|
شخصية عام 2014
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4679 - 2015 / 1 / 1 - 12:23
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
شخصية عام 2014 جرت العادة أنه كلما شارف عام قديم على نهايته، واقترب موعد حلول عام جديد ، إلا وطلعت علينا وسائل الإعلام الورقية بصحفها ومجلاتها على اختلاف مشاربها وتوجهاتها ، وفاجأتنا المواقع الإلكترونية بكل أنواعها وأشكالها وحمولاتها ، بما يصطلح على تسميته بـ "شخصية العام" الذي يختارها قراؤها ومتتبعيها ، لتكون نموذج العام المنتهي عمره ، بما حظيت خلاله من مميزات خولت له ذلك ، وتبعا لنفس التقليد ، قررت كمدير لجريدتَيْ "منتدة سايس" الورقية وإلكترونية ، أن أدلي بدلوي في هذا التقليد الإعلامي ، وأقترح بدوري بعضاً ممن أرى أنهم يتميزون بمواصفات خاصة تمكنهم من نيل شرف صفة أفضل شخصية السنة المنصرمة .. فاخترت لذلك أن أبدأ بدائرتي الاجتماعية ، واستفسر عينة من أهلي وأصدقائي المقربين ، وأسأل بعضا من جيراني ، واستجوبت ثلة من رواد المقهى التي اعتدت ارتيادها ، ودون أن أنسى استطلاع رأي المارة الذين صادفتهم على عجالة خلال تجوالي في شوارع المدينة وأسواقها.. فكم كانت دهشتي كبيرة لاستجابة غالبية المستجوبين ، واتفاقهم على نفس الشخصية التي لم يجد طاقم الجريدة -بعد الكثير من البحث والتحليل – أجسن ولا أفضل منها لتحظى بتلك الصفة ، والتي لم تكن إلا ذلك الكائن الرقيق "المرأة" ، وذلك تكريما لها على ما عاشته من قهر وبطش مارسه عليها الرجال ، تارة تعويضاً للقهر الاقتصادي والاجتماعي الممارس عليهم ، وتارة بسم الله الذي كرمها قرونا قبل بدعة هذا النوع من التكريم ، إن كان ذلك فعلا تكريما ، ولم يكن ، كما يقول المصريون "تقليب مواجع" أو تذكيرا لها بما عانته مند قرون مع سخرية واحتقار العالمين العربي والإسلامي ، الذين اعتبرها فيهما ، ولازال بعض رجال الدين -الذين تخلوا عن أدوارهم ، وفقدوا قوامتهم ، وتحولوا إلى مسوخ تعيشون على هامش الحياة -"جوهرة مكنونة" ، لكنهم عاملوها "دمية مجنونة" جاءت من ضلع اعوج ، حاملة على منكبيها عقلاً ناقصاً وإرادة محكومة بالعواطف ، ما جعل منها عند غالبيتهم ، نصف عقل ونصف قدرة ونصف إنسان وناقصة دين ، تستباح كرامتها بحجج واهية ما أنزل الله بها من سلطان ، كتلك التي تتهم فيها بجريمة إخراجت سيدنا آدم من الجنة حسب ما ذكر في كتب الإنجيل ، ويُعتدى على خصوصيتها بشتى الأعذار اللامنطقية ، كغوايتها الرجال أصحاب العقول الكاملة وتحرضهم على ارتكاب المعاصي والذنوب ، ويُنتقص من حريتها بأدلة لا يقرها لا قانون ولا أعراف ، فهي تارة متبرجة ، وأخرى ناشز ، وثالثة مستهترة ، ورابعة سيئة الخلق وركيكة العقل ، وخامسة خارجة عن التقاليد والأخلاق ، وهي في الاتجاه الأعم ، والمفهوم الأشمل لدى المجتمع الذكوري ، عورة متحركة ، ودنس نابض ، وغواية بلا نهاية ، ورغبة بلا رهبة ، وكيد عظيم ، وشر فاش ، ولعن كثير ، وكفرة بين بالعشير ، أي الزوج. وتبقى المصيبة الكبرى عند قراصنة الدين المتأسلمين -الذين هبطوا من كهوفهم لاغتيالها مع سبق والإصرار والترصد ، بفاهمهم المغلوطة عن الإسلام – إصرارهم القاطع على تطبيق كل ما ينتقل بها من مرتبتها الإنسانية ومكانتها الآدمية إلى أخرى دنيئة مساوية للدواب أو أقل منها أحياناً ، كتلك التي تتهمها كتب التراث ، والأحاديث