|
الرواية العراقية بعد التغيير2003 تعالق الفضاء التسجيلي والتخييلي
جميل الشبيبي
الحوار المتمدن-العدد: 4675 - 2014 / 12 / 28 - 17:34
المحور:
الادب والفن
اضاءة لقد كان التغيير في نيسان عام 2003 عاصفا ، توفرت فيه للأديب فرصة أن يقول دون رقابة خصوصا في السنوات الأولى للتغيير حيث دخلت مطبوعات وكتب وخدمة الانترنت فتحت آفاقا أمام الكتاب العراقيين لم تكن متوفرة لهم في السنوات العجاف ، الأمر الذي سمح بطبع وتوزيع العديد من الروايات والكتب الثقافية التي كانت محجوبة عن الصدور في العهد السابق .وكان النتاج الروائي العراقي في الداخل والخارج غزيرا نسبة الى تلك السنوات العجاف ، خصوصا في مجال الرواية الذي كان حكرا على مجموعة صغيرة من الكتاب ممن لهم حظوة خاصة لدى ذلك النظام ، وخلال السنوات التسع الماضي صدرت عشرات الروايات في داخل العراق وخارجه ،معظمها كتب عن التغيير العاصف ، برؤية متفاوتة تحتاج إلى رصد وتقييم ، إضافة إلى العديد من الروايات التي تناولت فترة الدكتاتورية وعمدت إلى تشريح قسوتها وكابوسها ،على المواطن العراقي ، باعتبارها وثيقة فنية عن تلك الحقبة المريرة التي عاشها العراقيون . وفي بحثنا هذا سنعمد إلى تناول نماذج من الروايات التي كتبت بعد التغيير ، وتناولت هذه الفترة بالذات ونؤجل قراءة الروايات التي صدرت بعد التغيير وتناولت الفترة السابقة من الواقع المعيش ، على الرغم من إننا نلاحظ أن بنية الكابوس ، ووجهة النظر السوداوية ،واحتشاد هذه الروايات بمشاهد العنف والجريمة وتصفية الناس هي ثيمة مشتركة في هذه الروايات ، إضافة إلى ان عالمها الروائي هو عالم الرعب والقتل والجريمة . وهناك أسئلة متنوعة تطرحها النتاجات الروائية التي كتبت بعد التغيير عام 2003 ،وهي أسئلة تتعلق بالمنحى الجديد الذي سلكته الرواية العراقية بعد التغيير ، وآفاق هذا المنحى وجديته في فتح فضاء لرواية جديدة حقا في العراق ، وفي رسم خارطة لمساراتها بعد التغيير العاصف ، وهل يمكن لهذا التحدي أن يجد له جوابا واضحا في تحول جذري في البنية السردية في الروايات التي نشرت بعد التغيير ، بعد مرور هذه الفترة الطويلة نسبيا في التحولات الكبيرة في البنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في العراق ؟؟.وسوف يكون التركيز على العلاقة الوثيقة بين البنية السردية في هذه الروايات وبين خارجها (الواقع المعيش) الذي يضخ فيها الحياة ،ويمدها بأسباب ديمومتها ،مع قراءة متونها السردية قراءة ثقافية – ادبية، نستكشف فيها قدرة كتابها على توظيف معطيات الخارج فنيا وجماليا ،وعلاقة بعضها ببعض باعتبارها نتاج فترة تاريخية حرجة يمر بها العراق. سنتخذ من الروايات التالية نماذج لقراءتنا هذه ، وهي روايات حرصنا أن تنتمي إلى فترات متفاوتة من سنوات التغيير ، إضافة على كونها تضم روايات كتبت خارج العراق من قبل كتاب يعيشون في المنفى منذ زمن طويل والروايات: 1- لعنة ماركيز للروائي ضياء الجبيلي الصادرة عام 2007 2- مكنسة الجنة –مرتضى كزار وقد صدرت عام 2008 3- طوفان صدفي –سعدي عوض الزيدي صدرت عام 2008 4- هياكل خط الزوال –مهدي علي زبين صدرت عام 2009 5- جنة العتاد – ابراهيم سبتي 2010 6- وجه فنسنت القبيح – ضياء الجبيلي عام 2009 7- رياح السموم –عبد الزهرة علي صدرت عام 2010 8- قشور بحجم الوطن – ميثم سلمان 2011 9- اونسام كاميل-اسعد اللامي-عام 2011 10- بيتهوفن يعزف للغرباء- فاتن الجابري 2011 11- يا مريم –سنان انطوان عام 2012 ولابد من تسجيل ملاحظة هامة تخص الأزمات الكثيرة التي عصفت بالمجتمع العراقي وكيف أنها أفرزت نتاجات قصصية متميزة في تقنياتها الفنية نسبة إلى هذه الأزمات في الواقع المعيش الذي نبتت فيه ومثالنا على ذلك القصة العراقية القصيرة قبل التغيير فالملاحظ أن هذه القصة في العراق قد استشرفت آفاقا كبيرة في قدرتها الفنية على التعبير عن إشكالات الواقع الفكرية والنفسية والاجتماعية في وقت مبكر من تاريخ العراق ،متخذة من التجريب والتجديد في تقنيات السرد للتعبير عن التساؤلات والإشكالات التي تثيرها حركة الحياة ومنعطفاتها من امثلة ذلك استثمار تيار الوعي في هذه القصة كمثال على ميلاد شكل ملائم للتعبير عن أزمة الإنسان العراقي في مرحلة الخمسينيات ثم اتخاذه مدى أكبر في الستينيات في القصص والمجاميع القصصية التي كتبها القاصون: جليل القيسي ،عبد الرحمن مجيد الربيعي ،لطفية الدليمي ، محمود جنداري ،عبد الستار ناصر ،عبد الاله عبد الرزاق، محمد خضير ، سركون بولص وغيرهم كدليل على قدرة القاص العراقي على التحدي وتجريب إشكال مبتكرة للإجابة عن تحديات الحياة وتسجيل موقف منها .كما أن أجواء تلك القصص وما أثارته من أسئلة وحوارات ، كانت استجابة فكرية ونفسية عن واقع ما بعد الستينيات الذي عرف بمصادرة حرية الإنسان واستشراء العسف في مرافق الحياة ، وضع المثقف في منزلق خطير بعد أن ضاعت تطلعاته وأمانيه في بناء عالم رحب من الحرية والعدل والمساواة ، في حين عبرت القصة الخمسينية عن انتماء كتابها إلى عالم الناس البسطاء والدفاع عن حياتهم واتخذت شخوصها من عالمهم وبالشكل الذي عبر عنه القاص محمد خضير بان الكاتب الخمسيني كاتب عرائض،أي انه ناطق بلسان الناس. من هذا المنطق أحاول رسم ملامح مختصرة للعلاقة بين السرد العراقي ما بعد التغيير- ممثلا بالرواية- وبين التشكلات في البنية الاجتماعية والسياسية وعلاقتها بالتقنيات التي استثمرها روائيو ما بعد التغيير لصالح منجز روائي يمتلك مقومات الهوية الوطنية، منطلقاً من فكرة أصبحت شائعة في النقد التطبيقي والنظري تؤكد على أن الرواية :شكل مرن يمتص جميع الأجناس التعبيرية ويستوعب الأشكال والأساليب السردية ويطوعها لتجسيد مختلف الأفكار والرؤى لتكون الرواية اقرب إلى الحياة في حركتها وتجددها. الفضاء الروائي لروايات ما بعد التغيير 1- الفضاء التسجيلي في معظم الروايات العراقية