أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - مجرد كلام قادسية الذبان















المزيد.....

مجرد كلام قادسية الذبان


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4686 - 2015 / 1 / 9 - 21:29
المحور: كتابات ساخرة
    



مجرد كلام ـ قادسية الذبان

ينتظر (شيّاب) هولندا نزول الثلج في بلدهم ولو مرّة في الشتاء، ويقولون انه ضروري لتعقيم ما على الشجر وتحت الحجر، وهو ـ يؤكدون ـ كفيل بقتل يرقات الحشرات الضارة والبكتريا والعفن، وأنّ ربيعاً خالٍ من الأوبئة والزكام وأمراض البرد سوف يحل عليهم.

أجبتهم بأن ما متوفر لدينا نحن ـ العراقيون ـ هو شمس تمّوزية رهيبة، تحت أشعتها تصل بالحرارة تحتها لسبعين، وهي كفيلة (بتعفير) الشجر والحجر وحتى البشر بكفاءة نُحسد عليها، ولولاها لانتشرت الأمراض بسبب القذارة والتلوث وسوء التعقيم، فهي تقضي على بيوض الذباب والبعوض وتمنع انتشار أشد عدوى، فأشعتها تعتبر فِرَق مكافحة مجانية ضد معظم الأوبئة والآفات التي لا تحمد عقباها ...

في الحالتين السابقتين، تعلن الطبيعة ـ مشكورة ـ حربها ضد انتشار الحشرات الضارة والتي على رأسها ... الذباب.
× × ×

لو كانت مساهمتي اليوم جادة وليست ـ مجرد كلام ـ لكنت قد ألقيت ضوء على وسائل مكافحة كل ما يضُرنا كالذباب والبعوض والجرذان... وحتى الضفادع والتماسيح، وأعلنتها حرباً ضدها، والقاء الضوء على ظاهرة انتشار تماسيح بمحافظة القادسية، والبحث عن حل للغز غزوها شط الديوانية، وأن أقترح على قائد القوة المُهاجمة (البطلة) التي (تولَتْ) التمساح المسكين بوابل طلق من كل ناحية وصوب، أن تأسره وتهديه لحديقة الحيوان في الزوراء، بدل خوض معركة (قادسية التماسيح) هذه.

ولكي أبقى بصدد قادسية واقعية أخرى حدثت منذ ثلاثون عام وسُمّيتْ بـ (قادسية الذبان)، سنمسك خيوطها من البداية ونتعرف على بطلها (هرمز) وهو اسمٌ سوف لن أنساه.
فالأسماء تمر بحياتنا كأننا أمام ممثلين بمسرحية، فننسى بعضها ونتذكربعضها لتكون ولسببٍ ما عالقة بذاكرتنا !
منها ...
لي زميل مشاغب في نفس الصف في الجامعة أسمه (جمال)...
وكان في درس الرياضيات المتقدمة بمرحلة الثالث يُدرسنا بروفيسور هندي ـ أسمه باج ياي ـ وهذه مادة معقدة جداً و(تُسطر سَطر) لدرجة أن الجامعة تعاقدت مع أساتذة هنود رفيعي المستوى لتدريسها.
في لهجة الهنود لا يمكن لفظ حرف الجيم فينطقوه (زاء) مدغمة، فيصيح الأستاذ على صاحبنا بـ (زَمال) وبتركيز شديد.
وتثور ثائرة (جمال) وسط ضحك الصف، ويؤكد للأستاذ بأن أسمه (جمال)، ويعود الهندي ليؤكد انه يلفظه صح ويبقى يهز رأسه ويقول ... (يَس ... زَمال).
إلى أن ملّ منه وصاح به: سير ... زَمال مينز دونكي !
(عاط) كل الصف: إي يدري !

كان لنا زميلين بنفس الصف بإعدادية المأمون، أحدهم مسيحي أسمه (أدور) والأخر كردي اسمه (أوراس)، اقترحنا عليهما لو تزوّجا أن يُسمي الأول ابنته (سلفا) والثاني يسمي ابنته (هند) ولما استفهما عن السبب، قلنا كي تصبح أسماء بناتكما ذات معانٍ معروفة، وبالتحديد بلدان بأمريكا اللاتينية، فالأولى ستكون (سلفادور) والثانية (هندوراس) !

ومفارقات الأسم الثلاثي الذي يبدأ مثلما ينتهي في بلاد العرب شائع، فقد كان اسم الأديب اللبناني الرائع (جبران) هو أول ما أوحى لي بهذه المفارقة، فقد غـَلبَ على موسيقى إشعاره الشفافة في ذهني، موسيقى أسمه ... جبران خليل جبران !
وفي العراق كثير مَن يُسمّي ولده على اسم أبيه تيمناً وحباً وعرفاناً ورد لجميل الأبوة وتخليداً لذكرى أبٍ متوفٍ، وهؤلاء كنا نسميهم بشعبة الترانزسترات...
P N P
في العراق يتكرر علينا تسميات مثل حسين علي حسين، و تستمر أحياناً (متوالية) الاسم لأجيال ، وحول ذلك مزيد من المفارقات.
× × ×

كل منا كان له (شرف) الاحتكاك بأناس تميزهم أسمائهم...
فقد كان معاون الآمر في وحدتي العسكرية خلال حرب إيران هو عقيد مهندس تلكيفي يُدعى (هرمز).
كان يمكن ان يـُـقرأ مقطعي اسمه بإتجاهين، ولما كنا نردده لعدة مرات متتالية وبسرعة يتداخل الاسم ونجد أننا نبدأ باسم هرمز وننتهي باسم ... مزهر
هرمز ... هرمزهرمزهرمزهرمزهر ... مزهر !

