أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - ماذا نعرف عن محمد حقاً؟















المزيد.....


ماذا نعرف عن محمد حقاً؟


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 4692 - 2015 / 1 / 15 - 13:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من الصعب جداً معرفة أي شيء مؤكّد عن أي مؤسّس من مؤسّسي الأديان الرئيسية في العالم. فكما يطمس قُدسٌ بعد الآخر محيط المناطق التي كان ينشط فيها، كذلك نرى مذهباً بعد آخر وهو يعيد تشكيله وصياغته وقولبته كشخصية وقورة ومبجّلة وقدوة يحتذى بها لأعداد كبيرة من البشر في أوقات وأماكن لم يسمعوا به من قبل.
في حالة النبي محمد، لم تظهر المصادر الإسلامية التي تتحدّث عن حياته إلا في الفترة 750-800م، أي بعد مرور أربع أو خمس أجيال على موته، ويفترض بعض الإسلاميين (المتخصصين في مجال دراسة الإسلام وتاريخه) أنّ تلك المصادر هي روايات تاريخية مباشرة. لذلك كله، على الأرجح أنّنا نعرف عن محمد أكثر بكثير ممّا نعرفه عن يسوع (ناهيك عن موسى وبوذا)، وبالتأكيد نحن نمتلك الإمكانية لمعرفة المزيد أيضاً.
لاشك أنّ محمداً كان موجوداً، وظهرت محاولات من حينٍ لآخر لإنكار وجوده. لكنّها ضعيفة إلى حدٍ ما. فجيرانه "في سوريا البيزنطية" قد سمعوا به بعد سنتين من وفاته، وهناك نص يوناني مكتوب خلال فترة الغزو العربي لسوريا بين عامي 632 و634 للميلاد جاء فيه أنّ ((نبياً كاذباً ظهر بين السرسنيين))، ورُفِض على أنّه مزيّف على أساس أنّ الأنبياء ((لا يأتون بالسيف والعربة)). وهذا ما يعطينا انطباعاً بأنّه كان يقود عملية الغزو.
يتمّ إرجاع تاريخ وفاة محمد بشكل طبيعي إلى عام 632م، لكنّ احتمال أن يكون تاريخ وفاته الأصلي بعد ذلك بعامين أو ثلاثة واردٌ أيضاً. فالتقويم الإسلامي قد وضع بعد وفاة النبي، ونقطة البدداية كانت وقت هجرته إلى المدينة [يثرب لاحقاً] قبل ذلك بعشر سنوات. بعض المسلمين يربطون نقطة البداية هذه مع عام 624-5 في التقويم الجورجي بدلاً من سنة 622 المفترضة.
إذا كان هذا التاريخ المعدّل صحيحاً، فالدليل المسمتدّ من النص اليوناني سيعني أنّ محمد مجرّد "مؤسّس" لدين عالمي مثبت وجوده في المصادر المعاصرة له. لكن بأي حال، هذا النص يمنحنا دليلاً قاطعاً تقريباً بأنّه كان رجلاً حقيقياً. علاوةٌ على ذلك، هناك وثيقة أرمينية تمّت كتابتها بعد عام 661 بفترة قصيرة تذكره بالاسم وتعطينا لمحة واضحة تقريباً عن تعاليمه التوحيدية.
على الجانب الإسلامي، المصادر التي يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثامن للميلاد ومابعده تحتفظ لنا بوثيقة [معاهدة] بين محمد وأهالي يثرب، وهناك الكثير من الأسباب الجيدة لقبول أصالة هذه الوثيقة، محمد أيضاً مذكورٌ بالاسم، وموصوفٌ بأنّه "رسول الله"، أربع مرّات في القرآن (وسنتكلّم عن ذلك لاحقاً).
صحيح أنّ اسم محمد لم يظهر على النقود العربية وأوراق البردي والوثائق الأخرى إلا خلال فترة 680، أي بعد حوالي خمسين عاماً على وفاته (بغضّ النظر عن تاريخ موته بالضبط). وهذه هي الأرضية التي قام على أساسها بعض الباحثين _وبالأخص يهودا نيفو وجوديث كورين_ بالتشكيك بوجوده أصلاً. لكنّ قليلون الذين سيقبلون المقدّمة التي تقول أنّ التاريخ يجب أن يُعادَ بناؤه على أساس الدليل الوثائقي فحسب (أي، معلومات لم يتمّ تناقلها من جيلٍ لآخر، بل تمّ نقشها على الحجارة أو معادن أو استخراجها من الأرض حيث تكون محافظةً على شكلها الأصلي). الدليل على C؟ثقٌّ نبياً كان نشطاً بين العرب خلال العقود المبكرّة من القرن السابع، وعشية الغزو العربي للشرق الأوسط، أقل مايقال عنها أنّ كافية بشكل استثنائي.