التي صدرت بعد 2003 ،يتوفر فضاء تسجيلي يعتني بنوع من التفاصيل الخاصة بأحداث ما بعد التغيير وتركيزها على الخراب في البنية التحتية للدولة ، وظهور أشكال غير معروفة للتجاوز على حرمات الآخرين وما يمتلكون ممثلا بمظاهر القتل على الهوية ومصادرة ونهب أموال الدولة وأموال الناس ،والاعتداء على شواخص الدوائر الحكومية والمدارس وحرقها او هدمها للحصول على بعض المنافع الرخيصة ،إضافة إلى مظاهر الخراب الذي سببه دخول القوات الأجنبية إلى العراق منقولا من الواقع مباشرة أو عبر الفضائيات في الروايات المكتوبة في المنفى ،وسنحاول في هذا المحور كشف هذه التجاوزات التي سببتها الحرب وتجاهل القوات الأجنبية التي احتلت العراق لهذه الأعمال بل تشجيعها ،وقد أسهمت هذه الظواهر الغريبة في فضاء هذه الروايات في أن يصبح المشهد متكاملا أمام المتلقي وصولا إلى قراءة الفضاء التخييلي لهذه الروايات لكشف وجهات نظر كتابها والتقنيات التي استثمروها في إيضاح وجهات نظرهم السياسية والجمالية عن هذا التغيير. يتكشف الجو الكابوسي في رواية (لعنة ماركيز)للروائي ضياء الجبيلي التي كتبت في وقت مبكر من دخول القوات الأجنبية إلى مدينة البصرة ، حين يعلن ساردها عن فوضى هائلة في دائرة البريد الذي يعمل بها ومن خلال هذه الفوضى يتم إعدام ألاف الرسائل والبرقيات وبطاقات الزواج بعد أن تعرضت الدائرة إلى (موجة السلب والنهب التي اجتاحت المدينة (وان)اللصوص لم يدخروا جهدهم من اجل سرقة كل صغيرة وكبيرة من ممتلكات الدائرة بدءا من ..الرواية .ص5)وتستطرد بداية الرواية في كشف تفاصيل هذه الممتلكات ابتداء من أجهزة الحاسوب ومكيفات الهواء والأبواب والشبابيك وصولا إلى (كرات الخيوط الصغيرة ومغازل الحياكة وأكياس البطاطا(....) ورضاعات الأطفال في الخزانات الصغيرة للموظفات ...ص6)وبالشكل الذي يكشف أن الواقع المعيش عشية دخول القوات الاجنبية قد أصابه العطب في كل مرافقه الكبيرة والصغيرة ،وتبدو دائرة البريد فضاء مصغرا لما أصاب مدينة البصرة من تخريب بعد دخول القوات البريطانية اليها ، غير ان السارد لا يكتفي بهذه الخلاصة المكثفة لفضاء المدينة المعطوب بالاحتلال بل انه يبحث في هذه المخلفات ليعثر على مظروف خمن أن بداخله (مجموعة شعرية أو قصصية أو ربما رواية أو دراسة نقدية ص7) وكل ذلك يمهد إلى اكتشاف مخطوطة رواية مجهولة الاسم والمؤلف ،تشي بجبروت وتسلط الماضي ووحشيته وجبروته قبل سقوطه وتأثيره العميق في تشظي الفضاء الإنساني وغياب العدالة فيه،من خلال موجة الإعدامات والقتل الغامض التي تطال الشخصيات الروائية في المخطوطة تعبيرا عن واقع الحال ،ويبدو ذلك جليا منذ بداية المخطوطة الروائية ، ليصبح فضاء الحاضر بعد دخول القوات الأجنبية وفضاء ما قبل التغيير متطابقا في فوضاه وفي انعدام الأمن والطمأنينة ،وهي ثيمة تشترك فيها معظم الروايات التي تناولت واقع ما بعد التغيير دون إشارة صغيرة على أهمية هذا التغيير أو ما يمكن أن يقدمه من بدائل للنظام المتداعي ، ويتضح ذلك حتى في الروايات التي صدرت بعد التغيير بسنوات عديدة (اعني الروايات التي صدرت عام 2012 ). وفي رواية ضياء الجبيلي الثانية (وجه فنسنت القبيح 2009) سرد خبري تسجيلي عن واقع الاغتيالات في مدينة البصرة بعد الاحتلال مباشرة فقد اغتيل احد الروائيين بأيد مجهولة وكانت (تلك أول جريمة من نوعها التي تحدث في البصرة بعد دخول القوات البريطانية التي أخذت على عاتقها القيام بمهام الشرطة المحلية التي اعدم وجودها حينذاك ص71-72) ويضيف الخبر (بعد ذلك اليوم عثر على جثة أخرى عائدة إلى احد الحزبيين الكبار في منطقة الجمهورية (ثم) تصاعدت وتيرة القتل والتصفية الجسدية فيما بعد (...)حتى أن المدينة صارت موحشة تماما ومليئة بالقتل والمافيات المسلحة (...)فضلا عن جرائم القتل والخطف والابتزاز والاغتصاب وجرائم القتل الطائفي والعرقي وغيرها ص76)ومن الأحداث التسجيلية التي يخبر عنها الراوي العليم في هذه الرواية بداية المواجهة المسلحة ضد القوات البريطانية في البصرة ويتضح ذلك من أسئلة المحقق البريطاني بيتر إلى مرافقيه متسائلا (عن مصدر قذائف الهاون التي استمرت بالسقوط طوال الليل على البساتين المتاخمة للقصر ص78) الرئاسي الذي اتخذته القوات البريطانية مقرا لها بعد الاحتلال. أما رواية عبد الزهرة علي ( رياح السموم 2010)فيتكشف فضاؤها منذ صفحاتها الأولى على مشاهد الخراب الذي أحدثه الاحتلال من خلال عينات عشوائية في سوق شعبي عشوائي أخذت فيه البسطات (تلتهم كل الرصيف وتجاوزت إلى أسفلته القيري (...)أنواع كثيرة من الأثاث الفاخر والمواد الكهربائية وعبوات كارتونية تحتوي أقراص الأدوية المتنوعة تجاورها أجهزة طبية وحاسبات الكترونية وفي انعطافة قريبة تجمع حشد من الشباب حول احدهم صفت إمامه قناني الويسكي وعلب بيرة من مناشيء مختلفة تقابله مواد إنشائية مبعثرة وأدوات احتياطية لسيارات حديثة ص6)و أسلحة من مختلف الأنواع ،وكل ذلك يذكرنا بالأيام الأولى لدخول القوات الأجنبية للعراق حيث حلت الفوضى في كل مكان ، والرواية لا تكتفي برصد هذا الجو بل يعمد ساردها الى كشف التحولات الشاذة في البنية الاجتماعية والاقتصادية ، حين استولى نفر من الناس على أموال الدولة من خلال السطو على ممتلكات البنوك والمحلات التجارية وأسواق الذهب ، لتتكون فئة جديدة من الأغنياء كانوا قبل الاحتلال من فقراء الناس ، يتضح ذلك في الحوار الذي جرى بين ( حميد) احد شخصيات الرواية وبين ابن أخيه حسين الكوني : - حسين ، تعرف (أبو سلمان)جيران العطواني - بلى - صار يملك مزرعة كبيرة ولا يرضى الا ان تسبق اسمه كلمة(شيخ) وابنه سلمان ينتحل ثوب التقاة ويدعي.. أما الأخ الأصغر (نبهان)فهو يبحث عن بناية لإصدار جريدة يومية..