|
بين ديوانية الحريم والمكاشفة الفذة
هدلا القصار
الحوار المتمدن-العدد: 4698 - 2015 / 1 / 23 - 11:57
المحور:
الادب والفن
بين ديوانية الحريم والمكاشفة الفــذة للإعلامية ديانا كمال في مجموعة " جغرافيا الأبنوس "
بقلم : الكاتبة هدلا القصار نبدأ بلمحة عامة لما تحمله هذه الأوراق لنكون دقيقين برؤيتنا التي لا تحتاج لتقييم الشاعران علاء الغول، وهدلا القصار لتفكيك رسائل او مجموعة (جغرافيا الأبنوس) . بيد أننا نقول أنه مهم نركض لالتقاط الورقة والقلم، عندما نشعر بان هناك حاجة ملحة للتعبير عما تجول به النفس، التي تدفعنا للكتابة بلغة حسية، تفي بغرض تفريغ شحنات المشاعر .....التي تـنتظر منا مسافة سؤال؟ هل يقرءا الشاعر لمن يصفق له ؟! أم بقراء لمن ينصت ؟ هل آن الأوان أن نتعلم متى ينصت المتلقي ومتى يجب أن يصفق ؟ خاصة حين نجتمع حول كتابات المرأة لطالمة استهوى الرجل اكتشافها وإخراج خصوصياتها، كنوع من الفضول لحل لغز الأنثى وما تخبئه في أبعاد حضورها وحضوري الآن، البعيد كل البعد عن الزمالة والصداقة والعلاقات والمجاملات والمصالح المشتركة إن وجدت بيننا وبين الكاتب .
نعترف لأول مرة أننا واجهنا صعوبة في تقييم أوراق أدبية، التي لا تحتاج تفكيك طلاسم الشعور والكشف عما ترمي إليه كتابات ديانا التي بدت لنا كرسائل موحدة تبحث من خلالهم الكاتبة عن فراغ الآخر الذي تفوق بمكاشفة ما تسكنه النفس، كما جاء في مجمل النصوص الأقرب إلى الخاطرة التخيلية أو حالات خاصة .... مما جلبت لنا الدهشة، لنسفها دراسة تطرقنا فيها حول تنوع كتابات المرأة الشاملة مجريات الحياة، التي تعيق بلورة شخصيتها العالقة بين العادات والتقاليد ومعاناتها الفردية، وحريتها فيما يخص أشيائها ... بالمراوغة الأكثر جمالا والأوسع أفقاً . فتاتي اليوم ديانا كمال، برؤية تتساوى مع الرجل باللفظ والكشف المباشرة بطريقة غير مألوف عل ى الساحة الفلسطينية بشكل خاص ...
لذا نذكر أن الجرأة التي تملكها المرأة ليست في اللفظ أو المكاشفة لمركبات الجسد وأسراره، بل ما هي إلا طريقة لإخراج ما يطمث في داخل المرأة ... الساعية لنيل حقوقها التي يتوجب معالجتها بطاقات إبداعية متنوعة كما عادة الشعراء الذين يبحثون عن التجدد والتوهج من واقع متغيرات المجتمع .
على خلاف تعاطي ديانا كمال، التي وضعتنا أمام موضوعات موحدة بعيدة عن الواقع وتقلبات مزاجات الشاعر في تقلبات الحياة . ربما تحاول دينا التخلص من ديوانية المحرمات واستبدالها بالبوح عما تملكه إسرار المرأة ... بنصوص تحمل مواقف ذهنية تتلصص على نوافذ القصد، حيث تحاول استنطاق كل ما لديها من مركبات عناصر الأنوثة في مجمل النصوص الا بما ندر . هذا لا يعني أننا ضد حرية التعبير بل ما نقصده هو أن مثل هذه المكاشفة تفقد جمال أنوثة المرأة المخبئة في مفردات المخيلة التي أتت بدعوة تناسب جرأة الكاتبة، ... مما صور لنا أنها تغني خارج سرب مجتمعها أو أنها تعيش في مدن الغرب ( وهذا من المؤكد سيفقدها هوية الكتابة .
