أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبد الستار - وحدها شجرة الرمان ووحده الحزب الشيوعي العمالي















المزيد.....

وحدها شجرة الرمان ووحده الحزب الشيوعي العمالي


احمد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 23:54
المحور: الادب والفن
    


الروائي العراقي ( سنان انطوان ) يكتب روايته ( وحدها شجرة الرمان )، كشهادة تسجل تاريخ العراق المعاصر ( المبلل ) بالموت والدم ، شهادة عراقي يفيض قلبه ألماً على ما جرى ويجري من ويلات تعاقبت على بلده عبر نظام البعث الذي ادار حكمه بسلطة دكتاتورية دموية وحروب متوالية , وحقبة ما بعد سقوط صدام الذي دشن عصر الاقتتال الطائفي والدمار والفساد متجاوزا الدكتاتورية والمجازر المهولة التي رافقتها على مر سني سلطتها .

الرواية تبدأ من أول مشهد من مشاهدها بحلم مرعب ، مستعارة صوره من مشاهدات عراقية واقعية يومية لحز الرؤوس والملثمين والخطف والاغتصاب ، وبهذه الطريقة ، طريقة التقطيع السينمائي الذي زخرت به الرواية على مدى فصولها ، اراد الروائي القول بأن لا فرق بين الواقع الكابوسي المعاش والاحلام المرعبة .

لم يترك الروائي أي تفصيل من تفاصيل الحياة العراقية على مدى الثلاث عقود التي تناول الروائي الاحداث خلالها ،إلا ومر عليها واشار اليها ، نجد مثلا استنكار ابو اموري ( والد جواد الشخصية المحورية في الرواية ) على موافقة نظام صدام على الشروط والمطالب التي اشتعلت من اجلها حرب الثمان سنوات بين العراق وايران وراح ضحيتها مئات الالاف من الطرفين ،ومن ضمن الضحايا ( اموري ) اخ ( جواد ) بطل الرواية . متسائلا ( الاب ) ما الداعي اذن لكل هذه الضحايا ودمار الثمان سنوات ، اذا كان صدام قد تنازل عن مطالبه مع ايران؛ ليبدأ بحرب جديدة عند غزوه الكويت، وعرض وصّور اجواء الحياة التي كان يعيش تحت ظلها العراقيون متخذا من كآبة مكان غسل الموتى ( مهنة والده ومهنته فيما بعد ) حجر الزاوية للانطلاق بالروي ، خلال كل التفاصيل التي يأخذنا عبرها الروائي لم نعثر الا على الضياع والكآبة حتى مع الحب الذي فقده مرتين ، او مع استشهاد اخيه ( اموري ) ، او خسارته لمعلمه في مادة الفنية الذي احزنه كثيرا عندما عرف بأنه سيق للخدمة العسكرية .

وكيف قصف الامريكيون عند دخولهم بغداد الكثير من الاماكن الجميلة مثل دائرة السينما والمسرح واكاديمية الفنون الجميلة ، ونهب الاثار والمتاحف واستحالت بغداد الى خراب وانفلات امني وقتل وتشويه . جاء بعد كل هذا الاقتتال والحرب الطائفية البشعة ، التي صبغت الحياة العراقية بلون الدم وتشرب هذا الدم الى كل مسامات والنسيج الاجتماعي .

إلا إن الروائي وبرغم سوداوية المناخ العام للرواية لم تفرغ جعبته من التفاؤل في المستقبل ، ولا سيما وانه قد صور بطل الرواية ( جواد ) بالرغم من كونه شيعيا ، الا انه غير مذهبي بل غير ديني قطعا ، يتمتع بثقافة عالية ونزوع باتجاه الفن والابداع ، هي صورة الانسان المتجرد الطامح للحياة غير ان الواقع المزري يعرقل كل تطلعاته , فلو اخذنا تعلق جواد بعمه الشيوعي (صبري ) على سبيل المثل ، وهو المثال الابرز للعراقي العصري في الرواية هو من علمه الشغف بالرياضة وحب نادي الزوراء والركون للعلم مقابل الخرافة وحب الادب والفن والغناء ، وعرف منه فيما عرف ماهيّ الشيوعية التي كان يجهلها كمراهق ، نجد هذه العلاقة وهذا التعلق غير خالي من الدلالات فالشبه بين الشخصيتين ( جواد وعمه صبري ) واضح كون الشخصيتان تتمتعان بنفس التصور للواقع ، شخصية موضوعية متطلعة للحياة التي يسودها النعيم الانساني بدلا من الحروب والمطاردات البوليسية والقتل والحصار الاقتصادي ووحشية المجازر الطائفية.