ص9-10)ثم نتعرف على (أبو سلمان) العتاك الذي أصبح شيخا وهو يحصل على هوية تثبت لقبه الجديد ،من مجلس شيوخ العشائر وهو يعمد الى تكبيرها وتأطيرها لتعلق في مضيفه الذي لا يزوره الا المعوزون من الناس الفقراء ،لكن أبي سلمان الشيخ الجديد لا يثق بقدراته ويخاف بما يحيطه ، ولكي يحافظ على مركزه يصبح سمسارا للشيوخ الحقيقيين والأغنياء . ويقدم الروائي عينات أخرى ،تكشف التغيرات المأساوية في مجتمع الرواية ، يصيب معظم شخوصها التي ترفض الدخول في هذا الفضاء العطب او الموت في حين تأخذ الشخصيات التي تسير على وفق اتجاه ريح السموم مكانة خاصة في هذا الفضاء .ومن خلال هذا التوصيف يشير الروائي الى نتائج الحرب بمثل هذه العينات التي ترمز الى التحولات الغريبة في كل مناحي الحياة بعد الاحتلال . ورواية (رياح السموم) من الروايات الفنية التي استثمرت حقائق الواقع المعيش ، باتجاه تشييد بنية فنية دالة على حالة التشظي والفساد والخراب في البنية الاجتماعية ، وسوف نكشف عن ذلك في الصفحات القادمة. في حين تسرد رواية الروائي مرتضى كزار (مكنسة الجنة )وقائع البحث عن جثامين (12) فنانا تشكيليا تم إعدامهم في الزمن السابق في مقبرة جماعية ،وقد تم اكتشاف بقايا من جثامينهم ووضعت في أكياس خشنة لتسلم إلى أهاليهم الذين حضروا ليتعرفوا على أولادهم دون جدوى ، والسارد يسرد هذه الحادثة مع تفاصيلها وسبب إعدام هؤلاء الفنانين في ايام ما قبل التغيير ، ولنا وقفة مع تقنية السارد في هذه الرواية . كما تسرد رواية ( جنة العتاد) للروائي إبراهيم سبتي ،أخبارا عن سرقة الآثار العراقية وتهريبها إلى الخارج ، ويروي السارد نماذج من مهربي الآثار ،وانتقال أحوالهم من الفقر إلى الغنى :(فاجأنا احدهم بحديث عن احد معارفه التقاه هناك وكان متغير الحال ، صار من الميسورين الأثرياء وتملكه الفضول – المتحدث- ليسأله بمزاح الأصدقاء عن حالة الثراء الفاحشة رد عليه وكأنه ينتظر السؤال ليظهر فخره وانتصاره ورجولته : - أبيع آثار ! ويواصل انا الان في سفرة سياحية سأذهب بعدها الى تركيا وماليزيا ثم أعود لأواصل عملي ..ص14 إن إيراد هذه المقاطع ايضاح لعملية رصد الوقائع التسجيلية في رواية ما بعد التغيير ، بشكل حيادي ودون تعليق من السارد ، على الرغم من وضوح وجهة نظر السارد الضمني / المؤلف بادانة هذه الاعمال ، لكن الملاحظة التي ينبغي تسجيلها هنا ، ان هذه الروايات تكتفي بتسجيل وقائع الخروقات الخطيرة التي ترتكب ، كالسرقة والمتاجرة بالممنوعات ، والتخريب ، والقتل المجاني ، من دون وقفة متأملة لحياة الناس عن هذه الخروقات التي يمثل مرتكبوها نسبة متواضعة ، قياسا الى التغيير الخطير الذي حصل في حياة الناس ،الروحية والاقتصادية ، وحتى العائلية بالشكل الذي يرسم صورة متكاملة للتغيير .اضافة الى انها لم ترتفع بخطابها الروائي الى فتح نافذة على امل حقيقي يمكن ان يحدثه هذا التغيير. واستكمالا للجانب التسجيلي لللاحداث في هذه الروايات وتاثيرها على مجتمعات هذه الروايات سنعمد الى ايراد نموذجين من روايتين مكتوبتين في الخارج ،وهي تستقي احداثها مما بثته الفضائيات للعالم من معالم التخريب الذي احدثته القوات المحتلة في البنية التحتية للدولة ، بسبب ان الفضائيات كانت النافذة الوحيدة للمغتربين العراقيين ، وسنجد أن الروايات التي كتبها روائيون عراقيون مغتربون تمثل اضافة مهمة تستفيد من التقنيات الحديثة في رصد الاحداث التسجيلية اثناء دخول القوات الاجنبية واثناء تواجدها على ارض الواقع المعيش. ومن الروايات التي رصدت هذه الاحداث رواية (بيتهوفن يعزف للغرباء) للروائية فاتن الجابري ،فقد ورد في فصولها الاخيرة (فصل28)سردا مكثفا للمظاهرات الكبيرة التي عمت العالم الغربي احتجاجا على الاحتلال ، اضافة الى منتجة للبث الفضائي ، يضيء انتقالات الكاميرا الى زوايا متنوعة تسلط الضوء على هذا الدمار والتخريب: (مدن العالم تغلي وتستعر غضبا وتظاهرات تندد بعزم دول التحالف شن الهجوم العسكري على العراق) (مشينا في شوارع المدينة نحمل يافطات بكلمة واحدة بكل لغات العالم لا للحرب ص89) (الدم النازف يغلي في الدروب السحيقة الخطرة ، يغلي في الازقة الضيقة على السطوح بين الاشجار ومن قمم المآذن والكنائس واصوات الصواريخ تجلد المدينة والقرى المختبئة خلف البساتين ) (من هؤلاء الذين يتراكضون بتلك اللقطات الفلمية عبر شاشات التلفاز يحملون على رؤوسهم غنائم الحرب يقتحمون مؤسسات الدولة يحرقون أخضرها ويابسها؟؟) (جنود رموا أسلحتهم بيأس وعادوا حاسري الرؤوس بلا خوذهم الحربية ...ص104) وتعرض رواية (يا مريم 2012) للروائي سنان انطوان الصادرة عن دار الجمل ، محنة الاقليات الدينية بعد التغيير ، وتعرضهم الى التصفيات الجسدية والارهاب من اجل اخلاء البلد منهم ، وتسرد الرواية ايضا ،تفاصيل الاعتداء الذي وقع على كنيسة النجاة في بغداد عام 2010 ، وما سببته من دمار مادي وبشري دفع ابطال الرواية بجدية الى مغادرة العراق والنجاة بجلودهم ، وقد وردت تغطية الهجوم على الكنيسة من الشهادات التي بثتها الفضائيات من خلال الناجين من الحادث ، وقد اوردها الروائي باللهجة الدارجة وبلسان احدى شخصيات الرواية (مها جورج) :(وكانوا قيضربون عشوائي وبكل الاتجاهات وما خلَو شي.ولما شافو الصليب عبالك انجنو .قامو يصيحون علينا ( انتو كفرة، انتو تعبدون الصليب)ضربو على الصور اللي فوق المذبح واللي عالجوانب والثريات المعلقة ووقَعو قسم منها (...)كنت اسمع صوت الطلقات لمن يرمي ، فكنت اتوقع باي لحظة انه يقتلني ...ص152) (بعدين دخلو جماعة مكافحة الارهاب وطلعونا بس عقبيش؟ بعد ما ماتو تلترباع الموجودين؟(...) السؤال هو ليش انتظروكل هذا الوقت؟