كل شيء آخر عن محمد يصبح أقل تأكيداً وأكثر ارتياباً، لكن مازال يمكننا ملاحظة كم من المعلومات شبه المؤكّدة. أهم شيء، يمكنا أن نكون متأكّدين بمايكفي أنّ القرآن هو عبارة عن مجموعة من الأقوال التي نطق بها بشأن الدين والتي زعم أنّها موحاة له من الله. فد لايكون الكتاب قد احتفظ بجميع السور والرسائل التي يزعم أنّه تلقّاها، وهو غير مسؤول عن الترتيب الذي نقرأها فيه. فقد تم جمعها بعد وفاته _أمّا المدّة فهي محلّ جدال. لكن يصعب الشك بأنّه نطق بأغلبها أو بعضاً منها. هؤلاء الذين ينكرون وجود نبي عربي مازالزوا يجادلون طبعاً، لكنّ ذلك يخلّف الكثير من الإشكالات التي تتخلّل الأدلّة الأخيرة، ومع القرآن ذاته بالتحديد، في محاولة لجعلها مقنعة.

# النص والرسالة
ومع ذلك من الصعب جداً استخدام الكتاب كوثيقة تاريخية. وأساس هذه الصعوبة يتضمّن أسئلة غير مجاب عنها حول الكيفية التي وصل بها إلى شكله التقليدي، وحقيقة أنّه ما زال غير متوفّرٍ بنسخة مخصّصة للدراسة. كما أنّ لها جذوراً في النص. النسخ الأولى من القرآن لا تظهر إلا هيكلاً عظيماً ساكناً للنص. لايوجد حروف صوتية ولاحركات، والأسوأ من ذلك، لايوجد علامات ترقيم، لذا نرى أنّ الكثير من الأحرف الساكنة يمكن أن تقرأ بأكثر من طريقة.
الباحثون المعاصرون يطمئنون أنفسهم عملياً أنّه طالما أنّ القرآن كان مجوّداً منذ البداية، فبإمكاننا الاعتماد على التراث الشفهي لنعرف القراءة الصحيحة. لكن هناك خلاف كبير في التراث _حول مسألة التشكيل والحركات أغلب الأحيان، لكنها في بعض الأحيان تتعلّق بالسواكن أيضاً_ على الطريقة الصحيحة في قراءة بعض الكلمات. لكن هذه المشكلة بالكاد تؤثّر غالباً على معنى النص، لكنّها قد تترك تأثيراً على التفاصيل الهامة من أجل عملية إعادة البناء التاريخية.
في أغلب الحالات، مع أو بدون شك حول مسألة القراءة، نلاحظ أنّ القرآن غامض جداً. في بعض الأحيان يستخدم تعابير لم تكن معروفة حتى بالنسبة للمفسّرين الأوائل، أو كلمات لاتبدو أنّها تناسب السياق بشكل كامل، مع أنّها يمكن تفسيرها بشكل انتقائي لتتناسب أو لا تتناسب مع السياق، وأحياناً يبدو أنّه يعطينا أجزاءاً مقصوصة من سياق طويل ومفقود، وأسلوبها يكون تلميحياً للغاية.
أحد التفسيرات لهذه السمات هو أنّ النبي قد صاغ رسالته بلغة شعائرية طقوسية كانت سارية ومنتشرة في البيئة الدينية التي نشأ وترترع فيها،متبنّياً أو/و مقلّداً نصوصاً قديمة كالتراتيل والأناشيد والصلوات، ربمّا تمّت ترجمتها أو أخذها عن لغة سامية أخرى أثناء تشكيلها. وقد تمّت معالجة هذه الفكرة ضمن عملين ألمانيين رئيسيين، الأول هو عمل غونتر لولينغ Günter Lüling والآخر هو كريستوف لوكسنبرغ Christoph Luxenberg، وهناك الكثير ليقال في هذا الشأن. في نفس الوقت، كلا العملين مفتوحان أمام الكثير من النقد العلمي (بشكل أساسي حجة قلّة الخبرة في حالة لوكسنبرغ) إذ لا يمكننا القول أنّهما قدّما لهذا المجال خدمة كبيرة.
