|
مجرد كلام كلاب... وسفن آب
عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 18 - 23:31
المحور:
كتابات ساخرة
هذه المساهمة، تتضمن بضعة حكايات كلها حقيقية لكنها مفبركة بشكل يسمح بربطها ببعض، وهي (مجرد كلام) ليس فيه من قيمة سوى التسلية، لأجل ذلك أود التنويه...
(كلاب... وسفن آب)
تتربع بناية (إعدادية التجارة الشرقية للبنات) قرب ساحة الأندلس على جانب الطريق الموصل بين ركن مزاد الصباغ في شارع النضال وطريق جمعية المهندسين العراقيين، وهي بذلك ليست بالبعيدة عن الجامعة التكنولوجية، حيث يربطهما شارع الصناعة.
وعليه صارت (قبلة) لطلبة الجامعة المدللين أصحاب السيارات في فترة السبعينات ـ وهم قلة ـ تستقطبهم خلال فترات الاستراحة أو خلال الدروس التي تكون (مو) مهمة... وما أكثرها !
وليس ذلك ـ باعتقادي ـ سوء تصرف وسلوك من قبل الطلاب، لأنهم كالفراشات التي تجذبها الزهور بجمال ألوانها ورونق هيئتها وبهاء عطرها، فطالبات إعدادية التجارة كن جذابات جميلات أنيقات، بينما غالبية الزميلات طالبات الهندسة، كن من فرط الدراسة كالـ... شرطة ! وهكذا كان وفي كل ركن من شارع هذه الإعدادية أنتشر الطلبة وهم يرتدون الزي الجامعي. ولكونها إعدادية تخصصية للتجارة فأن طالباتها من أماكن متفرقة وبعيدة، وقلة قليلة منهن من حي بارك السعدون القريب، لهذا فهناك باصات (ريم) تتجمع لإيصالهن وحسب مناطقهن، فيصطف طابور أمام المدرسة ملتصقة سياراته بعضها ببعض بشدة لتعمل حائط (صد) تحول بين (العشاق). ولم تكتفِ مديرة المدرسة بهذه التحوطات وإنما ذهبت أبعد بكثير، فدفعت بإحدى المدرسات لمرافقة كل باص حينما ينطلق للحفاظ على (بناتها) من (الأخطار) الخارجية !
وحدث مرة في إحدى (الريمات) أن لاحظت مدرستهن الشابة الجميلة، ثمة سيارة تتبعهنّ يوميآ، فهددت طالباتها بأنها ستشتكيهن للمديرة إذا لم تقر أحداهن وتُفشي السر، وحين ساد صمت بين الطالبات، قالت بأنها ستسجل رقم السيارة وتعطيها للمديرة، حينها فقط، صدر صوت حنون من أحدى الجالسات بخانة (الشوادي): لا ست خطية !
أمام تشدد المديرة، لم يبقَ للمساكين العشاق سوى سبيلين أثنين لعمل (كونتاكت) بينهم لا ثالث لهما... أولهما في الطريق لمكتب البريد الواقع في ركن جميل على امتداد شارع النضال، وبدأت البنات بالاستئذان من مدرساتهن بحجة إرسال (مكاتيب)، فنجحت الخطة ، ومع أن الإدارة لاحظت ازدياد طلبات الأستاذان من قبل الطالبات، ولكن ما العمل وهي موجهة لعم مريض أو خال بعيد! كان ومن حسن الحظ، أن المنطقة مليئة بالكلاب السائبة، الأمر الذي يدعونا لمرافقتهن إلى مدخل البريد من أجل (حمايتهن) من (بطش) الكلاب، وكان يمكن أن نتعدى الحدود بالسؤال عن أسم ورقم هاتف، وربما يطمع البعض بأن يضرب موعد غرامي (رندفو) في يوم جمعة! ولكن جاءت رياح بغير ما تشتهي سفن (العشاق)، فقد لاحظ موظفو البريد بأن غالبية المظاريف بالصندوق لا تحمل عناوين ولا طوابع، كما لاحظوا أن طالبات التجارة يدخلن على انفراد في كابينة الهاتف ويتهامسن، فقرر مدير الفرع أثر ذلك مكافحة هذه الظاهرة (المدانة) بتكليف موظف (عُقد) مختص لاستلام الرسائل بيده، وكان فعلا حلاً ناجعاً حيث توقفت رسائلهن فجأة، ثم قاموا بوضع الهاتف العمومي خارج الكابينة، فقل الطلب عليه !
