|
دولة فلسطينية ورقة توت للسعودية
الصبار
الحوار المتمدن-العدد: 6 - 2001 / 12 / 14 - 23:07
المحور:
القضية الفلسطينية
عندما خرج وزير الخارجية السعودي، الامير سعود الفيصل، من اجتماعه بنظيره الامريكي، كولين باول، كان غاضبا بسبب رفض الرئيس بوش مقابلة عرفات اثناء مؤتمر الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، وقال ان موقف بوش هذا "يجعل الانسان يفقد عقله". واضاف في مقابلة اجرتها معه صحيفة نيويورك تايمز ان الحكومة السعودية تشعر "بخيبة أمل تثير الغضب" ازاء عدم وفاء ادارة بوش بوعدها طرح مبادرة سلام جديدة في الشرق الاوسط. وسارع وزير الخارجية الاميركي كولن باول للتعقيب على ذلك، بالقول "كنت مع وزير الخارجية السعودي الليلة الماضية وأستطيع أن أؤكد لكم أنه عاقل تماما ولم يجن". وجاء اطمئنان باول بعد الاتفاق مع السعوديين "الغاضبين" على ان تطرح الولايات المتحدة مبادرة سلمية جديدة، تتضمن الاعتراف بحق الفلسطينيين في اقامة دولة وانهاء الاحتلال الاسرائيلي على الضفة الغربية وغزة. ولم تكن هذه المبادرة امريكية بل سعودية، ولم تأت من منطلق انقاذ الشعب الفلسطيني من القمع الدموي الاسرائيلي الذي لا يفرق بين صغير وكبير وبين مسلح واعزل، بل لانقاذ العائلة المالكة المطالَبة اليوم بالوقوف مئة بالمئة في حرب امريكا ضد الاسلام المتطرف. ولم يعد خافيا اليوم على احد ان الاسلام المتطرف ترعرع ونما بتمويل من العائلة المالكة نفسها في سعيها لشراء الولاء. خطاب باول حول السياسة الامريكية في الشرق الاوسط لم يحظ بمصداقية كبيرة، وقوبل ببرود عربي على مستوى رسمي وغير رسمي. فقد تحدث باول عن دولة منقوصة السيادة ولم يطرح لتطبيقها اية آلية عملية. والواقع ان الهدف الامريكي اليوم ليس حل القضية الفلسطينية التي لم تعد لها في الظروف الدولية والاقليمية الحالية اية مقومات للحل العادل، بل ما يشغل امريكا اليوم هو حربها الضروس في افغانستان، ووضع نظامها الخليجي الذي يتعرض لهزة قوية جدا، وهي لا تريد ان تتورط في معارك جانبية معروف مسبقا ان الفشل مصيرها. الاولويات الامريكية هذه بدت واضحة في خطاب باول، الذي حدد ما يجب تحقيقه الآن وما يمكن تأجيله لموعد آخر. ما يسمى بالارهاب وكل اشكال المقاومة ضد الاحتلال تندرج فيما يجب ان يحدث حالا، اما الخطوات التي على اسرائيل تطبيقها مثل وقف الاستيطان، فتؤجل الى حين انجاز المهمة الاولى. المعادلة اذن واضحة، ودور الجنرال الامريكي المتقاعد زيني تحقيقها، من خلال الضغط القوي والعنيد على عرفات لقمع كل من يرفع رأسه ضد الاحتلال. هذه هي المساهمة الفلسطينية للمجهود الحربي ضد الارهاب، وهو الموقف الذي تصطف وراءه الدول العربية الرئيسية وفي مقدمتها مصر والسعودية. ومما يوحي بالامكانيات الضئيلة لنجاح مهمة زيني قيام اسرائيل بسلسلة من العمليات القمعية، شملت قتل خمسة اطفال من عائلة الاسطل في خان يونس، وارتفع عدد الشهداء في الاسبوع الاول من رمضان الى 20 قتيلا. ان ما تمارسه اسرائيل اليوم ضد الشعب الفلسطيني هو جريمة بكل معنى الكلمة، ولكن امريكا واوروبا تقبلان المنطق الاجرامي الذي يقول ان الطريق الوحيد لمنع الجريمة هو بترضية المجرم وقمع المقاومة. وقد اثبت التجربة المريرة استحالة الوصول لاتفاق تحت السقف الامريكي المهيمن. ولكن هذا الدرس لم تتعلمه السلطة الفلسطينية التي تواصل التمسك باستراتيجيتها الفاشلة المرتكزة على التحالف مع امريكا. صحيح ان امريكا تتحدث عن دولة وقدس ولاجئين، وهي كلمات كبيرة ومهمة، ولكنها فارغة من أي مضمون حقيقي، لانها تأتي مشروطة بوقف النضال الشرعي ضد الاحتلال. خطاب باول لم يمنح الفلسطينيين بصيصا من الامل بل خلق المزيد من اليأس والاحباط في صفوفهم. امريكا وحليفتها اسرائيل تبنتا لغة القمع والحرب بدل التفاوض على اساس الاعتراف بمصالح الغير. هذه هي سياستهما وعقيدتهما، القوة لا الحق، والتفوق لا المساواة، الامر الذي يجلب المزيد من الحروب والمآسي. وليس لشعوب العالم حل سوى بمقاومة هذه السياسة، وليس للشعب الفلسطيني من نصير سوى شعوب العالم التي تعيش اليوم خطر الحرب والانهيار الاقتصادي والاجتماعي. حتى تحقق اهدافها ولا تهدر طاقاتها على مقاومة الاحتلال ان تكون جزءا لا يتجزأ من مقاومة رأس المال العالمي، لا ان تتحول الى ورقة بيد قيادة فاسدة كل ما تريده هو مكان لها في النظام الامريكي العالمي.
#الصبار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|