أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - من هو الله الذى يدحض وجوده السامى اللبيب؟















المزيد.....



من هو الله الذى يدحض وجوده السامى اللبيب؟


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 01:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من هو الله الذى يدحض السامى اللبيب وجوده؟؟
(رمسيس حنا)

لم يكن فى نيتى أن اكتب مقالاً بل كنت أريد أن أكتب تعليقاً بسيطاً على مقال الأستاذ السامى اللبيب الذى كتبه تحت عنوان (50 حجة تُفَّند وجود الإله-جزء أول 5 من 50) بتاريخ 21/12/2014 و لم أدرى حتى وجدت التعليق يصبح مقالاً محاولاً أن أتوصل الى صلب فكرة السامى اللبيب. فسألت نفسى من هو الله الذى يريد السامى اللبيب أن يفَنَّدَ وجوده بخمسين حجة فقط؟ أنه إله ضعيف لأ يستحق الجهد أو ألاهتمام. ومن أين يأتى الكاتب بالحجج التى تساند وجود هذا الله؟ و من أين ياتى بالحجج التى تدحض وجود هذا الله؟ و إذا كان الكاتب لا يؤمن بوجود الله فلماذا يقلق ويجهد نفسه فى تفنيد ما لا وجود له؟ وإذا كان الله موجود أو لا وجود له ما الذى يجعل الكاتب يسرد أفكاراً تجعلنا نفكر هل يوجد الله فى حياة المؤمنين؟ و ما هى الكيفية التى بها يدعى المؤمنون وجود الله فى حياتهم؟ و من هو الله الذى يوجده أو يستحضره المؤمنون فى حياتهم و تفكيرهم؟ المصيبة أن هذا الأله يدور فى فلك الأحداث يحاول أن يجعل من نفسه صانعاً للحدث بمحض أرادته فيُفاجأ ان الأحداث هى التى تصنعه لكى يتناسب مع كل حدث منفرد فى أى لحظة متاحة.

ولقد توصلت الى الغرض و الهدف الأساسى الذى من أجله يكرس السامى اللبيب وقته و جهده لكى يكشف عن الصناعة الرخيصة التى يقوم بها رجال الدين و السياسيون لإله هو فى حقيقته واحد منهم لتدمير أى بارقة أمل فى خلق إنسان راق حر نظيف يتعامل من واقع الندية و المساواة مع أقرانه البشر. فهذا هو الله الذى يلعب دور العفة و الطهارة فى وقت السلم يأمر برجم الزانى و الزانية من الناس الفقراء و الغلابة و المساكين لمجرد كشف وجه المرأة أو مصافحتها للرجال لأن نفوسهم بها أمراض الدنيا و الاَخرة؛ و هو هو نفس الله الذى يلعب دور كبير القوادين فينادى على الوالدين أن يسلموا بناتهم الى مجاهدين الله الدواعش و ينادى على الأزواج أن يتنازلوا عن زوجاتهم و يرسلوهن الى رجاله المجاهدين الدواعش لكى يشاركن الأبطال الأشاوس فى الحرب المقدسة بجهاد النكاح لإقامة دولة خلافة. خلافة من لمن؟؟ خلافة بشر لإله بشر أيضاً. لعبة حقيرة لا تنطلى على أحد يحاول أن يفعل أبسط قواعد العقل (Reason) و المنطق (Logic).

فى مجتمعاتنا كل شيئ يتم سواء كان خطأ أو صحيحاً فأنه يتم بأسم الله الذى تم صناعته محلياً. و فى هذه الأيام الأخيرة اصبح كل شيئ قبيح و قذر و لا أخلاقى و يتنافى مع أبسط القيم الأنسانية يُعطى مُسمى اَخر "من عند الله" و يتم بأكثر الطرق فجاجة تتعفف عن ممارستها الحيوانات و كله بشرع الله. فخرج علينا رجال الدين بفتاوى تبيح الزنا بعد أن أعطاهم الههم المصطلح القديم الجديد "جهاد النكاح" ، و السرقة و النهب تحت مسمى غنائم ... و الجزية على النصارى يدفعونها و هم صاغرون ... جزاءاً و نكالاً على عدم أنخراطهم فى طاعة من؟ الله و الرسول و ذوى الأمر... و تقتيل و ذبح الاطفال و النساء و الشيوخ تحت مسمى إقامة "الخلافة" و ليس لإقامة العدل و السلام و الأتجاه نحو الأنتاج و ليس البلطجة و النهب و السرقة. فداعش "دولة الخلافة المأمول فيها" تنهب البترول العراقى و تبيع البرميل بثلاثين دولار. و لمن تبيع داعش البترول؟... أمريكا راعية الحريات و المكتوب على دولارها In God We Trust”" أى (فى الله نثق) و التى تتشدق بالحفاظ على حياة مواطنيها تقتل أكثر من اربعة الاف مواطن أمريكى فى برجى التجارة العالمية لكى تخوض حرباً مقدسة ضد الأرهاب فى افغانستان و تحتل العراق و تنهب خيراته تحت أى مسمى ...