ناهيك عن عدم ارتباط الصور في أبيات خواطرها او رسائلها التي تنفي مصداقية العلاقة الزوجة في حرارة الحياة القائمة على الحب واكتشاف عوالم أسرار الجسد في خصوبة كينونة الأنثى وأن علاقة الأزواج تعاني من البرودة والإهمال أوانها خالية من الدفء والتوهج... فجميعها تخرج من مشكاة تتجاهل العلاقة بين الرجل والمرأة التي تتسم بالوفاء ورسم لوحات من العاطفة والخصوبة والأحلام .... بهذا ترسم ديانا علاقة المرأة بالرجل ....نافية مشاعر الحب والإخلاص الذي يدور لدي ديانا في حلقة مفرغة من تقبيل الآخر المسيطر على الذات التي ابتعدت عن حرارة العلاقة مع الآخر لتنتهي كما في كل نص بالسخرية والاستهزاء او العدائية .... اننا لا ننكر قدرة الكاتبة على قراءة ذاتها وجرأة بوحها الذي انحصر في موضوعات موحدة علما ان مثل هذا البوح غير مستحب في الشعر عامة من كلا الطرفين المرأة والرجل، ليس من الناحية الجمالية فقط وإنما بالتعاطي مع الملتقي لان مثل هذا البوح الفذ قد يرغبه البعض، وقد يسئ فهمه البعض الآخر ، وقد يفهم بطريقة معاكسة خاصة مجتمعاتنا الشرقية ألا إذا كانت تكتب للغرب وهذا لن يحرك ساكن . ربما رغبت ديانا أن تكتب عن كل شيء يخص توحدها مع رغبة الذات، مما يعني أن ديانا تريد إعادة صناعة هويتها بالموهبة الأنثوية على مدى 77 صفحة . تحمل عنوان ( جغرافيا الأبنوس ) دون ان توظف تلك الرموز الجميلة التي وضعتها في العناوين منذ تسمية مجموعة ( جغرافية الأبنوس ) أننا كثيرا ما تسمع عن غابة الأبنوس أو الأشجار الأبنوسية الجميلة المتميزة بالخشب الأسود القاتم واللامع مما تميزت بها هذه الأشجار التي تنموا في الهند وغيره من المناطق الحارة .... فهذا يعني أن الأبنوس لها تاريخ وليس لها جغرافيا ....
هذا ما عدا انفصال الترابط الجوهري الذي يخص ما صفف في هذه المجموعة التي بدأت بعنوان (حلم إيزيس ) ان ايزيس هي من إحدى أهم الأساطير الفرعونية التي حكمها بعد وفاة أبيه اله الجمال أوزوريس زوج ايزيس، التي قضت حياتها وهي تبحث عن زوجها الذي قتل على يد أخيه (حورس) في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد ... ولم تركز الأسطورة أي شيء عن قصة حبهما ... في حين لم نجد في النص أي نقطة تشابه تعبر عن وجدانية الإحساس والمشاعر الإنسانية بين المحبين... التي قد تبرر وجود مثل هذا الرمز الذي وضع كعنوان لتلك الأسطورة التاريخية الجميلة على سبيل المثال ...تقول في نص حلم "ايزيس" خرافة تنمو كالعشب الاخضر في حنايا ( اوزيروس ) . (ايزيس) حلم تائه كوجه القمر يبحث عن ذاته عبر مسارات اله الشمس في غيهب الضلالاِ توقد شمعة قرب حانة صغرى من مرآتها كزنبقة ناعسة تسدل جفنيها يختلج طيفه بمرآتها يمسد شعرها يغتسل بعطرها يدنو من قلبها يمدد جسده على سريرها الحريري تستنطقه أنوثتها والشهوة التي تنضج في جسدها والكواكب التي فقدت دورانها عندما لامست خصرها ينتفض من نفسه ومن سريرها كقطعة ثلج غطست في كأس نبيذ وقع بصره على بصيص شعاع محاولاً الإهتداء اليها والتشبث بذلك البصيص ولكنها ليست ستنطقه أنوثتها والشهوة التي تنضج في جسدها وى دمعات على عتبة الرحيل .. مد يده ممسكاً بها كانه ... حلم ... متمتمة اذا هناك فرق واسع بين الرمز والموضوع وإخفاقات في التراكيب الفنية وعدم وترابط الفكر والشعور والإيحاء الذي تكرر في مفردات متقارب ككلمة (مرآتها) و (بصيص) وركاكة المفردات والجمل كـ" غطست في كأس/ ينتفض من نفسه ومن سريرها "/( وقع بصره على بصيص شعاع /محاولاً الإهتداء اليها /والتشبث بذلك البصيص ) مرتين أعادة كلمة بصيص خلال ستة كلمة وكذلك في هذه القطعة من نفس النص (توقد شمعة قرب حانة صغرى من مرآتها /كزنبقة ناعسة تسدل جفنيها /يختلج طيفه بمرآتها) .... وأيضا هناك نص اخر بعنوان ( إيفا) لم تشير الكاتبة ما القصد من اسم (ايفا) في النص، فلو أردنا أن نقول كما أشارة لها الشاعر علاء الغول، في ملاحظاته على أوراقها أن اسم " إيفـا" هو اسم زوجة رئيس الأرجنتين فلو كان هذا ما تقصده الكاتبة فأين الإشارة أو التلميح أو التشبيه بصاحبة هذا الاسم او بما يشير . لكن لو تركت الاسم دون الاشارة لكان افضل ولان المتلقي سيبحث عن معنى الاسم الذي يعني الحب والعطاء والعشق وغيره .لربما يليق بالنص وهذا ما تقوله في نص "ايفا" جدائل الحرير منسابة كنحر حالم برحلة ابدية فوق خصرها زر ورد اغفى لونه حصرمي لو شق طريقه في سلسبيل ريقها لغدا نبيذ معتقاً يغمس به جسد القديسة الصغيرة "إيفا" لاليس هناك فرق بين زوجة الارجنتين والموضوع؟؟ اما في خاطرة " "(تشرينية) تقول: لاختزال ما ، كطلك في منطقة الطل لروحي تاخذ نصف عمري والنصف الآخر مملوء بالهواء والشمعة التي اوقدتها في وقت متأخر من رحلة صيدنا في غابة الليل اخشى عليك وعليها من جنون تشرين ( لا مكان للاشياء في حضرة الغياب) هناك انعدام تماسك المفردات وتركيب الجمل التي لم توفق بين الشعور الشخصي والموهبة الشعرية، في ماهية النصوص التي لا تجمع بينهما الا وجود الإعلامية ديانا كمال المنفردة في محاورة عنصر واضح الملامح يجري في اتجاه الفكر والشعور الواحد الموحد في خواطر تتخطى أكثر من نصف موضوعات المجموعة .
