أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده الغالبي - لوحة من سحر الأمس! ؟














المزيد.....

لوحة من سحر الأمس! ؟


عبد الرزاق عوده الغالبي

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 00:18
المحور: الادب والفن
    


لوحة من سحر الامـس...!؟
عبد الرزاق عوده الغالبي
تتهامس الاسارير وتستبشر الاعضاء حين تعود ذاكرتي فرحة تقلب صفحات من سنوات العمر الهاربة اتجاه الاعماق ، تتسع مساحات الابتسام و السعادة وتخطو ذاكرتي نحو ايام العز والخير فيتجمد الاحساس فوق وسادة الزمن النائم في احضان الماضي وهو ينظر اعجابا ويفرد اصابعه معي ليعد دقائق ايام نابضة بالحب والخير والعرى الثقيلة التي مسحت من عصر الانهيار المصبوغ بلون مساكنيه وطباعهم المتقلبة، فيحمر تارة نحو الدم ويصفر اخرى نحو زعاف السم ، اقتضب سفري في النزول حين لمحت مخيلتي صفحة عند قاع الذكريات معلمة بخصوصية مفرطة اثارت الحفيظة في جميع مكونات عقلي المنغلق عليها بحرص شديد في زاوية خاصة من زوايا هذا السجل العملاق ، تغطي فترة خضراء من عمر تخطى ركام الستين ، توقف الزمن عندها باحترام وصمت في محراب استهلال العمر، صفحة بيضاء نقية من شروطه وهذاره المقيت ، استثار ذاكرتي حماس مخضر بالنشاط و حيوية التحليق بدقائقها من جديد بعيون مفتوحة انبهارا وبحثا في صفحاتها المشرقة عن ومضة من سعادة هنا وهناك و نكزتني واحدة بوقاحة...!
ترتدي دوما مدينتي سماء زرقاء تعاند صفحة الفرات الصافية الطافحة بالخير، لوحة متخمة بالوان زاهية تحاكي الطبيعة جمالا ، تتراقص صفوف النخيل عليها وكأنها مغروسة فوق وجه الماء المزجج ، انعكاس حي لجمال نشط مشرئب الاعناق بريشة رسام بارع لا زال يضع اللمسات الاخيرة من الوان الطبيعة الضاحكة والمثقلة بالبهجة حين يخلطها ببراعة والفرح والسعادة و الانبهار معا ليسرق العقول بلون اسطوري جذاب يؤطر تلك اللوحة السرمدية ، يهرع ابناء المحلة ليحتل كل مكانه منها اي مساء وبتحرك كورنيش الفرات الرطب كرطوبة الرطب البرحي وحلاوة الكنطار الجنوبي مع امل مؤكد بصيد وفير من سمك طازج ، بني وكطان وشبوط تتطلع اليه مواقيد النار المنتظرة صبرا وتوقا في بيوت الاهل السعيدة ، عشاءا يطرد الشر والهم والكرب وتعب الكفاح اليومي ويبهج الاسارير تحت نسمات الغروب المتجه نحو الليل المضيء ببشارات اللذة الذائبة في الافواه المحملة بالانغام و الشعر وعسل الكلام ومذاق الطعام اللذيذ فوق مائدة الله...!!
ارادها الله قلوبا عامرة بالحب فهو يشاركها البهجة بكرمه اللامحدود حين يقذف الرزق نحوها بشكل عفوي غير محسوب من صنارة او شبك صيد او ثمر نخلة او حقل بعيدا عن السواد في الكسب ، قوت يوم يكفي ويزيد حين كانت القناعة فينا كنزا لا يفنى ولا ينضب ، وتقبل الكفوف وجها وقفا ، اخطو نحو السابعة في طرق الخمسينات ، وانا ارافق اخي الكبير احمل صنارة الصيد وسلة من خوص نخلة منزلنا الباسقة وهي لا تزال شامخة ، فسائلها