باور أحمد حاجي
كاتب
(Bawer Ahmed Haji)
الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 10:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الرياضيات "هي علم يدرس المقادير القابلة للقياس أو ما يسمى بالكم, وفق منهج خاص".
أما فلسفة الرياضيات: فهي إحدى فروع أو مباحث الفلسفة التي تحاول الإجابة عن أسئلة تتعلق بطبيعة الكائنات الرياضية, وتتسأل عن كيفية تجريد الكائنات الرياضية من الطبيعية, ثم استخدامها في فهم الطبيعة ذاتها.
العدد الفيثاغورثي:
يقول فيثاغورث: "أن مبادئ الرياضية هي مبادئ لكل الأشياء". كما جعل فيثاغورث كل القضايا إلى معادلات رياضية. كما أن الأعداد تمثل ماهية الأشياء, فهو يرى أن:
فالرقم 1 هي عبارة عن نقطة
والرقم 2 عبارة عن خط
والرقم 3 عبارة عن مثلث
والرقم 4 هي العدالة
والرقم 5 هي الزواج
والرقم 7 هي الفرصة
حيث أن العالم عند فيثاغورث عبارة عن أشكال هندسية, وأن هذه الأشكال أهم من الماء والهواء والتربة المهمة لدى الطبيعيين.
وصل فيثاغورث إلى هذا المفهوم الرياضي الهندسي من خلال الأنغام الموسيقية أو الأصوات بصفة عامة, حيث وجد أن وزن مطرقة الحديد يؤثر على ارتفاع الصوت الناتج عنه. كما أن اختلاف النغمات الموسيقية في الآلة الموسيقية يرجع إلى عدد الأوتار وأن المسافات بين الأوتار هي قائمة على نسب عددية. وشبه فيثاغورث الكون بآلة موسيقية, ولما كان الكون عبارة عن تناغم موسيقي فقد رأى أن الكون هو ذو جوهر عددي.
كما ضرب فيثاغورث مثلاً آخر يبين قيمة العدد فيقول: (إن اصطفاف الفرق العسكرية يعكس النظام والترتيب, ونقصد به أنهم مرتبون بشكل يجعل الجنود يقفون على مسافات متساوية بعضهم عن بعض, وهذه المسافات تقاس بعدد الأقدام).
كما رأى فيثاغورث أن معرفة فن الحساب ينهي الصراع بين البشر ويمنع الغش ويتيح المساواة بين الناس. وعلية فكما رأى أرسطو أن المبدأ الأول التي يتكون منه الأشياء هو الماء, فقد رأى فيثاغوث أن المبد الأول للأشياء هو العدد وأنها أساس العالم وأنه الخام التي يصنع المهندس بها العالم.
وعليه فإن الرياضيات تؤيد مذهب الفيثاغورثي, فعلى سبيل المثال تقاس الزوايا في الهندسة بعدد الدرجات.
التناسب الفيثاغورثي:
والمقصود بها هي التناسب بين الأعداد أو هي الاتفاق بين الأشياء المختلفة, ويعرض فيثاغورث التناسب بين عشرة أعداد أو أشياء لأن العدد (10) عنده هو أكمل الأعداد, وهذه المتضادات هي:
1- المحدود واللامحدود 2- الفردي والزوجي 3- اليمين اليسار 4- الذكر والأنثى 5- الثابت والمتحرك 6- المستقيم والمنحني 7- النور والظلام 8- الخير والشر 9- المربع والمستطيل 10- الواحد والمتعدد.
ذهب فيثاغوث إلى أن النفس ما هي إلاّ توافق الأضداد في الجسم, فالصحة هي حسن التوافق بين عناصر الجسم وأن الموت هي انتهاء هذه العلاقة.
الفلك عند فيثاغورث:
إن العالم عند فيثاغوث حادث وليس أزلياً, وقد رتب الكون على هذا النحو:
(السماء الأولى, فالكواكب الخمسة ثم الشمس والقمر والأرض المقابلة وكلها تدور حول نار مركزية وهي –بيت زيوس- لأنها كروية الشكل, ومجموعها عشرة باعتبار كمالها وانتظامها. ويبعد بعضها عن البعض الآخر مسافات متناسقة تصدر عنها أنغام عذبة موسيقية تسحرالألباب وتتحرك حركة هادفة تتحرك حسب عقارب الساعة سواءاً بسواء. أما عالم ما تحت القمر فإنه يخضع للكون والفساد وللتغيير والاضمحلال ويقطنه الناس من جهته العليا فقط).
