أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - يناير2015: فى آليات الثورة وآليات الاستبداد















المزيد.....

يناير2015: فى آليات الثورة وآليات الاستبداد


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 4699 - 2015 / 1 / 24 - 11:14
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



آليات الاستبداد تقوم على الحرص على وجود نظام حياة ونمط حضارى يعمل وفق منظومة قيم فاسدة، تسودها فكرة الاستغلال والانتهازية والمصلحة الفردية، والقيام بالتحكم فى المسارات الاجتماعية و"دمج وتسكين" الأفراد أصحاب الميوعة القيمية داخل المجتمع (الفرز القيمى كأساس للبناء الاقتصادى والاجتماعى -الطبقى- فى المجتمع)، ومن ثم إضاعة جهد الطليعة الثورية القيمية وإحباطها، لكى تيأس وتستسلم لآليات القهر والتنميط (التكييف) وترضخ لآلية فرض القيم فى المجتمع المصرى.

آلية الثورة والمجتمع المتخيل:
أما آليات الثورة على ذلك المجتمع؛ فتقوم على قدرة الطليعة الثورية القيمية على الصمود فى مواجهة تلك الآليات، وقدرتها على تحمل الأثر النفسى والثبات القيمى لمواجهة الأنماط الانتهازية والاقتصادية السائدة فى المجتمع المصرى (والتى تلى عملية الفرز القيمى فى مواجهة منظومة قيم السلطة)، وكذلك قدرة الطليعة الثورية على تحمل خسائر وتبعات عملية "الحرمان والاستبعاد" من الدمج داخل المجتمع التى تسيطر عليه السلطة المركزية فى مصر، عبر الجهاز البيروقراطى الإدارى والأمنى، وانتظام البناء الاجتماعى المصرى حول ذلك الجهاز عبر التاريخ.

الصراع القيمى: انتصار المتخيل والغائب
إذن فنحن بالأساس أمام صراع قيمى؛ يقوم على قدرة أفراد المجتمع المصرى (طليعته الثورية) على الصبر والصمود؛ فى مواجهة "نمط سائد" فى المجتمع له منظومة قيم بعينها، ثم محاولة الدعوة لمنظومة قيم بديلة تمثل "نمط مستبعد". إن النمط السائد هو منظومة قيم التكيف والقهر والفساد والمحسوبية، والنمط القيمى الحضارى المستبعد هو منظومة قيم الثورة والتمرد على الظلم وغياب العدل والحرية وإتاحة الفرص بتساو، وتمكين من الأفراد من حقوق وأنصبة متساوية فى المجتمع.

تصدير القهر وصراع المهمشين:
وفى حقيقة الأمر يعتمد الاستبداد على تكتيك "إدارة التناقضات" وخلق الصراع اليومى بين المهمشين؛ يعمد لسيادة فكرة الكراهية والبغضاء والحقد بين طوائف الناس المسكنة وفق منظومة "الدمج والتسكين" لمن خضع قيميا من جهة، وبينهم وبين الطليعية القيمية التى ترفض تلك المنظومة والنمط السائد.
لتجد ركاب عربات الأجرة يتعرضون لقهر و"بلطجية" بعض السائقين، فيتمنون لهم الأذى والخسارة، ويتحجج السائقون البلطجية بسلوك الموظف الحكومى فى المصالح الخدمية وتعاليه وفساده، يرفع الباعة أسعار السلع والخضروات ومود البقالة، متحججين بثبات دخل الموظفين المعينين فى الحكومة، ويرفع الحرفيين أسعار تأدية الخدمات وصيانة الأدوات، دون مراعاة لمستوى تأدية الخدمة وجودتها تمشيا مع حالة الفساد والعشوائية فى المجتمع. ليغرق المجتمع فى دائرة مفرغة من الكراهية والكراهية المضادة، ويتفكك من تلقاء نفسه، عبر ضرب منظومة القيم المشتركة للناس ومفهومهم لفكرة الجماعة والوطن المشترك، ويسحق قدرة الطليعة الثورية لثورة يناير على المواجهة.
وكذلك الأمر فى المؤسسات الحكومية آليات فرض النمط على الطليعية الثورية؛ تسير على قدم وساق، ومن حاول التصدى لها بحسم، تعرض هو لعملية العقاب وخطوات "الحرمان والاستبعاد" من الدمج والتسكين، داخل النظام الاقتصادى والبيروقراطى للدولة المركزية المصرية.

العشوائية كأداة للاستبداد:
والحقيقة أن المجتمع المصرى فى السنة الأخيرة؛ يتعرض لأشد أنواع فرض النمط الانتهازى، وتضييق الخناق فيما يخص قدرة الثوار على الدعوة لمنظومة قيمهم، ومواجهة ذلك النمط الذى يمثل منظومة قيم التكيف..
المجتمع أصبح يسيطر عليه فئة تعمل تحت بصر المنظومة العامة للدولة المصرية، أًصبح الشارع ملكا للبائع المتجول الذى يحتل أرصفة الميادين العامة، بالتضامن مع من مفترض أن يحميها ويحافظ على مرافقها منضبطة، وفى نهاية اليوم يقدم "الإتاوة" لمن يسر له الوقوف فى الشارع، ويسر فرض النمط العشوائى والمنفلت لقهر الناس وقمع قدرتهم على المواجهة والثبات القيمى النفسى والروحى.