لو تحركو اسرع كان انقذو كثير ناس من اللي كانو ينزفون واللي ماكان لازم يموتون ص154) وفي رواية سنان انطوان ، وجهات نظر ،وتقنيات ،وافكار مهمة عن واقع الاقليات في العراق ، سنكشف عن تفاصيلها لاحقا. وقد سجلت رواية ( جنة العتاد ) كما اشرنا الاحداث الخاصة بسرقة الاثار ،كما سجلت الانفجار الذي حدث في شارع المتنبي ،واحرق معظم مكتبات ذلك الشارع (الصفحات 61،62،63)اما رواية(هياكل خط الزوال 2009)للروائي مهدي علي زبين التي تسرد احداثها بعيني كلب ، فانها تؤرخ للصراعات الدموية الطائفية التي انفجرت وتسببت في قتل المئات من العراقيين ، وعطلت الحياة وسببت هجرة داخلية واسعة ،وفيها توصيف لانتشار الجثث في الطرق والبساتين والمنعطفات والانهار ،وليس هناك من يتبرع بدفنها. ان استنطاقنا للجانب التسجيلي في الروايات العراقية الصادرة بعد عام 2003 ،الخاص بالتخريب والقتل والسرقة التي خربت البنية التحتية للدولة العراقية وما رافق ذلك من أحداث مأساوية تمثلت بالنهب والسلب وضياع الامن والتركيز عليها في بداية قراءتنا يمثل من وجهة نظرنا خلفية ابتكرتها القوات الغازية ،أدت الى تشظي الواقع التسجيلي والخيالي في هذه الروايات ، ومن خلال هذه الخلفية سنجد ان التحولات المأساوية في الشخصيات الروائية وتشظي البنية الروائية في هذه الروايات التي نتخذها نموذجا للقراءة هي نتائج متوقعة لهذه الخلفية. 2- فضاء التخييل الروائي 1-مصير الشخصيات الروائية تقتصر الشخصيات الروائية في معظم هذه الروايات على ثلاث شخصيات تتحكم بالفضاء الروائي اضافة الى عدد من الشخوص الثانويين بوظائف محددة ،ويكون احدى هذه الشخصيات ساردا اضافة الى دوره كشخصية في الرواية ، كما تستثمر معظم الروايات ضمير المتكلم كوجهة نظر قارة ، فيما تستثمر روايات اخرى السارد العليم في تاثيث عالمها الروائي وخطابها . فرواية ( لعنة ماركيز)للروائي ضياء الجبيلي يسردها (كاتب مبتدىء ) يعمل في دائرة البريد ، ويعثر في فوضى الاوراق والرسائل والبطاقات البريدية على مخطوطة رواية ،مكتوبة بلغة غريبة ، وبعد محاولات عديدة منه يكتشف انها رواية كتبها مجموعة من الاصدقاء ، ويتضح من متابعة شخصيات الرواية انهم ينتمون الى فئة من مثقفي المدينة يحملون هما يتركز على انتاج رواية مشتركة على الرغم من البؤس الذي يغلف حياتهم ، اما مصائر معظمهم فيكون الموت بالتصفية الجسدية ، ومن اهم شخصيات الرواية مسعود الذي (كان مثالا للانتلجينسيا الواعدة التي أحيلت وبشكل فجائي/فجائعي خطير من العقل المبطن بالخوف الى الجنون الذي يروي الحقيقة كما هي ص45)وكان يحمل شعارا عن الوطن :(ان الوطن هو المقبرة الدائمة الوطن هذا المجرم الاليف ص28)وكان يحفر قبره بيده كما يقول الراوي اما مصيره ،فقد وجد مقتولا في خريبته ( وثمة اثار اسنان نهشت من لحم رقبته واظافر غرزت في جلده ص91) اما الشخصية الثانية في الرواية فهو نزار (قائد السرب بامتياز ، مع انه مفرط في الحساسية لكنه ذو نظرة ثاقبة وثقافة واسعة ص33)وهو الذي خطط لمجموعة اصدقائه بضرورة كتابة رواية (عن مآسينا وحروبنا المجانية ونحن منغمسون في الكتابة من اجل وضع رواية جماعية نسبق فيها مشروع ماركيز ص33).كان يسكن مع امه في ( صريفة)ومع ذلك كان فخورا بنفسه عندما قارن بينه وبين (ماركيز)قائلا :(ثقوا ان ليس ثمة فرق بيني وبين هذا واشار بسبابته الى صورة ماركيز وتابع قوله بصوت تقطر منه الثقة لا فرق ابدا سوى انه يسكن في برج عاجي وانا اسكن في بالوعة ص35)وكان يفكر بالحصول على جائزة نوبل الا ان ( عادل)الاسكافي والمدمن على الجلوس في مقهى الترف جاء بخبر نزار :(اعدم نزار ..نزار سمكة )اما لماذا اعدم نزار ومن الذي اعدمه فقد بقى سؤالا دون اجابة ، في واقع الرواية الملغز الذي الف الاعدامات والتصفيات دون ان تعرف الاسباب وفي رواية ( رياح السموم )نتعرف على ثلاث شخصيات هم (العطواني وحميد وحسين الكوني)اضافة الى ( فاتن ) التي تاثرت برياح السموم الصفراء الاتية من الصحراء ، كما يؤكد السارد ،واستجابت لرغبات جسدها حين وجدت نفسها وحيدة مع ابنها بعد استشهاد زوجها وعزوف اخيه حسين الكوني بالزواج منها ،كما تظهر في الرواية شخصيات اخرى تؤدي وظيفة من الوظائف التي يسندها السارد /المؤلف الضمني لها مثل شخصية (ابو سلمان)واولاده الذين عرفوا كيف يتسلقون سلم التغيير ويصبحون من اغنياء المدينة كما اشرنا لهم في البداية ، اما الشخصيات الرئيسية التي يحاول الروائي ان يستثمر وجهات نظرها في الكشف عن المظاهر السلبية للتغيير فتبدو عاجزة عن فهم التغيير واستثماره لصالح افكارها وتطلعاتها على الرغم من وعيها لما حدث فقد ظل العطواني التي تجاوز الثمانين عاما على مواقفه السابقة ، يتامل رياح التغيير ولا يستجيب لها ، يبحث عن شيء يساعده على (ايقاظ صورة ما تزيل عنه ضبابية الصور الراقصة امامه ص18)ولكن دون جدوى الامر الذي جعله يسير وسط (شارع خال الا من أوراق الخريف التي اسقتطها زوبعة من الهواء ص18)لتبقى صورته متأرجحة في الواقع الجديد ولينتهي نهاية مأساوية وحيدا في بيته (ص80 و81 اما شخصيتي حميد ، وحسين الكوني ، فقد وعت رياح التغيير ، ونظرت له بعين التفاؤل والحوار التالي بين حسين الكوني الشاب وعمه حميد في بداية الرواية يوضح ذلك : - ان معطيات الواقع تشير بضبابية المستقبل - بلا شك ..ولكن.. - كذلك جاءتنا وجوه لا نعرفها.... - ليس كل ما تعرفه يكون مناسبا... - وهذه الفوضى.. - كل ولادة لها مخاضها ..بعضها تأتي طبيعية وأخرى قيصرية.. - وإذا بعلها أجنبي محتل... - لهذا كانت أخطاؤها جسيمة.. كان المتحدث الاول في هذا الحوار حميد العم ، الذي رأى في اجوبة ابن اخيه حافزا ليفكر في حالته :فقد سيطرت عليه (صورة الطريق الذي سيسلكه ، مما جعله يشعر بأنه غير نادم لما سوف يفعله ،وكيف لم يفطن الى هذا الطريق الغريب الذي سلكه كثيرون غيره ص10) ومن اجل ذلك لبس ملابس الشخصية الدينية واصبح تابعا لابي سلمان الشيخ الجديد ، يطلق فتاواه في الأمور التي تخدم مصالحه لكن ذلك لم يدم طويلا حين وعى فجأة طريقه الجديد وما فيه من تلفيق وباطل واضح ،افقده توازنه ، واستغله الانتهازيون لتبرير جرائمهم فيه ، فكان مصيره الجنون في اللحظة التي صحا فيها ،في حين تخبط حسين الكوني في شراك هذا الواقع الجديد ولاقى اصناف العذاب ، ليعطيه المؤلف فرصة النجاة بشكل رمزي حين تنقذه ممرضة من موت محقق وتأخذ بيده وتعيده الى صحوة الحياة. وتعتمد رواية ( يا مريم) على ثلاث شخصيات ايضا ، يموت ( يوسف) السارد الاول في الرواية الاولى وبموته ، ينتهي ذلك التطلع الذي دافع عنه طيلة حياته بان(البلد بلد الكل ، وبلدنا وبلد اجدادنا ، احنا قبل غيرنا ألتاريخ يثبت (...) اذا مو بلدنا لعد بلد منو ؟...