إنّ محاولة الربط بين الخصائص اللغوية والأسلوبية في القرآن مع تلك الخصائص في النصوص الدينية الأقدم تتطلّب معرفة عميقة باللغات السامية التي لايمتلكها سوى قلّة قليلة، أمّأ هؤلاء القلّة يميلون للعمل على مسائل أخرى. وهذا طبيعي كون هذا المجال حُمّل الكثير من الثقل السياسي.
عمل لوكسنبرغ يعتبر مثالاً واضحاً على ذلك: التقطته الصحافة وعرضته عبر وسائل الإعلام بطريقة شعورية وعاطفية كأخطر فكرة يمكن أن يخرج بها المختص وهي: تنوير المسلمين الذي يعيشون بالغرب. لكن لا المسلمون ولا المختصّون بالدراسات الإسلامية كانوا مسرورين.

# القصة من الداخل
القرآن لايتحدّث عن قصّة حياة النبي. على العكس، إنّه لا يرينا النبي من الخارج على الإطلاق، بل يأخذنا إلى داخل عقله، حيث يتحدّث إليه الله، يخبره رسالته ويعلّمه تعاليمه، وكيفية التعامل مع الناس الذين يهزأون منه، وما يقوله لأتباعه ومؤيديه، وهلمّ جرا. نحن نرى العالم من خلال عينيه، والأسلوب التلميحي يجعل من الصعب متابعة مايجري.
تتمّ الإشلارة للأحداث، لكن دون روايتها، تمّـت مناقشة الخلافات لكن من دون شرحها، تمّ ذكر أشخاص وأماكن، لكن بالكاد ذُكِرَت أسماء. الأنصار تمّت الإشارة إليهم كمؤمنين، أمّا المعارضون فحُكِمَ عليهم بأنّهم كفّار، مشركين، وثنيين، مذنبين، زنادقة، منافقين، وما إلى هنالك، دون إشارة واضحة ومحدّدة إلى هويتهم وماذا قالوا أو فعلوا (أي كما يفعل القادة الإيديولوجيون عندما يشيطنون معارضيهم ويخترلونهم في فئات وأوصاف مجرّدة: إرهابيون، عملاء، أمبرياليون، أعداء الأمة). قد يكون أحياناً _وهكذا يكونون_ نفس الأشخاص يظهرون اليوم تحت فئة معيّنة، وغداً تحت فئةٍ أخرى.
والحال أنّ هناك شيء واحد يبدو واضحاً: جميع الأطراف المذكروة في القرآن هم موحّدون يعبدون إله التراث التوراتي، وجميعهم على معرفة تامة _وبعضهم من الكتاب المقدّس مباشرةً_ بالمفاهيم والقصص والأفكار التوراتية.ونفس الأمر ينطبق على هؤلاء الذين يطلق عليهم "مشركين"، وهم مرتبطون تراثياً بقبيلة محمد في مكة. يقول التراث الإسلامي أنّ أفراد هذه القبيلة، التي تعرف باسم "قريش"، كانوا مؤمنين بإله إبراهيم وملّته التوحيد التي تمّ إفسادها من قبل عناصر وثنية داخلة فيها، سيرى المؤرّخون المعاصرون أنفسهم ملزمين لعكس العلاقة واعتبار العناصر الوثنية أقدم من التوحيد، لكنّنا نلاحظ وجود توليفة من فكر توحيدي توراتي مع بعض العناصر الوثنية العربية في القرآن.
هؤلاء الذين سمّاهم القرآن "بالمشركين" ويؤمنون بإله واحد يحكم العالم ويتمّ التقرّب إليه عن طريق الصلاة والشعائر الدينية، هم في الحقيقة مدانون مثل الأعداء الإيديولوجيين في عصرنا الحالي، إذ يبدو أنهم نشأوا في نفس المجتمع الذي نشأ في أولئك الذين رفضوهم ونبذوهم. ولعدّة أسباب طائفية ومذهبية، يعمل التراث على إثارة الجانب الوثني لخصوم النبي، وأهمّ مصدر بشكل خاص _(ابن الكلبي [في كتابه الأصنام]_ يعتبرهم بوصفهم عباداً سُذّجاً للحجاة والأصنام من ذلك النوع الذي كان موجوداً في أرجاء أخرى من شبه الجزيرة العربية. لهذا السبب، عمل الأدب الثانوي اللاحق على اعتبارهم وثنيين صريحين أيضاً.
