أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عزمي موسى - فلسطين قضية أرض وأنسان / لمحة تاريخية















المزيد.....



فلسطين قضية أرض وأنسان / لمحة تاريخية


عزمي موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 11:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


فلسطين
قضية ألارض وألانسان
تمتاز فلسطين بالعديد من الخصائص عن باقي الدول الاخرى , بأن لها أهمية تاريخية دينية وأخرى جغرافية . مما جعلها دائما وعبر التاريخ هدف يسعى أليه ألانسان ويطمع بالسيطرة عليه . فكل قراها ومدنها شواهد على تاريخها العريق . لذا فهي حاضنة التاريخ الانساني وخاصة الديني . فلا تكاد توجد قرية أو مدينة فيها ألا ولها رواية تاريخية .
أهمية فلسطين التاريخية والدينية
منذ قديم الزمن عرفت فلسطين بأرض الخير نسبة الى خصوبة تربتها وتنوع المزروعات التي تنبت فيها . وكذلك عرفت في التوراة والانجيل يألارض المقسة , وفي القرأن الكريم بألارض المباركة , لأن الله سبحانه وتعالى بارك فيها , فهي مهد الديانات السماوية جميعها , ومنها أسرى النبي محمد عليه الصلاة والسلام الى السماء , وعلى أرضها عاش أغلب الانبياء عليهم السلام . بدء من سيدنا ابراهيم واسحاق ويعقوب وسليمان وداود الى زكريا وعيسى أبن مريم عليهم السلام جميعا . كان أول من سكنها في التاريخ الكنعانيون ( أجداد العرب ألأوائل ) حتى كانت تسمى بأرض كنعان . وهم قوم هاجر من اليمن بعد أنهيار سد مأرب .
أهمية فلسطين الجغرافية
تبلغ مساحة فلسطين ألاجمالية 27,009 ألف كيلو متر مربع . فهي تقع جنوب غرب قارة أسيا وعلى جنوبي الساحل الشرقي للبحر ألابيض المتوسط . وهي بذلك تقع في قلب العالم القديم ( أسيا وأفريقيا وأوروبا ) . مما جعلها جسراً برياً يربط أسيا بأفريقيا من خلال صحراء سيناء , والبحر ألابيض المتوسط بالبحر الاحمر ألذي يحدها من الجنوب .
حدود فلسطين الجغرافية
يحد فلسطين من الشرق ألاردن . ومن الغرب البحر ألابيض المتوسط . ومن الشمال سوريا ولبنان . ومن الجنوب جمهورية مصر العربية وخليج العقبة .
من أهم مدن فلسطين
القدس ... حيث يوجد فيها المسجد الاقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة وفيها أقام ألانبياء عليهم السلام .
الخليل ... فيها أقام سيدنا أبراهيم وأسحاق ويعقوب عليهم السلام كما يوجد فيها الحرم ألابراهيمي .
عكا ... تقع على ساحل البحر ألابيض المتوسط وعلى أسوارها هزمت جيوش نابليون عام 1799م كما يوجد فيها جامع الجزار
حيفا ... مدينة البرتقال تقع على ساحل البحر المتوسط , تتميز المدينة بكونها أحد أهم مركز أ لاشعاع الفكري والثقافي في فلسطين .
يافا ... مدينة الجمال البحري والشواطىء ذات الرمال الذهبية . من أهم المدن السياحية على البحر المتوسط . وهي تعتبر أحدى البوابات الغربية الفلسطينية على أوروبا وأفريقيا ويعتبر ميناؤها من أقدم ألموانىء في العالم .
بيت لحم ... مدينة المسيح عليه السلام لأنه ولد فيها يحج اليها سنويا ألالاف الحجاج المسيحيين للصلاة في كنيسة المهد .
غزة ... مدينة المقاومة والشهداء فيها قبر هاشم جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . وهي مسقط رأس ألامام الشافعي الذي ولد عام 767 م وهو أحد ألأمة ألاربعة عند أهل السنة .
الناصره ... المدينة التي عاش فيها السيد المسيح وأعطته أسمها حيث كان وما زال ينادى بالمسيح الناصري . كما دعي أتباعه عليه السلام بالنصارى .
رام الله ... مدينة الصيف الفلسطينية ذات المناخ الصيفي الرائع حيث عرفت بمصيف فلسطين .
أريحا ... مدينة القمر هكذا كانت تعرف . أقدم مدينة مأهولة بالسكان في التاريخ ألانساني . حيث أن تاريخها يعود الى عشرة ألالاف سنة .
بئر السبع ...عاصمة النقب الفلسطين , وهي من أكبر وأقدم مدن فلسطين وهي المدينة التي مر فيها سيدنا ابراهيم عليه السلام أثناء توجهه الى الخليل .
أضافة ألى العديد من المدن والقرى والبلدات التي لها تاريخ عريق يدل بطريقة أو أخرى على العمق الحضاري الفلسطيني وعلى أهميتها التاريخية والدينية التي جعلتها مطمع لكل الغزاة منذ القدم وألى ألآن . فمن يسيطر على فلسطين يستطيع السيطرة على كل الطرق التجارية العالمية . لذلك عملت القوى ألاستعمارية الغربية وبكل الوسائل الممكنة على أستعمارها بهدف السيطرة على المنطقة العربية وعلى الممرات التجارية البحرية والبرية العالمية . وقد تم ذلك من خلال التعاون مع الحركة الصهيونية العالمية .
