمُّ البلد بكل المستويات، ولم يكن للمؤسسة الدينية أي دور يذكر، فإذا لم يمكن صناعة الحدث فلابد من توجيهه والإستفادة منه قدر المستطاع. كانت البصرة هي من أشعل الشرارة الاولى للانتفاضة، وما أسرع ما امتدت الى محافظات جنوب العراق وشماله، وحتى بغداد خرجت فيها جماعات هنا وهناك، خصوصاً في مدينة الثورة (مدينة الصدر)، ولكنها واجهت رداً سريعاً وعنيفاً، وكان الجميع يترقب في بغداد ولكن من دون وجود القيادة المؤثرة كان من غير الممكن أن يثور الناس، فبعد غياب وكلاء وتلامذة السيد محمد باقر الصدر بين معدوم وسجين وهارب لم يبق من رجال الدين من يمكن أن يوجه الى ثورة أو أي عمل من الممكن أن يؤثر في النظام، ولم تكن الحوزة في النجف على تواصل مع المجتمع بالشكل الذي يجعل منها ذات أثر واضح، فلم يكن من ممثلي مرجعية السيد الخوئي في بغداد ممن يفكر باستغلال أو تفعيل الانتفاضة بأي شكل يذكر. إضافة الى أن النظام ركَّز كل قواته الخاصة في بغداد لحمايته، ولكن الوضع مختلف تماماً في جنوب العراق، فقد كانت الانتفاضة سريعة وحاسمة، ولم تستطع مقرات حزب البعث من الصمود لوقت طويل أمام غضب الثوار، وبعد سقوط محافظات الجنوب توجهت الانظار تلقائياً للنجف الاشرف، بعد أن تخلَّت المعارضة خارج العراق عن المشاركة الفعلية، الا ما كان على نحو التأجيج في بعض المناطق ثم الانسحاب وترك الناس تواجه آليات النظام ومشانقه، كما حصل في قضاء الحي التابع لمحافظة واسط، وسوق الشيوخ، وغيرهما من المدن الحدودية، التي كانت المعارضة مجرد متفرج، أو تشارك على نحو خجول وتترقب ما يكون، وكنا نسمع أن قيادة المعارضة الاسلامية خارج العراق كانت تنتظر في مدينة (التنومة)، فإن تمَّ القضاء على النظام فبها ونعمت أو العودة الى حيث الامن والامان، والواقع أن وصول القيادة الى (التنومة) كان مجرد دعاية إعلامية لا أكثر ولم يدل على وجودها هناك أي دليل، ولكن للأمانة التأريخية فقد وزع المجاهدون التابعون لها بعض قطع الاسلحة في مناطق حدودية متفرقة وصوراً كثيرة للسيد الخميني والسيد الخامنئي والسيد محمد باقر الحكيم، ولكن هذه الصور لم تكن سلاحاً فعالاً بوجه النظام!؟، بل كانت أحد أهم أسباب إطلاق الأمريكان ليد صدام ليرتكب مجازره ويسحق الانتفاضة والمنتفضين. بغياب القيادة المنظمة والقدرة العسكرية عاد النظام ليفرض سيطرته ويرتكب مجازره، وأكبر مشترك في الجرائم هي الولايات المتحدة الامريكية، التي سمحت للنظام باستخدام آلته العسكرية مجدداً وسمحت لطائراته بقصف كل نقاط الانتفاضة، وكانت الطائرات تمر قريباً من مقرات تابعة للجيش الامريكي داخل العراق من دون أن يتعرض أحدها للآخر، وهذا أوضح دليل على التآمر بين صدام والامريكان، وحتى الدول العربية كما ينقل شعبياً على لسان رؤسائها: ((صدام حاكم من دون مخالب خير من حاكم شيعي)). وهذا الموقف الامريكي جاء بعد أن اتضح أن حرب الثمان سنوات والحصار الاقتصادي وحرب الخليج الثانية لم تنس الشعب العراقي انتمائه وولائه للاسلام، وخرجت الجماهير وهي تهتف على مرأى ومسمع من الامريكان ((لا شرقية ولا غربية دولة دولة إسلامية)) و ((ماكو ولي إلا علي ونريد قائد جعفري(2))). فدق ناقوس الخطر وبات واضحاً أن كل العقوبات والدمار الذي حلَّ بالعراق ليس كافياً، وأصبحت تصريحات القائد العسكري "شوارتزكوف": بأن الزحف الامريكي سيستمر حتى إسقاط النظام" لاصحة لها، مما أدَّى الى إقالته أو استقالته. كل هذا ويوجد اليوم من يقول أن الأمريكيين لا دخل لهم بمعاناة الشعب العراقي، ونجد أن تصريحات السيد الصدر بعد ذلك كانت هي الرؤية الصحيحة حول أمريكا وحلفائها أو ما أسماه بالثالوث المشؤوم، واتضح أنه المبصر الوحيد بين عميان. كانت أنظار المحافظات متوجهة الى النجف كما قلنا، ولكن المشكلة أن النجف نفسها لم تنظم نفسها بالشكل المطلوب، أو هي حاولت ولكن لم تفلح، فكيف تستطيع أن تنظم غيرها من محافظات الجنوب بالتالي شمول الانتفاضة لتكون ثورة تقضي على النظام، وهل فكرت النجف لما بعد نجاح الثورة، وماهي صيغة الحكم، وما هي الرؤية السياسية محلياً وأقليمياً ودولياً؟