بعض المفسّرين أكثر تعقيداً بكثير من ابن الكلبي، ومن بينهم الباحث المعاصر هاوتينغ G R Hawting الذي يعتبر أنّه أوّل من بيّن بأنّ الأشخاص الذين رُفَضوا بوصفهم "مشركين" في القرآن ليسوا وثنيين صريحين. إنّ حقيقة أنّ القرآن قد سجّل هذا الشقّ داخل مجتمع موحّد في الجزيرة العربية يمكن أن تغيّر فهمنا للطريقة التي ظهر فيها هذا الدين الجديد.

# النبي و"المشركين"
ماهي إذن المسائل الكبيرة التي تقسم بين النبي ومعارضيه؟ هناك مسألتان هامّتان للغاية: الأولى أنّه يتّهم المشركين بنفس التهمة التي اتّهم بها المسيحيين _تأليه البشر. فالمسيحيون قد رفعوا من منزلة يسوع لمكانة لهية (مع أنّ بعضهم كانوا مؤمنين)، أمّا المشركين فقد رفعوا الملائكة إلى نفس المرتبة زأضافوا خطأً آخر إلى خطأهم وهو أنّهم اعتبروهم إناثاً (أو بعضماً منها)، وكما قال المسيحيون عن يسوع أنّه ابن الله، كذلك المشركون سمّوا الملائكة بأبناء وبنات الله، أي يبدو أنّهم يشيرون إلى نوعٍ من هوية الجوهر.
يزعم المشركون أيضاً أنّ الملائكة (او الآلهة، كما يطلقون عليها أيضاً) كانوا وسطاء يساعدونهم على التقرّب من الله، وهي حجّة معروفة جيداً من قبل الموحّدين القدماء الذين استبقوا على آلهة أجدادهم وأسلافهم واستذكروها بالقول عنها أنّها ملائكة. بالنسبة للمسيحيين أيضاً كانوا يرون الملائكة كوسطاء، وكان للنبي وجهة نظر مماثلة: أمّا اعتراضه هو فقد ظهر من حقيقة أنّ ملائكة الوثنيين كان ينظر إليها بوصفها ظهورات له نفسه وليس بوصفهم خدم أو وسطاء له. ويردّ النبي عن طريق التأكيد بشكلٍ دائم أنّ الله واحد ولا شريك له، لم يلد ولم يولد، ولم يكن كفؤاً أحد.
السبب الآخر للخصومة بين النبي ومعارضيه كان مسألة البعث. البعض كان يشكّ بمسألة البعث، آخرون أنكروه بقوة، وآخرون رفضوا فكرة حياة مابعد الموت من أصلها. أمّا الأصوليين والمتشدّدين فيبدو أنّهم ظهروا من بين صفوف اليهود و/أو المسيحيين أكثر من _أو بالإضافة إلى_ المشركين، أو ربما المشركون هم أصلاً يهود ومسيحيون من النوع المحلي. بأيّة حال، يبدو أنّ المتشدّدين قد ظهروا مؤخّراً على الساحة، ومرةً أخرى، أشخاص من نفس النوع يمكن مصادفتهم على الجانب اليوناني والسرياني أيضاً.
يردّ النبي بتكرار الحجج المؤيّدة لفكرة البعث من النوع المسيحي، مصرّاً على أنّ الناس سيُبعَثون من الموت في يوم القيامة ليحاكموا. كما أنّه أضاف بأنّ يوم القيامة قريب، على شكل كارثة محلية على غرار تلك الكوارث التي قضت على بعض المجتمعات المحلية (كقوم لوط على سبيل المثال) أو على شكل حريق هائل. استهزأ به معارضوه وسخروا منه، سائلين لماذا لم يحدث ذلك، لكنّه يصرّ على ذلك. عند نقطة معينة تتحوّل المواجهة إلى مواجهة عنيفة ويمتلئ الكتاب بصيحات لحمل السلاح، والمزيد من الاقتتال من أجل حَرَمْ.