هدوء ما قبل العاصفة:
ذلك التكتيك القائم على تشكيل المسارات القيمية وخلقها، سيؤدى بالفعل لفرض "نمط سلوكى" و"منظومة قيم" تقوم على القهر والاستبداد والاستسلام لـ"البلطجية" والعشوائية صنيعة النظام واختياره؛ لكنها فى المقابل سوف تراكم الغضب، إلى لحظة يتحين فيها الثوار عودتهم إلى ميدان التحرير، وكل ميادين التحرير فى مصر.. فى موجة قادمة ستتميز بوجود وعى سياسى عال، صحيح لن تنتج هذه الموجة القادمة "البديل السياسى" للثوار، لكنها ستفرض سياقا يسير فى الاتجاه.

مجرد خطأ واحد:
المسار السياسى لنظام الدولة المصرية الحالى؛ يركز على الملفات البسيطة اليومية التى تهم البسطاء والمهمشين (صنيعة البناء الاجتماعى للدولة واختياراته القيمية التى تقوم على الاستبعاد والحرمان)، ويستخدم بعض الملفات الخارجية كغطاء لتخليه عن مواجهة متطلبات الثورة والتطهير البيروقراطى، وتخلى جهاز الدولة عن سلطة "الدمج والتسكين" وفق المسارات القيمية المائعة، وخلق بناءا اجتماعيا لا يربط الثبات القيمى وحرية الرأى والتعبير عنه؛ بالاستفادة من مزايا الدمج والتسكين فى الدولة أو الحرمان والاستبعاد منها.. هذا المسار سيرتد على النظام الحالى؛ سيعود الثوار عند أول خطأ صغير بكل قوة وحزم لميادين التحرير.

انتصارات تكتية للثورة المضادة
استراتيجية للثورة وطليعتها:

هناك تيار يمثل وجهة نظر "القطيعة والصدام" مع ثوار مصر عبر التاريخ، وذلك التيار هو الذى يستخدم تكتيك التجاهل والتأكيد على خلق النمط المضاد للثورة، ويعتقد أن المواجهة مع الثوار وفق "تكتيك حافة الهاوية"، سوف تؤدى لمكاسب تصب فى اتجاه منظومة قيم التكيف والاستبداد التاريخية للدولة المصرية، وذلك صحيح كل الصحة!
ولكنها مكاسب على المستوى التكتيكى؛ معارك صغيرة ومراحل تمر بها فكرة "الثورة القيمية"، من خلال فكرة "إتاحة الفرص" و "حرق البدائل" أمام عموم المصريين.. إنما فى نهاية كل فترة؛ سترتد تلك المكاسب لتتحول لنصر استراتيجى لطليعة فكرة الثورة فى مصر، ونصر وراء نصر، سياتى اليوم لذلك الانتصار الاستراتيجى الأكبر، الذى سينتج "المسار القيمى" للثورة بغض النظر عن وجود التنظيم الرئيسى المعبر عنه، أو لحين تطوير الثوار لبديل ثورى يعبر عنهم؛ او وجود التنظيم الرئيسى الذى سيستدعيه المسار الثورى.

الختام:
الأسطورة الثورية؛ خلق المسار قبل بدليه السياسى!

أعتقد أن الثورة القيمية المصرية؛ ستحقق الأسطورة الثورية التى يحلم بها الجميع منذ فجر التاريخ؛ اعتقد أن فكرة "خلق المسار القيمى" ستكون أولا؛ ثم هذا المسار سينتج طليعته التنظيمية وسيستدعيها فى حينه.
أعتقد أن "الثورة القيمية" بمفهومها الحالى ستخلق وتمهد المسار القيمى عبر مراحلها وموجاتها المتتالية، ثم ستنتج وتفتح الطريق أمام نخبتها! أن يأتى التغيير من الجماهير (والطليعة هنا كامنة فى القلب)، ذلك فى ظنى ما سيحدث فى مسار الثورة المصرية؛ التى ستقدم النموذج الثورى والإنسانى الجديد..
ستفاجئ الثورة المصرية الجميع بنهضتها من الرماد كطائر الفينق الأسطورى. وفى قلب ذلك الرماد سيخرج من يتحمل المسئولية السياسية للبلاد فى حينه.. فى حينه.. فيا أهلا بعيد "انطلاق" الثورة المصرية العظيمة.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجلة السياسة الدولية: بين التكيف والثورة
- قراءة فى أحداث الجامعة: مؤسسات الظل ومؤسسات الدولة
- مؤشرات نظام السيسى: الاحتواء والاحتواء المضاد
- الانتخابات النيابية: رؤية ل أبوالحسن بشير
- نقاط الترجيح السياسى بين النظام القديم ومعارضته
- أسطورة الدولة حارسة التناقضات: تاريخ صناعة آليات التنميط فى ...
- تفويض الجند، وتفويض السماء!
- اليمين واليسار وثالثهما: النظام القديم!
- العربي بين الضحية والمناضل في الشعر الصهيوني
- وليم بليك: خريف الطبيعة وربيعها
- وليم بليك: للحرية والإنسانية والتعايش
- وليم بليك: سيد الرومانتيكية
- وليم بليك: بين الإلهي والأرضي
- البدائل السياسية لمسار الثورات العربية
- دوافع وأشكال الثورة عند المصريين
- نظرية الثورة وتمرد 30/6/2013
- مراحل الثورة وسيناريوهات ما بعد الإخوان
- الثورة المصرية والنخب التاريخية
- معادلة الاغتراب في شعر المنجى سرحان
- ثالوث الصراع الثوري: المستبد- الثوار والمتكيفون


المزيد.....




- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - يناير2015: فى آليات الثورة وآليات الاستبداد