مؤتمر بازال ( المؤتمر الصهيوني ألاول )
لقد شكل المؤتمر الصهيوني ألاول الذي أنعقد في مدينة (بازال ) السويسرية عام 1897م بزعامة تيودور هرتزل بداية ظهور القضية الفلسطينية . حيث كان الهدف منه أقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين . وتحت شعار شعب بلا أرض يسعى الى ألاقامة على أرض بلا شعب , عملت المنظمات الصهيونية واليهودية في المجتمعات الغربية بهدف خلق رأي عام غريبي مؤيد لهم من جانب ومحاولة توليد قناعات عند الحكومات الاوروبية بان هذه الدولة ( أسرائيل ) ستكون حامية للمصالح الغربية في المنطقة العربية . وبذلك أستطاعت ان تحصل على وعد من بريطانيا بأقامة دولة لهم على أرض فلسطين , وسمي هذا الوعد بوعد بلفور . في حين كانت الشعوب العربية ومن بينها الشعب الفلسطيني , غارقة في ظلام الجهل والتخلف ولا تدري ماذا يحاك ضدها من مؤامرات ومخططات أستعمارية .
وعد بلفور .
كان وعد بلفور الخطوة الثانية ألاكثر خطراً على الشعب الفلسطيني بعد مؤتمر بازال . حيث أن وزير خارجية بريطانيا ( أرثر جيمس بلفور ) بتاريخ 2 نوفمبر من عام 1917 م أرسل رسالة الى اليهودي البريطاني اللورد ليونيل وولتر دي روتشلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين . وقد أرسلت الرسالة قبل أن يحتل الجيش البريطانى فلسطين. "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" . ومنذ تلك اللحظه نشطت الحركة الصهيونيه ومنظمة المؤتمر اليهودي في العمل بين التجمعات اليهودية المنتشرة في دول أوروبا مستخدمة شعار ( ألارض الموعوده وشعب الله المختار ) بهدف تشجيع اليهود على الهجرة الى فلسطين . ألا أن نتائج هذه الجهود الصهيونية في البداية لم تكن حسب توقعاتهم . فقد كان عدد المهاجرين اليهود أقل بكثير مما هو متوقع . ولم يزداد تدفق المهاجرين الى فلسطين ألا بعد الحرب العالمية ألاولى وسيطرة بريطانيا على فلسطين .

ألانتداب البريطاني على فلسطين
كان من نتائج الحرب العالمية ألاولى عام 1918 م أن أنتصرت بريطانيا وفرنسا على الدولة العثمانية , مما جعل هذه الدول المنتصرة أن تتقاسم النفوذ على بلاد الشام ( سوريا الكبرى ) حيث اصبحت سوريا ولبنان تحت الحكم الفرنسي وفلسطين وألاردن تحت الحكم البريطاني . مما مكنها أن تبداء بالتطبيق العملي على أرض الواقع لوعد بلفور . فقد سمحت للحركة الصهيونية بالعمل بحرية على أرض فلسطين كما سهلت الهجرة اليهودية فبدأت أعداد اليهود المهاجرين تزداد بكثافة , وسمخت لهم بالتسلح وبناء المستعمرات القروية . وفي ذات الوقت كانت تقمع الشعب الفلسطين ومنعت عنه السلاح وضيقت عليه الخناق ألاقتصادي .
ورغم كل هذه ألاجراءات التعسفيه البريطانية خرج الشعب الفلسطيني الى الشارع مناضلاُ بمختلف الوسائل بما في ذلك السلاح . لكي يدافع عن أرضه ويمنع تدفق المهاجرين الى بلاده . ففي 27 كانون الثاني من عام 1919 م أنعقد المجلس الوطني الفلسطيني ألاول في القدس وأرسل مذكرة الى مؤتمر السلام بباريس يرفض فيها وعد بلفور ويطالب بألاستقلال .
وعلى ضوء هذا أخذت موجات النضال الفلسطيني ضد الاحتلال البريطاني والمهاجرين اليهود تتسع وتنتشر أكثر فأكثر وما زالت مستمرة الى يومنا هذا .
وفي عام 1920 م أندلعت أشتباكات واسعة بين الفلسطينين من جانب وقطعان المهاجرين اليهود والمستعمرين البريطانيين من جانب أخر . أدت الى قيام القوات البريطانية بشن حملة أعتقالات واسعة في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية .كان ذلك على أثر ازدياد أعداد المهاجرين وأنتزاع مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين ومنحها لليهود أضافة الى سياسة القمع المتواصلة للحركة الوطنيه الفلسطينية . وبالتالي منعت بريطانيا أنعقاد المجلس الوطني افلسطيني الثاني . ألا أنها وبعد أزدياد الضغط عليها وافقت على أنعقاده في مدينة حيفا , وفيه تم أنتخاب اللجنة التنفيذية التي أستمرت بقيادة الحركة السياسية الفلسطينية من عام 1920 م الى عام 1935 م .
