ناصر ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 00:18
المحور:
الادب والفن
ألم في الذائقة
بقلم: ناصر ثابت
سخيفٌ هذا الشعر الموزون في شطرات وأبيات، سخيفٌ هذا الشعر المقفى.
يسبب لي ألماً في الذائقة. لم أعد أستسيغُ كتابة الأبيات الموزونة، والملتزمة بالقواعد الصارمة للعروض. مع أنني التزمتُ بها فترة طويلة من الزمن وكتبتُها ونشرتُ الكثير من القصائد الملتزمة بها. لكنني الآن لا أستسيغها.
الحرية أجمل. حرية الكتابة والانطلاق. حرية الاستمرار في الانسياب، مع استخدام بسيط للقافية الخفيفة المقصودة لموسيقاها وليس لرتابتها.
لم أعد أرتاح نفسياً لهذه الوقفات الإجبارية بين الصدر والعجز، ولا بين البيت والآخر من الشعر. لم أعد أهتم بهذه التنميقات والتزيينات والألاعيب اللفظية الاستعراضية المنافقة.
هذا الكلام أقولُه ليس بسبب عدم القدرة، فبعد أربعِ مجموعات شعرية والخامسة على وشك الصدور في أية لحظة، لا يمكن ألا اكون قادراً على الكتابة بهذا الاسلوب القديم. حتى أنني لم أعد أستسيغ القراءة لهكذا شعر عمودي، يربط الشاعر من رقبته، ويسمح له بالنباح الرتيب، ويجعله تحت السيطرة، والقيد.
هنالك نفور ما يجتاحني، نابع من ذاتي. نابع من رغبتي في أن تكون الكتابة متواصلة، ومندفعة، واقتحامية، لا يمكن أن تساعدها قواعد الشعر العمودي الصارمة على ذلك.
كيف ادعو للحرية المطلقة وأنا أكتب تحت القيد.
حتى القافية بالنسبة لي أصبحت شيئاً ساذجاً، ومليئاً بالرتابة البغيضة. وقد صرتُ أختارُها ساكنة حتى لو كان عندي المجال والسعة لكتابتها متحركة.
الحرية أجمل من كل هذا. فما الشعر إن لم يكن مليئاً بالثورة والانطلاق، وهذه الأساليب المقيدة أصبحت عبئاً على الفكرة. وصارت تسببُ لي ألماً في الذائقة. ألماً في حريتي.
#ناصر_ثابت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