أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمزة رستناوي - بين ثقافة الوعظ و صدمة الواقع














المزيد.....


بين ثقافة الوعظ و صدمة الواقع


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 1314 - 2005 / 9 / 11 - 11:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا كان الإنسان يسعى فطرة نحو مصلحته الخاصة في حال تعارضها مع مصلحة الآخرين ومصلحة المجتمع ،
فكيف نستطيع إقناع هذا الفرد الإنسان بان مصلحته الخاصة هي عينها مصلحة المجتمع ومن ثم مصلحة الآخرين ؟!!
لنأخذ مثالا مبسطا ،شرطي المرور يطلب أو يقبل الرشاوى من السائق لقاء مخالفة مرورية ،أو ربما يدفع السائق فقط ليكفي نفسه شرور الشرطي
فمصلحة الشرطي الخاصة زيادة دخله المادي لتحسين ظروف وشروط معاشه ،ولذلك تبدوا الرشوة مبررة،
وكذلك مصلحة السائق بدل أن يدفع مبلغ معين قيمة مخالفة مرورية يكتفي بدفع نصف قيمتها أو ربعها ،وبذلك يحقق مصلحته الخاصة بدفع الرشوة ,وإذا لم يكن هذا السائق مخالفا ولم يكن مدعوما ،فإنه سوف يفضّل دفع رشوة صغيرة بدلا من الدخول في صراع مزعج وغالبا ما يتكرر مع الشرطي الذي قد يحاول الانتقام أو السلبطة عليه ,مما يضطره للدفع في النهاية "ادفع بالتي هي أحسن".
لو جمعنا كل خطباء وكتاب وصحفي ووعاظ العالم "المتدينين والعلمانيين" وثقبنا أذن الشرطي والسائق بضرورة الابتعاد عن المال الحرام والتحلّي بالنزاهة وحس المسؤولية الوطنية, فلن نحصل على نتيجة، لسبب بسيط جدا،هو أن الإنسان -أي إنسان -يسعى نحو مصلحته أولا وأخيرا، أما مقولات (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما -اسق أخاك النمري - ما آمن من بات شبعان وجاره جائع-لا أريد لأحد أن يتّستر عن خطأ- محاربة الفساد وتنمية حس المسؤولية.... الخ) ستذهب أدراج الرياح .
من وجهة نظر أخلاقية صرفة نقول أن كل من الشرطي والسائق سابقي الذكر فاسدان،ولأنهما فاسدين -قليلي الدين وقليلي الأخلاق - هما يتصرفان كذلك.
ولو فرضنا جدلا أن نموذج الشرطي والسائق هو نموذج فاسد ،فهل نتجرأ على القول بأن 99./. من المجتمع السوري مثلا فاسد ؟!!
هناك خيط رفيع يفصل المواطن الصالح عن المواطن الفاسد
فالصالح هو من أتاحت له الظروف المطابقة بين مصلحته والمصلحة العامة ،والفاسد هو من دفعته الظروف لخرق المصلحة العامة بغية تحقيق الانسجام بين سلوكه ومصلحته الخاصة .الإشكالية السابقة ينبغي مناقشتها خارج إطار نظرية الأخلاق وثقافة الوعظ ,فالأخلاق ما هي إلا نتيجة ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية ،ولو غيّرنا ظروف الناس لتغيرت أخلاقهم بكل بساطة .
وإن ثقافة الوعظ الديني أو العلماني التي ترفض وتدين وتتوعّد ، يكون صوتها عاليا فقط خارج التجربة الحياتية المعاشة .ماذا لو اقتنى خطيب الجامع أو الصحفي الملتزم سيارة،وتعرض لإزعاجات متكررة نتيجة موقفه المبدأي ضد الرشوة
أمام هذا الخطيب أو الصحفي ثلاث خيارات :
الأول: أن يبيع السيارة ويمارس متعة الخطابة والكتابة "ثقافة الوعظ "
الثانية أن الثاني: أن يدفع الرشاوى للشرطي مما يضطره إلى إفتاء جواز الرشاوى وإدخالها في باب" سد الذرائع"
والاحتمال الثالث والأخطر :هو أن يستفيد من مكانته الاجتماعية ورأس ماله الرمزي بغية التخلص من هذه المشكلة، كأن يبرز هوية الصحفي للشرطي فيدعه الشرطي تجنّبا للمشاكل، وعند خطيب المسجد تقوم اللحية والعمامة مقام هوية الصحفي .
في الاحتمال الأول نحن حيال واعظ فصامي .
وفي الاحتمال الثاني نحن أمام واعظ تلفيقي .
وفي الاحتمال الثالث نحن أمام واعظ انتهازي .
وكلهم وعّاظ



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الحب والإتحاد في التصوف الاسلامي
- جرائم الشرف أم جرائم قلة الشرف
- غرباء في عقر دارنا
- لماذا أحتفل؟!
- أحاديث الرفاق
- أولاد الحداثة الجديدة في مضارب بني غبار
- أرغون و القراءة التاريخية للنص القرآني
- من سلطة العشيرة الى عشيرة السلطة
- الشيطان وطلب اللجوء السياسي
- تخلف دوت كوم
- الرجل القائد للجماعة و صلاة الجمعة
- خدمة بلا علم
- التيار الفلسفي في وحدة الوجود
- المعري وبيداغوجيا المريدين الفاشلين
- حقوق الانسان بين الفاعل والمفعول به
- الفكر الاصولي واستحالة التأصيل
- الجامعات السورية ..منارات تجهيل
- رأس مالي... ورأس فقهي
- الشاعر السوري عباس حيروقة : يسقط في مدار نهد
- نانسي عجرم ..... والفقه الافتراضي


المزيد.....




- تحليل لـCNN: روسيا الرابح الوحيد من هجوم ترامب على زيلينسكي ...
- دراسة تكشف أثر الماء والقهوة والشاي على صحة القلب
- أنشطة يومية بسيطة تعزز نمو طفلك وتطور مهاراته
- ظاهرة لن تتكرر قبل 2040.. محاذاة نادرة لسبعة كواكب!
- هل تحدد الجينات متوسط العمر؟
- موسكو رفعت سوية التواصل مع دمشق
- الدول العربية تُخرج إيران من تحت الضربة
- النمسا: السلطات توقف فتى في الرابعة عشرة من عمره للاشتباه با ...
- رفع عقوبات مرتقب عن سوريا ولافروف يحذرها من -تهديد-
- تركيا تساعد أميركا لحل -أزمة البيض-


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمزة رستناوي - بين ثقافة الوعظ و صدمة الواقع