عند هذا الحد نلاحظ وجود هجرة، مع أنّ الحدث بذاته غير مذكور بالتفاصيل، ونرى نوعاً من التشريع لإقامة مجتمع جديد. خلال الكتاب نلاحظ أيضاً الكثير من الجدال القاسي حول شرعية النبي نفسه. لكنّ وحدانية الله، وحقيقة البعث والحساب، وهول العقاب الوشيك الوقوع هي حتى الآن أهمّ السمات الواردة، وأعيد تكرار ذكرها في أغلب سور القرآن.
باختصار، لايقتصر الأمر على عرفتنا بوجود نبي نشط بين العرب خلال العقود الأولى من القرن السابع للميلاد، لدينا أيضاً فكرة واضحة عن تعاليمه. قد يستنتج غير الإسلاميين أنّ شكوى المؤرّخين حول قلّة معرفتهم عنه هو مجرّد امتعاض مهني. لكنّ الأمر أكثر من مجرّد ذلك. وهذه مشكلة كبيرة فيما يتعلّق ببلاد العرب.

# مسألة الجغرافيا
كتب أهالي الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية الكثير عن النهايتين الشمالية والجنوبية لشبه الجزيرة العربية، حيث لدينا الكثير من النقوش من هناك، لكنّ الأرض الوسطى كانت أرضاً مجهولة terra incognita. وفي هذه النقطة بالضبط يضع التراث الإسلامي محمد وسبرته النبوية. نحن لا نعرف تماماً ما الذي كان يحدث هناك، باستثناء مايخبرنا به التراث الإسلامي.
هذه المنطقة لم تنتج أدباً معروفاً ومحددّاً يمكن أن نرجع إليه القرآن، باستثناء الشعر الذي نعرف عنه من خلال المصادر الإسلامية والتراث الإسلامي والذي بدوره مختلف تماماً في سماته وخصائصه حيث أنّه لا يسلّط الكثير من الضوء على الكتاب. لايوجد مصدر واحد من خارج الجزيرة العربية يذكر مكّة قبل الغزو العربي، ولا يوجد أي نصدر يعرض أي علامة من علامات التعرّف أو يخبرنا أي شيء عمّا كانوا يعرفونه عن "مكّة" عندما ظهرت في المصادر اللاحقة. أنّ هناك مكانٌ اسمه مكة حيث تقع مكّة في يومنا هذا قد يكون حقيقة، وأن يكون فيها حَرَم وثني فهو أمر مقبول تماماً (بلاد العرب كانت مليئة بالبيوت والكعبات)، وأنّها كانت تخصّ قبيلة عربية تسمّى "قريش". لكنّنا لا تعرف أي شيء عن هذا المكان يمكننا أن نكون متأكّدين منه مئة بالمئة. باختصار، نحن لا نمتلك أي سياق للنبي ورسالته.
من الصعب ألا نشكّك بأنّ التراث يضع النبي وسيرته في مكّة لنفس الأسباب التي تجعله يصّر على أمّيّته: السبيل الوحيد الي حصّل من خلاله معرفته بجميع الأشياء والأمور التي أخبر بها الله اليهود والمسيحيين هو عن طريق وحي من الله. كانت مكّة منطقة عذراء، وكانت خالية من أي تجمّعات يهودية أو مسيحية.
الأمر الذي يدعونا للشك بأنّ المكان موضوع بغرض مذهبي مدعومٌ بحقيقة أنّ القرآن يصف معارضيه المشركين بأنّهم مزارعين يزرعون القمح والحنطة، الكرمة، الزيتون، وأشجار النخيل. القمح والكرمة والزيتون هي المنتجات الرئيسية لمنطقة حوض المتوسط، أمّا أشجار النخيل فتأخذنا نحو الجنوب، لكنّ مكة لم تكن المكان الأنسب لهذا النوع من الزراعة، ولم غير المعقول أنّ أحداً كان ينتج الزيتون هناك.
