أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - خالد الصلعي - المعادلة الانسانية الغائبة















المزيد.....


المعادلة الانسانية الغائبة


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4685 - 2015 / 1 / 8 - 12:36
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


المعادلة الانسانية الغائبة
*******************
الانسانية مفهوم بمثابة خيمة تجمع كل أنماط البشرية ، اذ لا فضل داخلها بين اسباني ومغربي ، وبين يهودي ومسيحي الا بقدر الحب الذي يثقل قلب هذا وذاك . فالانسانية في اشتقاقها الاصطلاحي الأول الذي يعود جذره الى كلمة HUMANISTA الايطالية ، كانت تعني " المعلم أو الباحث العلمي في الأدب اليوناني واللاتيني الكلاسيكي والفلسفة الأخلاقية وراءهما، بما في ذلك النهج إلى العلوم الإنسانية "؛ فالعلم هو مفتاح التعرف على الآخر ، والمعرفة طريق الى استيعاب هذا الآخر والتفاعل معه . وبدون العلم والمعرفة تزداد سبل التواصل الايجابي انغلاقا وسوادا ، مما ينتج عنه سلوك لاانساني ، أو خارج مفهوم الانسانية كما رسخته وطورته العلوم الانسانية .
لكن بين ترسيخ قيم الانسان العالية المنبنية على التسامح والأخوة والعدل ، وبين الصراع الانساني الذي ينحدر نحو الحيوانية ، للسيطرة على الآخر واستعباده وسرقة حقوقه المادية والمعنوية ، ثمة فروق جوهرية ، تفصل بين نمط سلوكي حضاري راقي ، وبين نمط سلوكي همجي منحط . ولا فرق بين قتل رضيع جراء تعرضه لبرد قارس على حدود لبنان/سوريا ، وبين قتل صحفيين ورجلي شرطة في باريس ، وبين تدمير حياة شعوب بأكملها لأسباب اقتصادية مادية بحثة .
ففي الصحافة الأمريكية التي تسيطر عليها السطوة الصهيونية ، لاحديث عن صحفييها الا عن المسلمين الارهابيين ، وهي استراتيجية عدوانية مباشرة تدل على مدى ترسخ قيم العنصرية في المجتمع الأمريكي عموما ، دون اغفال الأصوات القليلة ذات الميول الموضوعية والانسانية . مما يجعلنا امام ماكينة عدوانية تعمل على تهييئ الرأي العام الأمريكي على الحقد على كل ما يمث الى الاسلام والعروبة . وهو ما يدعم رأي المفكر الفلسطيني الأمريكي الراحل "ادوارد سعيد " عن الدور الذي تلعبه مختلف القوى الفاعلة والمؤثرة في تكوين الرأي العام الأمريكي وتشكيله تشكيلا نمطيا حيث يحافظ ذهنيا على حالة حرب دائمة . ولدينا مثال بسيط وقريب ، وهو صورة المغربي في ذهنية معظم الاسبان ، على الرغم من المسافة المكانية والزمنية التي تفصل اسبانيا عن المغرب ، وهي مكانيا 14 كيلومتر ، وزمنيا 10 دقائق . وبالرغم من كون المسافتين لاتعنيان شيئا اليوم في ظل تطور وسائل التواصل الميكانيكي والرقمي ، فان معظم الاسبان لا يزالون يحتفظون بكليتشيهات أرنست رينان وباقي المستشرقين الذيم يصورون العرب في صور رعاة الابل وساكني الصحراء .
بل ان الأمر تطور بشكل دراماتيكي بدءا من احداث 9 سبتمبر 2001 ، حيث استطاع الاعلام الغربي تبئير ظاهرة الاهاب العابرة للقارات في المجتمع المسلم ، وأصبح الارهاب ملتصقا بصورة مباشرة بالاسلام ، رغم أن منفذيه منتسبون لاسلام معين ، هو ليس الاسلام الحقيقي . وهي صناعة معقدة وجد متطورة . فللوصول الى مثل هذه المعادلة الخطيرة على صناعها أن يكرسوا وقتا باهظا ومكلفا ماديا لاجراء ما يسميه أحد الكتاب الأمريكيين [ جراحة المخ النفسية " .
فيكفي أن تجيش مجموعة من الغوغاء والفارغين لشحنهم بكل المواد السامة ، خاصة وأن مستوى التعليم في العالم العربي مستوى منخفض جدا ، ومحتواه قاحل ، فيكفي أن توفر لعربي بعض ضروريات الحياة البسيطة لتحوله من كائن مسالم الى كائن انفجاري /ارهابي . وهي استراتيجية عمل عليها الغرب منذ شعوره بتحول الوعي العربي بين الحربين الكبرتين اللتين أججهما الغرب نفسه وورط فيها كثيرا من الدول العربية والاسلامية . وقاها ودعمها النظام العربي المرهون لأجندات غربية .ولا ننسى التركة الضخمة من الكراهية التي خلفها الاستشراق الغربي منذ القرن 18. فنحن اذن أمام سلسلة طويلة من الاعداد والتهييئ والانجاز ، وخلال كل حلقة من حلقات هذه السلسلة يتم التطوير والتعديل حسب متطلبات المرحلة ذهنيا وتقنيا وتوعويا .