ص26) و يؤكد (عيني اكو بلدان وشعوب مرت بأوضاع أسوا وبعدين هم استقرت الأمور هاي حركة التاريخ ..) وكان ذلك في حديث ساخن مع قريبته مها التي كانت تؤكد (هذا كله بالماضي عمو ، احنا مشكلتنا هسه ، بالوقت الحاضر . الاسلام ميرودنا بكل بساطة علمود البلد يظل بس الهم ص26) لكنه ظل يعتقد في قرارة نفسه ان بلده ( مثل حديقة البيت التي أحبها واعتني بها كما لو كانت ابنتي اهرب اليها من ضجيج الدنيا وبشاعتها انها فردوسي في قلب الجحيم او (منطقة الحكم الذاتي)كما اسميها احيانا ص11). وعندما يموت (يوسف) المدافع عن فكرة البلد الواحد للجميع في أحداث كنيسة النجاة ، فان موته يرمز الى موت ذلك الماضي الجميل ،الذي دافع عنه ضد افكار الهجرة الى الخارج حين كان يؤكد لأخته التي حثته يوما على الرحيل (شنو خوما هي حفلة ؟أنا أريد أموت ببيتي ص27)، وليفتح موته المأساوي بابا واسعا للهجرة الى الخارج ،كان يريده الجيل الجديد من الشاب المسيحيين ممثلا بشخصية مها جورج. 3- الفضاء البديل من الاشكاليات الكبرى التي سببها الواقع التسجيلي في روايات ما بعد التغيير ،اختيار فضاء بديل يجنب شخوص هذه الروايات القتل والخوف ،وانعدام الأمان ،وقد لاحظنا ان الروايات التي كتبت في الداخل ،يطمح شخوصها الرئيسيون الى المغادرة الى خارج حدود الفضاء التسجيلي الذي اصبح معاديا باتجاه الخارج الذي سيصبح فردوسا يتطلع الى فضائه شخوص هذه الروايات ، اما الروايات التي كتبت في المنفى ، فان ابطالها الرئيسيين ، يتطلعون الى العودة الى فضائهم الاول الذي غادروه لانهم يعانون من الوحدة والتهميش والعزلة القاتلة ، وهذه المعادلة الصعبة تطرحها الرواية العراقية بعد التغيير بشكل ، يثير التأمل ،خصوصا وان كتاب تلك الروايات يراكمون الاحداث والحوارات والمشاهد التي تدفع بشخوص هذه الروايات الى اختيار فضاء بديل . في رواية (يا مريم ) تطرح اشكالية الفضاء البديل ، من خلال شخصية ( مها) التي تعاني كثيرا في عراق ما بعد التغيير ابتداء من الاسم عندما يعلق احد الموظفين على اسمها : (اسم جورج اجنبي مو؟فاجبته بحزم :لا مو اجنبي عراقي) (شلون مو اجنبي ؟ مثل جورج بوش.) ( لا مثل جورج وسوف ، وجورج قرداحي ص111) وكذلك مشكلتها مع الحجاب ، حين تتعرض كل يوم الى نظرات الاستنكار والاستهزاء حتى عند النساء اللائي ( يشعرنني كأنني عاهرة لأنني لا ارتدي الحجاب ص110)وهي تريد ان تعيش في مكان تكون فيه كالآخرين (امشي واخرج وادخل ولا يشار اليََ او يتم تذكيري باني مختلفة ...ص111)لكن يوسف كان قد حذرها من الهجرة الى الخارج قائلا (بان الهجرة والسكن في بلاد اغلبها من المسيحيين لن يكون بلا مشاكل او صعوبات ولا يعني بانني لن اشعر بانني اقلية هناك ايضا .قال انني ساتعرض للعنصرية هناك لانني عربية . ص113) ورواية ( يا مريم)هي احدى الروايات التي كتبت في الخارج ولكنها بدأت من الماضي في الفضاء الوطني وانتهت فيه مبررة الهجرة الى الخارج من خلال الاسئلة التي اثارها الواقع التسجيلي الشرس في نفوس ابطال الرواية (مها وزوجها نموذجا) وتطرح رواية (قشور بحجم الوطن ) للروائي ميثم سلمان اشكالية الهجرة الى خارج الوطن بنبرة عالية وتساؤلات مهمة عن علاقة الهجرة بالهوية والاسم والشكل الانساني واللغة من خلال صعوبات الحياة على المغترب ابتداء من اللغة وصولا الى الفضاء العام الذي يمثل له فضاء طاردا في كل تفاصيل يومه ، فهو يقول منذ بداية الرواية ( عندما نرهن كل طموحاتنا بمكان ما ثم نكتشف عجزنا عن تحقيقها فيه تكون خيبتنا موجعة ، وتتلاشى لذة الحياة ، ويغدو الواقع ثقيلا وفظا ص8).ويبدو ان سارد الرواية الذي يرتدي سيرة المؤلف يضع اللوم على نفسه اساسا بعدم قدرته على التلاؤم في فضاء الواقع الجديد (عجزي عن العمل كمدرس تاريخ في كندا وعدم اتقاني اللغة الانكليزية (دفعتني)لتعاطي الاحلام كي اخدر جلدي ص7) ومع كل ذلك فالروائي يطرح اسئلة تتعلق بالاغتراب عن الوطن ، وعن علاقة ذلك بهويته المعرفة بالاسم والملامح والجذور وعلاقة ذلك بالفضاء الغريب الذي يلوح له دائما بانه شخص غير مرغوب فيه : (وشائجي شمعية مع بلد المنفى ، هو مجرد مأوى ..ص42) ولكن اين سيكون البديل بعد هذه التساؤلات المرة والشعور الحاد بالرفض من قبل هذا الفضاء ؟ يقوم السارد /الشخصية بمغامرة يحاول من خلالها إزالة جميع القشور التي علقت به ،بما يسميه اكسير الحياة وهو :عبارة عن خليط من الفواكه والبطيخ والموز والتفاح مع (قطعة صغيرة مكعبة من مادة سامة ..ص80)لكن مغامرته بالانتحار لم تنجح ، فيقرر العودة الى العراق والبحث عن بيته القديم الذي يرقد فيه جثمان اخيه حسين فيكتشف ان بيت العائلة قد دمره صاروخ مجهول المصدر (فلا احد يعرف مصدر النيران هذه الايام قال احدهم ص84)لتكون خاتمة الرواية،الاغتراب حتى في الوطن الذي عاد اليه وليبقى السارد/ الشخصية يحمل تساؤلاته الإشكالية سواء في الوطن او الغربة. وفي نهاية رواية (الروائية فاتن الجابري) (بتهوفن يعزف للغرباء )تفضل بطلتها الساردة للرواية (ذكرى) العودة الى العراق عشية الاحتلال بعد ان عانت كثيرا في الحصول على الجنسية الالمانية وتحملت مرارات العيش في كانتونات المهجرين التي لا تصلح للبشر مع مجموعة كبيرة من الاجانب من شتى الجنسيات ،ويأتي قرار العودة مفاجئا وغير مبرر فنيا فالبطلة تصرح في الصفحات الأخيرة من الرواية لحبيبها الألماني (توماس) (لا استطيع مغادرة هذه المدينة ادمنتها ...