باور أحمد حاجي
كاتب
(Bawer Ahmed Haji)
الحوار المتمدن-العدد: 4679 - 2015 / 1 / 1 - 16:50
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تعريف الفلسفة:
الفلسفة كلمة يونانية الأصل مؤلفة من مقطعين (Philein) وتعني أحب و (Sophia) وتعني الحكمة. (فيلوسوفيا) بمعنى محبة الحكمة.
ويقال أن أول من استخدم هذه الكلمة فيثاغورس (عاش في القرن السادس قبل الميلاد). والأصح هو سقراط (469-399 ق.م) حين قالوا له بأنك حكيم, فقال: (الحكمة لله وحده, وإنما للإنسان أن يجد ليعرف, وفي استطاعته أن يكون محباً للحكمة تواقاً إلى المعرفة باحثاً عن الحقيقة). فقد لقب كلمة (الحكيم) من قبله على من كان لديه مهنة يتقنها, حتى النجار والموسيقار والطاهي والبحار يلقبون بالحكماء. فلما جاء سقراط لقب نفسه بأنه فيلسوف تواضعاً ومتميزاً عن السوفسطائيون تجار الحكمة.
عن ماذا تبحث الفلسفة:
تبحث الفلسفة في:
1- في موقع الإنسان من هذا الكون, حيث أن جميع الشعوب البدائية كان لهم فلسفتهم تجاه الكون والإنسان.
2- تبحث عن المشاكل التي تواجه الإنسان في حياته, وعن الحلول لهذه المشكلات.
هل نشأة الفلسفة في الغرب أم في الشرق
هناك رأيين:
1- يرى بأن الفلسفة هي نتاج عقل اليوناني دون غيرهم, وأن الشعب الوحيد الذي كانت له فلسفته هو الشعب الهندي. لكن الفلسفة اليونانية لم تتأثر بالفلسفة الهندية, حيث كانت الفلسفة الهندية قبل بوذا (558-483 ق.م) فكراً خرافياً أراد أن يفسر الكون أسطورياً.
كما أن فكرة بدء الخلق في الشرق القديم كانت تستمد من الدين أكثر من الفلسفة, وأن الدين والفلسفة في الشرق القديم واحد, لذا لم يعرف نظرية فلسفية ظهرت في الشرق القديم مستقلة عن الدين. وأن مهد النظريات الفلسفية الحرة البعيدة عن تأثير الدين كانت بلاد الإغريق بلا استثناء.
2- أما الرأى الثاني فيرى بأن الفلسفة هي امتداد للعقل البشري, وأن اليونان تلقوا عن الشرق أفكارهم, وكانت حججهم هوا:
أ- المؤرخ اليوناني هيرودوت (484-425 ق.م) الذي درس الحروب الفارسية اليونانية, فقد كان يعتقد أن الديانة والحضارة اليونانية قد انشأ من مصر.
ب- فيثاغورس فقد كانت فكرته حول تناسخ الأرواح ومنع تناول اللحوم الحيوانية فكرتان هنديتان. كما كانت نظريته في الأعداد (العدد أصل الأشياء) تقدم على أنها ذات أصل شرقي, حيث كانت (مصر وبابل) معروفة بنشأة الأعداد فيها.
ت- أفلاطون في محاوره (طيماوس) يوجه أحد الكهنة المصريين إلى صولون (640- 560 ق.م) كما يعتبر مؤسس الديمقراطية وأحد الحكماء السبعة: (أيها اليونانيون أنكم أطفال صغار).
ث- قول أرسطو (384- 322 ق.م): (إن العلوم الرياضية قد نشأت في مصر, حيث كان الكهنة يتمتعون بفراغ ضروري للدراسة).
هل يوجد فلسفة إسلامية:
هناك اتجاهين:
1- يرى أنه لا يوجد فلسفة إسلامية على الإطلاق, حيث ظلت الفلسفة الاسلامية على الدوام فلسفة إنتخابية عمادها الاقتباس مما ترجم من كتب الإغريق.