في عام 1921 م ساعدت بريطانيا بطريق غير مباشرة المهاجرين اليهود على تأسيس منظمة عسكرية عرقت بأسم الهاغانا والتي تشكل منها الجيش الاسرائيلي لاحقاً وغضت الطرف عن نشاطاتها الارهابية . وذلك بهدف مواجهة الحركة الوطنية الفلسطينية . وفي ذات الوقت كانت تطبق قوانين صارمة ضد أمتلاك الفلسطينين أي نوع من أنواع ألاسلحة , حتى شملت السكاكين الشخصية . ألا أن هذه ألاجراءات لم تمنع ألفلسطينين من ألاستمرار في النضال , بل أزداد قوة وأتسع أنتشاره حتى وصل الى القرى والبلدات البعيده عن المدن الكبرى . فلم يمر يوم دون أن يكون فيه أشتباك مع اليهود أو ألانجليز .
ثورة البراق
في 9/8/1929 م أندلعت أول ثورة فلسطينية كبرى ضد الانتداب البريطاني واليهود عرفت بثورة البراق . فقد كانت ثوره شامله عمت كل المدن الفلسطينيه من صفد الى حيفا وعكا والخليل وبئر السبع الى نابلس واللد والرملة وفي كل مكان . سقط خلالها العديد من الشهداء والجرحى وأوقعت في صفوف العدو الكثير من القتلى والمصابين . أعقبها حملت أعتقالات واسعة وصدور أحكام مجحفة وصلت الى حد ألاعدامات . حيث كان من بين هؤلاء الذين تم أعدامهم الشهداء الثلاث ألابطال ( محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير ) رحمهم الله جميعاُ . لقد أدى تراكم النضال الفلسطيني المتواصل عبر السنين التي أعقبت ثورة البراق . الى أشتعال الثورة الفلسطينية الكبرى , والتي عرفت بثورة القسام . نسبة الى الشيخ المجاهد عزالدين القسام .
الثورة الفلسطينية الكبرى
فهي الثورة التي شهدتها فلسطين ما بين 1936 – 1939 . حيث شملت جميع ألاراضي الفلسطينية بدون أستثناء كما كانت ألأطول عمراً بالقياس الى الثورات والانتفاضات السابقة . كما شارك فيها الى جانب الشعب الفلسطين , المجاهد اللبناني فوزي القاوقجي الذي دخل الى فلسطين ومعه 150 مجاهد عربي . وتخللها معارك عنيفة مع الجيش البريطاني والعصابات الصهيونيه . وقد أمتازات بالأضراب العام الكبير الذي أستمر ستة أشهر ( أطول أضراب عام في التاريخ ألأنساني ) سقط فيها أكثر من ثلاثة ألالاف شهيد فلسطيني ( من بينهم الشهيد عزالدين القسام وحسن سلامه) وما يقارب من أربعة عشر ألف جريح وأكثر من أثنى عشر ألف معتقل فلسطيني .
هذه الثورة دفعت الحكومه البريطانية الى تشكيل لجنة خاصة لدراسة الواقع في فلسطين وأرسال توصياتها الى لندن , لأتخاذ القرارات المناسبة . عرفت باللجنة الملكية التي ترأسها اللورد بيل . هذه اللجنة بعد أن وصلت الى فلسطين قدمت توصيتها الى الحكومة البريطانية , تلك التوصيات التي تدعو الى تقسيم فلسطين . دولة يهودية تضم 33 ٪-;- من البلاد بما في ذلك حيفا والجليل والسهل الساحلي شمال أسدود , ودولة عربية في باقي البلاد لتصبح جزء من شرق ألاردن , أما القدس تبقى تحت الانتداب البريطاني . كما أشترطت هذه اللجنة على ترحيل الفلسطينين من الجزء اليهودي الى الجزء العربي وبالقوة أذا أقتضى ألامر .
هذه التوصيات فاقمت ألاوضاع أكثر وأزداد الغضب الفلسطيني ضد بريطانيا واليهود . مما جعل بريطانيا توسع من دائرة الاحكام العسكريه وتطلب تعزيزات عسكريه من لندن التي أرسلت العديد من جندها من بريطانيا ومن الهند . مما جعلها تستعيد سيطرتها على مدينة القدس القديمة التي كانت تحت سيطرة المجاهدين العرب . وهكذا أستمر الصراع الفلسطيني البريطاني والصهيوني وبأشكاله المتعدده السياسية والعسكرية والاقتصادية . يشتد تارة ويخفت كلما تكثفت الجهود السياسية العربية والدولية تارة أخرى حتى عام 1947 م .
قرار تقسيم فلسطين
فبعد الحرب العالمية الثانية وأقامة ألامم ألمتحدة بدلاً من عصبة ألامم . طالبت الامم المتحدة بأعادة ألنظر في كل صكوك الانتداب التي أصدرتها عصبة الامم للأمبراطوريات ألاوروبية بما في ذلك حالة ألانتداب البريطاني على فلسطين . ولأن حالة فلسطين كانت ألاكثر تعقيداً وأهمية عند الدول الاستعمارية الكبرى . أرتأت الامم المتحدة بضرورة تقسيم أرض فلسطين وبناء عليه أصدرت بتاريخ 29 نوفمبر من عام 1947 م قرارها رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين الى ثلاث كيانات .
1- كيان يهودي يضم السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل ابيب والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وأصبع الجليل والنقب وأم الرشراش ( أيلات ) .
2- كيان عربي ويضم الجليل الغربي ومدينة عكا والضفة الغربية والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح وجزء من الصحراء على طول الحدود مع مصر .
3- أما القدس وبيت لحم وألاراضي المجاورة لها فستكون تحت الوصاية الدولية . .
