|
كيف تصبح قِيَمك في الحياة حقيقة تعيشها كلّ يوم
ماريا خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 4676 - 2014 / 12 / 29 - 10:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أنا امرأة كونيّة مع أنني ولدت في بلد واحد محدّد؛ فتجارب الحياة لم تحجزني داخل حدود هذا البلد فحسب. لقد وجدت أن انفتاحي الكلّي على العالم طريقة مميّزة لكي أعيش قيم الفهم والتفهّم وقبول الآخر ولأتقاسمها مع الآخرين كما اعتدت. لقد لاحظت من خلال تجاربي الكثيرة أن الناس في العديد من البلدان المختلفة لديهم قائمة شبه موحّدة للقيم التي يريدون اكتسابها وتطبيقها في حياتهم. إلا أنّني أسمع الكثير من القصص والتحسّر على فقدان القيم في السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة. فماذا يمكننا أن نفعل لكي نعيد إحياء تلك القيم ليس على الورق أو الفكر فقط بل على مستوى التطبيق اليوميّ لكي تتحوّل إلى سلوك؟
أعتقد أنه يمكننا جميعاً إعادة غرس بعض القيم في حياتنا وحياة من نحب. ومع اقتراب العام الجديد يتّجه فكرنا تلقائياً نحو اتّخاذ قرارات للعام الجديد، ومن الطبيعي أن تعتمد نوايانا للسنة المقبلة على مجموعة قيم معيّنة. فلم لا نعطي عملية التفكير بالسلوك الذي سنعتمده في حياتنا في السنة المقبلة دفعة صغيرة من التحفيز من خلال مناقشة القيم الأساسيّة لحياتنا؟ بذلك يمكن أن يتحقق وعدنا لأنفسنا بأن تكون حياتنا في العام 2015 أفضل بكثير من خلال التوقع والامتنان والأمل. لا يمكن وضع القيم تحت المجهر لأنها مفاهيم مجرّدة وغير مرئيّة. في المقابل تُعتبر القيم شيئاً حاسماً وجوهريّاً في حياتنا لأنها تقف وراء كل قراراتنا. بعض هذه القيم حصلنا عليها من الأهل، وبعضها الآخر من كتب أو مقالات قرأناها. وقد اكتسبنا الكثير منها من خلال تجاربنا في الحياة. القيم لا تعني ما نريد تحقيقه في وجودنا بل الطريقة التي نريد أن نسلك ونتصرّف بها في حياتنا. إذا أردنا أن نراجع قائمة القيم كاملة لوجدنا المئات منها، ولكن دعونا نذكر هنا بعضاً منها فحسب. القيم التي سنختارها هي تلك التي تدفعنا للتصرّف بطريقة محدّدة في عام 2015 . والهدف من التذكير بها هو إعادة إحيائها في حياتنا في العام المقبل حتى إذا أشرف هو أيضاً على نهايته يمكننا أن نشعر بالرضا عن الجهود التي قمنا بها طوال أيام السنة.
النزاهة والصدق: عندما قال شكسبير "يا لها من شبكة معقدة ننسجها عندما نمارس الخداع"، استطاع حقاً أن يجسّد بهذه الكلمات أحد أهم القيم الجوهريّة في الحياة. النزاهة لا يمكن أن تكتسبها بسهولة. عليك أن تريد أن تكون صادقاً، وعليك أن تكتشف نفسك وتفهمها جيداً وتتحلّى بالشجاعة من أجل تطبيق مبدأ النزاهة في حياتك. وإذا كنت ترغب في ضبط سلوكك ضمن مبادئ أخلاقية راسخة فينبغي أن تكون النزاهة جزءاً لا يتجزّأ من هذه المبادئ. الفهم: ينبغي أن تكون الحياة بحدّ ذاتها مفهومة بالنسبة لك. هذا إذا كنت ترغب في ن تمنح حياتك قيمة خاصة. أما كيف يمكنك أن تحقّق هذا الهدف لتفهم الحياة كما يجب أن تفهمها فأنت وحدك من يقرر ذلك. قد تنجح من خلال الدين أو من خلال الفلسفة. وقد تعتمد لبلوغ هدف الفهم على مجموعة واسعة ومتنوّعة من الوسائل. ولكن يبقى الأهمّ هو أن تحفر في فكرك أن عليك التصرف بطريقة توصلك إلى تحقيق تلك القيمة واكتسابها وتطبيقها. إذا لم تكن تملك الآن وسيلة تقرّبك من فهم الحياة فحريّ بك أن تبدأ الآن بالبحث عن واحدة تناسبك.
السعادة: هل تستطيع أن تحدّد ما تعنيه السعادة لك؟ إذا كانت الأمور التي تعدّدها لتفسّر معنى السعادة بالنسبة لك خارجة عن ذاتك، فلا بدّ أنك تركّز تفكيرك ليس على السعادة بحدّ ذاتها إنما على آثارها أو نتائجها. أما إذا كان ما وصفته تعبيراً عن السعادة هو مسائل داخلية فهذا يعني أنك تتحدّث عن أسباب السعادة وليس عن نتيجتها. بالنسبة لي السعادة تعني أن أشعر بالراحة في مجالات حياتي كلّها: الصداقة والمعرفة واحترام الذات، الخ...