فيها شيء من بغداد ربما هو حرف الباء ربما النهر.. الجسور ص111)ولكنها تقرر العودة بشكل فجائي ودون مبررات فنية سوى فشل زواجها من زوجها السابق (إياد )ليكون قرار العودة ردة فعل على فشل زواجها من زوجها الذي احبته وتشردت معه ، وصعوبة وعدم معقولية ان يكون البديل (توماس) الالماني الذي اعتنق الاسلام من اجل الزواج من صديقتها العراقية ريجين ، في حين كان قرار اياد الشخصية الثانية في الرواية قرارا مصيريا بالبقاء في المنفى والزواج من ألمانية من اجل الحصول على الجنسية الالمانية .وكذلك فعلت ريجين التي فضلت الضياع في الغربة بديلا عن العودة الى الوطن. ان رواية ( بيتهوفن يعزف للغرباء )تسرد معاناة المهاجرين العراقيين في المنفى وتستثمر السيرة الذاتية لشخصيات عراقية عانت تلك الغربة ، وهي كشأن الروايات العراقية الأخرى ،تعمل على توظيف الحياة الخاصة ،لرفع رتبتها الى المعاناة العامة ، وهذا واضح من نهاية الرواية ، فماذا يمكن ان تفعله امرأة عراقية هجرها زوجها العراقي ووجدت بديلا في رجل الماني اعتنق الاسلام ، أتبقى في ألمانيا وتتعرض لسهام النقد والتجريح ام تعود الى بلدها على الرغم من تعرضه للاحتلال الاجنبي؟ لقد فضلت الروائية حلا يرضي الذوق العام ،وتخلت عن الاقتران برجل اجنبي ، كان بديلا سليما وصحيحا تسنده احداث الرواية ، غير ان النهاية جاءت على وفق قرار غير مبرر. وفي رواية (اونسام كاميل) للروائي اسعد اللامي ، تعود الشخصية الرئيسية (اونسام كاميل/ تحريف انسام كامل)مع جيوش الاحتلال الامريكي بصفة متطوع اجنبي ، ليرى قريته واهله ولينتقم من ابيه وهو يبرر تطوعه في الجيش الامريكي في رسالة الى حبيبته اليهودية متسائلا ( راشيل):(ما هو مفهوم الخيانة راشيل؟ما هو مفهوم الانتماء ؟ هل يبررها الماضي التعيس ما الذي يسلبه وطن ليستحق ان يقال عنه ارضا غريبة ما الذي تمنحه ارض غريبة حتى يقال عنها وطن بديل) وهذه الرواية تحتاج الى قراءة واسعة تكشف فضاءها وتساؤلاتها وايضا الشكل الجديد في السرد الذي سنشير اليه في التقنيات لانها من الروايات الواعدة في فضاء الانتاج الروائي العراقي . تقنيات الخطاب الروائي 1- السارد يمثل السارد في الرواية عموما ،مؤلف الرواية او المؤلف الضمني ،الانا الثانية للمؤلف (وهذه الانا قائمة حتى في تلك الروايات التي لا يوجد فيها اي راو درامي ، اذ انه سرعان ما تتخلق عبر النص لوحة ضمنية لمؤلف يظل خلف المسرح كمدير له وموجه لحركته ،(...) هذا المؤلف الضمني يختلف دائما عن الرجل الحقيقي او الواقعي ن مهما توقعنا ان يكون امره ، فهو الذي يخلق نسخة اسمى لنفسه ( انا ثانية)تنمو امامنا بقدر ما تنمو الرواية )1 ولا نريد ان ندخل في تفصيلات اخرى تخص السارد واهميته في الرواية ، بل سنتوقف عند النماذج المشخصة في روايات ما بعد التغيير في العراق من خلال نماذج منها لتحديد سمات السارد فيها ، وعلاقته في تشكل الفضاء الروائي الجمالي والتسجيلي ، وعلاقته برؤيا المؤلف . في معظم النماذج التي درسناها نلاحظ ان السارد يتماهى مع شخصية المؤلف في الاستفادة من السيرة الذاتية للمؤلف كاطار سردي ،يضم الاحداث المتخيلة والتسجيلية ،ويضفي على الاحداث صفة الصدق من خلال تجسيد وقائع واحداث حدثت بالفعل او انها محتملة الوقوع ، وفي اغلبها يكون السارد مثقفا يعينه ضمير الانا في سرد الاحداث او (كاتب مبتدىء)كما في رواية ( لعنة ماركيز ) او امرأة تعاني مرارة الهجرة وتسرد منعطفاتها كما في رواية (بيتهوفن يعزف للغرباء) ،كما نلاحظ ان السارد يتشظى الى مجموعة ساردين ينبثقون فجأة من ضمير الغائب نحو ضمير المتكلم كما في رواية ( رياح السموم) او لاغناء السرد بضمائر وتفوهات لشخصيات اخرى تدخل فضاء السرد بالعلاقة مع السارد المتماهي مع المؤلف كما في رواية (اونسام كاميل )، في حين يستثمر السرد الخبري من خلال سارد تتداخل فية صفتان :علاقة وثيقة مع الشخصية وكأنه يسرد بلسانها ، واخرى متماهية مع سارد متعال يسرد احداثا من سجلات التاريخ كما في رواية ( جنة العتاد) . ويمكن ان نلخص ما طرحناه عن تقنية السارد في هذه الروايات فنلاحظ ان السيرة الذاتية للمؤلف المعززة بتقنية ما وراء السرد تأخذ في بعض الروايات شكلا تخييليا يستثمر فيه المؤلف اصواتا عديدة تدخل السرد لا بوصفها التعددي (تعدد الاصوات )بل باعتبارها تعددا للصوت الواحد وتنويعا له ، ويتضح ذلك في رواية (رياح السموم ) للروائي عبد الزهرة علي ، حين ينتقل ضمير الغائب الذي يصاحب الشخصية الى ضمير الانا دون فواصل ،لإكمال السرد وقد اتضح ذلك في عدة صفحات الامر الذي يشكل تقنية ملائمة لتشظي مجتمع الرواية ، وعدم معقولية بنائه الهش ، خصوصا وان السرد بضمير الغائب لا يفي بحاجة الشخصية في التعبير عن ذاتها بل انه يمدها بعين راصدة لتحولات الواقع اما ضمير الانا الذي يدخل بشكل مفاجيء فهو صوت الذات وهي تحتج او تستغيث او تستنكر او توضح موقفها من التغيير . وفي رواية ( اونسام كاميل ) للروائي اسعد اللامي ، يستثمر سردا خاصا اسميه ( السرد الحواري)حين يتناوب على السرد صوت السارد الداخلي والاصوات التي يتمثلها اثناء حركة السرد ، وهو يحافظ خلالها على هذه الحركة وبنفس الوقت يضفي عليها عدة مستويات من خلال حوارات الاخرين التي يسمعها وهي تكسر هذه الحركة ولا توقفها ، لتحوز على ازمان متنوعة في حركتها ، وبهذه التقنية فأن المؤلف يعمد الى الغاء الحوار بين الشخصيات ويستبدله بسرد متصل ،يتعانق فيه حاضر السرد بماضيه في حركة واحدة ومن امثلة ذلك : ( دخلت وقفت امامه منتصب القامة دون ان يرف لي جفن انتظرت حتى اذن لي (...)قلت له انا المتعاقد اونسام لم اذكر اسم ابي كاميل او كنية عائلتي الاوسج عن عمد لم اذكر ذلك خفت افتضاح السر في كلماتي (...)