أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بن زكري - الحرية لرائف بدوي















المزيد.....


الحرية لرائف بدوي


محمد بن زكري

الحوار المتمدن-العدد: 4689 - 2015 / 1 / 12 - 15:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان يوم 2 نوفمبر 2014 (منذ بضعة أسابيع مضت) يوما مشهودا ، لا .. بل إنه كان يومَ تحوّلٍ (حضاريّ !) فارقٍ ، في تاريخ مملكة النفط و الظلام ، منذ أن أعلن عبد العزيز آل سعود عن قيامها ، على أرض الحجاز ونجد - بتاريخ 23 سبتمبر 1932 - باسم : المملكة العربية السعودية !
فبعد اثنين و ثمانين عاما من الجدال و الخلاف الفقهي العميق بين علماء الشريعة الإسلامية ، حول ما إذا كان { التصفيق } حلالا أم حراما في الإسلام ، مع تبني الدولة رسميا لفتوى حُرمة التصفيق .. باعتباره عملا (كُفريّا) من أعمال الجاهلية و التشبه بالكفار ، وذلك تأسيسا على تفسير الآية : " وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَ تَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ " [الأنفال 35] ؛ أقدَم مجلس الشورى (البرلمان الإسلامي) في المملكة الوهابية .. على اتخاذ قرار (شوريّ) بأغلبية الأعضاء ، يقضي بأنّ { التصفيق } حلال ، كآلية رسمية للترحيب بالضيوف ، حيث اتضح أخيرا - بعد مضي 1436 عاما هجريّا - أن التصفيق لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية (دستور المملكة) ، وفقا لفتوى الشيخ ابن العثيمين ! .
و لم تمضِ سوى بضعة أسابيع على هذا الحدث الشوريّ (الديمقراطيّ !) ، ذي الدلالة الرمزية الخاصة ، في تاريخ دولة النفط و الظلام ؛ حتى أعقبه النظام الدكتاتوري الشمولي الثيوقراطي ، بحدثٍ شوريّ (ديمقراطيّ جدا هذه المرة !) ، هو حدث ذو دلالة أكثر و أوثق خصوصية في رمزيته لطبيعة الاستبداد الوهابي ، في مملكة آل سعود الظلامية ؛ فالحدث كان إيقاع عقوبة (حد الجَلد) تعزيرا ، بحق ناشط حقوق الإنسان .. المدوّن السعوديّ : رائف بدوي .
ففي يوم الجمعة 9 فبراير 2015 ، عقب الصلاة . و وسط حشدٍ أمنيّ كثيف ، أمام أحد المساجد في جدة . و بحضور و على مشهد جمهور من مئات المسلمين ، الذين كانوا قد توافدوا للصلاة : جرى تنفيذ حكم العدالة الوهابية الإرهابية ، بحق مؤسس الشبكة الليبرالية السعودية الحرة - موقع على الإنترنت - الأستاذ : رائف بدوي ، حيث لسع سوط الجلاد ظهر ناشط حقوق الإنسان ، بعدد 50 جلدة ... كدفعة أولى من أصل 1000 جلدة .
و كانت محكمة الاستئناف في مملكة آل سعود الوهابية ، قد أصدرت - يوم 1 سبتمبر 2014 - حكمها (الإرهابي) النهائي ، بتأييد الحكم الهمجي الصادر بحق الناشط الحقوقي السعودي (رائف بدوي) . و هو الحكم الفضيحة ، الذي أثار تنفيذه موجة من ردود الفعل الساخطة عبر العالم ، فأصدر الأمين العام للأمم المتحدة - بان كي مون - بيانا أعرب فيه عن قلقه جرّاء تنفيذ حكم الجلد ، و وصفته الخارجية الأميركية بالعقوبة " الوحشية " ، و دانته منظمة العفو الدولية بشدة - في بيان رسمي - معتبرة رائف بدوي سجين رأي .. و طالبت بإطلاق سراحه فورا دون قيد أو شرط ، و في بيان لمنظمة مراسلون بلا حدود .. نددت بما اعتبرته " عقوبة غير إنسانية و مخالفة للقانون الدولي " ، في حين نظم حقوقيون من مختلف الانتماءات (10/1/2015) وقفة احتجاجية ، أمام مركز الملك عبد الله الدولي { للحوار بين الأديان } في العاصمة النمساوية فيينا ، للمطالبة بالإفراج عن المدون السعودي ، رافعين لافتات مكتوب عليها " الحرية لرائف بدوي " ...
و حُكم العدالة السعودية الوهابية ، الصادر ضد رائف بدوي ، يقضي بسجنه عشر سنوات .. و جَلده ألف جلدة .. و منعه من السفر و الظهور في الإعلام لمدة عشر سنوات ، بذريعة مخالفة المادة 6 من قانون مكافحة جرائم المعلوماتية ، التي تعاقب - بنصها المطاط - على “ إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام ، أو القيم الدينية ، أو الآداب العامة ، أو حرمة الحياة الخاصة ، أو إعداده ، أو إرساله ، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية ، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي ” . حيث اتُهم رائف بانتقاد هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (الشرطة الدينية) في كتاباته الإلكترونية . [ هذا أحد دوافع الإصرار المستميت ، على دسترة الشريعة في ليبيا ] .