المكذوبة ، بالفتنة : "ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء " ، أو تلك التي تقرنها بالحيوان والجماد في الشؤم : "إذا كان الشؤم في شيء؛ ففي الفرس والمرأة والمسكن" ، وتجعلها من مبطلات الصلاة :"يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب" ، وأغرب الافتراءات التي يستظل بظلها المتخلفون للنيل من سمعها ، رغم تكريم الله ورسوله لها، إيمانهم بأنها من أكثر أهل النار يوم القيامة ، ويستندون على دلك بحديث ابن عباس "ورأيت النار فلم ار منظراً كاليوم قط ورأيت اكثر أهلها النساء، قالوا بم يارسول الله ؟ قال بكفرهن، قيل أيكفرن بالله ؟ قال : يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك ما تكره قالت : ما رأيت منك خيراً قط"، وأختم بما يتخذونه ذريعة لحرمانها من مشاركة الرجل في الولايات العامة والعمل بالقضاء والسياسة في قولهم : "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " .. إنها نظرة متخلفة والبعيدة عن منهج الإسلام ،لهذا الكائن العطيم الذي يصنع الرجال كما يزرع الحبق والسوسان على سطح المنازل ، ويبث الحب والسلام والطمأنينة في نفوس المحيطين به من الأزواج والأبناء والأحباب والعشيرة ، تدفعنا وتحفزنا لمنحه ما يستحق من مراتب الشرف والتكريم ، وأقلها لقب "شخصية العام" الذي ليس إلا تكريما معنويا بسيطا في حقه ، لأنها شخصية تستحق أن تصنع لها التماثيل الذهبية بدل الاكتفاء بجعله شخصية سنة ماتت .. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشطابة -المكنسة- شعار المرحلة ا!!
-
شجرة الحي المعمرة ..
-
كلنا نملك نفس العين .. لكننا لا نملك نفس النظرة !!(3)
-
أنا ما حبيب حد !!
-
استطلاع رأي .
-
كلنا نملك نفس العين .. لكننا لا نملك نفس النظرة !!(2)
-
طارئ مرعب على متن الرحلة رقم MS 847 التابعة للخطوط الجوية ال
...
-
كلنا نملك نفس العين..لكن لا نملك نفس النظرة !!
-
هل نحن في حاجة ل “علالين” كثر لفضح الفساد الأمور ؟؟
-
اسدال الستار على آخر فصول محاكمة القرن
-
سوء تفاهم خاطرة واقعية.
-
مراسلة من القاهرة قبيل انطلاق -مظاهرات 28 نوفمبر- بسويعات
-
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين !!
-
في رحاب بلاد الكنانة ..
-
كفانا صراعا أيها الصحفيون !!!!
-
موت العظماء حياة لأممهم ..
-
التكريم سلوك متحضر يضع الشخص في مكانته المناسبة لعمله أو إنج
...
-
مولاي يعقوب أو دائرة الموت !!
-
شباط واللبارابطال موسم المشاوشة المنسي !!
-
العنف في البرلمان !!
المزيد.....
-
نتنياهو: زوجتي سارة مهددة بـ-الاغتصاب-!
-
شرطة الرصافة تنفي تعرض امرأة للتعذيب: ضربت نفسها
-
أكذوبة العناية بالذات.. هل تحتاج النساء منتجات التجميل لنضار
...
-
مغامرات الاطفال مع لولو.. تردد قناة وناسة Wanasah على نايل و
...
-
فنانة أمريكية تسخر من ذكورية الفن بتزوير لوحات بيكاسو
-
الملابس الرياضية المريحة تغزو الموضة النسائية في صيف 2024
-
هنا الزاهد تتحدث لأول مرة حول انفصالها عن أحمد فهمي: الزواج
...
-
هل قدرة النساء على تحمل الألم أكبر من الرجال؟
-
فيديو.. -المرأة التي تقف خلف ترامب- تثير جدلا كبيرا
-
سجلي الآن.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت 2024
...
المزيد.....
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
المزيد.....
|