إضافةً إلى أنّ القرآن يصف معارضيه بأنهم يعيشون على أنقاض أمّة مندثرة كانت تعيش في نفس المكان، ربّما مدينة دمّرها الله بسبب كثرة ذنوبها. كان هناك الكثير من مواقع الخرائب شمال غربي جزيرة العرب. كان النبي يخبر معارضيه مراراً وتكراراً بأهميتهم وأن يتّعظوا منهم، وقد قال في إحدى المناسبات مشيراً إلى بقايا وآثار قوم لوط: ((وإنكم لتمرون على ديارهم مصبحين وممسين)). وهذا يأخذنا إلى مكان ما في منطقة البحر الميت. كان المؤرّخون المعاصرون يجلّون ويقدّرون التراث إلى هذه الدرجة حتى مرّت هاتين النقطتين الأولى والثانية دون أن ينتبهوا إليهما إلا مؤخّراً، أمّا النقطة الثالثة فقد تمّ تجاهلها. قال المفسّرون أنّ قريش كانت تمرّ بخرائب قوم لوط أثناء رحلتهم السنوية إلى سوريا، لكنّ السبيل الوحيد ليمّر المرء من مكانٍ ما صباحاً ومساءً هو أن يعيش في مكانٍ ما على مقربةٍ منه.
الرحلات السنوية التي تذرّع بها المفسّرون كانت رحلات تجارية. جميع المصادر تقول أنّ قريش كانت تتاجر جنوبي سوريا، وهناك كثيرون يقولون أنّها كانت لها تجارتها في اليمن أيضاً، وأضاف بعضهم العراق وأثيوبيا إلى وجهتهم. قيل أنّهم كانوا يتاجرون بشكل رئيسي بالبضائع الجلدية، الألبسة الصوفية، وبضائع أخرى ذات منشأ رعوي، بالإضافة إلى العطور (وليس أصناف عربية جنوبية من البخور، أو بضائع ترف هندية كما كان يعتقد). لقد تمّ التذرّع بخطّ القوافل التجارية القرشية لتفسير التشابهات مع المواد التوراتية وغير التوراتية التي تميّز أسلوب القرآن، لكنّ ذلك يتجاوز ما يأخذه التجّار معهم خلال رحلاتهم السنوية. لاشكّ أنّ هناك مجتمع تجاري مساهم بشكل أو بآخر في ظهور الإسلام، مع أنّه ليس من الواضح كيفية ارتباطه بالمجتمع الزراعي المذكور في القرآن. هناك الكثير لنقوله حول ذلك، لكن بدون أي يقين كامل.
# ثلاثة مصادر للدليل

المشكلة الأكبر التي تواجه الباحثين في نشأة الإسلام هي تحديد الإطار البيئي الذي عمل فيه النبي. ما الذي كان يتجاوب معه، ولماذا كانت بقية بلاد العرب متجاوبة مع رسالته؟ لدينا فرصة جيدة لإحراز تقدم، إذ أنّنا لم نقترب بعد من استخدام الأنواع الرئيسية الثلاثة من أدلّتنا: 1) التراث المرتبط بالنبي (الحديث بشكل أساسي)، 2) القرآن نفسه، 3) و (نوع جديد يقدّم لنا الكثير من المقدّمات لننطلق منها) علم الآثار/الأركيولوجيا.
النوع الأول هو الأصعب من ناحية التعامل معه ومعالجته، وهذا النوع يأخذ شكل الأحاديث _تقارير قصيرة ومختصرة (لاتتجاوز السطر أو السطرين في بعض الأحيان) تسجّل ما قاله شخص قديم _كأحد صحابة النبي أو النبي نفسه_ أو فعله في مناسبة معينة، متدرّجة عبر سلسلة من النقّال. (اليوم، نلاحظ أنّ تعبير "حديث" يعني كلام النبي نفسه). أغلب المصادر الأولية عن حياة النبي، بالإضافة إلى فترة حياة خلفاءه المباشرين، تتضمّن أحاديث بشكلٍ أو بآخر.
الغرض من هذه الأخبار والتقارير تثبيت الشريعة الإسلامية وشرعنتها، وليس تسجيل التاريخ بالمعنى المعاصر للكلمة، وبما أنّ هذه الأخبار كانت تنتقل بطريقة شفهية، كتصريحات وأقوال قصيرة جداً، انحرفت بسهولة عن معناها الأصلي مع تغير الأحوال والظروف. (كما أنها كانت تفبرك بسهولة بالغة). إنها تعتبر شهادة على النزاعات الحاصلة حول الشكل الحقيقي للإسلام حتى مطلع القرن التاسع للميلاد، عندما تمّ جمع المواد وترسيخها، هذه النقاشات والجدالات ساهمت في تضبيب الطبيعة التاريخية للشخصيات التي لها علاقة بالموضوع بوصفها مرجعيات تاريخية، في حين أنّها تخبرنا الكثير عن التصورات اللاحقة.