، وماهي السبل لتوفير الغذاء والمستلزمات الضرورية بعد اسقاط النظام؟، سنجد أن جلَّ تفكير القيادة في النجف كان تسيير الأمور بأي شكل للحفاظ على النظام العام داخل النجف لا أكثر. إضافة الى أن القيادة المنصَّبة لم تكن لها رؤية سياسية أساساً، بل ترى أن حدود ولايتها الشرعية لا تتعدى القيمومة على اليتيم، فكيف نتوقع النجاح وسط كل هذه التناقضات؟. ونركز الآن على انتفاضة النجف لنرى من خلال شهادات بعض شهودها أهم أحداثها وما تمخض عنها. نذكر أولاً ما دوَّنته المؤسسة الرسمية للحوزة في النجف الأشرف التي كان يرعاها السيد الخوئي: ((لما اندلعت الانتفاضة في الجنوب وسيطرت على مدن الجنوب، الواحدة تلو الاخرى. كانت مدينة البصرة قد اشعلت نيران الانتفاضة، اما مدينة النجف الاشرف فقد صعدت ثورتها بعد ان تحررت تماماً من براثن الطغمة الحاكمة وعصاباتها، خلال 24 ساعة من المطاردة والمبارزة لرجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه ورسموا حريتهم بخطوط من دم الشهداء الابرار، واصبحت المدينة حرة بعد الساعة الثالثة من ظهر يوم الاثنين الموافق 4 آذار (مارس) 1991. وغمرت البهجة والغبطة قلوب النجفيين بعد ثأرهم لحريتهم التي سلبت، وشخصيتهم التي مُسحت، ومقدساتهم التي انتهكت، لكن شحوباً محيراً بدأ يظهر على وجوههم حول مستقبل مجهول بعد انسحاب السلطة التنفيذية للطغمة الحاكمة أمام جهاد فئة قليلة من الشباب المؤمن، وتكاثرت وتنامت خلال الساعات الاولى للانتفاضة حتى عمَّت النجف الاشرف ودخلت معظم بيوتاتها. في اليوم التالي الموافق 5 آذار (مارس) 1991 كانت الاخبار ترد في كل دقيقة وساعة عن سقوط مدن اخرى قريبة وبعيدة، غير ان الابتسامة لم تدم طويلاً وبدأ الوجوم بالظهور على الوجوه، بسبب عوامل لا مجال لذكرها. اصبح النجفيون في حيرة من امرهم وصاروا يجتمعون للبحث عن مخرج بعد غياب السلطة التنفيذية وانفلات الأمن وعموم الفوضى أنحاء المدينة المقدسة، وتصاعد الوباء!! ليعم المدن والمحافظات المحررة الاخرى القريبة والبعيدة من النجف، حتى توجه كبار الناس ووجهاؤهم الى آية الله العظمى الامام الخوئي (رضوان الله عليه) ليشرف بسلطته الروحية وما يحتله من مقام، ولحقيقة مكانته المعروفة وموقعه من نفوس الناس على استتباب الامن واستقرار الاوضاع. وتعاظمت اعداد الوافدين عليه تطالبه بالمحافظة على الارواح وممتلكات الناس. عندها أمر سماحته بتشكيل لجنة من تسعة أشخاص للقيام بإدارة شؤون البلاد، كان حجة الاسلام والمسلمين السيد محمد تقي الخوئي نجل الامام الراحل أحد أعضائها، حيث قام بدور ريادي بالحفاظ على ممتلكات الناس وأرواحهم حتى تمَّ إعتقال الامام مع جميع مساعديه وعلماء الجامعة العلمية في النجف الأشرف من منزل نجله الشهيد (أي محمد تقي الخوئي) الذي كان مقراً للقيادة الدينية والعسكرية، واُجبر الشهيد على مقابلة الطاغية صدام مع والده الامام رضوان الله تعالى عليهما، لكن الضجة العالمية والاستنكارات الدولية والدينية والشعبية، اضطرت النظام الى للافراج عنهما بعد ثلاثة أيام(3))).