فما هي تلك الجريمة الكبرى ، التي ارتكبها المواطن السعودي رائف بدوي ، حتى يستحق كل هذا العقاب الحاقد و الانتقامي ، الذي أوقعته به عدالة مملكة آل سعود الوهابية ؟ و هي إحدى الدولة المؤسِّسة لمنظمة الأمم المتحدة ، و الموقعة على ميثاقها الصادر بسان فرنسسكو في 26 يونيو 1945 ، الذي ينص في ديباجته على " وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره " ، و هي الدولة الملزمة - بحكم عضويتها في الأمم المتحدة - باحترام حقوق الإنسان و حرياته ، المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر 1948) ، الذي تقضي المادة 5 منه بـ " لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة " ، و تنص المادة 19 منه على " لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون أي تدخل ، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين ، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية " .
فرائف بدوي لم يتآمر لاغتيال طويل العمر خادم الحرمين الشريفين ، و لم يكن عضوا في مؤامرة انقلاب عسكري لإنهاء حكم عائلة آل سعود الوراثي في نجد و الحجاز ، و لم يدعُ لعصيان مدني ضد دكتاتورية الدولة السعودية الثيوقراطية الشمولية الفاسدة في جزيرة العرب .
وكل جريرة رائف بدوي هي مجرد الانتقاد - على الانترنت - لتشدد المؤسسة الدينية الوهابية ، التي أحالت حياة الملايين إلى جحيم لا يطاق ؛ من التضييق على الحريات العامة و الخاصة ، و التدخل في كل كبيرة و صغيرة من خصوصيات الناس ، و حرمان النساء من أبسط حقوق المواطنة . و كل جريمة رائف بدوي هي التحذير من عواقب صناعة الإرهاب في المؤسسات التعليمية السعودية ، و دعم ممارسته في الداخل ، و تصديره إلى الخارج .
رائف بدوي هو الآن سجينُ رأي ، يقبع في عتمة زنزانته بواحد من السجون سيئة السمعة ، في مملكة النفط و الظلام ، يتلقى الدفعات الأولى من الألف جلدة ، بينما تتشدق المملكة السعودية و تكذب .. متنصلة من مسؤوليتها المباشرة عن الإرهاب الداعشي في العراق و سوريا ! و من المفارقات الغريبة (و الفاضحة للنفاق السعودي) أن ينفذ الحكم الإرهابي و المهين للكرامة الإنسانية بجلد رائف بدوي ، بعد 48 ساعة من تنديد مملكة آل سعود بالاعتداء الإرهابي على صحيفة شارلي ئيبدو !
إن المملكة العربية السعودية ، هي المصدر الأصلي و الرئيس للإرهاب الإسلامي الذي يجتاح العالم ، و من مدارسها الدينية - داخل المملكة وخارجها - تخرّج أعتى الإرهابيين القتلة ، المحشوة أدمغتهم بالفكر السلفي الوهابي التكفيري ، الذي يشكل الايديولوجيا الجهادية المقدسة لكل التنظيمات الإرهابية الإسلامية ؛ بدءً من تنظيم القاعدة في أفغانستان ، مرورا بحركة شباب الإسلام في الصومال و حركة بوكو حرام في نايجيريا و جبهة النصرة في سوريا .... و ليس انتهاءً إلى تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا .
و ليس تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق و سوريا ، و المتمدد وبائيا إلى عديد الدول .. إلا فصيلا وهابيا ، يستمد فكره الظلامي التكفيري الإرهابي من المدرسة الفكرية الوهابية ، التي تقوم عليها و تديرها المؤسسة الدينية (الرسمية) السعودية الوهابية ، التي تملك سلطة دينية مطلقة ، بالتوازي مع السلطة السياسية الثيوقراطية المطلقة لأسرة آل سعود . و إن المملكة العربية السعودية ـ مع مشيخة قطر الوهابية - هي من يدعم الإرهاب الإسلامي في العراق ، كما يدعم الإرهاب و الإرهابيين في الحرب على الدولة السورية - سرا و علانية و بلا حدود - بالمال و السلاح و الحرب الإعلامية ، بالتقاطع مع الأجندة الصهيو أميركية لإعادة رسم الخارطة الجيوستراتيجية للشرق الأوسط .
و ما تظاهر المملكة العربية السعودية (مؤخرا) بمناهضتها للإرهاب الداعشي .. سوى بروباغندا جوفاء موجهة للاستهلاك الخارجي . أما في داخل المملكة ؛ فإن الحقيقة المخزية لدكتاتورية مملكة آل سعود ، و الحقيقة المخزية للعقيدة السلفية الوهابية الإرهابية ، و الحقيقة المخزية لعدالة المحاكم السعودية الهمجية .. المتناقضة تناقضا مطلقا مع المواثيق و الاتفاقيات الدولية و أحكام القانون الدولي الإنساني ، نجدها متمثلة - هذه المرة - في الحكم الصادر بحق الناشط الحقوقي السعودي رائف بدوي .
فلعنة التاريخ و الإنسانية على أعداء الحرية و السلام و الحضارة ، في مملكة النفط و الظلام و الإرهاب .
و الحرية لسجين حرية الرأي (رائف بدوي) .
و الحرية لكل سجناء الرأي في كل مكان
و التضامن مع كل ضحايا تسونامي الإرهاب الجهادي الذي يجتاح الآن كلَّ أرضٍ يرتفع فيها الأذان .. تجسيدا عمليا للفكر التكفيري في العقيدة السلفية الوهابية السعودية ، و انتشارا لوباء الإيبولا الداعشية المصنّع في (مختبرات) مناهج التعليم الرسمي السعودي ، تلك التي تشرف عليها أو تديرها أو تراقبها أو تموّلها المؤسسة الدينية الوهابية .. داخل و خارج مملكة الظلام و الإرهاب و البترودولار .