هذه بلدتي سيدي اريد اذنا ليوم واحد ازور بيتي القديم ، استمع الرجل بهدوء ظل يرميني بين الفينة والفينة من خلف نظارة طبية رقيقة بنظرات ثعلبية فاحصة ولما احس بي انتهيت اطرق لحظات نزع فيها عن عينيه نظارته بحركة الية بطيئة رفع بعدها وجها قرمزيا محتقنا بعينين بنفسجيتين ، ليس الان ايها المتعاقد اونسام خاطبني بصوت مضغوط ص26-27)وبنفس هذه الطريقة يرد اسم حبيبته راشيل اليهودية وحواره معها مما يؤكد حركة الزمن باتجاه الماضي والحاضر دون استخدام تيار الوعي بل ضمن حياة داخلية يعيشها السارد الشخصية مع من يحيط به من الشخصيات ، وهو خلال ذلك يصف سيده وآمره ( انظر الصفحة 28)بتقنية سرد الكاميرا حين يضخ سمات الوجه والعينين والشكل العام لآمره.كما ان فصول الرواية قد استثمرت اسماء شخوصها الرئيسين ( الغريب ، انسام لسرد ماضي التجربة ، اونسام وراشيل لسرد الحاضر ، وغيرهم ) في تجربة تشي بحوارية (تعدد الاصوات )في فضاء هذه الرواية . وفي رواية (جنة العتاد) سارد ذاتي يسرد محنته مع مجموعة من مهربي الاثار ، الذين اجبروه الى الذهاب معهم الى منطقة آثارية في مدينة الناصرية كدليل ، وخلال الرحلة يتعرض الى مجموعة من الصعوبات اهمها ما يتكشف له من الشخصيتين اللتين يصاحبهما ( استاذ محمود الذي يمتلك مكتبة كبيرة ويحفظ اسماء الكتاب والفلاسفة والشعراء وتابعه الاشيب ) والسارد يفكر كيف يستطيع ( أستاذ) ان يسرق آثار بلاده ويبيعها !! وفي مسعاه للانتقام منهم ، يتعالى كسارد متماه مع التاريخ ليسرد تاريخ الصراعات في هذه المنطقة بين ملوكها ، ثم يحلم احلام يقظة يرى فيه كائنا خرافيا في نهاية الرواية ينتقم من هؤلاء المهربين ويقتلهم جميعا على مرأى منه ، وبذلك يحقق التوازن بين واقع الحال وعقله الباطن الذي يحثه على الانتقام وهو اعزل من كل شيء. لقد استحدث الروائي ( ابراهيم سبتي) ساردا ذاتيا لكنه يتماهى مع المؤرخ ، ليسرد اهمية ومكانة هذا الموقع الجغرافي في الحضارة الانسانية وكيف يتعرض في حاضر السرد الى احتلال دول اجنبية ، وتتعرض آثاره الى السرقة والتهريب. 2- ومن اجل تثبيت صفة المؤلف كسارد استثمرت بعض الروايات تقنية (ما وراء السرد )او (ما وراء الرواية) التي تعمل على تحقيق مستويات متعددة في السرد الروائي باتجاه تعميق الكتابة الروائية والاشتغال على التأويل باعتبار ان الرواية عمل قصدي يحقق رؤية الروائي او الكاتب ولذا فإن هذه التقنية تعمد إلى كسر التوقع أو التماهي مع الحدث الروائي لصالح بنيتها وشكلها وبالتالي دلالاتها. وهي تقنية شائعة الان في السرد الروائي العربي، وقد استثمرها الروائي مرتضى كزار في رواية (مكنسة الجنة) ، بحذر وبالاتجاه الذي يعلن للمتلقي انه يقرأ مشروعاً روائياً، وعلى لسان شخوصه البسطاء وقد استخدم الروائي مرتضى السرد المتناوب. ونود اخيرا ان نسجل بشكل مكثف تقنيات الفضاء الفني والجمالي في هذه الروايات وغيرها لإعطاء فكرة عامة عن الفضاء الروائي الذي قراناه واشكال تحققه وتقنياته بالملاحظات التالية لتلخيص هذا المنجز في فترة ما بعد التغيير السياسي في العراق نيسان 2003 ولغاية اليوم ومن أهم هذه الملاحظات: 1- في العديد من هذه الروايات ميل الى الهروب من الواقع التسجيلي للواقع المعيش باتجاه التشكيل الفني وغلق البنية الروائية على مجموعة احداث متباعدة والتركيز على الشكل الامر الذي أسهم في خلخلة مركزية السرد وتعدد مراكزه بالاتجاه الذي يؤسس عالماً مفككاً نابعاً من رؤيا تؤكد تشرذم هذا العالم وانطوائه على حكايات متعددة يقودها ساردون هامشيون.وعلى وفق هذا المعنى المتحقق في هذه الروايات نلاحظ ملاحظة اساسية تتعلق ببنية السارد/ الساردين في بعض هذه الروايات واعتمادها على ساردين غير نموذجيين كما نجده في التشكل السردي العراقي في الخمسينيات بسيادة السارد العليم الذي يؤثث الفضاء القصصي باتجاه وجهة نظر تنتصر للفقراء والمعدمين او السارد المتعالي في القصة الستينية او السارد في روايات القرن الماضي التي يكون ساردوها وبعض شخصياتها شخصيات اشكالية قلقة تحمل هموماً ذاتية وفردية ازاء الواقع والحياة فالسارد في هذه الروايات شخصيات مسطحة لا تمتلك مقومات الشخصيات الاشكالية المألوفة في تلك الروايات كما ان هذه الروايات تستثمر ساردين متماهين مع الاحداث لا تميز كبير بينهم سوى اعطائهم صوتاً ورتبة في سرد الحكايات التي ترد في المتن الروائي، وبهذا المعنى فنحن امام تغيير جذري ومهم في بنية السارد والشخوص الروائية بالاتجاه الذي يؤسس عالماً منفتحاً على ازمان سردية متنوعة وحكايات وبناءات مكانية متنوعة ، دون الوقوع في شراك النظرات الايديولوجية والقصدية ولكن باتجاه التشكيل الجمالي والمتعة الجمالية على الرغم من توفر مشاهد الخراب والموت فيها .وبهذا المعنى يمكننا أن نؤشر على ميلاد سرد روائي جديد مختلف ومتنوع في تقنياته ومنفتح على الاتجاهات في الرواية العربية والعالمية لتعزيز الانجاز الروائي العراقي الوطني وبالشكل الذي يعزز الهوية الروائية بطبعتها العراقية، وهو ما يمكن أن نجد بعضه متحققاً وآخر في طريقة إلى التحقق والاكتمال. 2- اذا تفحصنا العالم الروائي في هذا النتاج نلاحظ ان العديد من الروايات الصادرة توظف وقائع الحياة المعاصرة في العراق بالشكل الذي يرفع رتبة بعضها الى السرد العجائبي الذي تنعدم فيه العلاقة السبيية بين الحدث وتفاصيله كما في روايات (مكنسة الجنة ، جنة العتاد، اونسام كاميل ..)في حين تكرس روايات اخرى وجهة النظر التي توكد سيادة الكابوس والعبثية والخوف من الاتي بما يعني تأسيس وجهة نظر كابوسية وسوداء عن الواقع المعيش يستقي احداثه من الواقع اليومي لبدايات التغيير من حيث الرؤية والمنظور بينما تأتي التفاصيل السردية مختصرة او منتقاة وموزعة على اماكن وازمان سردية متباعدة لتؤكد هذه النظرة أو لتسخر من هذه الوقائع وكأن احداث الماضي لا علاقة لها بالحاضر أو ان هذه الوقائع توظف بالشكل الايهامي الذي ينقلها إلى وقائع خيالية في رحلة معاكسة توظف الواقع باتجاه الخيال الى احداث روائية يستطيع المتلقي ادراك تحققها في الواقع المعيش مما شاهده او سمعه او عاشه ليجدها هنا قد تحولت الى احداث خيالية من خلال تحققها في المتن السردي اي تحولها الى احداث روائية، وقد استثمر الروائيون اشكالاً روائية مستنسخة من الانجاز الروائي العالمي او العربي. 