نص الفتوى التي أصدرها آية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره بمناسبة الانتفاضة الشعبية في العراق بسم الله الرحمن الرحيم أبنائي الأعزاء المؤمنين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله على نعمه وآلائه والصلاة والسلام على أفضل أنبيائه محمد وعترته الأطهار. وبعدُ، لا شك في أن الحفاظ على بيضة الإسلام، ومراعاة مقدساته أمر واجب على كل مسلم، وأنني بدوري إذ أدعو الله تبارك وتعالى أن يوفقكم لما فيه صلاح الأمة الإسلامية، أهيب بكم أن تكونوا مثالاً صالحاً للقيم الإسلامية الرفيعة برعاية الأحكام الشرعية رعاية دقيقة في كل أعمالكم، وجعل الله تبارك وتعالى نصب أعينكم في كل ما يصدر منكم، فعليكم الحفاظ على ممتلكات الناس وأموالهم وأعراضهم، وكذلك جميع المؤسسات العامة لأنها مُلك الجميع والحرمان منها حرمان للجميع. كما أهيب بكم بدفن جميع الجثث الملقاة في الشوارع وفق الموازين الشرعية، وعدم المثلة بأحد، فإنها ليست من أخلاقنا الإسلامية، وعدم التسرع في إتخاذ القرارات الفردية غير المدروسة والتي تتنافى والأحكام الشرعية والمصالح العامة. حفظكم الله ورعاكم ووفقكم لما يحب ويرضى إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته في 18 شعبان 1411هـ الخوئي(4)
نص البيان الذي أصدره آية الله العظمى السيد الخوئي "قدس سره" بمناسبة الإنتفاضة الشعبية في العراق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين... وبعد: فإن البلاد تمر في هذه الايام بمرحلة عصيبة تحتاج فيها الى حفظ النظام واستتباب الامن والاستقرار والاشراف على الامور العامة والشؤون الدينية والاجتماعية تحاشياً من خروج المصالح العامة عن الادارة الصحيحة الى التسيُّب والضياع. من اجل ذلك نجد أن المصلحة العامة للمجتمع تقتضي هنا تعيين لجنة عُليا تقوم بالاشراف على إدارة شؤونه كلها بحيث يمثل رأيها رأينا، وما يصدر عنها يصدر عنا، وقد اخترنا لذلك نخبة من أصحاب الفضيلة العلماء المذكورة أسماؤهم أدناه ممن نعتمد على كفاءتهم وحُسن تدبيرهم، فعلى أبنائنا المؤمنين إتباعهم وإطاعتهم والانصياع الى أوامرهم وإرشاداتهم ومساعدتهم في إنجاز هذه المهمة. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يوفقهم لأداء الخدمة العامة التي ترضيه سبحانه وتعالى ورسوله (ص). الله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 1 – السيد محيي الدين الغريفي 2 – السيد محمد رضا الموسوي الخلخالي 3 – السيد جعفر بحر العلوم 4 – السيد عز الدين بحر العلوم 5 – السيد محمد رضا الخرسان 6 – السيد محمد السبزواري 7 – الشيخ محمد رضا شبيب الساعدي 8 – السيد محمد تقي الخوئي النجف الأشرف في العشرين من شهر شعبان المعظم سنة 1411هـ ملحوظة: لقد تقرر إضافة السيد محمد صالح والسيد عبد الرسول الخرسان الى اللجنة المذكورة أعلاه. في 21 شعبان 1411هـ الخوئي(5) نلاحظ أن لهجتي البيان والفتوى متحفظتان إذ لم يشيرا من قريب أو بعيد الى النظام الحاكم في بغداد، ولم توجه المحافظات الاخرى المنتفضة الى ما ينبغي القيام به، سواء على صعيد تشكيل جيش لمهاجمة العاصمة، او الايعاز الى القيادات في باقي المحافظات بالتوجه الى النجف الاشرف لتلقي التوجيهات والاستماع الى ملاحظاتهم، أو