|
في ذكرى الثورة الفرنسية. أتراهم يحتفلون بتقدّمهم فقط؟ أم بكوارثنا أيضًا؟
عزالدّين بوغانمي
الحوار المتمدن-العدد: 4696 - 2015 / 1 / 21 - 12:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في 14 جويلية , ذكرى الثورة الفرنسية ،، هكذا أشاركهم أفراحهم .
في هذه اللحظات تتعالى أصوات مكبرات الصوت حاملة أغاني الفرنسيين وأهازيج احتفالاتهم بذكرى الرابع عشر من جويلية .. فيما كانت الأغاني تقتحم بيتي فكرت في أن الإنتصار على الإرهاب في الساحة العربية لم يبدأ يوم 30 جوان 2013 .. بل بدأ حين تكسرت أنيابه على صخور جبال الأوراس منذ سنوات ، كما تكسرت أنياب المستعمر الفرنسي على نفس الصخور ، وبنفس سلاح المجاهدين الذي ورثه الأحفاد .
الإستعماريون مصرون منذ عقود على تخريب أهم العواصم العربية: بغداد، دمشق، القاهرة، الجزائر، تونس. فبعد رحيل عبد الناصر، حذفوا كمال جمبلاط ، وجربوا الحلقة الأضعف فخربوا لبنان بحرب دينية قذرة..
في أواخر السبعينات/بداية الثمانينات، أخرجوا مصر من المعركة بموجب كامب ديفيد، واستخدموا مخابرات أنور السادات وجماعة الإخوان المسلمين والريع الديني السعودي (عائدات الحج) لتشكيل وتمويل "المجاهدين العرب" أو ما يمكن تسميته بنواة جيش الإرهاب العربي الذي تدرب لسنوات طويلة في أفغانستان، ومنه تخرج بن لادن وأيمن الظواهري وأبو عياض وعليه تتلمذ راشد الغنوشي وحسن الترابي ومحمد مرسي وعلي بلحاج ، كقيادات الجناح السياسي لذلك الجيش .. وفي نفس الفترة سمموا الهواري بومدين وقتلوه. ودفعوا العراق إلى حرب مدمرة. و أبعدوا المقاومة الفلسينية على خطوط المواجهة، واستفردوا بدول الخليج فربطوها بالمعاهدات العسكرية وجعلوا مواردها وغذاءها خارج نطاق إرادة شعوبها وحكامها. فيما قُبِضَ على سوريا في كماشة الحلف التركي الصهيوني..
في بداية التسعينات، ضربوا العراق وحاصروه وشرعوا في تنظيم وإعداد وتمويل أحزاب دينية طّائفيّة و عرقية ستستولي على دولة العراق خلفا للمحتل لاحقا لتضرب وحدة العراق و عروبته .. وخلال ذلك، شرعوا في تخريب الجزائر عبر الإرهاب. وحاصروا البندقية الفلسطينية وأجبروها على خوض معركة سياسية ضد العالم بأسره، ومولوا الجماعات الظلامية، ودفعوها إلى مقدمة الساحة الفلسطينية، بهدف إضعاف منظمة التحرير، وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني، حدود إغتيال رموزه وقياداته ؛؛ حتى اكتملت الجريمة بإغتيال زعيم الثورة أبو عمار... احتلت بغداد، وفيما كان الأمريكي يرتب وضع العراق وفق أجندته، كان الإستيطان الصهيوني يتوسع والجدار العازل يستمر ثعبانا لتقسيم الشعب الفلسطيني وكسر معنوياته من العسكر الصهيوني، وقوى الظلام معا ... في الخلال كانت شعوب الأمة العربية ونخبها الوطنية والديمقراطية تقاوم الإستبداد والإرهاب والجوع والهيمنة الإستعمارية وتواجه جحيم دولة اعتباطية تستخدم النهب و القمع كفلسفة حكم وحيدة ، وتواجه الجماعات الظلامية الساعية إلى الإستيلاء على الحكم عبر الإرهاب والتفجير والحرق، الأمر الذي أعطى الذريعة للأجهزة الأمنية لتمعن في خنق الحريات و محاصرة المعارضات الديمقراطية ... واستمرت المجتمعات تكافح كفاحا سلميا، حتى تراكم الغضب والفقر والمقاومة، وتعرت أنظمة الحكم ولم يبق منها غير أدوات البطش البوليسي التي إنهارت أمام هبات الجماهير، التي اندلعت حريقا في جسد الشهيد محمد البوعزيزي يوم 17 ديسمبر 2010 ، ثم توسع الهشيم .. ومن جديد وبنفس الأدوات تمكنت القوى الإستعمارية من إفشال الثورات والإلتفاف عليها عبر المال والإعلام والتدخل العسكري وتسليح بقايا "جيش الإرهاب العربي" أي التيارات التكفيرية الرافضة للتمدن والكارهة للحرية ..