كان هذا القرار الذي رفضته الدول العربية في ذلك الوقت وقبلته الوكالة اليهودية . من أول محاولات الأمم المتحدة لحل النزاع العربي اليهودي على أرض فلسطين .
وعلى الفور بدأت ردود ألافعال العربية واليهودية على هذا القرار تتوالى . فقد أعلنت منظمة الهاغانا التعبئة العامة وطلبت من كل اليهود الذين تتراوح أعمارهم ما بين 17 و 25 سنة للتسجيل في الخدمة العسكرية . كما أنها بدأت بالهجوم على القرى والتجمعات البدوية الموجودة في السهل الساحلي شمال تل أبيب وأرتكبت مذبحة في قرية بلد الشيخ قضاء حيفا أسفرت عن قتل 60 مدني فلسطيني . في أول عملية تطهير عرقي تشهدها فلسطين . أضافة الى العديد من ألاعمال الاجرامية ألاخرى .
في المقابل بدأ الفلسطينيون ألاضراب العام لمدة ثلاث أيام أضافة الى العديد من الصدامات مع اليهود , وعودة الزعيم الفلسطيني ( عبد القادر الحسني ) سراً الى فلسطين بعد عشر سنوات في المنفى لتنظيم المقاومة ضد قرار التقسيم . والجامعة العربية التي رفضت قرار التقسيم بدأت بتنظيم جيش ألانقاذ المكون من العديد من المتطوعيين العرب الغير نظاميين تحت قيادة فوزي القاوقجي بهدف مساعدة الفلسطينيين على مقاومة قرار التقسيم .
من جهة أخرى أوصت بريطانيا ألامم المتحدة بأنها ستنهي أنتدابها على فلسطين في 15/5/1948 وتكوين دولتين . وبأنها ستقوم بتسليم ألمناطق وفق نسبة أغلبية السكان المتواجدين فيها , بمعنى أذا كانت أغلبية السكان في منطقة ما عربية فسوف تسلمها الى العرب وأذا كانت لليهود فستسلمها لليهود . مما دفع العصابات الصهيونية الى وضع خطة تنص على الغزو العسكري للمنطقة التي خصصتها الامم المتحدة للدولة العبرية وعلى غزو جزء كبير من الاراضي المخصصة للدولة الفلسطينية . وفي هذا السياق بدأت بأرتكاب المجازر والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني . وكان من أبرز هذه المجازر مذبحة دير ياسين . هذه المذبحة أحدثت منعطف خطير في حياة الشعب الفلسطيني , حيث زعزعت ثقة الفلسطينيين بأنفسهم وحطمت أمالهم بأمكانية الصمود . وأستخدمها الصهاينة كأكبر وسيلة دعائية لأفراغ فلسطين من سكانها , وعلى أثرها أفرغت مناطق عديدة من سكانها الفلسطينيين وفي الغالب بدون قتال ألى القرى والمدن القريبة منهم , بأنتظار أن يأتيهم الدعم العسكري العربي . خاصة بعد أن بدأت قوى المقاومة الفلسطينية تخسر الموقع تلو ألاخر وتنهار بشكل تدريجي , نتيجة لغياب الدعم المادي والمالي وقلة السلاح مع عدم وجود خبره قتاليه كافية لمواجهة العصابات الصهيونية .
في هذا ألاثناء قرر المجلس الصهيوني العام أنشاء دولة يهودية مستقلة في فلسطين في 16/5/1948 م أي بعد يوم واحد من أعلان بريطانيا أنهاء أنتدابها على فلسطين .
حرب عام 1948 م
بعد أن قررت بريطانيا أنهاء أنتدابها على فلسطين وأعلان المجلس الصهيوني عن قراره بأعلان الدولة اليهودية في ذات اليوم الذي ستسحب فيه بريطانيا جنودها . قررت الدول العربية أرسال جيوشها الى فلسطين بهدف طرد الميليشيات اليهوديه من مواقعها التي سيطرت عليها وأعادة الفلسطينيين الى مدنهم وقراهم التي غادروها الى المناطق المجاورة .
وصلت الجيوش العربية من مصر والاردن وسوريا والعراق ولبنان والسعوديه . ودارت أشتبكات واسعة مع العدو , كان من أعنفها تلك المعارك ما بين الجيش الاردني والقوات الصهيونية . ولأن هذه الجيوش العربية كانت في معظمها حديثة التشكيل لا تملك الخبرات القتالية العالية وتفتقر الى السلاح المتطور أضافة الى أن بعض الجيوش كان يقودها ضباط أنجليز أو فرنسيين , لم تستع الصمود طويلاُ أمام المليشيات الصهيونية التي كانت أكثر تسليحاً وتدريباً . وبالتالي تمكنت أسرائيل من فرض سيطرتها على مساحات شاسعة من ألارض الفلسطينية , وتشريد نحو مليون فلسطيني خارج أراضيهم الى مخيمات عديده في الاردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة .
من أهم نتائج حرب 1948 م مايلي
1-هزيمة الجيوش العربية أمام الميليشيات الصهيونية , وأستيلاء أسرائيل على مساحات واسعة وهامة من الاراضي الفلسطينية وصولاً الى خليج العقبة .
2- أضطرار بعض البلاد العربية على الموافقة والتوقيع على هدنة رودس عام 1949م
3-قيام كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا عام1950م بضمان حدود أسرائيل الجديده
4-تشريد أعداد غفيره من الشعب الفلسطيني خارج حدود فلسطين التاريخية والعيش في خيام المخيمات .
