|
الأزمة تطحن الفقراء.. وتزيد ثروة الأثرياء
فهمي الكتوت
الحوار المتمدن-العدد: 4700 - 2015 / 1 / 25 - 16:56
المحور:
الادارة و الاقتصاد
بينما تعاني الطبقة العاملة من الفقر والبؤس والإملاق، وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الخدمات الصحية والاجتماعية، وانهيار مقولة "دولة الرفاه الاجتماعي" في الولايات المتحدة وغرب أوروبا التي احيطت بهالة كبيرة في مرحلة معينة، وصلت حد الادعاء بأن "دولة الرفاه" تضيق الفجوة بين الطبقات، علما بأن الخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية التي يحصل عليها دافعو الضرائب، جاءت ثمرة نضالات الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية، بعد إضرابات ومسيرات عمالية، رافقت نمو وتطور النظام الرأسمالي، وبفضل تنظيمها النقابي والسياسي، وخشية من تحول النضال الاقتصادي المطلبي إلى نضال سياسي، خاصة وأن الطبقة العاملة في روسيا أطاحت بالسلطة البرجوازية. وقد عبر عالم الاقتصاد البريطاني "جون مينارد كينز" عن ذلك بشكل واضح، حين اعتبر تدخل الدولة من أجل استقرار السوق، الطريق الوحيد لبقاء الدولة الرأسمالية، وعلى الحكومة أن تضمن التشغيل التام، واستحداث نظام الرفاه الاجتماعي. واضح مما تقدم، أن الهدف الحقيقي الحفاظ على استقرار السوق وعلى السلطة السياسية، وليس معالجة مشكلة البطالة أو الفقر، أو تحقيق "دولة الرفاه الاجتماعي"، وبالحصيلة النهائية لم تحقق الرأسمالية استقرارا للسوق، كما لم توفر التشغيل. إن أسلوب الإنتاج الرأسمالي لن يقيم الدولة الفاضلة. فالأزمة المالية والرأسمالية التي انفجرت في سبتمبر 2008 افقدت الطبقة العاملة 61 مليون وظيفة، وتوقعت منظمة العمل الدولية أن البطالة ستواصل الارتفاع لتصل إلى حوالي 220 مليون عاطل عن العمل. وتأتي اليونان وأسبانيا في مقدمة الدول الأوروبية التي تعاني من معدلات مرتفعة. فقد أعلن معهد الإحصاء الوطني الأسباني أن معدل البطالة في أسبانيا حوالي 26.2%، كما وصلت في اليونان 26.9%. وقد تعرضت الطبقة العاملة اليونانية لإجراءات تقشفية صارمة فقد خفضت الحكومة اليونانية رواتب الموظفين حوالي 40% خلال الأعوام الأخيرة، وذلك خضوعا لبرنامج الإنقاذ الذي فرضته الترويكا المكونة من "البنك المركزي الأوروبي، صندوق النقد الدولي، المفوضية الأوروبية". وتتضمن خطة الإنقاذ إلغاء معظم إعانات البطالة، إضافة إلى زيادة أسعار الدواء بنسبة 30%. لتسديد ديون الحكومة التي تقدر بحوالي 175% من الناتج المحلي الإجمالي، والتي تراكمت نتيجة الفساد الإداري والمالي وتغول رأس المال على الثروة الوطنية. وتترقب مجموعة دول اليورو ما سيجري في الانتخابات المبكرة التي ستشهدها اليونان في 25 يناير الحالي، ومن المتوقع أن تحدث نتائج الانتخابات تغييرا ملموسا في السياسات المالية والاقتصادية لليونان في حال فوز حزب سيريزا-الحزب الراديكالي اليساري الذي ارتفعت شعبيته، وهو الأوفر حظاً في الانتخابات كما وصفه الإعلام اليوناني، وقد يؤثر فوزه على عضوية اليونان في منطقة اليورو. في عصر العولمة الرأسمالية؛ الفقراء يزدادون فقرا والأثرياء يزدادون ثراء، فالحكومات تعاني من أزمات حادة، في مقدمتها أزمة الديون السيادية التي تشكل تحديا كبيرا لاقتصاداتها، ورغم تحميل الفئات الشعبية تكلفة أزماتها، وتكلفة الإنفاق الممول بالقروض، من خلال السياسات التقشفية التي فرضتها على الطبقة العاملة والشرائح المتوسطة في المجتمع، إلا أنها فشلت في الخروج من الأزمة المالية، كما فشلت في تحقيق الاستقرار في السوق، لكنها