هكذا كان المشهد منذ أربعين عاما ، وهكذا كانت الأحزاب الدينية الإرهابية هي الأداة الثابتة إلى جانب الكيان الصهيوني، في كل هذه الكوارث وفي مسلسل التخريب المنهجي، وضرب منصة تطلع شعوب المنطقة إلى الحرية والتقدم. ولكن رغم كل هذا، مازال الأمل قائِمًا وسيظل .. الأمل قائِم في رأيي منذ أن تكسرت آمال الإستعمار الداعم للإرهاب -مرة أخرى- على سفوح الأوراس الشاهقة . ذلك أن الإرهاب في الجزائر إنهزم حين طالب الشعب بحمل السلاح وقرر إنهاءه . وفي مصر رأينا أكثر من ثلاثين مليون إنسانا مصريا ، بما في ذلك من أعطوا أصواتهم للإخوان المسلمين في غمرة "حمى الثورة"، نزلوا يوم 30 جوان 2013 إلى الميادين مطالبين برحيلهم عن السلطة. وسيتكرر نفس المشهد في تونس إبتداء من شهر سبتمبر بقيادة شباب الثورة الذي سيغير المعادلة السياسية و سيوحد المعارضة الديمقراطية ، و ينهي ترددها و يفرض عليها عملية فرز تشبه "الشيميو السياسي" لتطهرها من الإنتهازية ... وفي العراق أيضا وفي سوريا وفي فلسطين ... وسيسقط الإرهاب ، وستجبر الدول الغربية على تسليم أمرها للشعوب المصرة على بناء الديمقراطية .. وسيفرض عليها تيار الحرية الجارف الرافض لحكم الإستبداد التقليدي ، ولحكم الإرهاب الديني .
هكذا تفاعلت هذه الليلة مع أصوات الموسيقى ومظاهر فرح الفرنسيين بالاحتفال بثورتهم وتخليدها .. أتراهم يحتفلون بتقدمهم فقط ؟ أم بكوارثنا أيضا ؟
عزالدين بوغانمي ليون في 14 جويلية 2013
#عزالدّين_بوغانمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تكفير العلمانيّة.
-
الأرشيف، ذاكرة أُمّة في يد نصف رئيس مجنون
-
اليسار وجذُور التطرّف
-
في الذّكرى الرّابعة للثّورة: لماذا أساند الباجي قائد السّبسي
...
المزيد.....
-
تركي آل الشيخ وآخرون يتفاعلون مع لقطة بين محمد بن سلمان وأحم
...
-
قصة العالم النووي كلاوس فوكس.. -لا تتحدثوا معي عن المال مرة
...
-
من قطر إلى السعودية.. لغة التفاصيل في دبلوماسية الشرع
-
خبير يعلق على اعتراف زيلينسكي الذي صدم الغرب
-
ترامب: الوكالة الأمريكية للتنمية تديرها مجموعة من المجانين
-
إعلام: تركيا قد تنشئ قاعدتين عسكريتين وتنشر مقاتلات -إف 16-
...
-
-الأورومتوسطي-: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون من سجو
...
-
ترامب يكشف عن موعد اتصاله مع ترودو ويؤكد: سيدفعون الرسوم الج
...
-
برتراند بيسيموا زعيم حركة -إم 23- في الكونغو الديمقراطية
-
تداعيات فصل ضباط أتراك بعد حادثة أداء قسم الولاء لأتاتورك
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|