أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فضيلة يوسف - رسالة من المعذبين في الأرض















المزيد.....

رسالة من المعذبين في الأرض


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4691 - 2015 / 1 / 14 - 23:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم يكن الهجوم الإرهابي الذي وقع في فرنسا على الصحيفة الساخرة شارلي ابدو حول حرية التعبير ، ولم يكن حول الإسلام الراديكالي، ولم يوضح الصراع الوهمي بين الحضارات. لقد كان نذيراً - للواقع المرير الناشئ عند المعذبين في الأرض، المحرومين من الموارد اللازمة لبقاء حياتهم الخالية من الأمل، المسيطر عليها بوحشية ، من أصحاب الامتيازات الذين يعيشون في عز وكسل في الغرب الصناعي - ظهر في غضب عدمي .
لقد هندسنا غضب المعذبين ، لقد ولّد شر الرأسمالية العالمية المفترسة والإمبراطورية شر الإرهاب ، وبدلاً من فهم جذور الغضب ومحاولة التحسين ، قمنا ببناء آليات متطورة من الأمن والمراقبة، وإصدار القوانين التي تسمح بتنفيذ الاغتيالات المستهدفة وتعذيب الضعفاء، وكدّسنا الجيوش الحديثة وآلات الحرب الصناعية للسيطرة على العالم بالقوة. هذا الشيء ليس عن العدالة ، ليس حول الحرب على الإرهاب ، ليس حول الحرية أو الديمقراطية ، ليس عن حرية التعبير ، إنه حول التدافع المجنون من قبل أصحاب الامتيازات من أجل البقاء على حساب الفقراء. والفقراء يعرفون ذلك.
إذا كنت قضيت بعض الوقت مثلي في غزة والعراق واليمن والجزائر ومصر والسودان، فضلاً عن الأحياء الكئيبة المعزولة المعروفة باسم الضواحي التي تطوّق المدن الفرنسية مثل باريس وليون ، التي يتكدّس بها المهاجرون من شمال أفريقيا الفقير، تبدأ بفهم الإخوة شريف الكوشي وسعيد الكوشي ، اللذان قُتلا الجمعة في معركة بالأسلحة النارية مع الشرطة الفرنسية. هناك وظائف قليلة في هذه الأحياء (الجيوب القذرة) . العنصرية علنية. اليأس مُستشر، وخاصة بالنسبة للرجال، الذين يشعرون أنهم لا أهداف لهم . يتعرُّض المهاجرون للمضايقات ، من قبل الشرطة أثناء فحص الهويات ،بشكل ثابت تقريباً. سحبت الشرطة أحد المهاجرين من شمال افريقيا مرة ، دون سبب واضح، من مترو الانفاق في باريس وضربوه بلا رحمة على المنصة. يشكل المسلمون الفرنسيون 60 الى 70 في المئة من نزلاء السجون في فرنسا. وتنتشر المخدرات والكحول مثل صفارات الانذار لتخدير الآلام في المجتمعات الإسلامية الفقيرة.
لا يُعتبر 5 ملايين من شمال أفريقيا في فرنسا فرنسيين من قبل الفرنسيين. وعندما يعودون إلى الجزائر، طنجة أو تونس، ربما حيث ولدوا وعاشوا لفترة وجيزة، تتعامل معهم الشعوب كغرباء منبوذين . ضائعون بين عالمين، ينجرف الشباب كما فعل الأخوين كوشي، إلى التوهان ، والجرائم الصغيرة والمخدرات.
أن تصبح مقاتلاً مقدساً، جهادياً، بطلاً مثالياً مطلقاً ونقياً ، هو تحوّل حتى الثمالة، وهو نوع من الانبعاث يجلب الشعور بالقوة والأهمية وهذا مألوف أن تكون جهادياً إسلامياً، كما كان مألوف لعضو في الكتائب الحمراء أو الأحزاب الفاشية والشيوعية القديمة. التحوّل إلى المثالية المطلقة التي تعد بدخول المدينة الفاضلة وتبنّي النظرة المانوية للتاريخ الذي يعجّ بالنظريات الغريبة. مقاومة وحتى قوة لطيفة يرافقها خبث خفي. يعتقد المتحولون أنهم يعيشون في كون ثنائي مقسّم بين الخير والشر، النقاء والدناسة. يقدّسون أبطال الخير والنقاء من وجهة نظرهم ويشوهون صورة غير المؤمنين بهم. وهم يعتقدون أنهم سيغيرون التاريخ. ويتبنون العنف المفرط كأنهم وكلاء لتطهير العالم من الملوثات ، بما في ذلك أولئك الذين ينتمون إلى أنظمة معتقدات وأعراق وثقافات أخرى. هذا هو السبب في أن أقصى اليمين المتطرف في فرنسا يلتف حول Marine Le Pen ، زعيمة الجبهة الوطنية المعادية للمهاجرين ، التي لديها الكثير من القواسم المشتركة مع الجهاديين التي ترغب Le Pen في إفنائهم.
عندما تغرق في اليأس، وتعيش في غزة المحاصرة ، في السجن الواسع الذي خلقته إسرائيل في الهواء الطلق ، عندما ينام 10 أشخاص على أرضية في كوخ حقير ، عندما تمشي كل صباح في الشوارع الموحلة في مخيم اللاجئين للحصول على زجاجة من المياه لأن الماء الذي يتدفق من الصنبور الخاص بك ملوث ، عندما تصطف أمام مكاتب الأمم المتحدة للحصول على القليل من الطعام لأنه لا يوجد عمل لك وعائلتك تُعاني من الجوع، عندما تُعاني من القصف الجوي الدوري من الجيش والطيران الإسرائيلي الذي يترك مئات القتلى، الشيء الوحيد الذي يتبقى لك هو ديانتك . يمنحك الانضمام إلى الصلاة خمس مرات في اليوم، شعوراً ومعنى خاص لحياتك ، والأهم من ذلك، تقدير الذات. وعندما يسخر العالم الأكثر حظاً من شيء واحد يوفر لك الكرامة، أنت تغضب ، ويتفاقم هذا الغضب عندك وعند جميع من حولك عندما تعجز عن الرد.