5-ألحاق الضفة الغربية بألاردن وأصبحت جزء من السيطرة ألاردنية . وقطاع غزة أصبح تحت ألادارة المصرية .
فلسطين ما بين عام1948 --- وعام 1967
أن هزيمة حرب عام1948 وتداعياتها الكبيرة ليس فقط على الشعب الفلسطيني بل وعلى كل الشعب العربي , شكلت صدمة عنيفة على الوجود العربي وعلى وعيه . لم يستطيع أستيعابها ولا تدارك مخاطرها بسرعة . ألا أنها في ذات الوقت خلقت عند الشعب العربي والفلسطيني ( في الشتات خاصة ) , العزيمة القوية للتخلص من أثارها . وذلك من خلال رفضه لواقع الهزيمة وللوجود ألاسرائيلي على أرضه . فبالنسبة للفلسطينيين الذين بقوا تحت الاحتلال الاسرائيلي ولم يغادروا أراضيهم , كان الحزب الشيوعي الاسرائيلي نافذتهم النظالية الوحيدة من أجل المحافظة على حقوقهم ووجودهم وحمايتهم من التهديدات العنصرية الصهيونية المتواصلة , قبل ان يشكلوا أحزابهم العربية الخاصة بهم مثال ( الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة الاسلامية ) . وبالنسبة لفلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات فقد شكلوا العديد من المجموعات المسلحة الصغيرة , حتى كاد لا يمضي شهر دون أن يسجل فيه عملية عسكرية ضد جنود الاحتلال ألاسرائيلي . كما أزدادت أعداد الفلسطينيين المنتسبين في صفوف الاحزاب الوطنية العربية , وخاصة في حزب البعث وحركة القوميين العرب والحزب الشيوعي الفلسطيني أضافة الى العديد من المنظمات والتجمعات السياسية الصغيرة . وأزداد نشاطهم السياسي والفدائي ضد قوى الاحتلال , بعد أنتصار الثورة المصرية بقيادة الرئيس ( جمال عبد الناصر ) الذي أعاد ألامل عند العرب والفلسطينيين خاصة بأمكانية الانتصار وتحرير الارض .
كل هذه العوامل مجتمعة ساعدت في أتساع دائرة النظال الفلسطيني وفي دفعه بقوة الى الامام . مما جعل الدول العربية تقرر أنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني . أستجابة لتوصية من الرئيس جمال عبد الناصر .
منظمة التحرير الفلسطينية
كان من أهم القرارات التي أتخذها مؤتمر القمة العربية الذي أنعقد في القاهرة عام 1964م هو التوصية بأنشاء منظمة التحرير الفلسطينية لكي تكون الكيان السياسي الذي يوحد النظال الفلسطيني بأشكاله المتعددة , والقادرة على تمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية . وبناء على ذلك فقد تم تكليف المرحوم ( أحمد الشقيري ) ممثل فلسطين في مؤتمر القمة العربية بالاتصال بالفلسطينيين , وبوضع مشروع الميثاق القومي والنظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية . كما قام ( أحمد الشقيري ) بأختيار اللجان التحضيرية من أجل تشكيل قوائم المرشحين لعضوية المؤتمر الفلسطيني عام وعقده .
وبتاريخ 2 حزيران من عام 1964 عقد المؤتمر الفلسطيني ألاول في مدينة القدس تحت رعاية المرحوم ( الملك حسين أبن طلال ) هذا المؤتمر عرف بأسم المجلس الوطني الفلسطيني ألأول . حضر االمؤتمر 242 ممثلاً فلسطينياً أختارتهم حكومات الاردن وسوريا ولبنان ومصر والكويت وقطر والعراق . وقد أنتخب أحمد الشقيري رئيساً له وكل من حكمت المصري من نابلس وحيدر عبد الشافي من غزة ونيقولا الداير من لبنان كنواب للرئيس . حيث تم خلاله ألاعلان عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية , كما صادق على الميثاق القومي والنظام ألاساسي للمنظمة . وقرر أعداد الشعب الفلسطيني عسكرياً وأنشاء الصندوق القومي الفلسطيني الذي كلف برأسته( عبد المجيد شومان ) .
من جانب أخر كانت بعض القيادات الفسطينية الشابة ترتب أوضاعها التنظيمية وتقرر فيما بينها بضرورة البدء بالعمل المسلح الثوري الفدائي على غرار التجربة الثورية الجزائرية والفيتنامية والكوبية . أسفر هذا النشاط عن أعلان الكفاح المسلح الثوري بتاريخ 1/1/1965 حينما صدر أول بيان عسكري عن قوات العاصفة التابعة لحركة فتح . ومنذ تلك اللحظة أنطلقة العديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة كان من أبرزها . حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية القيادة العامة . أضافة الى العديد من الفصائل المسلحة الصغيرة .
حرب حزيران عام 1967
لقد شكل العمل الفلسطيني المسلح والذي أخذ طابع العمليات العسكرية ( الفدائية ) المتعددة الاشكال والجبهات والسياسة الثورية التحررية للرئيس جمال عبد الناصر . واقع مقلق وخطير ليس لأسرائيل فقط وأنما لكل حلفاء أسرائيل في العالم وبالتالي بدأت تخطط أسرائيل لعملية عسكرية واسعة ضد الفلسطينيين والعرب وتحديداً مصر , وفي ذات الوقت كثرت التهديدات الاسرائيلية بالتزامن مع أزدياد التصريحات والتحركات السياسية والعسكرية المعادية للعرب .