#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في تونس : أنت وطني ؟ أنت ثوري ؟ إذن صوت للسبسي
- مواقف غير محايدة
- في دولة تكبيييرستان : كش ملك ، انتهت اللعبة !
- نحو إقامة الدولة الإسلامية في ليبيا
- التخلف الاجتماعي و البدْوقراطية
- التأسيس لدولة النهب القانوني
- النبي والنساء
- الناسخ والمنسوخ والمفقود والمرفوع
- المارشال السيسي و سؤال الهوية
- أم ريكا مستاءة و ريكا غاضبة
- الأسطورة و الدين
- انتبهو ! الشعب يمهل و لا يهمل
- أردوغان و مسمار جحا العثمانيّ في سوريا
- ظاهرة السيسي
- مات الملك .. عاش الملك !
- فصول من تراجيديا الربيع العربي


المزيد.....




- الاحتلال يزعم إحباط تسلل قرب رام الله ويقتل فلسطينيا في نابل ...
- ترامب: موقف الجيش الروسي في حصاره لقوات كييف في كورسك قوي لل ...
- ترامب يتوقع أخبارا -جيدة- من روسيا وستارمر يشكك في جدية بوتي ...
- إعلام: السلطات الأمريكية تخطط لفرض قيود على دخول المواطنين ا ...
- قائمة بالجنسيات.. السلطات الأمريكية تخطط لمنع مواطني دول عرب ...
- ترامب حول مفاوضات وقف النار بغزة: الوضع معقّد للغاية.. نأمل ...
- رجل أعمال يرفع دعوى ضد نائبة أمريكية اتهمته بـ-الاعتداء الجن ...
- روبيو: الولايات المتحدة تعارض فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جد ...
- تعيين ملياردير أمريكي نائبا لوزير الدفاع
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على مشروع قانون تمويل مدته ستة أش ...


المزيد.....

- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بن زكري - الحرية لرائف بدوي