الرسوم الكاريكاتورية عن النبي في الصحيفة الأسبوعية الساخرة شارلي ابدو ومقرها باريس صبيانية وقبيحة. وغير مضحكة. وفضحت المعايير المزدوجة البشعة عندما يتعلق الأمر للمسلمين. من ينكر المحرقة ، أو الإبادة الجماعية للأرمن ، يمكن أن يسجن لمدة عام ويُجبر على دفع غرامة 60000 دولار في فرنسا . بل إن السخرية من المحرقة كما سخرت تشارلي ابدو من الإسلام فعل إجرامي في فرنسا. يتعلم طلاب المدارس الثانوية الفرنسية عن الاضطهاد النازي لليهود، ولكن نفس هؤلاء الطلاب لا يتعلمون في كتبهم المدرسية أي شيء تقريباً عن الفظائع الفرنسية على نطاق واسع، بما في ذلك عدد القتلى في صفوف الجزائريين التي تقدرها بعض المصادر بأكثر من 1 مليون نسمة، أثناء حرب الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي . ويحظر القانون الفرنسي على النساء ارتداء البرقع، وهو غطاء للرأس عند النساء يضم شبكة على الوجه، فضلاً عن النقاب، الحجاب الكامل الذي يحتوي على فتحة صغيرة للعيون. يمكن اعتقال أو تغريم النساء اللاتي يرتدين هذه في العلن بما يعادل حوالي 200 دولار، ويجبرن على القيام بخدمة المجتمع. حظرت فرنسا التجمعات لدعم الفلسطينيين في الصيف الماضي عندما كانت إسرائيل تنفذ الضربات الجوية اليومية في غزة التي أسفرت عن مئات القتلى من المدنيين. الرسالة إلى المسلمين واضحة: تقاليدك وتاريخك ومعاناتك لا تهمنا . لن نسمع روايتك. كان لدى Joe Sacco الشجاعة للإشارة إلى هذه النقطة في لوحات نشرتها صحيفة الغارديان. وكما أشار Sacco ، إذا لم نسمع رواياتهم فإننا سوف نسوّق إلى المالانهاية إرهاب الدولة ضد الإرهاب.
"إنها حالة محزنة عندما تعني (الحرية) حرية الشتم والاستهزاء بمفاهيم مقدسة عند الناس، قال لي حمزة يوسف، وهو طالب مسلم أمريكي يعيش في ولاية كاليفورنيا، في رسالة بالبريد الالكتروني: " برأت المحاكم في دولة لاتينية شخصاً من جريمة قتل لأن القتيل قذف وشهّر بوالدة المتهم. رأيت هذا في إسبانيا منذ سنوات عديدة. وهذا ليس مبرراً للقتل، ولكن هذا يفسر الأشياء بالنسبة للشرف، الذي لم يعد يعني أي شيء في الغرب. ايرلندا هي البلد الغربي الذي لا يزال يحتفظ ببعض من ذلك، كانت قوانين المبارزة الايرلندية التي استخدمت قديماً في ولاية كنتاكي تعني الشرف وتم حظر المبارزة عندما انضمت الولاية للاتحاد. كانت المبارزة شيئاً بارزاً جداً في الغرب وشيئاً عميقاً في نفوس الرجال ، والآن لا يسمح لنا أن نشعر بالإهانة من أي شيء غير الافتراء العنصري، ويشعر الشخص المتدين جداً بالإهانة من الهجوم على دينه. فلا تزال الدول الإسلامية تخضع ، كما تعلمون جيداً، لرموز الشرف وأهمها الدين. شعرت بالحزن من تغريدة وملصقات "أنا تشارلي" ، وأنا بالتأكيد لا أتعاطف مع هؤلاء الحمقى المضللين [المسلحين الذين غزوا الصحيفة]، ولكني لا أتضامن مع المستهزئين ".
أقالت شارلي ايبدو فناناً وكاتباً عام 2008 بسبب مقال أُعتبر معادياً للسامية على الرغم من إصرارها على أنها تستهدف الجميع على قدم المساواة.
كنت أعيش في باريس وأعمل مراسلاً لصحيفة نيويورك تايمز بعد وقت قصير من هجمات 11 أيلول، ، ذهبت إلى ضاحية يعيش بها المهاجرون من شمال أفريقيا في شقق نوافذها مهشمة وتتناثر القمامة على السلالم. نددت الشعارات على الجدران بالحكومة الفرنسية ووصفتها بالفاشية. يبيع أعضاء العصابات الرئيسية الثلاثة الكوكايين والحشيش في مواقف السيارات وسط هياكل سيارات محترقة. ورشق بعض الشبان الحجارة في وجهي. وردد المتظاهرون "اللعنة على الولايات المتحدة! اللعنة على الولايات المتحدة! اللعنة على الولايات المتحدة "و" أسامة بن لادن! أسامة بن لادن! "وكتبوا على باب شقة امرأة يهودية مسنة "الموت لليهود ".
كان أسامة بن لادن بطلاً في الضواحي . وعندما وصلت أنباء عن هجمات 11 أيلول خرج الرجال والشباب من شققهم يهتفون باللغة العربية، "الله أكبر!" .عُقدت أول مباراة لكرة القدم بين فرنسا و الجزائر منذ حرب الاستقلال الجزائرية التي انتهت في عام 1962 قبل بضعة أسابيع في فرنسا . سُمع التصفير أثناء النشيد الوطني الفرنسي. وردد المتظاهرون "بن لادن! بن لادن! بن لادن! ورُشقت "وزيرتان فرنسيتان ، بالزجاجات. ومع اقتراب المنتخب الفرنسي من الفوز، نزل المشجعون الجزائريون، على أرض الملعب لوقف المباراة .
قال لي محمد أباك وهو مهاجر مغربي كان يجلس مع اثنين من أصدقائه على مقاعد خلال زيارتي للحي عام 2001 :تُريد منا أن نبكي على الأمريكيين أين أنتم عندما يُقصف ويُقتل الفلسطينيون والعراقيون كل يوم؟. نحن نريد المزيد من الأمريكيين القتلى حتى يروا ما نشعر به.
وقال لالا تولا مهاجر جزائري يعمل لسنوات عديدة كميكانيكي في السكك الحديدية. "تُعلن أمريكا الحرب على المسلمين منذ وقت طويل"، "ما حدث مجرد رد فعل".
من الخطورة بمكان تجاهُل هذا الغضب. ولكن الأكثر خطورة رفض دراسة وفهم أصوله. لم ينشأ من القرآن الكريم أو الإسلام. لقد نشأ من اليأس الشامل، من ظروف الفقر، جنباً إلى جنب مع العنف الغربي الإمبريالي، والاستغلال الرأسمالي والغطرسة. وبما أن موارد العالم تتناقص، وخصوصاً مع تغير المناخ، أرسلنا رسالة للمعذبين في الأرض صارخة واضحة لا لبس فيها: (لدينا كل شيء، وإذا حاولتم أن تأخذوا منا أي شيء سوف نقتلكم). أرسل المعذبون رسالة صارخة واضحة لا لبس فيها : تم تسليمها في باريس.
مترجم
Chris Hedges



