رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4684 - 2015 / 1 / 7 - 14:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القاهرة وبيروت وبغداد ودمشق
عندما نرجع قليلا إلى الوراء نجد الانهيار لكل ما تم بناءه في هذه العواصم/ الدول، سيتحضرني الانجازات المصرية في عهد عبد الناصر، خاصة الثقافية منها، حيث أصبح الكتاب مشاع ومتاح للكل، إن كان فقيرا أم غنيا، فكانت القاهرة في عهده مركز ثقافي للمنطقة العربية.
وبعد أن فل نجم القاهرة كانت بيروت تتقدم كبديل لها، فكانت مجمع لكل المثقفين والمتمردين على الأنظمة الرسمية العربية، من هنا كان مركز الأبحاث الفلسطيني يعد احد أهم المراكز المعرفية في الوطن العربي، لكن الحرب الأهلية، ثم الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يتواني عن نهب محتويات المركز، جعل من بيروت عاصمة تتقهقر إلى مثيلاتها الرسمية العربية.
وهنا كان لا بد من أن تتقدم بغداد عاصمة الخلافة العباسية، لتظهر عظمتها، فكنت مركز إشعاع معرفي، حتى أن دار الشؤون الثقافية منفردة كانت تصدر كتب ما يفوق كل ما يصدره النظام الرسمي العربي، وهنا يستحضرني قول لأحد الأشخاص عندما شاهد نوعية الكتب الصادرة من بغداد الطب، الجغرافيا، كيمياء، أدب بكل فروعه، فيزياء، علوم عامة، تاريخ، وقف أمام هذه الكتب قائلا: " استغرب من الغرب كيف يسكت على دولة تصدر مثل هذا الكتب" ولا أخفيكم، بعد اقل من عامين كان العراق قد فرض عليه الحصار ـ قبل دخوله للكويت بعامين أو ثلاثة ـ ثم كانت حرب الخليج الأولى وتلتها الثانية التي أعادة بغداد إلى عصور ما قبل التاريخ.
ما دمشق فهي لم تكن من ناحية المطبوعات والمنشولات بمكانة القاهرة أو بيروت أو بغداد، لكنها تميزت بإنتاج كم ونوع من الدراما، اخذ يشكل مفاهيم ثقافية في المنطقة العربية، فمن الموضوع التاريخي إلى السياسي إلى الاجتماعي، وقد استطاعت أن تتجاوز الفن السوقي التجاري، وكانت المنتج والمسوق الأكثر نجاحا للمحطات الفضائية العربية.
من هنا نجد ارتباط النهضة الثقافة في المنطقة العربية ترتبط ارتباط عضوي بما جرى، فكل من يتجاوز السقف المسموح به، سيكون عرضه للتدمير والاضمحلال والزوال، ليس على الصعيد الثقافي وحسب، بل السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