ورثت بستانا عامرا بالبواسق يظلل محلتنا حد الساعة ، اضع فيها صيد رزقنا المنتظر والمؤكد بطيبة النفس وصفاء السريرة ، نأخذ مكانا منزويا فوق لوحة الفرات العامرة بالحركة المعطرة بعبق الرزق الزكي ومتعة الصيد الحلال بين نسمات المساء الفراتية الهادئة حين تتعشق مع الصدور النظيفة والمترعة بالحب تحت ضوء القمر، يقال والعهدة على الراوي ، ان السمك يعشق ضوء القمر فيتكاتف في بقع الضوء الفضية ويسهل صيده في الايام المقمرة وخصوصا وقت العشاء وفي الساعات الاولى من الليل,,,!؟ وتهز السمكة الاولى صنارتنا وتهتز معها قلوبنا فرحا وغبطة ، طفلة سمك ، صغيرة الحجم لا تتحمل نار الشواء ولا تسد رمق ، افلتها من الصنارة واقذفها في النهر تحت ضحكات محملة بالسعادة والرجاء بصيد جديد ، وتأتي الاخرى بعد دقائق وكأننا ننتقي صيدنا من حوض جاهز مليء بالسمك ، هذه المرة كبيرة تغطي العشاء لعائلتنا وحصة الجيران وتفيض عنها ويحضر الرضى الموقف ونتجه نحو المنزل بقناعة الغنى ونحن نعوم بموجات من الفرح والغبطة...!؟
وتبدأ رحلة امي وتنورها ، الشخصية الطينية الشامخة بكبرياء في زاوية خاصة من ساحة البيت الوسطى ، منصب مرموق ومكانة راقية تحسده عليها جميع قطع الاثاث في البيت وتنظر اليه بعين الغضب والغيرة ، وتبدأ رائحة الخبز والشواء وعبق الرزق وصوت غناء التنور مع صفق الارغفة بين يديها الخيرتين وكأنها تصفق فرحا لهدف مدريدي ....!؟ ويتناغم مرأى دخان الشاي ورائحه خدره الجسرة في ساحة البيت المفتوحة مباشرة نحو السماء الصافية ، يبدا العشاء في هذا المشهد البهي تحت ضوء الفانوس والقمر والنجوم التي نعدها انا واخوتي بعد العشاء مباشرة ، ايهما يعد اكثر نجوما هو الفائز ، وتستمر تلك اللعبة حتى يغفو اخر طفل فينا ، تحمله امي نحو فراشه في جو عذري هادئ رطب خال من دخان العجلات واصوات المراوح واجهزة التبريد ، حياة هانئة مختزلة مبسطة بحب الله والناس ، تملأها العفوية والصدق والبراءة والعلائق الراقية.....وشتان ما بين الامس واليوم....!؟



#عبد_الرزاق_عوده_الغالبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الم العقوق......!؟
- الثراء البنفسجي......!؟
- النوم في العسل. ......!؟
- صنع في العراق. ....!؟
- غزل في الممنوع
- مدبنتي مرض عضال لا اريد ان اشفي منه ابدا....!؟
- فرار الرفدين....!؟
- زفاف يومي. ...ز!؟
- وفاة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. .....!؟
- اصبعي خائن.....ماذا أفعل. ...؟
- عتبي اخوي ثقيل....!؟
- حكمة الخالق تسبق انتقام المخلوق....!؟
- وصية وطن جريح.....!؟
- زمن الفرقة....!؟
- صقر فالح بريء من ما يحدث .......!؟
- وداع مهد طفولتي.....!؟
- موعد مع الانعتاق....!؟
- سبايكر....هم في الوجدان ومسمار في القلب ...!؟
- حلم مقاتل....!؟
- ان كنت لا تستحي....افعل ما تشتهي...!؟


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده الغالبي - لوحة من سحر الأمس! ؟