المواد غير متبلورة وينقصها التنظيم ومن الصعب معالجتها. والشروع في تجميع هذا الكم الهائل من الأخبار المتعارضة والنسخ المختلفة حول موضوع محدّد كان يعتبر عملاً مرهقاً ومهمّة شاقّة، أمّا الآن بات سهلاً جداً من خلال قواعد البيانات القابلة لإجراء عملية البحث فيها. بطبيعة الحال، مازال لم نقبل بشكلٍ عام المناهج التي تمّ اعتمادها في ترتيب المواد، سواء أكانت دليلاً على النبي أو على خلافات مذهبية لاحقة (الأمر الذي سيثبت أنّه مثمرٌ حقاً). لكن يجري الآن عمل أكثر إثارة في هذا المجال.
بالنسبة إلى المصدر الثاني، القرآن، فإنّ دراسته ما زالت تحت سيطرة وتأثير منهج المفسّرين المسلمين الأوائل، الذين كانوا يتميّزون بعادة النظر في كل آية على حدة وباستقلال، وتفسيرها على خلفية الأحداث التي وقعت في زمن النبي وحياته من دون أي اعتبار للسياق الذي ظهرت ضمنه في القرآن نفسه. وبالتالي، كانوا يستبدلون السياق القرآني بسياق آخر جديد.
منذ حوالي خمسين عاماً قام عالم إسلامي يدعى محمد شلتوت، الذي أصبح شيخاً للأزهر فيما بعد، برفض هذا المنهج لصالح فهم القرآن في ضوء القرآن نفسه. كان عالماً دينياً مهتماً بالرسالة الدينية والأخلاقية للقرآن، لم يكن مؤرّخاً من النوع الغربي، لكن يجب اتّباع منهجه أيضاً من قبل المؤرّخين. كان الإجراء الذي يتبعه المفسرون القدامى يتمحور حول تحديد معنى الكتاب ضمن إطار اللغة العربية فقط، بعزلةٍ عن التطورات الدينية والثقافية في العالم الخارجي، لذلك كانت القصص والروايات التوراتية وغيرها من الأفكار التي تولّدت خارج جزيرة العرب قد وصلت إلى الباحثين المعاصرين بوصفها "استعارات أجنبية غريبة"، مختارة بطريقة صدفوية من قبل تاجر لم يكن يفهم بالكامل معناها.
لقد أصبح واضحاً أنّ هذه الفكرة خاطئة بالكامل. فالنبي لم يكن شخصاً من الخارج قام بانتقاء عشوائي لمجموع ما توصّلت إليه الجدالات في العالم التوحيدي المحيط به، بل كان مشاركاً كاملاً في هذه النقاشات والجدالات. بمعنى آخر، إنّ ظهور الإسلام يجب أن يكون مرتبطاً بتطورّات في العالم القديم، وعن طريق وضع هذا السياق في عقولنا علينا إعادة قراءة القرآن. إنّها مهمة صعبة، وسيكون هناك، بل كان هناك مسبقاً، منعطفات خاطئة على طول الدرب. لكنّها ستكون ثورة في هذا المجال.
أمّا النوع الثالث، والأكثر إثارةً بين المصادر، بات يلوح في الأفق: علم الآثار/الأركيولوجيا. بلاد العرب، هي المجهول الأكبر، وقد بدأت أعمال التنقيب فيها، ومع أنّه من غير المرجّح أن تجري عمليات تنقيب أثرية في مكّة والمدينة في المدى المنظور، إلا أنّ النتائج التي تكوّن هذا المذهب الجديد تفتح أبواب العقل على مصراعيها.
يبدو أنّ بلاد العرب كانت مكاناً أكثر تقدّماً وتطوّراً ممّا اعتقده أغلب المتخصّصين بالدراسات الإسلامية (وأنا من بينهم) _ليس فقط في الشمال والجنوب، بل في الوسط أيضاً. بدأنا نحصل على صورة أكثر تلويناً عن المكان، ومن الواضح أنّنا يجب أن ننظر إليه كمكان أكثر ارتباطاً بباقي منطقة الشرق الأدنى ممّا كنّا نعتقده. سجلّ النقوشات يتّسع بدوره ويتمدّد أكثر أيضاً. إلا أنّنا متأكّدون من مشكلة واحدة: وهي المدى الواسع والكبير للتفاسير المحتملة بالارتباط مع التفاسير المنكمشة والمتقلّصة الأخرى، لمساعدتنا على امتلاك حسّ أفضل عن المكان الذي يجب أن نبحث عن الحلول فيه وتحسّن افتراضاتنا وتخميناتنا حيث لا يكون هناك دليل.