تشكيل قيادة عسكرية من ذوي الخبرة الميدانية، ولعل أقرب جواب نتبرع به عن السيد الخوئي واللجنة التي شكَّلها أن إحتمال فشل الانتفاضة وارد بالتالي لم تكن لهجة البيان شديدة أو تحث على الجهاد، مما يقلل من احتمال تعريض كيان الحوزة العلمية في النجف الأشرف الى خطر الإبادة في حال عودة سيطرة النظام مرة أخرى على المحافظات المنتفضة، خصوصاً وأن النظام البعثي كان سجله دموياً تجاهها، ولكن المحذور وقع ولم ينفع الحذر، فقد تمَّ إعدام كل أعضاء اللجنة تقريباً باستثناء السيد محمد تقي الخوئي الذي تحصن بمكانة أبيه الكبيرة، والشيخ محمد رضا شبيب الساعدي الذي خرج الى ماوراء الحدود السعودية كعشرات الألوف من المحافظات الجنوبية، وأخيراً السيد محمد السبزواري الذي خرج الى إيران ولكنه أغتيل هناك، وخرج السيد حسين السبزواري نجل السيد عبد الأعلى السبزواري الى صفوان ومن هناك الى ايران حيث استقر في مدينة مشهد حتى الساعة، وهو لم يكن من أعضاء اللجنة. وقد خرج جميعهم عن طريق محافظة السماوة الحدودية مع المملكة العربية السعودية، وكذلك السيد عبد المجيد الخوئي. ونلاحظ أن مؤسسة السيد الخوئي في ما ذكرته أعلاه أغفلت أي دور يذكر للآخرين خاصة السيد السبزواري الذي كان الشريك الأساسي مع السيد الخوئي في تشكيل اللجنة وإدارة شؤون المحافظة، وهذا نصُّ بيانه الذي أصدره في نفس الوقت مع السيد الخوئي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين. وبعدُ فإن البلاد في هذه الظروف الحرجة تحتاج فيها الى حفظ النظام والأمن والاستقرار، ولو لم يُتدارك الأمر لأدَّى ـ لا سمح الله تعالى ـ الى الضياع والخراب. ولأجل ذلك رأينا أن الوظيفة الشرعية والمصلحة العامة تقتضيان حفظها واستتباب الأمن فيها وإعادة الحركة إليها على الوجه الصحيح طبقاً للمصالح العامة وأحكام الحسبة، فقد وقع الاختيار على نخبة من أرباب الفضيلة العلماء دامت تأييداتهم المندرجة أسماؤهم أدناه الذين هم من المعتمدين لدينا لإنجاز هذه المهمة والإشراف على إدارة الشؤون كلها، فعلى المؤمنين دامت تأييداتهم إتِّباعهم وإطاعة أوامرهم والإنصياع الى إرشاداتهم وتنفيذها ومساعدتهم في تسهيل مهمتهم قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا تعاونوا على البر والتقوى) وعن نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) (والله في عون العبد ما دام في عون أخيه). نسأل الله تعالى أن يوفقهم جميعاً لخدمة هذا الدين الحنيف وأن يسدد خطاهم ويكون في عونهم إنه ولي العصمة والتوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 1 ـ السيد محي الدين الغريفي. 2 ـ السيد محمد رضا الموسوي الخلخالي. 3 ـ السيد جعفر بحر العلوم. 4 ـ السيد عز الدين بحر العلوم. 5 ـ السيد محمد رضا الخرسان. 6 ـ السيد محمد السبزواري. 7 ـ الشيخ محمد رضا شبيب الساعدي. 8 ـ السيد محمد تقي الخوئي. 