الثقة: سوف أشارككم سراً اختبرت فعاليته عبر السنين. هناك شخص واحد فقط لا بد لي من الثقة به وهذا الشخص هو أنا. أضع ثقتي في نفسي وهي تخبرني ما أريد أن أعرفه عندما أحتاج لمعرفته ولطالما نجحت هذه الطريقة. ذلك يسهّل حياتي ويبسّطها أيضاً. أوصيكم إذاً بأن تثقوا أولاً بأنفسكم ومن ثمّ بآخرين.
الامتنان: لا تستهينوا أبداً بقوة الامتنان! امتنوا لما لديكم الآن. شكر الله على ما لديكم يجلب المزيد من النعم وكلّ نعمة تحصلون عليها تطلق الشعور بالامتنان مجدداً وهكذا تزداد النعم كلّما زاد الامتنان لما لديكم مهما كان بسيطاً بنظركم. اشكروا دائماً على أبسط الأمور وأصغرها وراقبوا ما يحصل! لا بدّ أن تنمو النعم التي لديكم وتكثر.
التناغم: التناغم هو المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه كل أشكال الحياة. وعندما نعيش حياة قائمة على المبادئ والقيم السامية لا بدّ للتناغم أن يظهر تلقائياً وبشكل طبيعي من خلال مشاعر الراحة والفرح. أوليس هذا ما تمثله هذه الأعياد الرائعة التي نختم بها السنة؟ أقترح إذاً أن نركّز على قيمة التناغم على مدار السنة.
وفي الختام، أتمنّى لكم أعياداً مجيدة. عيد ميلاد سعيد وسنة جديدة ملؤها السعادة والنجاح. عسى أن تحمل لكم سنة 2015 كلّ خير خاصة إذا قررتم أن تعيشوا حياتكم فيها بناء للقيم التي حدّدتموها لأنفسكم.
تعلّمت...
• " كلام السنة الماضية ينتمي اليوم إلى لغة العام المنصرم أما عبارات السنة الجديدة فتنتظر صوتاً جديداً ". تى أس إليوت • " غداً، هي أول صفحة فارغة من كتاب مؤلّف من 365 صفحة. فلنكتب إذاً قصّة جيداً ". براد بيزلي • " نجاحك وسعادتك موجودان في داخلك. قرّر أن تكون سعيداً وعندئذٍ ستشكّل أنت وفرحك فريقاً لا يُقهر بوجه الصعوبات". هيلين كيلر • " اكتب على صفحة قلبك أن كلّ يوم هو أفضل يوم في السنة". رالف والدو إمرسون • " نهاية العام ليست نهاية ولا بداية بل تكملة مع زاد أكبر من الحكمة غرستها فينا التجارب. فلنشرب نخب سنة جديدة تحمل لنا فرصة أخرى لتصويب الأمور". أوبرا وينفري
"كل سنة نكون شخصاً مختلفاً. أنا لا أعتقد أننا نبقى الشخص نفسه كل حياتنا". ستيفن سبيلبرغ
#ماريا_خليفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كن جميلاً .. تر الوجود جميلاً!
-
المشاعر، ما هي وما حقيقتها؟
-
ابحث عن هويّتك قبل أن تضيع منك
-
هل الدور الذي تلعبه في حياتك هو حقّاً ما تريد؟
-
ما هو دورك الحقيقي أيتها الأم!
-
ما هو دورك الحقيقي أيّها الأب؟
-
التغيير قانون الحياة.. أريد أن أكون التغيير
-
كيف نبعد أبناءنا المراهقين عن رفاق السوء؟
-
الخوف من الارتباط ... كيف تتغلّب عليه؟
-
هل أنت سجين السلبية في تفكيرك؟
-
النكران بين العلامات والأسباب... المخاطر والعلاج
-
لا أنا لست ضحيّة... كيف إنتهى بي الأمر بالتفكير هكذا؟
-
التربية مدرسة يتخرّج منها الأبناء والآباء في الوقت عينه!
-
لا لم تنتهي حياتي ولن يضيع أبنائي بعدما قرّرنا الإنفصال!
-
حياتي الزوجية أنا اخترتها... لماذا تحوّلت جحيماً؟
-
الوقاحة لدرجة الإستفزاز لدى الأبناء... كيف تتعاملين معها؟
-
فكّر بعقل الأغنياء تصبح غنيّاً!
-
معتقادتك وحدها تجعلك غنيّاً أم فقيراً!
-
هل التأجيل يؤثر على إنتاجيتك؟
-
عادات تجعلك تحقق النجاح
المزيد.....
-
مشهد ناري مضاء بالمشاعل على مد النظر.. شاهد كيف يحيي المئات
...
-
من الجو.. نقطة اصطدام طائرة الركاب الأمريكية والمروحية العسك
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تسلّم الرهينة الإسرائيلية في قطاع غزة
...
-
ضغوط وحرب نفسية وسياسية.. ما المراحل المقبلة من تنفيذ اتفاق
...
-
سقوط قتلى إثر تحطم طائرة على متنها 64 شخصا بعد اصطدامها بمرو
...
-
تواصل عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة دعوة حكوم
...
-
تحطم طائرة ركاب تقل 64 شخصًا بعد اصطدامها بمروحية عسكرية في
...
-
مبعوث ترامب يوجه رسالة لمصر والأردن
-
أنباء عن وجود بطلي العالم الروسيين شيشكوفا وناوموف على متن ط
...
-
شبكة عصبية صينية أخرى ستضرب إمبراطورية ترامب للذكاء الاصطناع
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|