|
ديكتاتورية الرجل في المجتمعات الرجولية
محمد الشريف قاسي
الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 21:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن قانون الزوجية ( و من كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) الذي جعله الله في كل شيء، جعله لتكون الحياة و تستمر وفق هذا القانون، فمهما حاول الإنسان التنكر لفطرته، و التصادم مع هذا القانون لن ينجح ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) فلا يمكن تغيير قوانين الطبيعة البشرية و النوامس الكونية لما في ذلك من تدمير و تشويه لخلق الله (هذا خلق الله، فأروني ماذا خلق الذين من دونه)، فلا يمكن تصور الحياة بجنس واحد، حتى و لو كان هذا البشر (ذكر أو أنثى) في جنة من النعم، و لذلك فأبو البشر(آدم) لم يستطيع العيش لوحده فبرغم أنه في الجنة، فأشتكى إلى الله، إني أريد أنثى، فخلق الله له حواء، و لذلك فالواهمون من دعاة تحرير المراءة لا ينجحون في جعل العلاقة بين الرجل و المراءة علاقة محارب مع عدوه(علاقة مغالبة و إستعمار وإستغلال)، كما لا ينجح أولئك الإستغلاليون و الهاضمون لحقوق المرأة بسم الدين تارة و بسم المحافظة على التقاليد البالية تارة أخرى، من الذين غيبوا نصف المجتمع و جعلوا من المرأة تابعا للرجل و كائنا بلا عقل، فجعلوا من المرأة عبدا وآمة بلا رأي و لا عقل، فسجنوها و أرهبوها خوفا من ذكائها و حسن ديبلوماسيتها فأقاموا صورا للفصل العنصري و الجنسي. فالعلاقة ما هي إلا علاقة تنوع من أجل التكامل و التعاون، و على قدر القدرات تكون المسؤوليات ،و لذلك فكل القوانين و التشريعات و الأديان تكلمت عن هذه العلاقة و حاولت تنظيمها في كل زمان و في كل مكنان من تاريخ البشرية ( و لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا). و لذلك فجدار الفصل العنصري و محاولة أستعباد المراءة و السيطرة عليها و جعلها تابعة لأخيها الرجل تؤدي دائما إلا خلل و عطل و عطب في التركيبة الإجتماعية و بالتالي يجعل المجتمع الرجولي يحارب الفطرة ، مما قد يؤدي إلى إكتفاء الرجال بالرجال و النساء بالنساء ، و ماحادثة إعتداء رجال الكنيسة على الأطفال إلا آية من هذه الآيات، و ما إنتشار حوادث الإغتصاب و اللواط و السحاق في المحيط المحافظ و المتزمت في عالمنا العربي و الشرقي، و خاصة مع تطور المجتمع و الإستفادة من التكنولوجيات الحديثة من أنترنات و فظائيات و موبايل مما سهل الإتصالات و العلاقات و تبادل المعلومات و التجارب بين الشباب، فالكثير ما سمعنا من إعتداءات جنسية على الأطفال من طرف آئمة و مشايخ دين، لكن (الطابوهات)و عقلية (استر ما ستر الله) و إنعدام الإحصائيات و عمليات صبر الأراء و إنعدام ثقافة التبليغ و عقلية (وكل ربي) و (خلي البير بغطاه) و ( الحياء). فهذه الأسباب جعلت هذه الجرائم و التي يعاقب عليها القانون و تحرمها الديانات، جرائم تحدث في الظلام و تتكاثر كالفطريات و الجراثيم، عكس المجتمعات الغربية و التي تسلط الأضواء على هذه الإنحرافات لتعالجها ، لكن نحن معروفون بممارسة سياسة الهروب لا المواجهة، الهروب للأمام و عدم الإعتراف بعيوبنا و التستر عليها مما يجعلها تنتشر و تتكاثر بلا معالجة حقيقية، فعندنا كل شيء نعتقد أنه مشين و جريمة محرمة ، نعمله في الظلام ( نكسر مصدرالضوء) ( و في الظلام يحدث ما يحدث). أما في الغرب فلهم ثقافة أخرى، فهم يكشفون عن هذه الجرائم ليس بهدف العقاب و حسب و لكن بهدف العلاج و معرفة الإسباب و الدوافع، لأنهم أناس عقلانيون، أما عندنا فالإتهام و الحكم المسبق و العقاب هو الذي يجعل من هذه الظواهر تنتشر و لا تعالج. أما تسليط الأضواء على هذه الأفات في الغرب و تسترنا عليها هو الذي جعلنا نعتقد أننا سالمون من هذا المرض في الوقت الذي هو موجود عندنا و قد يكون بأكثر مما هو عندهم( سياسة النعامة المسكينة) و من المشاكل التي تعاني منها المراءة