|
الملموس واللاملموس في السياق السيميائي في قصيدتي (ليت لي الوقت) و (بكل ارادتي) للشاعرة العراقية المبدعة عليا محمد علي 1-2
أبُو ذَرّ الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 4691 - 2015 / 1 / 14 - 23:47
المحور:
الادب والفن
المقدمة يبدو لي أن العنصر المشترك للقراءة النقدية لقصائد الشاعرة العراقية المبدعة (عليا محمد علي) تستنبط جماليتها للقراءة بتوليفة تشتمل جميع الفنون، وليس لجانب حقل ادبي محدد، منضويا جانبه الشعري وحده. فكما أن توقع الكمال في مجموعة القصائد المنشورة للشاعرة على موقع الحوار المتمدن والتي تم لها عقد طاولة للمساهمة، بمناقشتها ضمت كل من (أ.د شعوب وأ.د ابوذر، وأ.د الغزالي وايضا د. اشبيليا) تحت اشراف أ.د جلال الجبوري، خصصت ضمن خطة عمل وزعت على الحاضرين وفق محاور نقدية لتكلل ما يحدد كل باحث بمجموعة من الموضوعات التي يحددها كل إدراك للمعنى، باعتباره توقعا للكمال، فيما بذخت به الشاعرة من تفرد ملموس، في الكتابة الشعرية الابداعية، وهو يبينه لنا باستمرار، واقع ما تم مسكه، من خلال المحاور التي نشرتها (أ.د شعوب) بتاريخ 11/1/2015 على موقع (الحوار المتمدن)، كوننا نتجاوز الأخطاء المكررة في تناول إملائية المصطلح أو مطبعية تناوله، أثناء القراءة النقدية، المبينه ادناه في قصيدة (ليت الوقت). وايضا نتناول في حلقة لاحقة قراءة نقدية لقصيدة (بكل ارادتي). فإن مما يميز كل عمل فني نقدي منفرد من فريق عملنا، هو يعني أننا من أجل جعل القاريء المحترم أن يتمتع بالمتناول النصي الشعري، بكامل سلطته مستنبطاً إنشاءه المشترك، كحلقة متكاملة في الملموس واللاملموس، في قرائته للقصائد، ونجعل منها بذلك رسالة مفتوحة، لاجل فتح افاق جديده في متناول التحولات الابداعية، في سلسلة تطور الانتقال الشعري، للكتابة الشعرية. هذا ومن المفارقة الاستمرار في الحديث عن نقدنا لفن الشاعرة العراقية المبدعة في مخاض تجربة الكتابة. إنه يتمثل بصورة أقل في التمييز بين الملموس واللاملموس في قصيدتها، مما قد يتمثل في التمييز بين العمل الفني "الناجح " بكتابة القصيدة الشعرية، وما تميزه تجربتها، من لمس ابداعي بأمتياز. وهذا ما أدركناه، في تحليلنا المدون بالمتن ادناه، للحكم المستند إلى الذوق بالالتقاط الحسي ودفء رقائقه التأمليه؛ فهذا الأخير ليس إصدار حكم على ما نعتبره جميلا مثيرا، وإنما هو فعل اعتبار الشيء جميلا ملزما بالتأمل، والتفكير المتميز . وليس معنى هذا معارضة احتمال وجود مؤاخذات نقدية. التي تجعلنا نطالب القاريء ممن له شأن الخبرة في أغناء المقالة بالمشاركة الفاعلة والبناءة .
لكن ما اتناوله الان في هذه المقالة هو البنية النقدية للملموس واللاملموس في السياق السيميائي لقصيدة (ليت لي الوقت)، وسأتناول في حلقة اخرى كما أسلفت اعلاه قصيدة (بكل ارادتي)، لأجل ان نبقى سويا بواقع مقالتنا، مرتكزين على تناول النص لقصيدة (ليت لي الوقت) والتي ستكون امتداد مركبا، لما انتهت منه الباحثة (أ.د شعوب الجبوري)، وهنا تبقى دراستنا الحالية هي مد للتبحر فيما تُعلمنا به الشاعرة من التوجس والحرص الفني النقدي، كعمل فني متجاذب الاطراف. ويتضمن ذلك بصورة قطعية، أن القاريء يستطيع تحسينه، وتمكينه، أو يعرف ما يمكن أن يقال بصورة إيجابية، في كيفية تصويبه. وكما نعلم، ان للعمل الفني الأدبي في حقل النقد الشعري من بين جميع التجليات يكمن في اللغة من خلال أصالة امتيازية اصله بالتأويل والتناول، ومن ثم فهو قريب من الفلسفة، ويخيل إلي أن الاستعانة بأدوات مستعارة من الظاهراتية تمكننا من تبيان هذا الأمر. كي يحصل لنا الاقتناع بأختيار قصائد شاعرتنا العراقية المبدعة، لان التسليم بذلك جاء وفق آلية التطور النقدي الأخيرة للباحثة أ.د شعوب وما أفرزته الشاعرة من ثبوتية في التحدي الابداعي التي شهدتها كظاهرة يشاد بها في أوساط التفكير والتأمل للبحث في مضامينها. وقصيدة (ليت لي الوقت) هي وحدها التي ضمنت الملموسية واللاملموسية للتأويل في السياق السيميائي بمكانة محورية جازمة. فهذا المحور هو ما سنراه جليا من خلال استيضاح تصور الشيء، باعتبار أن الشاعرة تُمسك به باعتباره شىء يمكن تقييمه ومعالجته، بالرجوع إلى دلالته، لأنه كان شكلا راقيا من النشاط الفكري، المبني، على صرح طبقة ظاهرية مؤنسنة للإدراك الحسي .
وعلى هذا النحو فأبعاد قصيدة (ليت لي الوقت)، في رأيي، هي عنصر تتبعي لـ(ليت/ الوقت) و يسبقه حضور ملموس عيني هو (لي)، لتشييد موضوع الإدراك الظاهري في الإدراك "المحض". ومما لا ريب فيه أن "عنوان القصيدة" الذي تم أختيارها من قبل الشاعرة، هو لاجل ان تستند في وصفه الدقيق إلى منهجية تراكمية مؤكدة، ومما لم تكرسه جهودها إلا في الملموس التأويلي الظاهري من منظورات رحبة مديدة دائما، وبدقة أكبر دائما في اللاملموس، بيد أن تفكير الشاعرة في ما افضت اليه القصيدة من تلوينات لم تكن لصيقة بحميمية العلاقة مع الاخر، بين منظور النص الظاهري في الملموس و"التأويل" اللاملموس "الخالص". وقد بين لنا ما تفعله الشاعرة منذ مطلع القصيدة أن التراكم الضخم الظاهري، كانت تخفي خلاله حكما مسبقا دوغمائيا. مما قد يبدو ذلك ذو ذهن ثاقب، مستوعبة موضوعات المتن بذاتها، لشق الذرائعية وموضوعاتها بنيتشوية، ونتائج ما تمخض عنه العقل الخالص بتحديثها في حساسيتها السباقة إلى إبرازها، لأنه لا وجود للإدراك الخالص في (ليت/الوقت). فالإدراك الخالص "لي" "هو المطابق مطابقة تامة للإثارة في تجريد ترجمة العنوان للقصيدة في الإشارة الى المستوى السيميائي، الذي تنمحي عنده المعرفة المعيشة للعالم المجرد. أما حين تتراوح حركتها في داخل العنوان والمتن، في لعب اللغة المتميزة فيعود إليها الفضل في تبيان ما تريد البوح به، وفي تجريدنا من الامتلاء المحسوس للحلم ومعايشته، على الرغم من كونه أحد الافتراضات الأساسية في المبرر المكرر، بحسب ما ورد في العنوان، و تسنده الشاعرة الى حكم أنطولوجي مسبق، مكن ذاكرتها من تنازع تاريخ ميتافيزيقي من رفع النقاب عنه بشكله الصريح، وملموسية اعترافها بـ(ليت). وقد كانت الذرائعية واضحة، والاشارات السايكولوجية للأشكال، الذي وظفته الشاعرة، وإن كان بطريقة مختلفة الا أنها حافظت على تمكنها من ان يكونا متماسكين سلفا، بحقيقة مفادها أنها أستطاعت أن تتشاطر مع أشارات الأدراك اللاملموس، لتقدم نفسها بأندماج معه في سياق تفاعلي حسي للمبرر المحتمل، مما يعني أن الشاعرة (عليا محمد علي) تمكنت من ضبط أنغام ملموسية الظاهرة الاولى (ليت، الزمن) على الدوام كرؤية شيء ما، باعتباره شيئا غير ملموس في الإدراك الحسي النقدي، الذي قد ندركه كموضوع معطى خالصا في اللاملموس. وهنا تتدخل الشاعرة في فن الخلق السيميائي، في لا وجودية الرؤية، وتكشف عن ذاتها بان الذاكرة والواقع أفسحن موطىء قدم لموقع ظاهر من التراث الميتافيزيقي في التجربة، وهذ الاخير هو المسؤول عن دوغمائية اللاملموسية للمتدارك الخالص في الملموس التراثي الماورائي في الوقت، وهو الذي ساق (ليت) كمعرفة ذاتية خالصة فلسفيا، نحو أفق مغلق.
جاء لقاء العنوان للقصيدة فريدا في المتن، الذي تمكنت شاعرتنا، من الحدس به كنص أبداعي بأمتياز. أُعني أنه كان في الوقت ذاته، نصا سيميائيا في الملموس واللاملموس بوحدته. فعلى خلاف ما قد يشكل ظاهرتين متباينتين للآخرين في الشكل والمضمون، وعلى وجه الخصوص الكتابة التي تمتاز بها شاعرتنا المبدعة هي ظاهرة جديدة، والتي كانت لها الصولة في ما ذكرته الباحثة (أ.د شعوب في قصيدتي ( رايات معتذرة وقصيدة لست أدري)، لتمكنها بفضل أصول وثقافة بعدية من تربوية الحرف وصلابة وسلامة فكرة نظمه، وأستاذية صناعته، تمكنت فيه من سدّ بعض الفراغات في كلية شعرية جميلة مترامية الابداع بجميع قصائدها. مما مكنها من تحقيق فهم مطلق الجدية والملموسية الأبداعية للأبداع بالكتابة. مما شكل ممارسة ظاهرة جديدة بربوع مشروعها الثقافي، حيث تزدهر بالحرف أينما رمت. ومن هذا القبيل كانت الشاعرة تستخدم عبارة شديدة القوة، تترجم شعورها في (ليت) وكأنها كانت تطارد سطوّاً ذهنياً. مما يظهر أن المعنى في فكر السطو لم يتجاوز على الواقع، حيث لم يتجاوز عندها حدود التصنيف للمدرك الملموس، على الواقع. أي أن تلك الطريقة التي تنتهجها الذهنية كانت متمثلة في لصق التجاذبات على أضدادها اللاملموسة، وعليه تقرأ ما وارته بين الزمن المطلق في الذاكرة والزمن كـ(وقت) ذا مغزى دلالي بذات الواقع نفسه والتي تعلن عنه بالمرايا، فقد كان في هذا الحشد التراكمي ظل واضح لغنى لغتها، وعمق إسهام السطو في الذاكرة لصنع فكر فلسفي تتمتع بمداعبته بين الفينة والأخرى.
أما لوازم القصيدة الموسومة بـ(ليت لي وقت) فقد كانت مرجعيتها بحب الاستشفاء في البُرك الساكنة، لخلق فلسفة ذاتوية سطوية، مما جعلنا نفهم أن نقطة الانطلاق تلك التي استعارتها من صراع الواقع والحلم، هي ما يمكن لمسها بمسمى الإدراك المحض، لتكشف الذاكرة/الحلم عن حضور الفكر السطوي عندها، من خلال حضوره في الاستحواذ على الحلم والذاكرة، غير واعية، ولكنها تتشاطر بتنشيطهما. وذاك ماآثرته في عودتها إلى الأشياء في ذاتها بمحض سيميائيتها الخالصة للمدرك. إن التحول الذي مرت به فكرة الأغتراب من الجوهر إلى الذات منحها أرثاً أغترابياً، كتعبير سجلته في المخفي لـ(ليت) حتى في اللغة. فالجوهر والذات ترجمتان ممكنتان لـ Lypokeimenon أو لـ Ousia، وتدل الكلمتان في الحقيقة على الشيء نفسه في (الوقت/ذاتها)، مما جعلهما يبقيان قابعين بجوهرهما في أسفل المراجعة المغلقة، مما جعلهما يمتدان الى الأسفل التاريخي للاحداث، وهذايظل ثابتا حتى حين تَغُير الظواهر في الصورة التعبيرية، وتتنقل عقبها جميع التغيرات الحادثة بالمصادفة، مما يجعل حضورها مستمرا دونما انقطاع وهذا ما سنلاحظه لاحقا خلال دراستنا هذه. وهكذا تركز شاعرتنا على مسيرة فكر اغترابي، يدور حول هذا الواقع المصطلحي النقدي لتجربتها. فحين تنطق لفظة (ليت) لم تعد تنتبه إلى أنها أمام حالة خاصة من الحضور المؤنسن لشيء مستمر، في مقابل ما قد يتغير، حالة خاصة من الجوهر، وفي الحالة هذه تبدو حالة من الوعي، الذي تتغير كل تماثلاته وأفكاره، غير أنه يظل مع ذلك "هو هو "؛ وبناء عليه فان وعي الشاعرة لذاتها هو نفسه. وهنا تُعطي لنفسها الحق للتذكير بعبارات تشهدها في تلك الذاكرة من الكلمات الساحرة، التي لا تستدعي الحضور في الحقيقة لايقاعها الغامض، عند أي نشاط لفكرة تثير فضول حلمها/الذاكرة. الذي حين تبدأ في تفلسف الذاكرة لبنية العبارة، لأجل ان تركب الترف التالي للرؤية في الادراك اللاملموس، وقد تكون تلك هي العبارة التي التقتها تشكيل تلقينا ملموسا، التي تعني عند ذاكرتها واقعا بسيطا مفاده أن الحلم، يجب أن يرافق جميع تماثلاتة، وذلك لأنه جزء من خلوده. اما من تماثل ملوسيا او غير ملموسيا، فالحلم المثير الدهشة، ما هو إلا تمثيل يترجم صاحبه. ولم يبدأ به الاختلاف حالها الا فيما بعد، من حيث أثبات الدلالة، بين الذات والجوهر. وهنا ان قصيدة (ليت لي الوقت) ما جاءت إلا بعد شيوع المعنى الذي أكسبته شاعرتنا مفهوما ذاتها.
وهكذا تتسم القصيدة برمتها بالبنية الانعكاسية للذاتية الفلسفية الحديثة للشاعرة، إن ما أكتشفته الشاعرة هو أن القصيدة لها مزج بين اللغة المفهومة عند الملموس واللاملموس السيميائي، اللتان طورتهما خبراتها الكتابية، في ميداني الطبيعة كملموسات ومحسوسات وما بعد التطبع السيمائي لها، محيلة ذلك إلى الكونية الخاصة بالنفس الأنسانية في نهاية المطاف، والخبرات المعاصرة للواقع بمددات تعايشها المشترك الخالص للادراك، وهي خبرتها المحددة والمصوغة أساسا في قسط منها من قبل الاغتراب، الذي صاغ توترا عميقا إلى حد كبير في بحبوحة كانت لها بمثابة الروح والقلب والوعي معا، ووعي النفس، وربما شيءٌ ضارب في جذورها، فيما هو أعمق من وعي الذات، وفهمنا الخاص للوجود المحض التي تتحكم الشاعرة به وفي صياغة اسلوبها، هو مسألة الكائن الآخر والتاريخية له، أي نحن . لقد وفقت الشاعرة في ظني، في إدراكها أن المجال الذي يعتبر مجال الحوار لأسئلة الإنسان هذه لا ينحصر في السؤال الفاتن للوجود الملموس برمته. وكي يحصل لنا الرضا والقناعة، يجب التسليم بأن التطورات الأخيرة لذاكرتها، التي شهدتها ظاهرة (ليت/لي/الزمن) هي وحدها التي ضمنت للتأويل مكانة محورية في السيمياء النصي كمظلة أشتغال. فالشاعرة ترى أن تصور الشيء باعتباره شيئا ملموساً مع امتلاك القدرة على تقييمه ومعالجته , فلابأس بالرجوع الى دلالة النص لكونه كان شكلاً راقياً، من النشاط الفكري السيميائي المبني على صرح طبقة المعنى الدلالي كظاهرة مؤنسنة للإدراك الحسي كما في(ليت). ثم أليس عجيبا أن نحدد روائع الفن اللغوي انطلاقا من المكتوب فقط ؟ فنشترط المكتوب بعد لفظه المحض للقصيدة؟.
هنا يبرز تساؤل، أذن، كيف تمكنت الشاعرة من الوصول الى المفهوم العام للقصيدة ببناءها وتركيبها، والتي جعلتها تصبح ذات مدلول اجتماعي-طقوسي، فيه أختلاط ودمج الحلم/بالأعتراف، و(ليت) أصحبت همّا أدبيا لمجرد الادراكيه له، وبالعكس ايضا حين جعلت منها رائعة من النثر الابداعي المكتوب لنص أدبي. لم لا وهي التي جعلت منا مكتوبين في نصها الذي يحتل المنزلة الأعلى في وجدانها الانساني، و دلالة ذلك، حين جعلت لنا نصيبا من ذاكرتها الانسانية، التي حكتها في متن قصيدتها الموسومة بـ ( ليت لي الوقت ...واخريات (يرجى مراجعة القصائد على الموقع المشار اليه اعلاه) والتي جعلت من منبرها الشعري هذا فناً من فنون الكتابة، وطريقاًمؤدياً الى اختزال واختراع الذاكرة الكتابية وقدمتها بـ (ليت)، ونحن مادحين لها بأعتبارها ملكة، بأعتباره اختراعا لفائدة الإنسانية لا نظير له في ذاتها بـ ( لي)، لأنها أستقوت وليس جزافاً في ذاكرة (الانا) إلى ما لانهاية له حين اعلنت عنها، لا للأستحالة في (ليت). وكان جوابها ملكا لذاتها، وماكانت لتطلق هذا الأسم على النص الاّ لأستخدامها العقل والنفس في أغترابهما. ويمكن أن تنطبق هذه على الصيغة الانطولوجية للحقائق والتأمل في المتن ادناه، ومن دون شك، إشراك المهب السطوي للذكرى، حين استولى على طقوسية القصيدة دورا مرجعيا نحو الميتافيزيقيا الأفلاطونية، و حول جوهر الأفكار المثير للدهشةمع ذاتها. مما جعل لنا أن نلملم ما في تتبعنا من طموح وفضول لمعرفة حقيقة تلك الشكيمة الحادة، بصلابة التحجج، في مبرهنات جبرية تمسكها بـ(ليت) طالما أن مثالية العبارة ليست حقاً من حقوق الشاعرة لذاتها، ككناية مجردة، كتبتها فحسب. وإنما هي جعلت من نفسها، رابطا وسطيا، في شكل العنوان بموقعها، بينهما كما نرى (ليت- لي- الوقت) موقع (لي) نضدّت حقوقها بالكلام والاستماع المُبتدأن في عنوان القصيدة، وما دامت قد فسحت لمحتواها متنا، قابلا للانفصال عن تجسيد فعل الكلام للموروث في الذاكرة، فلابد من استعادته من جديد في الحلم. وإنه لمما يجلي المثالية للشاعرة، والهوية الانسانية، هو في اثارة حفيظتها بصرخة استحياء، كان بالامكان أستعادة ملموسيتها ودقتها الكبيرة بذاتها. ومما ادركت بهذا القدر أو ذاك انها حال موصوف فيه. ويصدق الشيء نفسه عند القراءة للقصيدة أذا تمكنا برفق من الشاعرة، فسيكون بإمكاننا القول إننا قد نحسن القراءة أولا، كما تحسنها بذاتها، فهذا يكمن في السيمياء التي قد تجعلنا نتلقف النص الحاضر عندنا، كما عندها بالحضور المثالي الخالص. والنص الذي أحسنت شاعرتنا بقراءته لنا، بمثابة نص يواكب فهمنا للقراءة، وهو بهذا المعنى قد يصبح مفهوم اكثر حين نعيش مخاضه في التحليل، إذ لا أحد بإمكانه فهم نص أسيئت صياغة صنيعة قراءته. الا إن ما أبتكره أبداع شاعرتنا، أنما لا يؤدي إلى إضعاف الذاكرة، بل يؤدي الى تقويمها وحسن رعايتها باهتمام اثير. ولم تكن الشاعرة تظهر في هذا المكنون الابداعي تقدما لو لم يكن في جوهرها انتماءاً أنسانياً مثيراً، ولم يكن يخطر ببالنا ايضا، أن السيمياء للاملموسية والملموسية) لدى الشاعرة بقصيدتها، تترك لنا اللهفة الشفوية فقط، بل قد تجاوزتها بشىء أعلى من المثل الفنية للكتابة، مما جعلها تتحفنا برحلة قريبة منها. وعلى العكس أحيانا، قد نرى ما كتبته الشاعرة هو تعرض للبوار النفسي-الانساني، والاحتقان الاغترابي وسوء الأستعمال، والتفسير المقلوب للانسان ومصيره الاخلاقي. ولربما ستؤول الدقة في التأمل سيميائيا، في وثوقية التبادل المقيد لكلمات للاملموسات، إلى عدم اليقين في الملموس. وما قد نصل اليه عند مدخل القصيدة، وما نود إن نقوله هنا، ان ما يميز الشاعرة في الحديث من دون بهجة او غبطة، هو أن الذات المتأولة في الادراك المحض ليس بمقدورها إنجاد نفسها في الأغتراب. الشاعرة أعتزلت الدفاع عن الوسائل، لانها لم تكن تمتلك سوى اداة التمني .. (ليت )، أما في التحاور الحي في ذاتها بـ( لي) فأنما مكنتها من الاحتياط بما يلزم بقصد دفع أي تفسير مقلوب مفاجيء، وأي استعمال سيء لصياغتها، وذلك بتفنيده جازمة في حديثها لنفسها. مما اتاح تلك التفحصات للذاكرة/الحلم بنظرة أفلاطونية نبيلة، أرست بقواعدها الشعرية بنظرة أفلاطونية، أفردت لها صحوة وذائقه بملموسيات مُبهرة، وهنا لابد من ظهور عامل اليأس من هدايا كل الآلهة، التي ضلت ضلالها في جموحها المُبين والظاهر في صوتها الصارخ المُتحدي، والذي يُخفي هدوءاً مستوراً، حين يبدأ مطلع القصيدة: ليّتَ لي الوقت كي أحُدثك حديث السَحر ...... ..... وسنسكملها البقية في لقة لاحقة 2
نيويورك-12.01.2015
#أبُو_ذَرّ_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعارف النظرية والموهبة التطبيقية في المجال الموسيقي عند سا
...
-
اسامة حيدر: الكتابة العلمية، شراكة مشروطة بالتخصص
-
رؤية عن: قراءة في كتاب ريتشارد دوكنز ( الجين الأناني ) للزمي
...
-
ميتافيزيقا الطبيعة الأنسانية وميتافيزيقا الأخلاق في أوراق نا
...
المزيد.....
-
في ذكرى رحيله الستين.. -إيسيسكو- تحتفي بالمفكر المصري عباس ا
...
-
فنان أمريكي يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بتنفيذ إبادة جماع
...
-
-الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا
...
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|