مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 4688 - 2015 / 1 / 11 - 19:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( كتبت بعد قيام داعش بإعدام امرأة في ريف حماة بتهمة "الزنا" , تنشر متأخرة بسبب ظروف خاصة ) إن ميوعة موقف الليبراليين و اليسار التقليدي من حادثة إعدام امرأة في ريف سوريا على يد داعش لأنها "زنت" أمر مشين جدا لحد القرف .. القضية الأساسية هنا ليست فقط في إدانة جماعة كداعش تعطي نفسها الحق في قتل الآخرين , القضية الأساسية هي في معنى الحرية الإنسانية , معنى الإنسان نفسه .. القضية هي في أن يصبح الإنسان مالك نفسه , لا أي شخص آخر , أو أية قوة أخرى .. في مواجهة هذه الحرية يصبح الاغتصاب الذي يمارسه الداعشيون بقوة السلاح و السلطة و المال و الله و العادة و الجماعة , و الرأسماليون بقوة المال , و الذكور بقهرهم للجنس المؤنث , الخ , هو الجريمة الفعلية بحق الإنسان , ضد جسده و عقله و روحه , لا ما تسميه الأخلاق السائدة بالزنا .. لكن الليبراليون و أسلافهم أو منافسيهم من يساريين سلطويين يرون أن الإنسان بالفعل لا يملك نفسه , أنه دائما مملوك لشخص آخر , لقوة أخرى , تحدد له ما يجب أن يفعله و تعاقبه إذا خالف إرادتها أو إذا شاءت ذلك , هي من يملك جسده و روحه و مصيره , و تتجسد هذه القوة في سلطة لأقلية محدودة جدا , تعطي لنفسها حق التحدث باسم الجميع , و معاقبة الجميع , و فرض كل شيء على الجميع , باختصار استعباد الجميع .. لكن السلطويون لا يعتبرون هذا استعبادا أو يعتبرونه ضروريا .. يكفي هنا أن نقارن بين ماكس شتيرنر و كارل ماركس لنفهم هذا الأمر بشكل أعمق : في كتابه "المتفرد و ما يملك" كان شتيرنر واضحا : يجب أن يكون الفرد مالك نفسه , جسده , عقله , مصيره .. صحيح أن غالبية الأناركيين بعد شتيرنر استنتجوا , مثل ماركس , ضرورة أن يمتلك المنتجون وسائل الإنتاج , لكن هذا بالنسبة إليهم مجرد وسيلة , وسيلة للوصول إلى الغاية التي حددها شتيرنر : أن يصبح الفرد مالك مصيره , لا عبدا لسلطة جديدة و لقوانينها الجديدة , كما أراد ماركس و تلامذته من بعده ..
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