لم تستسلم القلوب الحائرة ولم تصَب بخيبة أمل، بل كانت تكيدُ كيداً، والإدارة هي الأخرى تكيد لهن، كان آخرها مرافقة إحدى الطالبات المقربات من المديرة، وهي طالبة جميلة تربط شعرها المصبوغ برباط (ذيل حصان) وتضع عوينات بسلسال، فأحالت هذه (القاسية) بين أصحاب الزي الجامعي وصاحبات الصداري المدرسية. وهنا تم البحث عن وسيلة (لترويضها) فوصفوا لهم الشاب الوسيم (أحمد) طالب قسم المكائن وهاوي التسكع وسط نظرات الحاقدين له، فقد عُرفَ برمز (س. ق. ع.)، وحين استفسر القوم حينها عنه، قالوا بأنه لم يأتِ من فراغ، فهو (سارق... قلوب... العذارى) ! تطوع الشاب مشكوراً لمساعدتنا ووضع خطة بعد مراقبة حثيثة من حديقة ساحة الأندلس عبر الشارع، ثم نصب فخه أمام البنت (العذولة)، ونزل من سيارته الرينو 17 ليسألها... ـ اكدر اسألج سؤال؟ ـ شتريد ؟ (قالت بثقة) ـ وين صايرة السفارة العراقية، يقولون هنا في ساحة الأندلس؟ سكتت وعيونها نحو الشاب، وابتسمت لترد عليه: أعرف السفارة السويدية هنا، بس العراقية... ثم ألتفتت على الطالبات المترقبات بفضول شديد: تعرفن بنات وين السفارة العراقية؟ وما أن تصاعدت ضحكات خبيثة من هذه أو تلك، فشلت أمام الشاب لتتركهن وتعود مسرعة للمدرسة لا سالمة هي ولا غانمة، وحلفتْ يمين أن تتقاعد... مبكراً !
أما السبيل الثاني للـ (كونتاكت)، فهو مضمون ويعمل بأنتظام يومياً، عِبرَ باب حديدية جانبية لساحة المدرسة، عندها أقام حارس المدرسة (كشكاً) لبيع المرطبات. كان الرجل (شايب) بسيطاً ودودأ سعيداً بزبائنه، طالبات من داخل المدرسة وطلاب من خارجها، إلا أنه وبسبب (مشكلة) أدت يوماً لإحاطة المدرسة بقوات شرطة، حينها ظن الجميع أن (السيد النائب شخصياً) قد يكون على الأبواب، لكن تبين انه كان يبيع (استغفر الله) سجائر سوق سوداء للطالبات، والمصيبة كانت ماركات مهربة !
كان ذلك اليوم ـ في الواقع ـ (أسوداً) على الشباب بسبب استبدال الحارس بآخر قصير أحمر الشعر، ومع أني لم أرَ شعرة واحدة برأسه، لكن شواربة وحواجبة كانت تدل أنه (طماطاية). هذا البديل (لاص) الشغل وأغلق الباب بالكامل بصناديق خشبية فارغة، وقضى بذلك على أي منفذ بين الحبايب، وقطعَ آمالهم بالتواصل. وراح الشباب يغريه بدفع (بقشيش) إضافي لكسب وده أو التحايل عليه، فوجد أحدهم وسيلة ليتراسل بها مع حبيبته وذلك من خلال قنينة السفن آب (البوش) خضراء اللون، فبعدما يشربه يقوم بإيلاج قصاصة ورق ملفوفة داخله، لتخرجها البنت وتطلع على أشواقه وهمومه وهواجسه تجاهها !
