|
حظك00 يا برج الحمار
ياسر العدل
الحوار المتمدن-العدد: 1314 - 2005 / 9 / 11 - 05:32
المحور:
كتابات ساخرة
لا تتصالح الناس كثيرا مع نفسها، تتصالح أكثر مع بعض الحيوانات, يركبونها ويأكلونها ويتطيرون بصفاتها، يلصقون أسمائها على أبراج تولد فيها حظوظهم من الشقاء والسعد، بعض الأزواج يعلن فى حفلات الطهور والانتخابات انه أسد من مواليد برج الأسد، وتصر زوجته وكثير من الجيران أن ذلك الأسد دلو يفزع من كل الأبراج، وبعض الزوجات تعلن فى مواسم الصيف والشتاء أن زوجها المفترى يكسر ضلوعها دون مصيف أو فستان جديد مستغلا أنها حمل من مواليد برج الحمل، ويشهد الجيران أنها سرطان تخرب دار كل الأبراج، وكثير من الأثرياء ينكرون انهم من مواليد برج الحيتان واسعة البطون، ويبقى بعض الناس فقراء ينازلون وقائع الحياة صابرين كالحمير، موظفون يعيشون على المقسوم من هزيل المرتبات، يتنازعون حظوظهم مع برج الحمار عند أول كل شهر. عزيزى الموظف من مواليد برج الحمار، لا تقلق فالمسؤولين يؤكدون أنك طيب وبرج حظك ضارب فى السعادة، يعرفك الجميع بين موظفى الحكومة، صاحب راتب هزيل مع قليل من البدلات والعلاوات، فى الثلاثة أيام التالية لاستلامك الراتب ستنضح حياتك بالهناء وتبتسم زوجتك فى دلال ومودة ويخضب الأولاد أياديك بالقبلات، ستطبخ اثنين كيلو من اللحم البلدى غارقين فى الخضار والبصل والطماطم، وستلقى فى حجر الأولاد خمسة كيلو من الموز واليوسفى والحرنكش، ويمكنك أن تلحس الجيلاتى وترشف المياه الغازية، عندها لا تحرمنى دعائك من أجل أن يكفينى مرتبى أنا أيضا0 فى اليوم السابع ستضيق ذات يدك فلا تتعجل الأمور، ستربت على كتفك يد شخص طيب يعطيك صرتين من المال والزيت والدقيق، يومها الهج بالدعاء لرئيسك المباشر الذى أذاع سرك بين فاعلى الخير، فى اليوم الثامن سينفذ مرتبك وتمد يدك لكل طيب وشرير وتهاجمك آلام المعدة وقلة الحيلة وتفضح زوجتك إمكانياتك المتواضعة، يومها اصبر وكرر الدعاء لرئيسك المباشر أملا فى أن يمنحك بعضا من الأجور الإضافية، فى اليوم الحادى عشر سيقهقه رئيسك المباشر طالبا من كل الموظفين أن يراعوا ضمائرهم فى مرتباتهم، مصرحا أنهم كسالى برغم المعيشة الطيبة والدخول المرتفعة، وحين يتسع فمه بالتصريحات ستشم خلطة من مؤامرات تتناثر حولك قاصدة حشرك بين المكاتب والدواليب والزملاء دون أى راتب إضافى يمس جيبك، يومها تململ واظهر العين الحمراء للزوجة والأولاد ولرئيسك المباشر مقتنعا بأن كبار موظفى الحكومة يجدون مئات من لوائح خاصة ترفع دخول بعضهم إلى مئات الآلاف من الجنيهات شهريا، فى اليوم الرابع عشر ستنساب حولك نصائح الأصدقاء وبعض الأعداء قاصدين توريطك فى علاقات جديدة تخرب عليك طهارة أموالك، يومها كن قنوعا واشتغل وحدك فى الأسود واعجن خلطة من مؤامرات تفتل بها لرئيسك المباشر حبالا من ذقنه، فى اليوم الواحد والعشرين سيشيع عنك الأثرياء انك فسل جائع متمرد تكره نفسك، وسينم عنك الفقراء بأنك ثقيل الظل لا ترضى بمفردات مرتبك، فافتل حبال تماسكك النفسى من ذقن الجميع، عندها سيختفى كل من حولك وتبقى أنت وحيدا بقية الشهر سلطان زمانك، فلا تحزن واستمتع بميراثك من الوظيفة. عزيزى الموظف من مواليد برج الحمار، ليس مهما أن تعرف اسم رئيسك المباشر مقرونا باسم والدته الطيبة، كى تنجح فى عمل سحر يفك تقتيره على مفردات مرتبك، وليس مهما أن تكون رأسه بيضاء أو بنفسجية أو بدون شعر أصلا، كى تقنع نفسك بأن تلك الرأس تخطط لاغتيال دخلك، وليس مهما أن تعرف حسبه ونسبة كى ترقد له عند كل ناصية تدعو بالويل والثبور على أفراد عائلته الكريمة، وليس مهما أن تحيل عليه طوب الأرض يرجونه تسهيل أمورك فى العلاوات والترقيات وستر العيوب، المهم يا عزيزى الموظف أن تعرف أن رئيسك المباشر يسعى لتجديد جلوسه على كرسى السلطة، يحسب تواريخ إحالة رؤسائه للمعاش، يرصد حركاتهم ويتشمم روائحهم، عندها تقعد له على الواحدة ترقب حركاته وتحسب تواريخ الاستغناء عن خدماته، فمع اقتراب تجديد الكراسى سيسعى صاغرا لرشوتك بأجور إضافية مقابل دعائك له بتثبيت الأقدام وذكر محاسنه لدى البصاصين وكاتبى التقارير، وحين يزيد دخلك بهذه الطريقة فلا تندم، ستخرج من برج الحمار قاصدا برج الماعز0
#ياسر_العدل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|