أحمد حاج داود
الحوار المتمدن-العدد: 4678 - 2014 / 12 / 31 - 05:47
المحور:
الادب والفن
لقد قرّرت أن أتوقف عن النوم بجميع اشكاله، جاء قراري هذا من حبّي القديم للسهر، وكرهي الشديد للنوم، ولمن ينام كثيراً.
بدا القرار سهلاً في البداية، ومضيت فيه قُدماً، وبعد عشر سنين من عدم النوم اشتقت للأحلام، قاومت حنيني، وتابعت سهري، لم تعد حركة الأرض والشمس تعني لي الكثير، اصبحت أرى البرامج التلفزيونية ذاتها مرتين، وفي الليل حينما كانت البشرية تخلد لما يُسمّى النوم، كنت أبدأ يوماً مع نفسي، ومع الحزن الذي كان هو الآخر لا ينام، أو يدّعي النوم أحياناً بأفضل الأحوال، تضامن معي بعض الأصدقاء، إلا أنهم خانوا وعودهم واستسلموا لنومٍ عميق بعد يومين أو ثلاثة، كان الوقت يمرّ سريعاً في الليل، يتدفّق مثل تدفّق الماء، أصوات الطائرات و القطارات الليلية أصبحت مألوفة ومتوقعة لي، عرف صاحب الدكان بحارتنا بقصتي، و قرر أن يُبقي دكانه مفتوحاً ليلاً لزيادة غلّته ليبيعني الدّخان و في أفضل الأحوال البزر، وربّما الشاي والقهوة، ووكّل المهمة لابنه الذي كان ينام النهار كلّه، انتشر الخبر بعد عشرين سنة لم أنم فيها أبداً، اتصلت بي شركات كثيرة لأعمل بها، كوني لا أنام، وهذه ربّما تدفعهم للاعتقاد بأني لا آكل أيضاً، عرضوا عليّ رواتب مغرية للشهر، فأخبرتهم بأني لا أعرف ما هو الشهر، أنا أقيس الزمن بكمّية الدّخان التي أدخّنها، المهم أتفقت مع احدى الشركات على راتب قدره 10 دولار لكل كروز دخان أنهيه، وبعد مدّة تم فصلي من العمل، إذ خسرت الشركة، و أنا لا أعلم كم يوم أو ساعة استغرق الكروز فأنا لا أنام، سمع المحافظ بقصتي، فقرر تعييني بمنصبٍ مرموق، تفاجأت بعد مدّة بقرار فصلي و احالتي للقضاء، بسبب فصلي لأكثر من مئة عامل وموظّف بسبب نومهم، أو سردهم لأحلامهم التي رأوها أثناء النوم...
في المحكمة عرفت بأن البشرية كلها سمعت بقصتي، فأنا لم أنم منذ مئة عام، ضرب القاضي مطرقته بقوة وهو ينطق بالحكم، الاعدام شنقاً حتى الموت، ارتحت للعقوبة، وشعرت بأنها مكافأة، إذ توقعت أن يكون الحكم هو الشنق حتى النوم، وأمام حبل المشنقة، وقبل أن أموت تذكرت حلماً قديماً كانت فيه روحٌ ما تعرف سبب عدم نومي..
#أحمد_حاج_داود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