سارت أمور الشاب جيداً بادئ الأمر، لكن (الغشيم) أفشي بسره تحت مبدأ (خلي الحجاية بيناتنا)، وما هي إلا أيام فقط ، تعددت القصاصات وكثرت الرسائل الملونة بالقناني مع ازدياد ملحوظ بمبيعات (السفن آب) ! إلا أن (نقيصة) بدأت تظهر لدى الحارس بقناني السفن فقط، بلّغ الإدارة واحتاروا وبحثوا عن سر فقدها دون سواها... أخيراً شك الرجل بأمرٍ ما، اقتضى منه نصب شرك بوضع صندوق خاص (للبوش) ومراقبته، يوم ... يومين ... ثلاث، فشاهد لفافة ورقية داخل القنينة لا سبيل لإخراجها، فحاول بشتى الطرق، ثم اضطر كسرهاعلى أساس (يا ستة مع الستين) ليجد تفسيراً للنقيصة، وكان حدسه بمكانه، فقد كان بدخل القنينة ليس مجرد ورقة ملفوفة، وإنما رسالة فسرت له هذا (الكزيز) الأخضر المنتشر بزوايا المدرسة هنا او هناك.
فقرر أن يشكي للمديرة ما يتبادله الأولاد في الخارج والبنات في الداخل، وليحذرها من أنهم يعلمون بأن الإدارة تترقبهم، بيده الرسالة التي وجدها والتي تقول... (خلي بالج لا يكتشفوننا... لأن المديرة وضعت واحد يراقبنا... أبن كلب)
هبّ بالقصاصة الورقية على عَجل للمديرة ليتودد لها ويخبرها بأنه كشف سر الأولاد والبنات الذين كانوا يتسببون بتلف القناني، وهناك بدأ يقرأ لمديرة الرسالة ويفسر كلماتها بخباثة... ـ يحذر الملعون صاحبته ويقول خلي بالج لا يكتشفون سرنا، يعني يعرفون زين أنكِ تريدين كشفهم... المديرة: وكيف عرفوا بأني أراقبهم؟ أجابها: يقول الولد بأنكِ... وضعتِ... واحداً... بلع ريقة وتوقف وصفن، فصاحت المديرة به... ـ أكمل الرسالة منو يقصد؟ همس بألم وبحروف متقطعة: ... يتوقع أن واحد أبن... يراقبهم!
رجع للكشك وبنى حاجزاً على الباب الحديدي، بدل صف الصناديق صفين أو ثلاث وهو يراجع كلمات الرسالة، فحسبها جيداً... متسائلاً كالأهبل خائفاً من الإجابة المرة... ـ مادام في المدرسة فقط بنات ونسوان... من يقصد إذاً بأبن... الكلب؟ !
عماد حياوي المبارك شاهد عيان من أمام إعدادية التجارة الشرقية ـ بغداد 1977 × الغاية: مجرد كلام. × الفائدة والمنفعة: لالالالالالالالالالالالالا توجد !
#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)
Emad_Hayawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خُبزة (7) وطماطيّة
-
ذاك ال(6)طاس وذاك الحمّام
-
أي(5)ام صعبة
-
هولوكوست المل(4)جأ رقم 25
-
م(3)ركز 12047
-
جليكان مل (2) يان بالمجان
-
خ(1)راب البصيّة
-
(سِكس) طابوق
-
الأمرأة التي تحب عمرها... وتعشق الحياة
-
هل أنّ الشاعرَ موسيقارٌ؟
-
أميريغو فسبوتسي
-
أول مَن نطقَ (أحبكِ)... مجنون!
-
مورفي... مورفي
-
كارتير... بوري
-
قوم الآنسة (بك كي)
-
قضية أمن دولة!
-
مجرد كلام قادسية الذبان
-
صرخة الحبانية
-
شمسنا الغالية
-
دعوة سياحية
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|