9 ـ السيد صالح الخرسان. النجف الأشرف 20 شعبان المعظم سنة 1411هـ عبد الأعلى الموسوي السبزواري(6). أما فتواه فكانت ذات لهجة جهادية شديدة واضحة واعية وقد أصدرها قبل فتوى الخوئي بيومين وهذا نصها: ((بسم الله الرحمن الرحيم "أُذِن للذين يقاتلون بأنهم ظُلموا وأن الله على نصرهم لقدير" ــ وبدأ بتفسير مختصر لهذه الآيات الشريفة ــ وقال: إن الشعب العراقي المسلم المظلوم قد رزح طويلاً تحت حراب الكفر والظلم، وأخيراً فقد جرت عليه هذه المصائب العظام وأصبح تحت رحمة الكفرة من الأمريكان وحلفائهم وذلك بسبب تصرف النظام البعثي الكافر اللامشروع والذي ينفذ مخططات الأعداء من اليهود والنصارى، لذا نرى أن لن يُسمح لهذا الشعب المقهور على أمره بالثورة ضد النظام الكافر وإقامة حكم الله في البقعة الطاهرة من العالم الإسلامي)).(7) ومشاركة السيد السبزواري دليل على أهميته وعدم إمكانية إغفال دوره وأثره، لذلك لم يكن أمام مؤسسة السيد الخوئي حيلة لإلغاء مرجعيته بعد رحيل السيد الخوئي كما سنرى.
---------------------------------------------
(1) وضعت التقديرات الأولية عدد الأصابات الناجمة عن الحملة الجوية والحرب البرية الضخمة بقيادة الولايات المتحدةفي مستوى مروع : إذ يعتقد أن من المحتمل أن يكون قرابة (50000) فرد عسكري و (10000 ـ 15000) مدني قد لقوا حتفهم. غير أن التقديرات اللاحقة أشارت الى عدد أقل بكثير : زهاء (25000 ـ 30000). فالح عبد الجبار، العمامة والأفندي، 455 ـ 456. وكل هذه الإحصائيات لا يمكن الإعتماد على دقتها في ظل سلطة كانت تحيط البلد بسور حديدي إضافة الى رغبة الولايات المتحدة الإمريكية الأكيدة في إخفاء الأرقام الفعلية لمذابحها التي تواصلت بعد ذلك في العراق، ناهيك عن كل وسائل الإعلام المسيسة، وها نحن نكتشف بين شهر وآخر مقبرة جماعية. (2) تردد كثيراً في تلك الأيام عن خروج تظاهرات في بعض المحافظات المؤيد لنظام صدام "ديالى" وهي تهتف بشعار مضاد (ماكو ولي إلا عمر، صدام أعلى من الكمر "القمر"). (3) الشهيد محمد تقي الخوئي، ص 32 – 33. (4) المصدر السابق، ص42. (5) المصدر السابق، ص 41. (6) نسخة البيان زودنا بها الشيخ محمد رضا شبيب الساعدي في المقابلة الآتية التي أُجريت معه في منزله في النجف الأشرف بتاريخ 12 / 5 / 2010. (7) عادل رؤوف، مرجعية الميدان، ص191.
#عباس_الزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 15
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 14
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 13
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 12
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 11
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 10
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 9
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 8
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 7
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 6
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 5
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 4
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 3
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 2
-
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 1
-
آدم ليس أول البشر / الحلقة 5
-
آدم ليس أول البشر / الحلقة 4
-
آدم ليس أول البشر / الحلقة 3
-
آدم ليس أول البشر - الحلقة 2
-
آدم ليس أول البشر - الحلقة 1
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|