أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - سيمي كوندكتووووور















المزيد.....

سيمي كوندكتووووور


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4697 - 2015 / 1 / 22 - 22:10
المحور: كتابات ساخرة
    


(سيمي كوندكتوووووووووووووووور)
simiconducter

في نظام الجيش، هناك صنوف قتالية كالمشاة والدروع والمدفعية وصنف الهندسة العسكرية... وغيرها، وصنوف ساندة كالتموين والنقل والتجهيز والتسليح... وغيرها.
وكان يدخل الجيش خلال حرب إيران أجهزة ومعدات ألكترونية حديثة، لم يستطع صنف الهندسة الآلية الكهربائية (هـ أ ك) مسايرتها، مما كان يستدعي تهيئة ضباط ومراتب خريجون يواكبون العلم ويفهمون كيف تعمل وتُصان تلك الأجهزة الثمينة...
كان معمل تصليح القاعدة الألكتروني بمبانيه الحديثة وسقائفه المبردة في الزعفرانية ببغداد، يعتبر البذرة لقيام صنف مستقل بالجيش يعنى بالبحوث والتطوير ويرتبط بالكلية التقنية العسكرية، وفيه يرتبط مجموعة كفاءات علمية.

كنت أحد الضباط الأحتياط الذين واكبوا تطور العمل في هذه الوحدة العسكرية التي يغلب الطابع العلمي على العسكري فيها...
لكن... بدأت أموري تسوء بسبب إلتحاق ضباط متطوعين جدد، وتحتم على الآمر نقل بدائل عنهم، وكان عليّ كضابط احتياط مواجهة محاولات أثبات وجودهم على حسابي، خصوصاً حين بدأتُ ألمس تعاطف الآمر معهم...

كان الآمر وهو عميد مهندس يحلم أن يُستحدث صنف (الكتروني) بالجيش العراقي، وأن يكون هو مديره، ولكوني عملت معلم دورات، فكرت بخطة تبعدني عن تفكيره بنقلي ولو إلى حين، بأن أقترح عليه فتح دورة للجنود خاصة بإعداد قاعدة للصنف الجديد المقترح، رحب الرجل بالفكرة وحمّلها على عاتقي، وهذا أمّن لي البقاء بوحدتي ببغداد على الأقل حتى انتهاء أشهر الدورة.

بلـّغنا آمري الوحدات المعنية بكتب (السري وعلى الفور) وأكدنا على ضرورة الإسراع بإرسال مرشحيهم، قمت بالبحث في كتبي ومحاضراتي التي كانت لا تزال كلها بحوزتي، وأعددت منهج مبسط حاز على إعجاب الآمر وعلى رضا أدارة الصنف، وصارت الدورة في عداد المؤكد، تنفست (الصعداء) وسط نظرات الحسد والغيرة من (زملائي) الضباط الآخرين !

كتبتُ وطبعتُ كراسة تتضمن مادة علمية موسعة عن علم الإلكترونيك باللغة العربية، وعرجتُ فيها على الأجهزة الدقيقة المستخدمة بالجيش بشكل نظري وعملي مع رسوم وتوضيحات، وقلتُ بأن هناك إمكانية (فتح) دورة لاحقة للتوسع بالمنهج للمتفوقين، سيما وأني لا أزال أتذكر (حينها) دراستي الجامعية.

لم يحضر من المرشحين العشرين بموعد فتح الدورة إلا تسعة، ولما كان الحد الأدنى لفتح دورة هو 15 طالب، فقد أسرعتُ لأقسام وحدتنا من أجل جلب مرشحين، إلا أني اصطدمت برفض ضباطهم، لا بسبب الحاجة الماسة لهم كما ادّعوا، وإنما بسبب (غيرتهم) وتمنيهم فشل الدورة بأي شكل !

لم يتملكني يأس، فقد جمعت من جنود المقر، سائق ومراسل وصباغ ونجار... وحتى حلاق الوحدة، أملاً أن (يعدّي) يوم الافتتاح أمام الأمر وممثلي المديرية على خير... بعدها قد يلتحق آخرون أو ـ قلتُ ـ يحلها حلال !
× × ×

مرّت الأمور على خير، وبدأ درسي الأول وعرّفتهم بنفسي وأهمية الدورة كونهم سيكونون بذرة صنف (الألكترون) في جيش العراق !
فطلبتُ من المرشحين تقديم أنفسهم وتحصيلهم العلمي، كان أوّلهم طالب ابتدائية من الميمونة، الثاني تارك الدراسة بخامس مدرسة المشرح الابتدائية وثالثهم شهادة ابتدائية وأحسنهم خريج متوسطة لكن نظره ضعيف (مَ ميشوف زين)... تاسعهم كردي من (جوار قورنة) خريج معهد ولا يتكلم ولا حرف عربي، لكنه قال بأنه تعلم بعض الكلمات، وأن أسمه (شوان) يعني بالعربية... راعي.