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعوم تشومسكي - شارلي ابدو : نحن جميعاً مستهدفون
- أنتم تُطلقون النار كالمعاقين : تسجيلات رفح وتطبيق توجيه هاني ...
- عام الطائرات بدون طيار القاتلة
- غزة : حرب واحدة ، عائلة واحدة ، 5 أطفال ،4 شهداء
- اليس في بلاد عجائب فيتو مجلس الأمن
- بالنسبة للفلسطينيين :الأمم المتحدة عديمة الفائدة
- العائلة التي تملك المناطق الحرة وتدعم الاستيطان في الضفة الغ ...
- تقرير التعذيب الأمريكي :(نعوم تشومسكي وديك - الجانب المظلم- ...
- آخر يوم في الخليل
- نهاية مميتة لديبلوماسية اوسلو .ماذا بعد؟
- هذا ليس اعترافاً !!
- صناعة الأسلحة الإسرائيلية تقبض ثمن الحرب على غزة
- غزة: منازل مدّمرة وحياة مدّمرة
- طائر العنقاء الفلسطيني
- في القدس - يُريدون معبداً دموياً-
- معركة القدس
- الفلسطينيون في القدس (بلا جنسية)
- جريمة القتل في كفر كنا (الخمر والدم والجازولين)
- تقرير منظمة العفو الدولية (AMNESTY) اسرائيل تقصف المنازل الم ...
- تقرير منظمة العفو الدولية (AMNESTY) اسرائيل تقصف المنازل الم ...


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فضيلة يوسف - رسالة من المعذبين في الأرض