إن فيثاغورث هو أول من نادى بكروية الأرض, لأن أكمل الأشكال الهندسية عنده هي الدائرة, لذلك فالأرض لابد أن يكون دائرياً.
ولكن كيف فسر فيثاغورث اشتقاق العالم الطبيعي من الأعداد؟
يقول فيثاغورث: (إن الوحدة هي مبدأ كل شيء صدرت عنها الثنائية وهي لانهائية, ومن الوحدة الكاملة ومن الثنائية اللانهائية صدرت الأعداد ومن الأعداد النقاط ومن النقاط الخطوط ومن الخطوط المسطحات ومن المسطحات المجسمات ومن المجسمات الأجسام المحسوسة وعناصرها الأربعة –الهواء والنار والماء والتربة- ومن حركتها تكون العالم الحي الكروي الذي تكون الأرض ذات الشكل الكروي في مركزه).
إن المفهوم الرياضي هو مفهوم عقلي مجرد. فمن أين أتى إلى العقل؟ هل هو فطري سابق على التجربة؟ أم أنه مكتسب من التجربة؟.
هناك ثلاثة آراء:
1- موقف المدرسة المثالية: يرى أن المفاهيم الرياضية ليست وليدة التجربة, بل هي وليدة العقل أي فطرية:
أ- أفلاطون: يقول عندما نقول هذه ثلاثة أقلام, فأنت ترى الأقلام ولكنك لا ترى العدد (3) فمن أين أتى إذاً العدد (3)؟ يجيب أفلاطون "أن هذا المفهوم يسترجعها النفس من عالم المثل الذي تعيش فيه قبل أن تنزل إلى العالم الحسي.
المثل الأفلاطوني:
تقوم المثالية الأفلاطونية على فكرة أساسية وهي وجود انقطاع أساسي بين عالمين: العالم المحسوس الذي يمثل عالم الحركة والتغير التي لا تثبيت على حال. والعالم المعقول الذي يمثل عالم الثبات واللاتغير, والأشياء الثابتة والحقائق المجردة والتي يسميها أفلاطون مثلاً. وبما أن العلم ثابت فلا شك في صحة وجود, ولذلك فمن الضروري أن تكون أوضاعه وعناصره موجودة في عالم من هذين العالمين (المحسوس والمعقول), هذه الأوضاع والعناصر لا يمكن أن توجد في عالم الحركة والتغير, وبالتالي لا يمكن معرفتها على حقيقتها, وإنما توجد في عالم المثل أو الحقائق المجردة, الأزلية الثابتة التي لا تتغير وبالتالي يمكن معرفتها على حقيقتها.
أسطورة الكهف الأفلاطوني:
فسر أفلاطون نظريته بأسطورة أو حكاية خرافية يشبه فيه النفس الإنسانية في اتصالها بالبدن بسجن مقيد في كهف, وظهره إلى الضوء ووجهه إلى الحائط, تقع عليه ظلال الأشياء الموجودة خارج الكهف, فهو لا يرى الأمور على حقيقتها وإنما يرى الظلام المتحرك فحسب, وإذا ما اتيح له أن يخرج من هذا الكهف فسوف يرى الصور على حقيقتها. وبالمثل فإن شخصاً درب على مهارات ذهنية كالرياضيات سوف يكتشف في النهاية أن هناك عالماً أفضل وأكثر حقيقة هو عالم المثل يجاوز تجربة الحياة اليومية.
ب- ديكارت: يقول أن المعاني الرياضية فطرية فمثلاً مفهوم (اللانهاية) لا يمكن أن يكون مكتسباً من التجربة لأن التجربة له نهاية.
2- موقف المدرسة التجريبية: فيرى أن المفاهيم الرياضية مكتسبة من التجربة الحسية.
- جون استيوارت مل: يرى أن "النقاط والخطوط والدوائر التي في أذهاننا هي نسخ للنقاط والخطوط والدوائر المعروفة في التجربة" , وهكذا فالنجمة مثلاً توحي بفكرة النقطة, وسطح البحر يوحي بفكرة المكان المستوي...
3- موقف النظرية الإجرائية: فيرى أن المفاهيم الرياضية ناتجة عن عملية إنشاء العقل, أي أن العدد ليس عملية فطرية خالصة كما يدعي المثاليون وليس شيئاً تكتسب من التجربة كما يدعي التجريبيون, بل هو عملية بناء أو إنشاء بدأت بالتجربة الحسية ثم أصبحت مجردة خالصة.
#باور_أحمد_حاجي (هاشتاغ)
Bawer_Ahmed_Haji#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