في ظل هذه الشروط أصبح غزو أفغانستان والعراق ، وتدمير سوريا وليبيا واليمن أمرا مقدسا من ناحية صناع القرار الغربي ، ومقبولا من قبل شريحة هامة من مواطنيهم ، بغطاء اعلامي مكثف ودقيق . الى درجة أن عولمة الارهاب ، او الارهاب العابر للقارات صار من منتوجات العصر . دون النظر العلمي والانساني في التأثيرات الجانبية لهذا العمل القذر . ودون قراءة الأبعاد والاسقاطات النفسية في ظل عالم يعيش حالة من الاختلال الحضاري والمعيشي الحاد ، مما يجعل الصور النمطية تجد صداها المباشر في ذهنيات لا تحصينات ثقافية لها .
وكمثال على ذلك ، يبقى العمل الارهابي الذي تعرض له صحفيو مجلة شارلي ايبدو ، مثالا صارخا لانعدام التوازن والعدالة في الانتصار لقيم الانسانية ، والانحياز العنصري الصارخ لجنس بشري دون آخر . انها نازية غربية تتغذى على استقواء عسكري ، عوض أن تتكئ على البعد الانساني . ففي نفس اليوم وهو تاريخ 7--7--2015 ، سقط ما يقرب من 37 مواطن يمني جراء عملية تفجير ارهابي امام مبنى كلية الشرطة وسط صنعاء ، ولم يسجل الاعلام أي ادانة من اي عاصمة غربية أو عربية . وفي نفس اليوم بالذات ، توفي أربعة مدنيين سوريين على حدود لبنان وسوريا جراء العاصفة الثلجية " ألكسا " فقط دون الحديث عن عدد من سقطوا بالسلاح البيني، من بينهم رضيع لم يتجاوز سنه ثلاثة أشهر ، وطفل في سن الرابعة . لكن موتهم مر سريعا في قناة او قناتين اعلاميتين . في حين انتفض العالم عن بكرة أبيه حين سقط 12 قتيلا جراء عمل ارهابي أعمى بمجلة فرنسية . وكأن مآت الآلاف الذين حصدتهم ماكينة الارهاب سواء من الدولة كمؤسسة مسؤولة امام المجتمع الدولي الرسمي ، أو من قبل الجماعات الارهابية المسؤولة أمام الانسانية جمعاء ، لا يستحقون هذا التهويل الجنائزي ، رغم أن أسمى قانون أو معادلة انسانية هي تلك التي تساوي بين قتل فرد واحد وقتل الناس جميعا .
ان اختلال الموازين في تقييم الداء الارهابي الخبيث يغذي ويمنح شريانه المرضي مزيدا من الدماء . وما لم يراجع صناع القرار مبادئهم ورؤيتهم للانسان كانسان ، خارج حدود العرق والدين والجنس ، فان تراجع الارهاب أمر مشكوك فيه . خاصة ونحن اليوم نعيش صناعة أخرى ، هي صناعة الارهاب بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، حيث تتداخل عوامل دينية وعنصرية ومالية في تنافسية شرسة من أجل السيطرة على ثروات أمم أخرى باسم الارهاب. وهم يتوسلون الى ذلك بأحط الطرق والوسائل ، كصناعة ارهابيين عبر مربعات يستحيل أحيانا تتبع مخارجها ومداخلها ، نظرا لتعقيدات مساراتها وصعوبة تتبع آثارها . كصناعة رجل دين يخدم أجندات صهيونية وأمريكية ،مهمته تجييش ارهابيين باسم الدين دون أن يدرك ذلك .
كما أن تصاعد مظاهر الاعتداء على العرب والمسلمين يكفي لشحن ضعاف النفوس وذوي التركيبات النفسية العاطفية ، وتحت ظروف معيشية صعبة للارتداد ضد كل رموز الغرب .
ولا ننسى تفجيرات مدريد وانجلترا ، بداية الألفية الجديدة . كما لا يجب أن ننسى أحداث مياننمار السنة الفارطة ، وما وقع مؤخرا بالولايات المتحدة الأمريكية من قتل مواطنين اثنين من قبل رجال الشرطة . وعلينا أن نتذكر مجزرة النرويج التي ذهب ضحيتها أكثر من عشرة من النرويجيين وجرح أكثر من عشرين ، وكان هذا الارهابي قد كتب على صفحته بتويتر "(شخص واحد مؤمن يساوي قوة مائة ألف من الأشخاص الباحثين عن المصالح فقط)".



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكام يحتقرون شعبهم علنا
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -11-
- عودة الأنظمة القديمة
- النفاق السياسي بالمغرب
- تقبلي كوردة عطري
- استسلام عاشق
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -10-
- من صدام الحضارات الى صراع الحارات
- الفيضانات تجرف مصداقية مسؤولي الدولة المغربية
- زينب الغزاوي ،أو كم هي الحقيقة قوية ؟؟؟
- الانقطاع الزمني ووأد السلالة الفكرية المغربية
- استعدوا أيها العرب ، عودة الديكتاتورية بكل عنفوانها
- وزير الداخلية المغربي يحن الى زمن ادريس البصري
- الفرق بين دولة السياسة ودولة القبيلة
- أصلنا صفر
- هل تتخلى قطر عن قوتها الاعلامية الجبارة ؟
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية -9-
- نصوص تقابلية
- هل يستطيع أوباما توريط ايران ؟
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-8-


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - خالد الصلعي - المعادلة الانسانية الغائبة