بعد عودة عمه صبري من المنفى كحال الكثيرين من الشيوعيين العراقيين ذهبا في جولة استذكارية للمناطق المحببة للعم صبري في بغداد وكانت اولى المحطات شارع المتنبي، وهذا المكان غني عن التعريف فيما يحمله من معنى للمثقفين العراقيين من مقاهيه ومكتباته ، الثقافة والوعي والابداع الخلاق في العراق اقترن بشكل كبير بالشيوعية وبالشيوعيين , والفرد الشيوعي الحقيقي يتسامى على كل الهويات والجزئيات المتعلقة بالماضي المتخلف وعسر التفكير المتحجر في الطائفية والشوفينية ، ولابد من ان يكون متفائلا ترنو انظاره صوب عالم غير هذا العالم الذي يعيشه ( جواد ) المبتلى بواقع لا تستسيغه نفسه وبنفس الوقت يعيش ولا يعدم التفاؤل .

ولهذا جعل الروائي من شخصية صبري وعلاقتها بجواد شبيهة بدور الشيوعية وتأثيرها يوما ما في الفرد والمجتمع العراقي ، جميلة ومتحضرة لكنها محدودة ، لا تلبي الطموحات المنشودة الواجب تحقيقها ، متقاعدة من اسمها غادرها الكثيرون وهذا ما يؤكده العم صبري عن تركه الحزب منذ ثماني سنوات ، وهذه أي شيوعية ، هي شيوعية الحزب الشيوعي العراقي ورئيسه حميد مجيد موسى المنظم في مجلس الحكم ( على اساس هو شيعي ) و( ليس على اساس انه يمثل تيار ايديولوجي او حزب له تاريخ نضالي ) ( حرامات هاي تصير تاليتهه ) يقول صبري وهو مملوء غضبا .

ينقلنا الروائي ولم يكن اعتباطا ما يذكر عبر ما يقوله جواد اثناء تجولهما في شارع المتنبي .."في طريقنا الى مقهى الشاهبندر شاهدنا شابا يقف امام مطبوعات وكتيبات صغيرة وضعها على صندوق على الارض . اقتربنا منه وكانت المطبوعات تحمل شعار واسم الحزب الشيوعي العمالي الذي لم اكن قد سمعت به من قبل ..سلم عليه عمي وبدأ يسأله عن الحزب وعن علاقتهم بالحزب الشيوعي . كان للشاب موقف نقدي من الحزب الشيوعي لأسباب عديدة لخصها بآخر ما اقترفه الحزب بالانضمام الى مجلس الحكم ..باعتباره خطأ فادحا واعترافا بالاحتلال وبمشروعه .."
"..بدا ان عمي لم يكن بتفاؤل هذا الشاب المتحمس ، فسأله عن رأيه في صعود الخطاب الطائفي وتجذر الفكر الديني في سني الحصار ، فقال الشاب إن تاريخ العلمانية في العراق عريق مقارنة بدول المنطقة وإن الاحزاب الدينية لا تقدم حلولا بل غيبيات .."
وبعد صفحة يسأل عمه عن رأيه بما قاله الشاب و يرد العم " انه متفائل اكثر من اللازم بخصوص العلمانية ولكن ربما كان هذا ضروري. ثم اضاف انه تذكر واحدة من مقولاته المفضلة لغرامشي عن تشاؤم الفكر وتفاؤل الارادة .."
يحل الروائي الاشكالية المفترضة بين التفاؤل المبالغ فيه كما يرى آخرون لخطاب الحزب الشيوعي العمالي ، وحاجة الواقع العراقي المثقل بالنكبات والتشاؤم الى ارادة متفائلة..



#احمد_عبد_الستار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية العالم.. أم استنفاد الرأسمالية وسائل بقائها ؟!
- مع كأس أمم أوربا .. وأزمة اليورو !!
- المالكي يختزل الطبقة العاملة إلى شريحة ، ولا يقبل باللافتات ...
- من الإدارة بالأزمة إلى الإدارة بالفوضى ، تطور الإستراتيجية ا ...
- فتوى البابا بندكتس السادس عشر بأن - الماركسية أصبحت غير واقع ...
- أسلمة الثورات العربية .. ثورة مضادة !!
- مصادرة الحقوق الفردية للمواطنين بين الحظر التعسفي والعبوات ا ...
- مَنْ ينتخب عمال العراق
- مرور عام على تنصيب أوباما والانتخابات النيابية في العراق!!
- هل تعبأ الرأسمالية حقاً بنقاذ الارض !!
- الانتخابات- الصورية آلية من آليات الاحتلال والرجعية
- تظاهرات اليونان وقبلها عمال أمريكا رأس الجبل الجليدي الغاطس
- طبقية العنف ضد المرأة
- حول الأزمة الاقتصادية العالمية ودور الطبقة العاملة
- عن الأول من أيار
- من تاريخ وتحديات الطبقة العاملة العراقية
- دفاعا عن فرع الناصرية لاتحاد الممجالس والنقابات العمالية في ...
- أوضاع العمال في العراق الآن من حيث حقوقهم الإنسانية والاقتصا ...
- أسباب أجتماعية لتفاوت الاجور بين العاملات والعمال
- من يقرر الانتخابات...؟


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبد الستار - وحدها شجرة الرمان ووحده الحزب الشيوعي العمالي