وفي 5/6/1967 شن الطيران الحربي ألاسرائيلي هجوماَ جوياَ مباغتاَ وواسعاَ دمرت به معظم القدرات العسكرية العربية في مصر وسوريا والاردن وفرضت من خلاله سيطرتها الجوية على سماء هذه الدول الثلاث وحسمت به المعركة لصالحها . وبعد ذلك بدأت العمليات البرية والبحرية حققت أسرائيل في نهايتها نصراَ كبيراَ كان من نتائجة :
1-أن أحتلت أسرائيل باقي أراضي فلسطين التاريخية ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) أضافة الى الجولان السوري وشبه جزيرة سيناء المصرية . ألامر الذي زاد من صعوبة أسترجاعها حتى الآن
2-خلقت مشكلة لاجئين جديده أضافة الى مشكلة الاجئين أثر حرب 1948م . حيث أجبر قرابة 300الف و400الف عربي في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي المدن الواقعة على طول قناة السويس ( بورسعيد والاسماعيلية والسويس ) على الهجرة من ديارهم . كما أجبرت حوالي 100الف من أهالي الجولان على النزوح من ديارهم الى داخل سوريا .
3-ألحقت هزيمة نفسية بالجيوش العربية بعد أن فقدت ثقتها في قدراتها العسكرية وكفائتها . في المقابل أرتفعت معنويات الجيش الاسرائيلي لدرجة بدء يصف نفسه ( بالجيش الذي لا يقهر )
4-طال ألاحباط الشعوب العربية وبدأ ينمو عندها الاعتقاد بأستحالة أن تهزم الجيوش العربية الجيش الاسرائيلي من خلال حرب نظامية . وأزدادت ثقة الجماهير العربية بأمكانية الانتصار من خلال الحرب الشعبية .
5-نشط العمل الفدائي الفلسطيني وأزدادت أعداد المتطوعين الفلسطينيين والعرب في المنظمات الفدائية الفلسطينية . وأرتفع منسوب العمليات الفدائية وتنوعت أساليبها ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي . وبدء شعار الحرب الشعبية يأخذ حيزاَ كبيرا عند عامة الناس . مما جعل ألالتفاف حول المقاومة الشعبية كبيرا . وقد كانت الجبهة الاردنية ألاكثر أشتعالاَ , وذلك بسبب وجود الكثافة السكانية الفلسطينية العالية وطول الحدود الجغرافية مع أسرائيل .
معركة الكرامة عام 1968
نتيجة لأزدياد عدد العمليات الفدائية الفلسطينة التي تنطلق من منطقة الاغوار الاردنية واتساع جبهة المواجهة مع العدو الاسرائيلي . اصبحت أسرائيل , التي خرجت منتصرة قبل أشهر قليله على جميع الجيوش العربية . مقتنعة تماما بأنها قادرة على تدمير بنية المقاومة الشعبية الفلسطينية وتدمير ما تبقى من قدرات الجيش الاردني أضافة الى احتلال سلسلة مرتفعات جبال البلقاء وتحويلها الى حزام أمني كما فعلت في مرتفعات الجولان السوري .
فبتاريخ 21/3/1968 م عبر الجيش الاسرائيلي نهر الاردن من عدة محاور فأشتبكة معه قوات المقاومة الفلسطينة والجيش الاردني ودارات معارك عنيفة بينهما أستمرت أكثر من 16 ساعة , أسفرت عن تدمير معظم أليات جيش العدو وكبدته خسائر عاليه منعته من التقدم وأجبرته على التراجع الى خلف نهر الاردن تاركاَ ورائه ولأول مرة خسائره وقتلاه دون أن يتمكن من سحبهم , وبذلك حقق الجيش الاردني والفصائل الفلسطينية المسلحة أول أنتصار عسكري على العدو الاسرائيلي . كان من نتائجه .
1-أن أرتفعت معنويات الشعب الفلسطيني والجيش الاردني من جديد . مما مكن الدول العربية لاحقاَ في عام 1973م من تحقيق نصر أخر عليه في حرب أكتوبر , وتحرير قناة السويس .
2-أزدياد أعداد الشباب المتطوعين في العمل الفدائي
3-أزدادت القناعة عند العامة بأن حرب التحرير الشعبية وحدها القادرة على تحقيق الانتصار .
4-دخلت حركة فتح وباقي الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير وقامت بتعديل ميثاقها الى ( الميثاق الوطني الفلسطيني ) وتولت حركة فتح قيادتها ,
5-أصبحت الفصائل ألفلسطينية هي من يختار أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية , على خلاف ما كان دارج في السابق حيث كانت الحكومات العربية هي من يختار
6-أعتراف الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني . وذلك في مؤتمر القمة العربية الخامس في الجزائر عام 1973م . والذي تم أقراره بشكل رسمي في مؤتمر قمة الرباط عام 1974. مما أهل منظمة التحرير أن تأخذ مقعد مراقب في الامم المتحدة .
