|
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 1
عباس الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 18:55
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003
الحلقة الأولى
عباس الزيدي – عبد الهادي الزيدي
حروب و انتكاسات ما إن وصل حزب البعث الى السلطة عام 1968 حتى جعل نصب عينيه هدفاً أساسياً وهو القضاء على الحركة الإسلامية في العراق، واستهل حكمه في بداية السبعينات بإعدام مجموعة من الحركيين وهم القيادي في حزب الدعوة (عبد الصاحب دخيِّل) وخمسة آخرون ممن سموا بعد ذلك بـ(قبضة الهدى)(1) ، وأنهى المرحلة الأولى من حملته بإعدام قائد الحركة الإسلامية في العراق السيد محمد باقر الصدر عام 1980، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فقد شهدت السنوات اللاحقة عمليات إبادة جماعية منظمة ومقابر جماعية لعشرات الالوف من المنتسبين وغير المنتسبين لتنظيمات سياسية إسلامية. لم يكتف النظام بالقضاء على القيادة الإسلامية والمرتبطين بها، بل اتخذ منهجيةً لإبادة الأكثرية من أبناء الشعب العراقي، من خلال إقحام هذه الأكثرية في حرب لا تُبقي من الجيل المرتبط بالقيادة المصفاة حديثاً أي أثر، وبالفعل شهد العراق حرب الثمان سنوات ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتحقيق هدفين : الأول : هو ما ذكرناه من جعل وقود هذه الحرب جيل كامل من الشيعة ليتسنى له صناعة جيل جديد ليست له أية صلة تربطه مع حركة وتأثير وأفكار السيد محمد باقر الصدر، وهذا ما فشل النظام في تحقيقه بعد أن أثبت الشعب العراقي تشبثه بجذوره، وقد اتضح هذا جلياً في انتفاضة عام 1991، وبعدها مباشرة في النهضة الكبيرة التي قادها السيد محمد الصدر والتي لم تنته باستشهاده عام 1999 بل امتدت الى ما بعد إسقاط نظام البعث عام 2003 حيث أصبح واضحاً أن الصدر ليس ظاهرة عابرة أو نزوة من نزوات التاريخ، وإنما حركة إصلاحية متأصلة، لن تزول أو تتوقف حتى تتحقق أهدافها الظاهرة والباطنة. الثاني : إيقاف تطلعات الثورة الإسلامية في إيران تجاه العراق والمنطقة، وحسب المعطيات في تلك الحقبة فقد كان العراق مهيئاً لاحتضان ثورة وجمهورية إسلامية قبل إيران بكثير، ولكن إجهاض الحركة الإسلامية في العراق جاء بقرار دولي نظراً لموقعه الجغرافي وسيطرته على منابع الثروات في المنطقة، وكذلك لتحسس إسرائيل وعقدتها الأزلية من العراق، حالت كل هذه الأسباب دون إطلاق يد الحركة الإسلامية ووأدها، أما إيران فقد تعامل الغرب معها بمنظار مختلف (برغماتي هو الآخر) فقد كان الشاه يضعف الى حدِّ باتت معه الأمور مقلقة جداً على مصالح الغرب، خاصة إذا وصل الى السلطة الشيوعيون الذين يقف من وراءهم الإتحاد السوفييتي بالتالي تمتد يد الإمبراطورية الحديدية الى الخليج الذي هو بالفعل(حاضر ومستقبل الغرب)، أو يصل متطرفون (وفق منظار أمريكا وأوربا طبعاً) وكان هؤلاء ذوي سمعة ونفوذ كبيرين، وكانت لأمريكا معهم تجربة مؤلمة حيث كان امتدادهم (موسى الصدر) الرجل الذي صنع بمفرده ترسانة بشرية مزعجة جداً، فتعاملوا مع الثورة وقياداتها أخيراً بشيء من التساهل، حتى تفاجأوا أخيراً بتطلعات قادتها التي لم يخفوها بـ(تصدير الثورة) التي لاقت حماساً عربياً وإسلامياً جماهيرياً واسعاً. فكان لا بد من الحرب التي تكفل شيوخ الخليج بدفع ثمن الدماء التي سيقدمها النظام العراقي في تلك الحرب الوضيعة. يضاف الى ذلك الحدة التي تعاملت بها القيادات الإسلامية خارج العراق والتي قد لا نتجاوز الحدود إذا ما أسميناه (تطرفاً) أو (سوء فهم للثورة الإصلاحية في المنهج القرآني)، فمن المعروف عن معظم التوجهات الإسلامية، خصوصاً الثورية منها والسياسية، أنها ترى نفسها الحق المطلق وغيرها الكفر والباطل المطلق، فمن يتواجد على جبهة القتال ضد إيران تحت أي ظرف كان فهو مستباح الدم وخارج عن ملة الإسلام، ولم تنفع كل التوسلات والوساطات لثني قيادات الثورة أو المؤثرين منهم في إيقاف النزيف، أو قبول الدعوات الشريفة أو الدنيئة منها؛ وفي نفس الوقت استمر النزيف داخل العراق فلم يدع صغيراً أو كبيراً رجلاً أو إمرأة، فكل من يشتبه به فهو مدان بلا محاكمة، ولم تنتهي الحرب إلا وقد قضت على قرابة المليون نفساً ومثلها أو قريب منها في زنزانات سلطة البعث في العراق. ونطل بنظرة على تلك الحروب الداخلية والخارجية ونحاول أن لا نكرر ما تداوله التأريخ واشتهر إلا بما لم يشر الى جوانب مهمة واقعية تَمَّ إغفالها.
-------------------------- (1) وهم كل من الشيخ عارف البصري والسيد عماد الدين الطباطبائي والسيد عز الدين القبنجي ونوري محمد حسين طعمة وحسين كاظم جلوخان، الذين أُعدموا في 13/ 11/ 1974. صلاح الخرسان، حزب الدعوة حقائق ووثائق، ص189. وقبل ذلك أقدم النظام على إعدام القيادي في الحزب عبد الصاحب دخيل.
#عباس_الزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آدم ليس أول البشر / الحلقة 5
-
آدم ليس أول البشر / الحلقة 4
-
آدم ليس أول البشر / الحلقة 3
-
آدم ليس أول البشر - الحلقة 2
-
آدم ليس أول البشر - الحلقة 1
المزيد.....
-
شاهد.. -غابة راقصة- تدعوك لإطلاق العنان لمخيلتك في دبي
-
بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟
...
-
هواية رونالدو وشركاه .. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
أكثر من 20 مرتزقا أمريكيا في عداد المفقودين بأوكرانيا
-
باكستان قلقة من الأسلحة الأمريكية المتروكة في أفغانستان وتحذ
...
-
وزير الدفاع السوري يتفقد ثكنات الجيش بصحبة وفد عسكري تركي (ص
...
-
تركيا.. شاورما تنقذ حياة -مسافر الانتحار- (صور)
-
من أمام منزل السنوار.. تحضيرات إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين
...
-
سوريا.. من هم القادة العسكريون الذين شاركوا الشرع -خطاب النص
...
-
وارسو.. اجتماع وزاري أوروبي لبحث الهجرة والأمن الداخلي وترحي
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|