2- أما الاتجاه الثاني فيرى أن لها فلسفة إسلامية على الرغم من تعرفهم على الفلسفة عن طريق اليوان, إلاّ أنهم استخدموا لأنفسهم مصطلحات ومفاهيم فلسفية جديدة لم يكن فلاسفة اليونان قد استعملوها من قبل مثل (واجب الوجود) و (ممكن الوجود) و (مستحيل الوجود) اللذين استعملها الفارابي.
واجب الوجود: هو الثابت الذي لا يقبل النفي كوجود الزوجية للعدد (4).
ممكن الوجود: هو الذي يقبل الثبوت تارة والنفي تارة أخرى كوجود الجنة.
مستحيل الوجود: هو المنفي الذي لا يقبل الثبوت كتقدم وجود الأبن على أبيه.
التفلسف:
يقول أرسطو طاليس: (إن الدهشه أول باعث على الفلسفة). فالإنسان رأى هذا العالم لغزاً فأراد أن يحله, وتلك المحاولة هي الفلسفة.
كل البشر تقريباً يتفكرا تفكيراً فلسفياً أو يتفلسف في بعض الأحيان, مثل: أن يتفكر في هذا الكون ويقول ما أصله؟ ومن أين جاء؟ وكيف جئنا إلى هذا الأرض؟.
ولكن ليس كل من يتفلسف وقتاً معيناً هو فيلسوف. فمثلاً إذا كسر أحد أبواب غرفك في البيت فإنك سوف تقوم بتصليحها. فهذا لا يعني إنك أصبحت نجاراً بتصليحك لهذا الباب المكسور. أم الذي يجعل مهنته نجاراً ويعمل ويطور نفسه في هذه المهنة يسمى (نجاراً). كذلك الحال بالنسبة للفيلسوف, فهو الذي جعل مهنته التفلسف في أغلب الأحيان ويدقق ويلاحظ ويدرس ما كتب قبله في الفلسفة يسمى (فيلسوفاً).
كان أو حامل على أن يتفلسف البشر هو ما يرجوه من المنفعة من وراء ذلك. فقد قيل أن المصريين واضعوا أسس علم الهندسة لما ألجأتهم الحاجة إلى ذلك لكثرة فيضانات النيل. كما يعتبر الكلدانيون واضعو علم الفلك لحاجتهم بها ليهتدوا بها في سيرهم.
وبعدها أصبحت طلب الفلسفة أو الباعث فيها هي طلب المعرفة من أجل المعرفة, وليس لأغراض المنفعة الشخصية, حيث يذكر (هيرودوت): أن كريس (مواطن يوناني) قال: لصولون: (لقد سمعت أنك جبت كثيراً من البلدان متفلسفاً) أي متطلباً للمعرفة.
الفلسفة والعلم (الاختلاف والائتلاف):
إن التفرقة بين مدلول الفلسفة ومدلول العلم حديث العهد, حيث كان يربطهما علاقة طيبة لا يستغني أحدهما عن الآخر. بدأت التفرقة تدريجياً في أوربا على يد رواد المدرسة التجريبية الذين طلبوا الكشف عن أسرار الطبيعة عن طريق التجربة والملاحظة.
وكان أول ملامح الفصل على يد كوبرنيكوس (1473- 1543م), ثم كيبلر (1571- 1630م), ثم على يد غاليلو (1564- 1642م) حيث استقل علم الفلك عن الفلسفة.
ثم وضع فرنسيس بيكون (1561- 1626م) المنهج التجريبي, كما أعلن ديكارت (1596- 1650م) بعده أنه يمكن الفصل بين الفكر والوجود, مما أدى إلى الفصل بين العلم الطبيعي والفلسفة. ثم جاء نيوتن (1642- 1727م) الذي بين النتائج العلمية التي تقوم على الملاحظة المباشرة وبين التصورات الميتافيزيقية التي لم يجد مبرراً لإقحامها في مجال علمه كعالم فلكي وطبيعي.