وفي الدورة الثانية عشر للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في القاهرة بتاريخ ايلول 1974. تم أقرار البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والذ يتمحور حول ( حق العودة وتقرير المصير وأقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على جميع الاراضي الفلسطينية التي أحتلت بعد عدوان حزيران 1967م ) . وبذلك توحد النضال الفلسطيني بمختلف أطيافه على هدف محدد . نظال من أجل الحقوق المدنية والمساواة للفلسطينيين داخل الخط الاخضر , دولة مستقلة للضفة وقطاع غزة وحق العودة وتقرير المصير للاجئين في الشتات . هذا البرنامج فتح الطريق أمام ألنظال الفلسطيني السياسي والدبلوماسي على الساحة الدولية . وحول القضية الفلسطينية من قضية لاجئين أنسانية الى قضية شعب محتل يريد الحرية والاستقلال . حيث أنه وبتاريخ 13/11/1974م ولأول مرة ,خاطب ياسر عرفات العالم من على منبر الامم المتحد بوصفه ممثل للشعب الفلسطيني . وقال عبارته الشهيرة في ختام الخطاب: "جئت حاملاً غصن الزيتون في يد، وفي الأخرى بندقية الثائر، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي.. الحرب بدأت من فلسطين، ومن فلسطين سيولد السلام". وكان عرفات أول زعيم لا يمثل دولة يُعطى الحق في إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة .
وأستمر النظال الفلسطيني السياسي على الساحات الأقليمية والدولية يسانده نظال عسكري مكثف من لبنان . راكمت خلاله الفصائل الفلسطينية خبرة واسعة في تنفيذ العمليات الحربية من جانب وفي تحشيد الرأي العام الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة من خلال برامج نظالية تعبوية قادرة ليس فقط على الصمود بل على المواجهة أيضاَ . مما شكل حالة أزعاج دائمة لأسرائيل وحلفائها الدوليين وخاصة الولايات المتحدة الامريكية .
ألاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 م
شكل التواجد الفدائي الفلسطيني في لبنان نقطة توتر وتهديد دائم للعدو الاسرائيلي ولكل المشاريع والمخططات الامريكية الهادفة ألى تمكين سيطرتها ألاقتصادية والسياسية على المنطقة . خاصة وأن الثورة الفلسطينية أصبحت رائدة حركة التحرر العربية ونقطة جذب قوية لكل الوطنيين العرب والاحرار في العالم . أمام هذه النهوض الثوري الفلسطيني والعربي . قررت أسرائيل وبضوء أخضر أمريكي وبصمت عربي رسمي تصفية التواجد الفلسطيني المسلح في لبنان . وذلك من خلال القيام بشن هجوم عسكري واسع وعنيف . أستخدمت فيه كل قدراتها الحربية التدميرية البرية والبحرية والجوية , وبمشاركة أكثر من 150 ألف جندي أسرائيلي . أستطاعت من خلاله أن تصل الى تخوم العاصمة البنانية بيروت وتحاصر القوات الفلسطينة هناك . حصار أستمر لأكثر من 80 يوماَ , لم تترك فيه أسرائيل أي نوع من السلاح ألا وأستخدمته . لكن قوات الثورة الفلسطينية صمدت ولم تستسلم , مما دفع الولايات المتحدة الامريكية وبالتعاون مع البلدان العربية التوصل الى أتفاق مع قيادة الثورة الفلسطينية , ينص على وقف أطلاق النار وخروج قوات الثورة من لبنان . وفعلاَ خرج المقاتلون الفلسطينيون عبر البحر من بيروت , وتوزعوا على تونس والسودان والجزائر وسوريا واليمن والاردن . وأنتقلت مقرات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت الى تونس . لكن وعلى الرغم من كل هذا التشتت , لم تستطيع أسرائيل وأمريكا أن تخمد النظال الفلسطيني . بل أستمر ولكن بطرق مختلفة , كان من أهمها أنطلاق الانتفاضة الشعبية الفلسطينيه في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1987م .
ألانتفاضة الشعبية الفلسطينية 1987م
لقد شكلت الانتفاضة الفلسطينية نقطة تحول كبيرة في مسيرة النظال الفلسطيني . فهي لم تكن انتفاضة محصورة في فئة الشباب بل كانت عامة شاركت فيها كل طبقات المجتمع الفلسطيني , ولها قيادة موحده مشكلة من معظم الفصائل الفلسطينية تقودها سياسياَ , وذراع أخر يقود المواجهات اليومية مع جنود الاحتلال سميت ( القوات الضاربة ) منتشرة في مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة . هذه الانتفاضة رفدت حركة النظال العالمي العديد من الدروس والعبر وحققت نتائج سياسية غير مسبوقة يمكن تلخيصها بالتالي .
1-هذه الانتفاضة أستطاعت ولأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو الاسرائيلي أن تحيد كل قدراته العسكرية وان تخرجها من المعركة . وذلك بأعتمادها فقط على الحجر الذي أستطاع أن يوقع في جنود الاحتلال العديد من الاصابات والبعض منها أصابات دائمة .
2-رغم كل محاولات الاستفزازات الاسرائيلية , بقيت ساحة النظال لهذه الانتفاضة ضمن الحدود الجغرافية للضفة وقطاع غزة . وهي مناطق معترف فيها دولياَ بمناطق محتلة .
3-أوجدت هذه الانتفاضة نظام أقتصادي فلسطيني خاص يميل الى الاستقلال عن الاقتصاد الاسرائيلي بشكل تدريجي يقوم على تعزيز وحدات الانتاج الصناعي الصغيرة . مما أنتج علاقات أجتماعية تقوم على التكافل والتعاضد لا مكان فيها للاستغلال .