لن نكون قادرين أن نفعل ذلك بدون أي مصادر تراثية، طبعاً، أمّا الفرص فتقول أنّ مايخبرنا به التراث عن حياة النبي وسيرته غير دقيق بشكلٍ أو بآخر. لكن لن ينجح أي تأويل تاريخي ما لم تكون التفاصيل والسياق والافتراضات صحيحة ودقيقة. قد لانصل إلى معرفة ما نرغب بمعرفته (وهل سبق أن حقّقنا ذلك؟)، لكنّ الباحثين والدارسين في التاريخ الإسلامي لديهم كل الأسباب ليكونوا متفائلين بأن تمتلئ الفجوات التي تتخلّل معرفتهم الحالية خلال السنوات القادمة.

# عن الكاتبة
باتريشيا كرونه Patricia Crone: أستاذة التاريخ الإسلامي بمعهد الدراسات المتقدمّة، برينستون. أمّا كتبها الأمثر صلةّ بهذه المقالة هي: التجارة المكية وظهور الإسلام Meccan Trade and the Rise of Islam (Princeton University Press, 1987 [re-print-ed 2004]) و((كيف كان الوثنيون المذكورون في القرآن يكسبون عيشهم؟)) ["How did the quranic pagans make a living?" (Bulletin of the School of Oriental and African Studies (68 / 2005)] و ((قريش والجيش الروماني: نحو فهم تجارة الجلود القرشية)) ["Quraysh and the Roman Army: Making Sense of the Qurashi Leathertrade" (Bulletin of the School of Oriental and African Studies, forthcoming [spring 2007])]
أمّا عملها الرئيسي فهو كتابها ((الفكر الإسلامي السياسي القروسطي Medieval Islamic Political Thought)) [Edinburgh University Press, 2004]، المنشور في الولايات المتحدة بعنوان ((حكم الله: الحكومة والإسلام)) God s Rule: Government and Islam (Columbia University Press. 2004)

مصدر المقال
What do we actually know about Mohammed?
https://www.opendemocracy.net/faith-europe_islam/mohammed_3866.jsp



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديانة التوحيد القمري 12: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))
- ديانة التوحيد القمري 11: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))
- ديانة التوحيد القمري 10: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))
- ديانة التوحيد القمري (جغرافية العبادات القمرية في الشرق الأو ...
- ديانة التوحيد القمري 6: ((جغرافية العبادات القمرية في الشرق ...
- ديانة التوحيد القمري 5: ((-الله- بوصفه إلهاً للحرب))
- ديانة التوحيد القمري (( الله، بوصفه إلهاً للحرب)) الأجزاء [2 ...
- ديانة التوحيد القمري 1 ((مدخل))
- أصل الاحتفالات الدينية ومصدرها: مسائل ضدّ الدين والتدين [3]
- لقد نشأت الأديان وتطوّرت في الأزمنة القديمة: مسائل ضدّ الدين ...
- الدين متوارث: مسائل ضدّ الدين والتدين [1]
- حالات صرع الفص الصدغي عبر التاريخ/ محمد: سيرة سيكولوجية[21]
- حالة فيل ديك/ محمد: سيرة سيكولوجية [20]
- الوحي الذي أوقع الجمل على ركبتيه/ محمد: سيرة سيكولوجية [19]
- أصل ومصدر تجارب محمد الدينية/ محمد: سيرة سيكولوجية [18]
- محمد وليلة الإسراء والمعراج/ محمد: سيرة سيكولوجية [17]
- صَرَع الفص الصدغي/ محمد: سيرة سيكولوجية [16]
- أفكار انتحارية/ محمد: سيرة سيكولوجية [15]
- محمد يشعر بالنشوة/ محمد: سيرة سيكولوجية [14]
- مقارنة بين الإسلام وطائفة النرجسي/ محمد: سيرة سيكولوجية [13]


المزيد.....




- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - ماذا نعرف عن محمد حقاً؟