أوجه الاختلاف بين العلم والفلسفة:
يعرف العلم الفيلسوف جون ديوي (1859- 1952م): بأنه (كل دراسة منظمة قائمة على منهج واضح مستندة إلى الموضوعية, يمكن أن نسميها علماً).
ويمكن عرض أوجه الاختلاف في الأتي:
1- الفيلسوف ينظر إلى العالم نظرة كلية, بينما العالم ينظر إلى العالم نظرة جزئية. فإذا كان الفيزيائي يبحث عن خصائص الكائن الحي, فإن الفيلسوف يتسأل عن معنى الحياة.
2- يتخذ الفيلسوف الإرث التاريخي الفلسفي منطلقاً له في دراسته, بينما يتخذ العالم آخر ما توصل إليه العلم منطلقاً له في دراسته. حيث أن الفلسفة لا تعرف الإنقطاع الابستمولوجي, بل يرى بأنها نتاج تاريخ فكري متواصل من الحدوس الفلسفية. ويمكن القول: (إن الإنسان لا ينتج فلسفة إن لم يمر عبر تاريخ الفلسفة). بينما العلم لا يتصل بتاريخ العلم, بل هو منفصل ويتعرض للقطيعة الابستمولوجية.
3- الفيلسوف يعبر عن تجربته الفردية من خلال علاقته الفكرية مع العالم في ابتداع مفاهيم ومصطلحات فلسفية خاصة تميز مذهبه الفلسفي عن باقي مذاهب الفلاسفة, كما استخدم الفارابي (870- 950م) كل من المصطلحات (واجب الوجود- ممكن الوجود- مستحيل الوجود), واستخدم جون رولز (1921- 2002م) مصطلح (حجاب الجهل).
أما العلماء فيستخدمون في أغلب الأحيان مصطلحات متفقة في ما بينهم والتي اجمعوا عليها ومتعارف بينهم مثل مصطلح (الطاقة- الكتلة- الجاذبية- السرعة).
4- يهدف العلم إلى البحث عن العلل القريبة التي تحدد الظواهر الطبيعية, فمثلاً المؤرخ يكشف عن أسباب الحروب ودوافعها ويصفها بـ (الشر), ويستخدم العالم الجيولوجي عن الزلازل والبراكين وما يتضمنه من شرور للإنسان. فإن الفلسفة تبحث عن العلل البعيدة, فهو يبحث عن علل الشر البعيدة ويتسأل عن أصل الشر وما هيته في الوجود.
أوجه التشابه بين العلم والفلسفة:
1- العالم والفيلسوف متفقان في البحث عن الحقيقة دون الخضوع لسلطان الدين أو السياسة أو العرق, فكل منهما يبدأ بحثه بالشك المنهجي حرصاً على الدقة والموضوعية.
2- كما أن كل منهما لا يمكن أن يستغنوا عن بعضهم البعض في بحوثهم, فالفلاسفة كثيراً ما يعتمدون على زملائهم العلماء في النهل من علمهم ويحاول الاستفادة من هذا العلم في بناء نسقهم الفلسفي. كما أن العلماء كثيراً ما يخرجون من ميدان بحثهم العلمي تشدهم مشكلات فلسفية تعيق دراستهم, ويحاولون تكوين مواقف فلسفية تتسق ونتائج بحثهم وينهلون من تراث الفلسفة.
فكل فريق يستفتي الآخر في دراسته من أجل أن يصل في نهاية المطاف إلى إدراك الهدف الأسمى لكلا الفريقين إلاّ هو تكوين تصور عن الكون أو تفسير العالم الذي نعيش فيه.
#باور_أحمد_حاجي (هاشتاغ)
Bawer_Ahmed_Haji#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