4-أفرغت ألانتفاضة الفلسطينية السياسة الاسرائيلية من كل حججها التي لطالما أستخدمتها ضد الفلسطينين في المحافل الدولية ( بأنها تحارب الارهاب ) . فكان الرد الذي تسمعه من العالم بما في ذلك من قبل أقرب حلفائها . هذه مناطق محتلة ويجب أيجاد حل لها . كما أنها أحرجت الولايات المتحدة الامريكية كثيراّ مما دفعها ولأول مرة الى أجراء مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية عبر سفيرها في تونس .
5-خلال الانتفاضة الفلسطينية ظهرت قوى سياسية جديده على الساحة الفلسطينية ( حركة حماس و الجهاد الاسلامي ) .
6-أكدت هذه ألانتفاضة وبالواقع العملي للفلسطينيين بأن الوحدة الوطنية هي الضمان الوحيد للتحقيق الانجازات وخلافها طريق أنتكاسات .
وكان من نتائج هذه الانتفاضة أن اعترفت الولايات المتحدة الامريكية وكذلك أسرائيل بوجود الشعب الفلسطيني وبأن لهذا الشعب مطالب يجب الوصول الى مقاربات سياسية لتحقيقها عن طريق المفاوضات وبالتالي سقط والى ألابد ألادعاء الصهيوني ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ) . مما فتح الطريق أمام مسيرة المفاوضات السياسية السرية والعلنية بين أسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية حتى تم التوصل في 13/9/1993م الى ( أتفاق أوسلو ) والذي على أساسه تم تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة . الاتفاق الذي أختلف عليه الفلسطينين فمنهم من أعتبره أنجاز ومنهم من عارضه . وفي عام 1996 أجريت أول أنتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
أعتقدت أسرائيل والولايات المتحدة الامريكية , بأن قيام السلطة الفلسطينية والدخول في مفاوضات سياسية لا سقف زمني لها سيخفف التوتر السياسي في المنطقة العربية وسيحد من حركة النظال الفلسطيني . لذلك أتبعوا سياسة المماطلة والمراوغة في المفاوضات , في ذات الوقت كانت تكثف أسرائيل نشاطها ألاستيطاني على ألاراضي الفلسطينية . بمعنى خلق وقائع جغرافية جديده لصالحها . سرعان ما أدركه الفلسطينيون وتصدوا له في ثاني أكبر أنتفاضة شعبية ( أنتفاضة ألاقصى ) أنطلقت يوم 28/9/2000م . في هذه ألانتفاضة أستخدم الشعب الفلسطيني كل الوسائل النظالية الممكنة ضد الاحتلال الاسرائيلي . وفي أثنائها تم فرض حصار على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله حتى يوم أستشهاده عام 2004م . رغم هذا كله لم يستكين الشعب الفلسطيني أو يهداء . بل واصل نظاله الدبلوماسي والسياسي ,انتزع عام 2012م من هيئة الامم المتحدة قرار يعترف بدولة فلسطين عضو مراقب في الامم المتحدة .
خلاصة
نستطيع أن نستخلص من هذه المسيرة النظالية الطويلة للشعب الفلسطيني على أمتداد أكثر من مئة عام مايلي .
1-أن الشعب الفلسطيني لم ولن يفرط بأرضه . بل ناظل بمختلف الوسائل , وقدم التضحيات الكبيرة من أجل وطنه . فهو على عكس من حاول أن يروج دعائياَ بأن الفلسطينيين باعوا أراضيهم للعدو الاسرائيلي .
2-حرص الشعب الفلسطيني ومنذ بدايات العمل الوطني الكفاحي , على أنشاء مؤسساته النظاليه وبالطرق الديمقراطية .
3-لم تكن المصالح الفئوية الضيقه هي من يحرك النظال الفلسطيني . بل المصلحة الوطنية العليا
4-كانت الوحدة الوطنية الفلسطينية هي هاجس الشعب الفلسطيني , لذلك كان شديد الحرص عليها وعلى تطبيقها .
5-على طريق هذا النظال الطويل حقق الشعب الفلسطيني أنجازات كبيرة تتمثل بتحرير الهوية الوطنية الفلسطينة , وفرضها على الواقع الجغرافي والسياسي الدولي . بعدما كانت غائية وغير معترف فيها .
6-قدم النظال الفلسطيني خدمات كبرى للشعب الفلسطيني وفي مختلف المجالات ومن أبرزها أنه وفر التعليم المجاني لقطاع واسع من الشعب . من خلال تحالفاته العربية والدولية .
وهناك العديد من النتائج التي يمكن أستخلاصها . والدروس والتجارب التي يمكن الاشارة أليها .
[email protected]



#عزمي_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة داعش جذورها وعلاجها (1 ___1 )
- مفهوم اليسار الديمقراطي المعاصر
- ألأسلام السياسي - والربيع العربي
- الجذور التوراتية للفكر الاصولي والارهابي العالمي
- رسائل الى حنظله ... في زمن الخريف العربي
- .الهويات المتناحرة .... أزمة الوجود العربي
- دفع بنفس العمله
- الصراعات الدولية واتجاه حركة التغير
- ألهث بين الخبز والحياة


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عزمي موسى - فلسطين قضية أرض وأنسان / لمحة تاريخية