أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 40














المزيد.....

سيرَة حارَة 40


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4685 - 2015 / 1 / 8 - 21:50
المحور: الادب والفن
    


" نجلاء "؛ وهيَ في الثامنة عشر من ربيع العمر ( وأم لطفل رضيع )، كان جمالها قد أزهرَ بشكلٍ جعلَ حتى الرجال المسنين يلتفتون إليها في السوق. كذلك كان انطباعي، حينما رافقتها إلى مطعمٍ شعبيّ صُحبَة آخرين من رفاق عملها. كانت طيّبة وكريمة، أيضاً. ومن نافل القولَ، بأنها تولّت دفعَ حساب الفقير لله دونما أن تشعره بذلك....!
في تلك الأيام، كنتُ مَمْسوساً بابنة الجنّ؛ السينما. فلم يكن بالغريب، إذاً، أن أعقدَ مقارناتٍ بين شخصياتٍ فنية وواقعية. كوني مغرماً بالسينما الفرنسية، كأبناء جيل السبعينيات عموماً، فإنني وجدتُ شبيهةً لحسناء الحارة في النجمة الساحرة، رومي شنايدر، التي عُرِضَ لها آنذاك أفلام عدّة في الصالات السينمائية. هذه الفكرة، نقلتها ذات مرة لصديقي " حسّون "، وكان يعمل مع " نجلاء " في نفس المشغل. فقال لي: " بل هيَ أحلى بكثير من صاحبتك الفرنسية "....!
القراءة الأدبية ( وهيَ هاجسي الأهم منذ ذلك الزمن )، حقَّ لها أن تمدّني بمقارناتٍ أجدى وأعمق فيما يخصّ الشخصيات الواقعية. كان نجيب محفوظ، كما هوَ معروف، أكثرَ روائيي لغة الضاد تخصصاً بالحارة الشعبية. على ذلك، لم يكن بالغريب أن أعثرَ بين أبطال قصصه على شبيهٍ لجارتنا الجميلة، إن كان لناحية شخصيتها أو قدَرها. ولعلّ بطلة رواية " زقاق المدق "، إذا كانت ذاكرتي على ما يرام، هيَ مَعْقِدُ المُقارنة المَطلوبة: هنا وهناك، في الواقع المتخيَّل والحقيقي، دَفَعَ الفقرُ فتاةً فاتنة نحوَ هاوية الانحراف والهلاك. مثل تلك البطلة " حميدة "، كانت حسناءُ حارتنا تعتقدُ أيضاً أنها خُلِقَتْ لحياةٍ أفضلَ مما قدِّرَ لها؛ أنها تمتلكُ من الفتنة والموهبة ما قد يوصلها الى مراتب الفنانين المشهورين. إلا أنّ " نجلاء "، من ناحيتها، عليها كان أن تنتظرَ خمسة أعوام أخرى على الأقل، قبل أن تقف على المسرح أمامَ أمثال أولئك الفنانين.

*
" آدم "؛ كان من أقرب أصدقاء الطفولة والمراهقة، وبغض الطَرْف عن اختلاف شخصيتينا. كان يُبدي دوماً احتقاره لآل أبيه المُفتقرين، وفي المقابل، افتخاره بنسَب والدته. إنه من أبناء عمومة " نجلاء "، ولكنه لم يكن يتحرّج أمامي من التجديف في سيرتها: " اليوم ظهراً، كنتُ أرهفُ السمَعَ لحديث الشركسيّة معها. كانت هذه تتكلم عن علاقتها الجسدية بعقيد تعرفه، والأخرى تضحك بمجون "....!
" الشركسية "، لم تكن سوى الجارة المُستأجرة حجرةً في منزل حَمي " نجلاء ". هذه المرأة الثلاثينية، الحَسنة الملامح، كانت معلمة في مدارس أبناء الشهداء. ويبدو أنها أضحَتْ صديقة حميمة لجارتها الجميلة، على الرغم من فارق العمر بينهما. هذا أيضاً كان حالُ رجلها، المعلم الميكانيكي، حيث اعتاد أن يبادلنا الحديث قدام باب بيته وكما لو أنه من لدّاتنا. كان يحلم بالهجرة إلى الولايات المتحدة ( وقد تحقق له ذلك لاحقاً )، التي كانت وقتئذٍ تستقبل أبناء الملّة الشركسية وتمنحهم الاقامة. زوجته، ربما كانت تبث الحديثَ نفسه لصديقتها " نجلاء ". فهذه الأخيرة، رهَنتْ حياتها فيما بعد لخاطر حلم الهجرة....!
" عبدو "، زوجُ حسناء الحارة، كان يبدو للآخرين رجلاً هادئاً، خجولاً نوعاً، ملتزماً بمسئولية أسرته. كان يَصحبُ " نجلاء " عند ذهابها إلى عملها في مشغل الألبسة، ولدى إيابها منه. بطالته، لم يكن لها علاقة ببلادة الطبع بل بسوء الطالع. فمع كونه قد أخرِجَ من الدراسة قبل نيل شهادة البروفيه ( المهمّة عند أبناء جيله )، إلا أنه كان يستطيع حل الكثير من المعادلات الرياضية الصعبة. تحررُ تفكيرهِ ومَسْلكه، ربما يُحال إلى ما كان يقال عن كونه قد عمل في الخمسينيات موزعاً لجريدة الحزب الشيوعي، الرسمية. على ذلك، يمكن فهم تحديه لتقاليد الحارة، الصارمة، عندما وافقَ على فكرة ترك زوجته العملَ في المشغل كي تلتحق بفرقة فنية، تابعة للمسرح العسكري. إذاك، علّق صديقي " آدم " على الخبر بلهجة متهكمة: " أجزمُ بأنّ العقيدَ، صاحبَ الشركسية، هو من كان واسطة الخير! ".
للحكاية بقية



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة حارَة 39
- سيرَة حارَة 38
- سيرَة حارَة 37
- سيرَة حارَة 36
- سيرَة حارَة 35
- سيرَة حارَة 34
- سيرَة حارَة 33
- سيرَة حارَة 32
- سيرَة حارَة 31
- سيرَة حارَة 30
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية 2
- مريم فخر الدين وسحر السينما الكلاسيكية
- سيرَة حارَة 29
- سيرَة حارَة 28
- سيرَة حارَة 27
- سيرَة حارَة 26
- نساء و أدباء
- سيرَة حارَة 25
- سيرَة حارَة 24
- سيرَة حارَة 23


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة حارَة 40