كان الآمر يقوم بغارات (بريّة) ويريد كل شيء يتم وفق حلمه، أما بعض الضباط فكانوا يتصنتون ويملأ قلوبهم حقد.
فقلت بتحدي: يلّه شباب نبدي الدرس...
بدأنا الدرس، لكن كان لسان حال الطلبة يقول أن وضعهم لا يبشر بالخير، فكانوا ( آذان من طين وثانية من عجين)!
تركت المنهج مجبر وبدأت بالألف باء، وعلى مدى أيام...
ـ هذي طابوقة، كل واحد يكدر يجزئها، أفتهمتوا؟ اللي ما أفتهم يأخذ جاكوج ويكسرها، هذا يسمونه جزء... وهكذا خلص يوم نكسّر طابوق.
اليوم اللاحق، أول ساعة تذكير الشباب بالطابوقة، وطلبت أن نستمر بتقطيعها لأنصاف حتى نعجز عن ذلك. تنافس طلابي في فترة الفطور على كسر أصغر قطعة ممكنة منها، حتى احضروا من الصغر ما لا يمكن رؤيته...
قلت: إذاً حين نصل لأصغر جزء، عندما لا يمكن قطعه بعد، فنسميه... جزيء.

خلص أول أسبوعين وتعالت الأصوات لمنحهم إجازة وفعلاً استحصلت ثلاث أيام لهم، وجاء الأسبوع الثالث وتعلمنا ما هي الذرة و الرابع ما هو الألكترون ثم ما يعني أشباه الموصلات...
ولأول مرة يرفع احدهم إصبعه: سيدي نريد إجازة نص الدورة !
راحت الشباب إجازة وطبعاً معهم... (معلمهم) !

ثم تعلمنا كيف يغيّر الألكترون الفائض مكانه في المدار، ليشبع مدار ناقص في أشباه الموصلات كالسليكون والجرمانيوم، وليكوّن منطقة عازلة تمنع سريان التيار باتجاه معين، وتسمح بمروره بالاتجاه الآخر، وهذا ما نسميه بالدايود، وانّ صُنع الـ...
(عاط) الكل: سيدي خلصت أيام الدورة...

ودّعني وشكرني الجميع بهدية أنيقة مغلفة ـ قميص نص ردن ـ ورددنا معاً أهزوجة أسميناها (سلام جمهوري) الدورة...

إربط أثنين وثلاث سيمي كون دك توووور
يصير عندك دايود و ترانزستوووووووور

شكرتهم جميعاً لانضباطهم و(تميزهم) وبخاصه صاحبنا (شوان) لأنه تعلم أفضل الجميع، وأثار انتباهنا بتعلمه اللغة بسرعة وصار (يدكش)عربي، فأخبرته بأمنيتي أن أزور الشمال وأتجول في تلك الطبيعة الجميلة...
فهمس بأذني سراً: سيدي آني راح يروح يصعد الجبل...
صحت بصوتي وبكل سعادة: ما شاء الله عليك، أنت شاطر ورياضي أيضاً، أنا مِثلك أريد أن أصعد الجبل !
أبتسم بخجل وهز رأسه يميناً ويسار رافعاً حاجبيه بحركة لم أفهمها، ثم ودعني ومضى، فظننت من هزة رأسه انه لم يفهم كلماتي جيداً، فقلت بقرارة نفسي... (كافي عليه الالكترونيك)!

بعد أيام تذكرته في بهو الضباط وأثنيت عليه بتعلمه أحسن من الطلبة الآخرين وأبديت دهشة على لياقته بذهابه لصعود الجبل كما اخبرني...
ضحك بخبث النقيب ضابط التوجيه السياسي معلقاً: سمعت أنت أيضاً تريد تروح معاه؟
قلت: أي طبعاً أنا أحب أصعد الجبل، ليش أنت متدبرها... سيدي؟

دردم وبس بس ليُسمع الآخرين: بالعافية على أبو عدي، واحد من ضباطه يريد يصعد الجبل*، قول أريد أصير من العصاة... !
× × ×

أخ... يعني صاحبي بعد كل هذا التعب راح يروح يحارب ضد الجيش، لا والمصيبة تعبنا عليه وصار يفهم !
ممكن (شوان) اليوم وزير الثروة الحيوانية هناك، أو ربما مدير صنف الألكترونيك بوزارة البيشمركة...

ألف عافية عليه... والله يستاهل !

معلم (الألكترونيك) ملازم مجند عماد حياوي المبارك
1984

× يصعد الجبل: تعبير يستخدمه إخواننا الكرد سابقاً فيما لو أن أحدهم ينْظم لقوات (البيشمركة) أي المقاومة الكردية المسلحة.



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضولي... يصل الأحمر
- كفتحري
- مجرد كلام كلاب... وسفن آب
- خُبزة (7) وطماطيّة
- ذاك ال(6)طاس وذاك الحمّام
- أي(5)ام صعبة
- هولوكوست المل(4)جأ رقم 25
- م(3)ركز 12047
- جليكان مل (2) يان بالمجان
- خ(1)راب البصيّة
- (سِكس) طابوق
- الأمرأة التي تحب عمرها... وتعشق الحياة
- هل أنّ الشاعرَ موسيقارٌ؟
- أميريغو فسبوتسي
- أول مَن نطقَ (أحبكِ)... مجنون!
- مورفي... مورفي
- كارتير... بوري
- قوم الآنسة (بك كي)
- قضية أمن دولة!
- مجرد كلام قادسية الذبان


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - سيمي كوندكتووووور