عندنا، سبغة التقاليد سبغة دينية، فالكثير من التقاليد البالية والعادات السيئة التي ورثناها من عصور الإنحطاط و الهوان و الظلم و الطغيان أسبغناها بسبغة دينية و جعلنا عليها من القداسة الروحية، رغم أنها من التقاليد القبيلية و الديكتاتورية و التي كان من الأجدر بنا محاربتها و القضاء عليها لا التمسك بها ، فالنظام البدوي و القبلي جعل من الرجل مركز قيادة و سيادة و المراءة تابع ، كما أن مجتمعاتنا العربية و الإسلامية لم تكن مدنية بل قبلية و بدوية و هذ الذي الرجل يعتز بالولد أكثر من البنت، فالولد في نظره يأخذ إسمه و يقوم بالأعمال الشاقة من حرث و حصاد و رعي و الدفاع عن القبيلة من الإعتداءات الخارجية، أما اليوم و بعد أن أصبحنا نعيش في مدنية و تطور و رفاهية، فلبد أن تتغير نظرتنا و عقليتنا إلى وظيفة المراءة و العمل على مساواتها مع أخيها الرجل، مع مراعاة عدم التصادم مع مقاصد الدين الحق في الإعتراف بحقوق المراءة في المساواة و العدالة و العيش الكريم. أما ما تعانيه المراءة اليوم من التحرش الجنسي و الإغتصاب من طرف الديكتاتور (الرجل) و تسلطه عليها ، و ذلك بإستغلال المنصب و الوظيفة في عملية التحرش و الإبتزاز، مما جعل المراءة ضحية لهذا الديكتاتور الظالم، زيادة على ظلم المجتمع لها بحيث هو الذي يدفعها للرضيلة و الإنحراف و الدعارة ثم يتهمها أنها سبب المشاكل و الأفات، فتظلم المراءة مرتين. و ما المراءة إلا بشر لها قلب و عواطف و شهوات بحاجة إلى تلبيتها كأخيها الرجل، فعدم الإعتراف بهذه الحاجيات للمراءة ظلم ثالث لها، أما مسؤولية المراءة في التبليغ عن طغيان و ظلم الرجل و تحرشه بها، أمر مهم في إصلاح المجتمع و التبليغ عن المجرمين و الطغاة. لذلك فالمطلقة و الأرملة تعاني من مشاكل كبيرة بسبب ديكتاتورية الرجل، أما شخصية الرجل الضعيفة و التي تجعله عبدا لزوجته فيظلم والديه و أقاربه، فالمشكل في الرجل و ليس المراءة ، مع العلم ن المراءة السوية لا تقبل برجل ضعيف الشخصية . و السبب في رأيي هو الحرمان و الكبت الذي يعاني منه الرجل في مجتمع رجولي، مما يؤدي به إلى التحرش و الإغتصاب و زنى المحارم و العنف الجنسي و إستغلال الأطفال و الدعارة , مما يجعل مشكل الهاجس الجنسي لدى الرجل كبير حيث يعتبر الحصول على إمراءة (غنيمة و صيد كأننا في حرب).عكس المجتمعات الغربية المشبعة و التي إعترفت بالحقائق العلمية و الحاجات الإنسانية و مدى أهمية إشباعها للتتفرغ للتنمية و الإبداع في كل ميادين الحياة، مع العلم أن الإسلام متقدم في هذا الجانب، فهو لم يأمر بالكبت و الحرمان الجنسي بل أمر بتلبيته منذ الصغر إلا أن التقاليد البالية و القوانين الظالمة هي السبب في ذلك الحرمان في المجتمعات العربية و الإسلامية .
#محمد_الشريف_قاسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا لدولة الخلافة
-
الديموقراطية مطلب الأحرار
-
الثورة على رجال الدين قبل السياسين يا شباب
-
لابد من تكسير القفص لتتحرر وترى النور
-
تجار الدم والهدم واهمون
-
هل خلقنا لنشقى ؟
-
الحمد لله على نعمة الإختلاف
-
محاكمة ديكتاتور مستبد
-
هل للجن أزمة سكن ؟
-
القرآن يحارب الرقاة بائعي الأوهام والخرافات
-
ارتباط الديكتاتورية بالمقدس
-
من مظاهر تخلفنا
-
تهادوا تحابوا
المزيد.....
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
“شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال
...
-
قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
-
بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
-
السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
-
مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول
...
-
المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي
...
-
المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
-
بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|