كوميديا سوداء ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

الحوار المتمدن-العدد: 4697 - 2015 / 1 / 22 - 11:57
المحور: القضية الفلسطينية
    

كوميديا سوداء ..
الزمان : سنة 2001 ميلادية
المكان : مدينة الخليل
الأشخاص :المواطن عبد الكريم الجعبري ، شبح أو أشباح من مستوطنة كريات أربع ، محكمة العدل العليا، حكومة إسرائيل .. السلطة المحلية في كريات اربع (المقامة على اراضي فلسطينية مُحتلة ) .
المواطن الفلسطيني عبد الكريم الجعبري يملك 7 دونمات من الأرض ( ولا جدال أو خلاف على ذلك ) ، وصباح أحد الأيام من سنة 2001 ، يكتشف وجود كنيس يهودي على أرضه ، بمساحة 50 مترا مربعا . وكأي إنسان في القرن الحادي والعشرين يتوجه للقضاء مطالبا بإزالة البناية من أرضه وفي سنة 2003 ، تُصدر المحكمة أمرا بإزالة الكنيس .
المحكمة تستجيب لطلبات المواطن الفلسطيني المتكررة وتصدر عدة قرارات تأمر بإزالة المبنى ، كان أخرُها سنة 2014 ، بعد أن أصبحت مساحة الكنيس 100مترا مربعا .
والقانون في العادة ، "يُلزمُ " صاحب البناء بهدمه ، لكن عندما يرفضُ صاحب البناء تنفيذ أمر الهدم ، تقوم قوات الشرطة بتنفيذ امر الهدم ، و"إلزام " صاحب البناء بدفع تكاليف الهدم ، بما في ذلك أُجور رجال الشرطة الذين قاموا بحراسة "قوة الهدم " .
على كل حال هذا هو النهج المُتبع في تنفيذ اوامر الهدم للبناء غير المُرخص في الوسط العربي الإسرائيلي. علما بأن الأبنية التي يتم هدمها في الوسط العربي تكون مُقامة على أرض يمتلكها صاحب البناء ، وليس كما في حالة الكنيس .
لكن ما ينطبقُ على زيد لا ينطبق على عُبيد .
و"عُبيد " هذا مجهول قانونيا ، فلا أحد يعترفُ شكليا بأنه يُديرُ هذا الكنيس ، ولا حتّى السلطة المحلية في كريات اربع .. لذا لا أحد يقوم بتنفيذ قرار الهدم .
لكن "عُبيد " من جهة أخرى ، شخص معروف يعمل موظفا في السلطة المحلية كريات اربع ، يُدير الكنيس ويجمع له التبرعات شخصيا ..
هل يمكن إلزام "عبيد " المعروف والموظف في السلطة المحلية ،والذي يُنكر شكليا أي علاقة له بالكنيس ، بهدم المبنى غير القانوني والمُقام على أرض خاصة ؟؟
طبعا لا ...!!
أما السلطة المحلية كريات اربع ، فهي تُنكر "شكليا " أية علاقة لها بالكنيس المُقام على ارض فلسطينية خاصة ، رغم أن موظفها وبشكل رسمي يُدير الكنيس ويجمع له التبرعات .
هل يمكن الزامها بهدم مبنى ليس لها "شكليا " ؟؟ بالطبع لا ..
وكان أن توجه المواطن عبد الكريم للمحكمة العليا مرة أخرى في ايار 2014 ، يُطالبُ فيها عدالة المحكمة بإلزام السلطة المحلية بإخلاء أرضه وهدم الكنيس وتثبيت ملكيته للأرض ، وقد أرفق ما يُثبتُ صحة أقواله. وقد ردّ ممثل الحكومة بالتأكيد على ان الارض ارض خاصة ، لكن تنفيذ امر الهدم هو مسؤولية "المالك" للبناء والذي هو مجهول بطبيعة الحال .. وطالب ممثل الحكومة من عدالة المحكمة الّا تضع تاريخا نهائيا لهدم البناء ...!!! ما الهدف يا تُرى ..؟؟ حتى يتم إيجاد مالك المبنى !!!
المواطن الفلسطيني طالب المحكمة ايضا بإصدار قرار يمنع "توسيع " مساحة البناء وعدم ربطه بخدمات الكهرباء والماء (التي يحصل عليها من مستوطنة كريات اربع ) ..
ورغم أن الأرض بملكية خاصة ، كما قررت المحكمة ذلك وكما قال ممثل الحكومة في ردّه للمحكمة ، إلا أنها تقع ضمن حدود نفوذ مستوطنة كريات أربع . (حسب مناطق النفوذ الذي يقررها الحاكم العسكري الإسرائيلي ) ومسؤولية تطبيق القوانين وخصوصا قوانين البناء تقع على عاتق السلطة التي تقع الابنية في حدود نفوذها ...!!
بلا طول سيرة ... فقد تسلّم المواطن الجعبري هذا الأسبوع إخطارا من السلطة المحلية كريات اربع ، تُطالبهُ فيه بدفع ضريبة أملاك مستحقة عليه بقيمة 88200 شاقلا ، أي ما يساوي 25000 دولارا . إعتمادا على التصريح الذي تقدم به للمحكمة حول ملكيته للأرض المذكورة .
وفي الرسالة التي أرفقتها السلطة المحلية للمواطن الفلسطيني ، قالت السلطة المحلية في المستوطنة : " بناء على الوثائق التي وصلت للسلطة كجزء من قضيتك امام المحكمة العليا ، فإنك تدّعي ملكيتك لقطعة الارض المذكورة ، لذا يجب عليك ان تدفع الضرائب المستحقة " .. وإذا لم يدفع المواطن الفلسطيني ديونه للمستوطنة ، فبناء على القانون :" عدم سداد الديون سيؤدي الى غرامات وفوائد بما في ذلك مصادرة الارض في الطابو . والمصادرة للارض في الطابو تعني بأنك قد بِعتَ أرضك للسلطة المحلية (كريات أربع) " ...
لكن السلطة المحلية في المستوطنة ، لم تنسَ أن تُذكّر السيد الجعبري بأن :" هذه الوثيقة (الرسالة الصادرة عن المستوطنة ) لا تُعتبر إعترافا (لكَ) بملكيتك للأرض " ......!!
عن الصحافة العبرية بتصرف..

#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات