احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 4691 - 2015 / 1 / 14 - 23:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شارلي إبدو..الاساءة للرسول وتغيير الخطاب الديني
في هجوم اشبه بالافلام الهوليودية ، تعرضت العاصمة الفرنسية باريس ، لاسوأ هجومين منذ عقود ، استهدفا امنها واعلامها ، الهجوم الاول كان هدفه صحيفة شارلي ابدو الساخرة ، التي استفزت ومازالت كثيرا من المشاعر برسوماتها وتعليقاتها المسيئة للاديان ، وخاصة للاسلام والرسول محمد (ص) ، وكانت الحصيلة 12 شخصا قد قتلوا، بينهم رجلا شرطة، و8 صحفيين، وأصيب 11 آخرون ، اما الهجوم الثاني فكان على متجر للاطعمة اليهودية ، اودى بحياة 4 أشخاص .
فالحديث عن ما تعرضت له باريس قتل بحثا وتحليلا ، وامتلأت به بطون الصحف والمجلات والقنوات المرئية والمسموعة ، من قبل المحللين والخبراء عن دوافعه واسبابه ونتائجه.. ، ولكن ما يهمنا الان ما قامت به صحيفة شارلي ابدو ،حيث صرح موزعو الصحيفة الفرنسية الأسبوعية الساخرة أن الصحيفة ستطرح ثلاثة ملايين نسخة في عدد يوم الأربعاء 14 يناير ، أن هذا العدد سيكون خاصا وسيصدر بـ 16 لغة للقراء في جميع أنحاء العالم ، وهذا ما تم بالفعل ، ويعد هذا الإصدار الأول للصحيفة بعد الهجوم الذي تعرضت له في السابع من يناير، ونشرت صورة كاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على غلاف العدد الجديد للصحيفة ، يظهر فيها النبي يذرف دمعة ويرفع لافتة كتب عليها “أنا شارلي”، الأمر الذى أثار غضب واستفزاز مشاعر مليار ونصف مسلم عبر العالم يكنون الحب والاحترام لنبي الرحمة محمد (ص) ، وعدد من المنظمات الإسلامية فى فرنسا وأوروبا والعالم ، وتصاعدت ردود الأفعال الغاضبة والرافضة لهذا الفعل ، فإقدام الصحيفة على هذا الفعل جاء ليصب الزيت على النار ، واشعال موجة جديدة من الكراهية والتمييز بين المسلمين وغيرهم في المجتمع الفرنسي والغربي والغالم كله ، فهناك حالة من الاحتقان وهذا ما نحشاه .
ومن هنا تعالوا نتحدث عن محمد صلي الله عليه وسلم بلغة من يتناولون شخصه الكريم بالاساءة لنوضح لهم بعض عطاءاته للانسانية ، فمحمد (ص) نبي ورسولا من عند الله وهدى ورحمة للعالمين ، كان كذلك معلما ورجل دولة ذات كاريزما فريدة لم يشابهه فيها احد من بعده على الاطلق ، ، واول من وضع اصول علم الاجتماع ، اول من وضع مبادئ علم الانسنة (الانثروبولوجيا ) ، اول من ادخل علم الاخذ بالاسباب ، اول من وضع قواعد الادراك والوعي بالذات ، اول من وضع قواعد الديمقراطية ، اول من وضع قوانين حقوق الانسان ، واول من وضع دستور مدني كامل ومتكامل ، اذا تعالوا نعرض له مشهدين فقط من مئات مشاهده على مسرح الحياة الانسانية .
*المشهد الاول : فدولة المدينة التي أقامها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قامت على بنود الصحيفة التي تعتبر كأول دستور مدني وضع يحافظ على الدين بتنوعه والنفس والعقل والنسل والمال والتي لا تحتوي على اي نص دينى كما يدعي البعض ، وبواسطة تلك البنود أصبحت المدينة دولة مدنية تقوم على حق المواطنة وتحقيق مصالح رعيتها ،تجتمع فيها الأجناس والديانات دون تمييز الكل فيها سواسية ، فالرسول عندما جاء الى المدينة أتى على أقوام بعقائد مختلفة كالانصار واليهود والنصارى والوثنين وكذلك المقيمين فيها من الاجانب كالفرس والرومان وغيرهم من الاجناس ،فأرادها الرسول بتخويل الانصارله والتحدث بأسمهم مع باقي الاقوام أن تكون دولة مدنية ببنود الصحيفة التى لاتحتاج إلى شرح او حتى توضيح فهى أشد وضوحا من الشمس فهى تشمل المفهوم الصحيح للمجتمع المدني فنفهم منها حفظ حق كل إنسان فى ممارسة دينه ثم حقه فى عدم التلبيس عليه والتغرير به ثم حفظ عرضه وشرفه من الانتهاك وحقه وحريته فى ماله ومنفعته ، وتحريم السخرة وحرية الاعتقاد واختيار العمل وتحديد الاجر والسَكن وحرية الحركة وحق الانضمام والاندماج فيها بعد استيفاء العهود، فالصحيفة وما فيها من بنود تم تسخيرها وتطويعها لتسهيل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والانتاجية داخل وخارج المدينة.. كتنظيم مياه الري وحق الانتفاع بالارض ونظم الريع وحق الملكية بكافة انواعها وتشجيع الزراعات والمهن والحرف، حيث حقق بها لدولة المدينة المدنية كيان اقتصادي متكامل ، ففي بنودها ماينظم العلاقة بين المسلمين ومن يدينون بباقي الاديان من أهل الكتاب فله سائر الحقوق وعليه كامل الواجبات بالتساوى دون تمييز, تلك هى بنود الصحيفة التي وضعها الرسول بالاتفاق مع الاخرين تصلح كوثيقة ودستور لكل زمان ومكان.