3- ومن التقنيات القارة الرئيسية التي استخدمها الروائي العراقي الحديث في الروايات التي اطلعنا عليها البنية المشهدية التي تؤطر حكايات عن مكان روائي متخيل لا يعتمد على مسميات واقعية ولكنه يشير اليها من خلال بلاغة التورية التي استخدمت بشكل كبير في السرد العراقي القصير في فترة التسعينيات،كما في رواية ( طوفان صدفي ) للروائي سعدي عوض الزيدي التي تتحقق في ، فصولها الاولى مشاهد مبنية على اساس تحكم الجملة الاسمية في اشارة الى استقرار هذه البنية خلال عصور متباعدة وهي تؤشر وقائع تاريخية ملخصة بالاتجاه الذي يكرس هيمنتها واستمرارها في التأثير على المكان الروائي وتخريبه في كل مشهد من هذه المشاهد. كما استثمر بعض الروائيين بنية المتاهة بشكلها البوليسي في روايتي (وجه فننسنت القبيح)و( جنة العتاد)وبالشكل الذي يمثل انجازاً فنياً في الكتابة الروائية الواعدة لهذين الكاتبين ، فهذه البنية هي بنية ملائمة للحدث الروائي الذي تضيع فيه الحدود ويختلط فيه الواقع بالخيال وبالشكل الذي تضيع فيه كل مقاييس الفحص، 4- ان تشظي العالم الروائي في معظم هذه الروايات وانتظامه في تشكيلات حكائية متنوعة على وفق البنية الاطارية التي لا تتوقف عند حكاية مركزية قد اسهم في بناء ازمان روائية مرنة استوعبت ضخ عدد كبير من التقنيات السردية كالمنتجة والقطع والبناء المشهدي وضخ معلومات سردية في جسد الرواية مستقاة من كتب التاريخ او من كتب اللغة والموسيقى وغيرها، او باستثمار عالم الفضاء الذي تبثه الفضائيات في رصد الواقع التسجيلي دون النظر الى المنتجة وصناعة الخبر في هذه الفضائيات بالشكل الذي ينمي وجهة نظر خاصة بتلك الفضائية دون غيرها اعني ان البث الفضائي لمجريات دخول القوات الاجنبية الى العراق مثلا كان قد وظف باشكال متنوعة معظمها يشير الى تفوق الجانب المعادي ، وكأن انتصاره يشكل حقيقة لا جدال فيها ،يضاف الى هذه التقنيات التنوع الثر في زمن السرد بالاتجاه إلى الماضي نزولاً او صعوداً نحو الحاضر والمستقبل من دون الاستعانة بالمنلوج الداخلي وتيار الوعي وكل التقنيات المألوفة في السرد الروائي السابق على هذه المرحلة بل الاستفادة الكبيرة من منجزات السينما والرسم واللغات الادبية المجاورة للسرد الروائي. كما ان تخلخل العالم الروائي وتشظيه باتجاهات سردية ومعلوماتية كان مواكباً ومتأثراً بالتحولات في بنية الواقع المعيش الذي يمر بفترة حرجة من التغيرات الفوضوية في الاشكال الفوقية للمجتمع متمثلاً ببنية الدولة ومؤسساتها. 5-ومن اهم الانعطافات في لغة هذه الروايات اعتماد بعضها على اللغة الخبرية الخالية من المحسنات والمجازات ، والتركيز على الحبكة الروائية ، اضافة الى استثمار بعضها اللغة الدارجة للاقليات في اشارة بالغة الى تأثر هذه الروايات بتيارات ما بعد الحداثة التي تدعو الى تخليص اللغة من البلاغات التي ترهقها ، وفسح المجال امام اللغات المهمشة في الظهور فيها ، اضافة الى تشييد عالم تسكنه الريبة والشك وعدم اليقين. -------------------------- المصادر 1-بلاغة الخطاب وعلم النص – د صلاح فضل –عالم المعرفة العدد 164 – آب 1992 صفحة 287 2- الروايات: 1- لعنة ماركيز للروائي ضياء الجبيلي – إصدارات اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة ط1 2007 2- مكنسة الجنة –مرتضى كزار – دار ازمنة – عمان ط1 2008 3- طوفان صدفي –سعدي عوض الزيدي –دار الشؤون الثقافية العامة –بغداد ط1 2008 4- هياكل خط الزوال –مهدي علي زبين –دار الشؤون الثقافية – سلسلة بصمات ط1 2009 5- جنة العتاد – ابراهيم سبتي –دار الينابيع – دمشق سوريا ط1 2010 6- وجه فنسنت القبيح – ضياء الجبيلي – اصدارات اتحاد الادباء والكتاب في البصرة ط1عام 2009 7- رياح السموم –عبد الزهرة علي دار الينابيع – سورية – دمشق ط1 عام 2010 8- قشور بحجم الوطن – ميثم سلمان –دار فضاءات للنشر والتوزيع – المركز الرئيسي عمان ط1 2011 9- اونسام كاميل-اسعد اللامي- مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي –بيروت – لبنان ط1 2011 10- بيتهوفن يعزف للغرباء- فاتن الجابري –دار الشؤون الثقافية – سلسلة سرد – بغداد ط1 2011 11- يا مريم –سنان انطوان - منشورات دار الجمل – بيروت – بغداد ط 1 2012
#جميل_الشبيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بلاغة التورية في تيمور الحزين
-
(البدون)إشكالية إنسانية وليست عرقية
-
تساؤلات الأنثى في عالم ذكوري
-
السجن فضاء قصصيا
-
البحث عن هوية في فضاء بديل (رواية عجائب بغداد ن
...
-
الفيلة تطير فوق نفايات المدن
-
في رواية جاهلية ليلى الجهني تتحرى سجلات إذلال الأنثى في الحا
...
-
حافات الدانتيلا ذاكرة يقظة من تاريخ الأسى
-
الجنون و الحجر الصحي الدائم بديلا للحياة
-
عالم خارج هموم الذات
-
أنثى مفخخة
-
من أشكال التجريب في السرد الروائي العراقي
-
قراءة في رواية مدينة الصور
-
من بحوث المهرجان الثاني للشاعر كاميران موكري – السليمانية
-
ذاكرة جيل الحرب تفتح نافذة على :
-
الروائي إسماعيل فهد إسماعيل ونزعة التجديد في تقنيات السرد ال
...
-
قراءة في ديوان اغاني موسم الجفاف
-
مجازات وصور مبتكرة من عالم الطفولة
-
موعد النار واسئلة الوجود المحيرة
-
التطبيق على تقنية ( المشهد ) في القصة القصيرة /عربة تحرسها ا
...
المزيد.....
-
افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
-
“مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
-
كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل
...
-
هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|