وفرت مناخات سياسية واقتصادية لتوسيع الفجوة بشكل مرعب بين الطبقات الاجتماعية، وتمركز الثروة بأيدي حفنة من الاثرياء. فقد كشف تقرير جديد صادر عن منظمة أوكسفام الدولية الخيرية أن "أثرى أثرياء العالم، وهم يشكلون ما نسبته 1% زادت حصتهم من الثروة العالمية من 44% في عام 2009 إلى 48% في عام 2014، أما أغنى 80 شخصاً في العالم، فلديهم الثروة ذاتها لأفقر 3.5 مليار شخص، وفقا للتقرير. وأوضحت بيانوايما المديرة التنفيذية لوكالة المساعدات الدولية أن "حجم التفاوت العالمي هو ببساطة مذهل. وما يزيد الوضع سوءا أن باقي ثروة العالم التي يحوز عليها 99% من البشر، ليست موزعة بصورة متساوية، فان ما تبقى من 52% من الثروة العالمية 46% منها، مملوكة من قبل الخُمس الأغنى من السكان". أما ما تبقى من السكان، فيمتلكون 5.5 في المائة من الثروة العالمية فقط. من هنا يمكن تفسير أسباب استمرار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ومعرفة اسباب الفقر والبؤس الذي تعاني منه غالبية شعوب الأرض، ومعرفة اسباب الحروب التي تشنها الإمبريالية دفاعا عن مصالح الاحتكارات الرأسمالية، ومنطقتنا العربية مثالا ساطعا على ذلك. وفي هذا السياق اعلن مجددا صندوق النقد الدولي عن تخفيض توقعاته حول نمو الاقتصاد العالمي للعام الحالي والقادم أيضا. ووفقا لتوقعاته الأخيرة فإن النمو سيبلغ 3.5% العام الحالي، مقارنة مع 3.8% سجلها الاقتصاد العالمي في أكتوبر الماضي. وجاء تراجع التوقعات على الرغم من هبوط حوالي 60% من أسعار النفط، والذي يفترض ان يشكل حافزا اقتصاديا ومحركا للنمو الاقتصادي في البلدان الصناعية، إلا أن عمق الأزمة يحول دون تحقيق نمو اقتصادي يسهم في إخراج اقتصادات هذه الدول من الركود.
#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موازنات الدول النفطية.. وهبوط أسعار النفط
-
الاتحاد الأوراسي الاقتصادي
-
احتجاجات عمالية على سياسات الاتحاد الأوروبي
-
المشهد الاقتصادي 2014
-
الأثر السياسي والاجتماعي لهبوط أسعار النفط
-
اتفاقية الغاز مع -العدو-.. غير مبررة اقتصاديا ومرفوضة سياسيا
-
كيف نعالج مشكلة الفقر؟
-
نحو نظام عالمي جديد
-
ازمة الرأسمالية العالمية
-
الصديق الوفي المناضل سمير حداد
-
رؤية اقتصادية اجتماعية
-
هل يمكن بناء رأسمالية -أخلاقية- بالعالم العربي؟
-
ازمات في الثورات ...؟
-
فشل سياسات التقشف في معالجة الأزمات
-
تحية لصمود غزة وسلامات للرفيق غازي الصوراني
-
من المسؤول عن تفاقم الأزمة…؟
-
خيارار الشعب المصري نحو المستقبل
-
البرامج الاقتصادية لمرشحي الرئاسة
-
نحو سياسة اقتصادية وطنية تخرج البلاد من أزماتها
-
ابرز التحديات التي تواجه البلاد
المزيد.....
-
ناسا: عينات من كويكب -بينو- القريب من الأرض تحتوي على بعض ال
...
-
مطلية بالذهب.. بيع فيلا -قصر الرخام- في دبي بـ 115.8 مليون د
...
-
في أول قرار له يخالف ترامب.. الفيدرالي الأمريكي يثبت سعر الف
...
-
مصر.. رئيس الحكومة يوضح سبب توقف الصفقات الكبرى بعد رأس الحك
...
-
هل تعيد انتخابات ألمانيا القوة لأكبر اقتصاد في أوروبا؟
-
المركزي الأميركي يثبّت سعر الفائدة ويتجاهل انتقادات ترامب
-
الزحامات المرورية تهدر أموال العراقيين في العاصمة.. خسائر اق
...
-
أدنى مستوى لها في 11 عاما.. انخفاض كبير في مبيعات السيارات ف
...
-
أسعار الغاز في أوروبا تصل إلى 550 دولارا لكل ألف متر مكعب لأ
...
-
الخطوط الجوية الفرنسية تعلن استئناف رحلاتها إلى بيروت اعتبار
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|