كان مُضرِب عن الزواج ومُقرف بكل شيء، كثير الكلام، كثير التدخل ... كثير بكل شيء مزعج، لكنه غير مؤذٍ، واقترحنا إخراج صفة (كثير) خارج قوس فنقول ...
عقيد هرمز كثير (الإزعاج والقرف والكلام والتدخل ... الخ)
والرجل (يسحك) سيجائر (بغداد) بكثرة أيضاً، فصار حتى الدخان من حوله كثير، حتى أن غرفته من دون كل غرف المقر أيضاً ... كثيرة الذباب !

أستخدم المراسلون كل طرق مكافحة الذباب الكيماوية والميكانيكية دون نتيجة، ووَضعوا لشبّاكه (سيم) فحصر الذباب بالداخل أكثر من قبل.
البعض يتودد له (كمعاون الآمر) ويجامله بالأبتسامة حين يقوم بطرح سؤال على شكل نكتة حينما يصيب ذبابة بالمضرب وتبدأ تحتضر.
ونكتته هذه هي اقصر نكته سمعتها بحياتي لأنها تتكون من ثلاث كلمات فقط ...
كان يسأل الذبابة: ها بالكيمياوي ؟
ثم يغيّر نبرة صوته ليُجيب نيابة عنها: لا ... بالحذاء ! ها ها ها
فيضحك لثوانٍ معدودة، ثم ما يلبث أن (يغيّم) من جديد!

لما أستلم (هرمز) سيارة تويوتا سوبر، طلب من كهربائي السيارات أن (يفصل) كهرباء الزجاج قائلاً بأن الجامة هي للإضاءة والرؤيا فقط، فالسيارة مزودة بأنظمة تدفئة وتبريد وحتى تهوية،...
ننفذ الكهربائي له ما أراد، لكن بأمتعاض شديد!

أما سيجارته الـ (بغداد) فيقسي عليها ولا يدعها ترتاح ...
فأسأله كلما التقيه: كافي سيدي مو زينة الجكاير.
يرد نفس الرد: شسوي يا ملازم عماد، ما أكدر بين جكارة وجكارة... أدخن جكارة !

ليس هناك أي أمل في عزوفه عن التدخين، أسوء عادة يمارسها البشر، فكان يَحْضرني تعليق لأهلنا حين لا أمل بإصلاح أحد، فيطلقون مَثـَلـَهم...
(أغسل أيدك منه بمي حار ... وصابون)
وهذه بحسب رأيهم أسوء الاحتمالات، فغسلها بالماء ممكن أن يكون فيه أمل، وبماء وصابون أيضاً لا يزال هناك بصيص أمل، أما بالماء الحار والصابون، فيعني(ماكو) أي أمل بأن صاحبنا سيترك التدخين !
× × ×

بعدما تحيّر (القوم) بمكافحة الذباب الذي يملأ غرفته، ولأن (هرمز) هو (أبو الأفكار) فقد حدثت على يده (واقعة السّيم) حين أمر المراسلين برفع سيم أحد جهتي الشباك وتركه بالأخرى، وقال أن الذباب خارج الغرفة سيصطدم بالسيم ولا يستطع الدخول، بينما الذي بالداخل سيجد أمامه سيم فيخرج من الغرفة دون أن يعود !

صارت فعلته الغريبة على كل لسان بالمعسكر، ومضرب الأمثال والاستخفاف بعقله وسوء تدبيره وضعف حيلته.
وبرغم كل ما قيل، فقد زرته لأقف مندهشاً حالي حال الآمر والآخرين، حين(خلـَتْ) غرفته ـ تقريباً ـ من أفواج الذباب، وأستفرد بالبقية متفنناً أذيتها، ليقول لنا أن وجودها مهم ليُطلق نكتته على من سيحتضر منها (ها كيماوي ... لا حذاء) ويضحك بفم مليان !

كان يقود هذا (البطل) منازلتهُ الطاحنة ضد (الذباب) في وقت كان الجيش العراقي يخوض حرب ضروس شرق مدينتنا الغالية البصرة عند عمليات الفيلق الثالث على حدود (البوابة الشرقية) بما كان يسمى بـ (قادسية صدام) ...

فسَمّينا منازلة عقيدنا الهمام ضد الذباب التي لم تكن أقل (شراسة) بـ ... قادسية الذبان !

عماد حياوي المبارك


حزورة بالمناسبة :

أذا كنت داخل غرفة ولديك مضرب ذباب، ما هو المكان الوحيد الذي يمكن للذبابة الوقوف عليه ولا يمكن أن نضربها ؟



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة الحبانية
- شمسنا الغالية
- دعوة سياحية
- غضب سانت هيلنز
- هل تخلع (أنتركتيكا) ثوبها الأبيض؟
- سيفن فل يُشهرْ
- جرذ... جرذين... جرذان
- عقول من تراب
- طوكيو تحت الصدمة
- وصيّة البابا البطران
- طليان
- صغيرة على الحب
- هدم زبناء
- حياة متألقة ووفاة هادئة
- الورث الذي سأتركه
- أغضب ... كما تشاء
- المايسترو
- الرجل الذي يعرف قدر نفسه
- الغزو مستمر
- أبو السَّحِب


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد حياوي المبارك - مجرد كلام قادسية الذبان