أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الهيجاوي - صور ملونة














المزيد.....

صور ملونة


باسم الهيجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1310 - 2005 / 9 / 7 - 10:55
المحور: الادب والفن
    


لم تعرف إلى أي الاتجاهات تعبر .. وإلى أي الأمكنة تلجأ بصغيريها .. حين بدأ هدير الدبابات يقترب .. وهي تقف على بوابة الشارع العام تتقلب في الحيرة بين فزعها وخوفها المكتوم .. وبين طفلها الصغير في العربة وطفلتها المملوءة بالرعب والارتجاف ..
ـ اتفضلوا يا أختي .. اطلعوا لعنا لبين ما تروح الدبابات ..
تنفست الصعداء .. حين خاطبها هذا الغريب .. وتراقص الخوف أمناً على وجه الصغيرة ..
ـ تسلم يا أخ ..
ـ الله يخليكي ماما .. خلينا نروح مع عمو .
قاطعتها الصغيرة والتصقت بجسد الغريب .. وكأنها تفرغ شحنات الخوف من جسدها المرتجف به .
ـ ما تخافي حبيبتي .. الدبابات ما بتيجي هون .. الدبابات رايحة بعيد .
قال وهو يمسح على شعر الصغيرة .. ويضم رأسها الى جسده .. وكأنه يسقط ما علق من صور الخوف في مخيلتها .. في حين شعر بأنهار تنبع من جسده وتسير إلى مصباتها فيه .. تحمل دفئاً مجبولاً بنكهة عطشى ..
نظرات الأم التي لم يمنعها الخوف من ارسال التساؤلات في أفقها .. وهي تنظر بعيداً في الشارع العام .. كانت تفيض بالدهشة ..
ـ آلاء تتشبث بشخص غريب ؟ آلاء التي ترفض الاقتراب حتى من أقاربها .. تلتصق بهذا الغريب الذي تراه للمرة الأولى ؟؟ أيصنع الخوف كل هذه التغيرات المفاجئة ؟
ـ خلينا نطلع ع البيت لبين ما يزول الخطر .. احنا ساكنين في هذي البناية ..
وأشار إلى أعلى البوابة التي يقفون أمامها .
ـ لأ معلش .. خلينا هون .. وإذا اشتد الخطر بنطلع .
كانت تتمنى لو يلح عليها لتتعرف على بيته .. ربما لديه طفلة بعمر آلاء .. هنيئاً لها بهذا الأب الحنون .. الذي يعرف كيف يزيل غبار الهم عن الوجوه المتعبة ..
ابتعدت ثانية بنظراتها في الشارع العام .. واستحضرت تلك الصورة البشعة في بيتها لوالد آلاء .. وآثار القسوة التي يصر على أن تكون لغة حياتهم اليومية ..
ـ حضرتكم ساكنين بعيد من هون ؟
قطع عليها الاسترسال في استحضار المزيد من صور الألم المقارن..
أجابته بابتسامة هادئة .. رغم القلق الذي يلف المكان ..
ـ لأ مش بعيد .. بس في طولكرم .
فتح حدقتا عينيه مستنكراً ..
ـ نعم ؟
هزت رأسها وأكملت بابتسامتها ..
ـ احنا ساكنين في طولكرم .. بس جايين نزور بيت أهلي هون في جنين ..
ابتسم مسكناً دهشته ..
ـ آ هيك يعني .. يا ستي الله يحييكم من وين ما كنتوا ..
ـ معلش خلينا نمشي .. راح صوت الدبابات ..
قالت وهي تتمنى لو تبقى لفترة أطول .. ربما تختزن ابنتها بعض ما ستفقده فيما بعد .. لكنها أحبت أن تخرج من دائرة التفكير المؤلمة التي ارتسمت مع هذا الغريب ..
ـ ماما خلينا كمان شوي .. أنا خايفة ..
قالت آلاء مستعطفة والدتها .. ويداها ملتفتان حول جسد الغريب ..
ـ عيب ماما .. خلاص .. الدبابات راحت ..
هكذا حسمت اللحظة للذهاب .. أما هو فقد تمنى أن يطيل اللحظة بشكلها الآخر ..
ـ طيب خليني أوصلكم .
ـ لأ معلش .. تسلم .. يالله .. بخاطرك ..
ابتعدت الأم هاربة من تلك الدائرة .. تجر عربتها أمامها .. وآلاء تلتصق بها وعيناها تنظران إلى الخلف .. كأنها نسيت شيئاً فيه .
تسمّر الغريب في مكانه .. أحس بقلبه يسير مع تلك العربة الصغيرة .. التي سرعان ما توارت مع انعطاف الشارع العام .
صعد درجات البناية .. فتح باب منزله .. جلس على الأريكة ملتصقاً بوحدته .. رسم صوراً كثيرة ملونة على الجدار المقابل لآلاء التي تشبثت بأنهار فرت من جسده ..
سقطت الصور الكثيرة الملونة حين دخلت زوجته تحمل القهوة وهي تستفسر عن مسار الدبابات .. أجابها قبل أن تسقط الصورة الأخيرة عن الجدار ..
ـ يا ريت في عنا طفل ويخاف .
ـ شو ؟
ـ لأ .. قصدي الدبابات راحت لبعيد .. يا ريت ظلت لوقت أطول .



#باسم_الهيجاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موعد في الظل
- العصافير التي لم تأت بعد
- خصب الواعيد - في ذكرى استشهاد أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير ...
- عذراء توركانا
- اشتعال الرخام
- جسر الياسمين
- فراشات الزهر البري
- مرج ابن عامر
- الستارة السوداء
- أجمل الأمهات
- حديقة الزقاق القديم
- غزالة الوسواس
- سدنة الاحتفال الأخير
- حكاية مخيم اسمه جنين
- حين تبكي فاطمة
- من مذكرات عاطل عن الفرح 1
- عصفورة الجليل


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الهيجاوي - صور ملونة