*المشهد الثاني : عندما دخل مكة فاتحا منتصرا ماذا فعل هل انتقم، قتل، علق المشانق ، اغتصب، نفى احد ، فهذا هو كان السائد وقتها وحتى الان ، بل قال لهم اذهبوا... فأنتم الطلقاء ، حقا ان يكون مُعلمنا محمد ، ومازال محمد صلى الله عليه وسلم .
ولكن في المقابل ماذا فعلنا نحن لنصرة نبي نؤمن به وبرسالته ، تركناه لهؤلاء ينهشون فيه ويتناولونه كما يريدون بكل سوء ، فالحل لايكمن فقط في الوقفات والاحتجاجات والتنديد ورفع الريات السوداء والبيضاء واللافتات وحشد الحناجر، بل بنبذ العنف والإثارة والتخريب والقتل حتى لا نسيئ للهدف والمضمون ونحولها لاداه ودليل ادانة علينا وتأكيدا لما يدعون ، فنحن ضربنا بثورتنا خير مثل باستخدام الادوات التي كانوا يتفاخرون بها علينا ومنها(العالم الافتراضي)الذي استخدم بصورة ابهرت الغرب صانعها ، فعلى الجميع اتمام الطريق وكل من يجيد التواصل ابراز الصورة الحقيقية لنبي الاسلام سواء كان ذلك من خلال حديث او تعليق او صورة او جملة اوحتى كلمة هذه امانة في اعناقنا ، كذلك على علماء الدين ان يخرجوا من عباءتهم التقليدية ويتحدثون مع الاخرين بطريقتهم واسلوبهم ، لقد سئم الجميع من هذا الحديث الجامد القديم المتخشب ، متناسين بان العالم تغير وتطور واصبح قرية صغيرة ، فحديثهم مازال يدور حول ما اختلف عليه وكأن النبي محمد والاسلام جاء للاختلاف لا للاتفاق ، ففي الاونة الاخيرة خرج علينا من يريد ان يخطف الإسلام من عامة المسلمين ويجعله حجراعليه واصبح شغله الشاغل واحاديثه عن تفاصيل المرأة وشيطان الغواية الكامن فيها ووجوب أخذ الرجل لكافة احتياطاته كي لا يُغوى ، والبعض الآخر منهم منشغل بوضع خطط الجهاد الفريضة الغائبة كما يسمونها ، يشحنون بها عقول الشباب تعطلت ملكة التفكير فيهم بسبب التربية والطاعة العمياء، بينما شيوخهم كما يدعون هم في بيوتهم الفارهة والمكيفة الهواء ينعمون بما أنعم الله عليهم من أموال ونساء وما امتدت إليه أيديهم بتواطؤ واضح مع أولي الأمر منهم ، وللاسف مستندين الى احاديث كاذبة ملفقة ليس لها شئ من الصحة ، وكتب تراث قديمة بها الكثير من الإفتراءات على الله و رسوله وحان الأوان لمراجعه شامله لكل هذه الكتب والمجلدات و تنقيه دين الله من كل هذه الشوائب التي ينسوبها الى النبي محمد وتسيئ اليه بينما وصفه الله في كتابه المجيد وانك لعلى خلق عظيم ، فنحن مقصرون وبتقصيرنا سمحنا لهؤلاء بالاساءة لنبي الامه محمد صلي الله عليه وسلم ، فعلينا جميعا وعلى كل الهيئات والمنظمات الاسلاميه الي تاكيد رفضها وادانتها لهذا العمل المسيء ليس بالشجب والادانة فقط بل القيام بدور عملي من خلال نشر الحقيقه حول ما يتصل بحياه النبي صلي الله عليه وسلم وعطائه للانسانيه ، وهذا من خلال خطاب ديني جديد متحضر يواكب هذا العصر وبأدواته ، فنحن ندين ما تعرضت له باريس من عمليات ارهابية ، كذلك ندين ما تقوم به صحيفة شارلي ابدو من افعال لانه الارهاب بعينه .
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