|
صرخة الحبانية
عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4685 - 2015 / 1 / 8 - 21:37
المحور:
كتابات ساخرة
ما كنا نعلم نحن الطلبة الزملاء في الجامعة، حين اصطحبنا أستاذ مادة (الداينمك) برحلة تطبيقية لموقع الشركة الفرنسية التي تنفذ إنشاءات المدينة السياحية بالحبانية، بأن هذا المشروع العملاق سيبهرنا، لأننا لا نعرف عن المنتجعات السياحية سوى شاطئ بحيرة الثرثار الموحش... بعد أعوام قليله كانت الحبانية تشكل أهم مرفق سياحي للعراقيين، عندئذ تعاقدت السياحة مع عدة شركات عالمية لإدارتها وصيانتها. كان طريق حديث يربطها بالفلوجة، وكان هادئ وغير مزدحم حتى أننا حين نذهب لها كنا نتجاوز سرعة 150 ك/س فيه لأجل المتعة، وعندما كنا نقترب من البحيرة يخترق هذا الشارع بعض التلال الرملية حينها يبدو لنا الفندق ومن بعده مياه البحيرة الزرقاء من بعيد بمشهد رائع حقاً لم نشهده من قبل، حينها نصرخ جميعاً... ـ هييييييييييييييه حَب ما مستوية ... ( ونقصد حبا ... نيّة ) !
كانت الدور بنوعيه الـ (دي لوكس) ذو الطابقين وفرشها بالموكيت والعادية ذو الغرفة والغرفتين بتأسيسات الغاز والتكييف والتأثيث الأنيق، يجتذب الناس المتعطشة للحداثة و الاتيكيت، أما الفندق ذو الخمس نجوم بخدمة الغرف ومصاعده والرسبشن والكوافير ومطاعم الخدمة الذاتية والمسبح المختلط تحت ظل النخيل... كانت وقتها ولا بالأحلام. ولم تكن هناك مشكلة نعاني منها كطلاب إلا ... أزمة الفلوس المستديمة ! في أيام العطلة، شكل أربعة من أصدقائي (باند غربي) وتعاقدوا للعزف في ديسكو الخيمة لمدة شهر، وبسبب تنقلهم ونقل أجهزتهم احتاجوا سيارتي، فكان عليّ مرافقتهم وهكذا أصبحتُ الفرد الخامس بالفرقة رغم أني لم أربط يوماً ولم أنصب جهاز موسيقي بحياتي، ولا أعرف العزف حتى على (ماصول) ! قالوا: مادمت ستتخرج مهندساً، سنعتبرك مهندس صوت ! ... هكذا قضينا شهر على حساب السياحة، أكل ونوم ... وعزف !
خلص الشهر الحلم بسرعة وبمتعة عارمة وخلصت فترة العقد، كنا آخر يوم قمة بالسعادة فجهزنا نفسنا للعودة لبغداد، وإذا بسيارتي مختفية من (بارك) الفندق، فتشنا عنها ولم نجدها، خبرنا الإدارة فبحثوا عليها دون جدوى. قالوا غريبة أنه لم يحدث ذلك سابقاً، ثم أخذونا جميعاً بسيارة السياحة إلى مركز شرطه (الفلوجة) لنسجل شكوى، فوراً جاء معنا ضابط بسيارة نجدة للتحقيق. فكانت المفاجئة حيث وجدنا السيارة واقفة... بنفس مكانها ! قال الضابط بسرعة: هاي سيارتك وسويجها بها ! اصدمنا الموقف فاعتذرنا منه، لكنه انتفض علينا: لا تلحون بالشرب بعد... مضى الضابط وبقينا مستغربين، فربما نسينا بالأمس مفتاح السيارة بداخلها سهواً، لكن الغريب أننا جميعاً لم ننتبه على مكان توقفها ! لكن أحد الزملاء أكد بأنه شاهد المفتاح بداخل الغرفة وعلى جهاز التلفاز، واقسم أغلظ الأيمان بأنه متأكد من ذلك... أتهمناه بأن (كحول) الأمس قد أثر عليه مثلما أثر علينا، ورضينا بالنتيجة برغم كلمات الضابط النابية التي تلقيناها برحابة صدر. لكن عدنا لنتساءل... أن أختفت السيارة وكيف عادت، هل طارت بالسماء ولم نرَها؟
عدنا للفندق حيرانين ونضحك على هذا الموقف الغريب نتبادل التهم (شلون فاتنا نشوفها أحنه الخمسة؟). وإذا بورقة مطوية تحت الباب مكتوبة بخط يد... ((عزيزي... كنت بحاجه ماسة أمس لسيارة لقضاء أمر مستعجل، دخلت غرفتك وأخذت مفتاحها من على التلفزيون، بعد أن أتممتُ حاجتي، غسلتها لك وفولتها بنزين وأعدتها بنفس مكانها بمفتاحها... لا تقلق لم أسر بها سرعه أكثر من 150 كلم... شكراً لك)).
بقيتْ التساؤلات تراودنا، فوجودنا معاً طيلة الأمس واليوم ولم نفترق لحظة، هو أمر لم يدع مجال للشك بأن أحدهنا قد تحايل على البقية. من يستطيع دخول الغرفة وأخذ المفتاح، ونحن الوحيدون الذين نعرف بأننا حين نكون على مشارف المدينة السياحية ونصرخ (الحبا ... ما مستوية)، نقود سيارتنا بسرعة كبيرة ! (طيب منو غيرنا يكون قد سرقها أو... إستعارها ؟) (هل أحدنا ناول المفتاح لآخر كان قد أتفق معه !) المفروض أن السارق لم يعِدها، والمتفق لا يكتب رسالة... هل هو عدو أم صديق؟
على أية حالة، مادام لم يكن هناك ضرر... فطويتُ الموضوع، لكني كنتُ أرجو معرفة (الفاعل) لأنه لمعها وملأها وقود كي... أشكرهُ !
#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)
Emad_Hayawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شمسنا الغالية
-
دعوة سياحية
-
غضب سانت هيلنز
-
هل تخلع (أنتركتيكا) ثوبها الأبيض؟
-
سيفن فل يُشهرْ
-
جرذ... جرذين... جرذان
-
عقول من تراب
-
طوكيو تحت الصدمة
-
وصيّة البابا البطران
-
طليان
-
صغيرة على الحب
-
هدم زبناء
-
حياة متألقة ووفاة هادئة
-
الورث الذي سأتركه
-
أغضب ... كما تشاء
-
المايسترو
-
الرجل الذي يعرف قدر نفسه
-
الغزو مستمر
-
أبو السَّحِب
-
بانكوبان
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|