وبما أن ديانا بالأساس إعلامية نقول لها ما تعلمتاه في لغة الإعلام وهي " تسييس لغة الكتابة في السياسة والأدب، ربما نست ديانا ان تسييس جراءتها لصالح الكتابة الأدبية بدل أن تسيسها لصالح الذات . لا ننكر أيضا أنها تحمل فكرة تسجيل الشعور، بغض النظر عن سلبيات توحد هذه الفكرة في النصوص التي بدت كرسائل موجهة للأخر . وكذلك لم يفوتنا اطلاعنا على نصوص جميلة ومكتملة الرؤى انزوت في آخر المجموعة ولا يفوتنا ان بعض النصوص التي أنزوة في آخر أوراق المجموعة تحمل الطبعة الشعرية تطل على مشارف ومضات تخاطري كما في نص (حيفاء بمسامات واسعة ) لتقول لنا ما تذكرته لسيد الأشياء الذي ذهب بذراعين وذاكرة ترتدي مسامات واسعة لتبلل ظمأ قلبها بجمل متراكمة لتعبئ تلك المسامات الواسع) ان تلملم المشهد وتذهب الى ومضة ( حكاية من ورق) بسبعة جمل قبل ان يموت الحلم ويبقى الحب من وجهة نظرها بطل لحكاية من ورق .... ربما شعرت الكاتبة بالم في الراس مما ذهبت بها الى ومضة ( اسبرين ) على ما يبدو اقتحم أفكارها صوت الزنانة التي خدرت ألمها بومضة جميلة كاملة الخلق والتكوين ثم تذهب من جديد الى ومضة اكثر من رائعة فوق مرارة الموقف المحسوس بصور تشاطر عنوان ( منتزه للموت ) تكاد هذه الموضة ان تقص علينا عالم يحيا ليموت في سبعة جمل انتهوا بقربان الموت الذي لا ينتهي في مدينتا . تلالها بنص "عزفُ منفرد " لامرأة تشرينية تبوح بما لديها من كلمات برقصات ذهبية /ناضج كفاكهة الصيف/.... كما نثرت بنص يتخلله وصف رقيق ومتوازن التفاعل ..... كما في نص (سؤال ليس ببال المساء ) تحاول بهذه الخاطرة ان تقول ما خطر ببال مسائها بصور بسيطة تلبي خاطرة الموقف الذي دندنة على اوتار رحيل ما حين احتضنتها عواصف تشرين و( سؤال ليس ببال المساء) باعتبار هذه النص على الأقل أفضل ما قرأت في هذه المجموعة كما في نص " أبجدية البنفسج "وورقة "فانتة الماء" تكرار كلمة ( الجسد /والبحر/.... لكن يظل هناك خلل كبير في مفرداتها السطحية او العادية في الموضوعات والعبارات والاضطرابات والخلط
#هدلا_القصار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نشوةُ الرّهبان
-
هل بإمكان النقد أن يوقف الأخطاء المتوارثة والاقتباسات النتية
...
-
الرقص على وتر العاطفة وعاصفة العقل التي تطول وتقصر في سيسولو
...
-
فيكتور هوجو الفلسطيني -علاء نعيم الغول- يغرق بين اللغة وصياغ
...
-
بين الذاكرة والذاكرة يعيش الشاعر اللبناني -جورج جرداق - في م
...
-
كي لا تحبل القصيدة
-
وسائد الشياطين
-
هللويا
-
بين الإعاقة والإرادة تقف -جمعية تأهيل المعاقين- لإعادة تصنيع
...
-
علبة الاصابع
-
بصمت
-
بحر الأبدية
-
رضاب
-
يوم على صخور التأمل بالسماء والتاريخ
-
شظايا قلم
-
طبق الجنون
-
البحتري الصغير، الشاعر الجزائري أحمد مكاوي
-
روايات القصة الفلسطينية بين المرأة والرجل
-
ضوء الطيف
-
أرصفة الذات بين الانكسار، وسراج العقل في ديوان -شمس الليل- ل
...
المزيد.....
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|