و نحن العرب صنعت لنا مخابرات أمريكا و أوربا "رُسن" تجرنا بها و منها كالبهائم. طبعاً أنا لا الوم الغرب الكافر على خيبتنا العربية أولاً و الأسلامية أيضاً أولاً و لكن اريد أن أشير الى أنه كيف يمكن للسلطة السياسية أن تستغل الدين و كيف للسلطة الدينية أن تستغل السياسة. وربما يكون القارئ الكريم قد رأى فديو على يوتيوب التقطته طاترات الأستطلاع الأمريكية لرجل الله و أحد أشاوس الخلافة الداعشية و هو يمارس الجنس مع حمارة أو عنزة فإهتمت به و انزلته على اليوتيوب لكى تشيد بجهادهم بينما لم تتحرك الطائرات الأمريكية بدون تيار لكى تضرب أرتال القتلة الداعشيين بدباباتهم و مدافعهم و هى تتجه الى كوبانى و هم يعلمون ماذا سوف يفعل الدواعش بأهل كوبانى. و لكن هى جرعة الغطرسة التى تحقن بها المخابرات الأمريكية المؤمنين حتى يثبتوا إيمانهم و ان الله معهم لدرجة أنهم "أى الأمريكان" جعلوا رجال الله الدواعش يرون الملائكة التى تحارب معهم ... و من ثم لم يكونوا فى حاجة الى مدد رجالى (كمشاة أو صاعقة أو مدفعجية) بل فى حاجة الى كتائب نسائية للمساهمة فى سلاح النكاح.

و خرج علينا الأزهر و هيئة كبار علماء المسلمين و منظمة المؤتمر الأسلامى لكى يحاولوا تبرير "الله" مما ترتكبه داعش من جرائم أو فظائع فلم يستطيعوا أن يدينوا داعش أو يكفروها فهى "داعش" تفى بالغرض المطلوب من صناعة الله المحلية الرخيصة. فهل يُلام السامى اللبيب الذى يكشف عن أفكارهم التى تصنع هذا الإله المسخ الذى لا يستطيع أن يصلب طوله أمام ميكرسكوب ومشرط السامى اللبيب الذى يتراى للكثيرين انه يهاجم الله فهو لا يهاجم كيان لا يؤمن بوجوده و بالفعل ليس له وجود مادى. و إنما يفضح أفكاراً ورؤى مريضة صادرة من أشخاص هم بكل مقاييس علم النفس يرزحون تحت وطأة أمراض لا يعلمها غير المتخصصون. إذا كان الله له أى وجود سواء مادى أو غير مادى إذاً هل يستطيع الله أن يكشف عن نفسه بدلاً من العمل وراء كواليس من البشر ينوبون عنه و ليس هو الذى يُنُّوبهم "يكلفهم بالنيابة" عنه؟ فاذا لم يستطع الله ان يكشف عن نفسه فكيف يكون كلى القدرة؟ فإذا قال قائل أن الله يكشف عن نفسه لأفراد يختارهم بنفسه فما جدوى هذا الكشف إذا ما كان هولاء المختارين من البشر معرضين لهلاوس و أمراض نفسية و امراض جسدية تجعلهم فى محل شك فيما يرون و يتخيلون. لقد تحول الله على يد هولاء النخب الى فيروس خطير ذو تأثير مدمر على كل البشر.

فلكى نفهم بعمق أدبيات السامى اللبيب أخذ على عاتقه أن يجيب على السؤال "هل الله مجرد فكرة أم هو حقيقة؟" وهل هى كما يقول كاتب المقال (ان الإنسان أبدع فكرة الإله لتفى إحتياجاته النفسية والوجدانية و المعرفية) فقط؟ ربما كان الأمر كذلك عندما كان الإنسان لم يصل بعد الى تكوين جماعات أو مجتمعات و عندما كانت علاقة الأنسان بالطبيعة علاقة فردية شخصية مباشرة لا يزاحمه عليها أحد من جنسه؛ و كان عليه أن يواجه غموضها. و بمجرد أن تشهى الأنسان و إشتهى السلطة و أكتشف أن السلطة فى يد من يملك ليس فقط مصادر الأنتاج بل عقول الناس الذين يخدمون تحولت فكرة الله من مفهوم معرفى لسد الأحتياجات الى مفهوم سلطوى طبقى ليحدد من يكون السادة المالكون و من يكون العبيد الذين يخدمون. وهكذا يلخص الكاتب فكرته المحورية فى أن (الله فكرة و ليس وجود.) ولأن تفكير الكاتب مادى النزعة فان الميتافيزيقا لا وجود لها ما لم تدلل على حضورها إما بالادراك الحسى التجريبى و الأختباراتى القابل للتطبيق أو بالتفكير المنطقى الفاحص الناقد.

و لان الله فكرة يحاول رجال الدين و المؤمنون أن يجعلوا لها وجود مادى محسوس فقد تخبطت أفكارهم لأن وسيلتهم فى تطبيق الفكرة لم تكن منهاجاً علمياً تجريبياً و لا منهاجاً فكرياً فلسفياً عقلانياً فاحصاً و ناقداً لكل المكون الميثولوجى دون خطوط حمراء و دون توقف عند حدود أصنام التابوهات التى أقامها رجال الدين فى عقول الناس المساكين، ولكن منهجيتهم فى فرض الهتهم لا تقف و لا تعتمد إلا على الظن و الأستنتاج من مقدمات مغالاطات منطقية يريدوا فرض صحتها على الناس بالقوة فأخرجوا للناس إلهاُ مسخأ مشوهاً فعملوا جاهدين لكى يصلحوا أو يطوروا هذا الصنم الذى صنعوه بإضافة أو حذف بعضاً من مادتهم أو موادهم المكونة له فكانت النتيجة تشويه كامل لهذا الصنم حتى عندما أضفوا صفاتهم البشرية على هذا الصنم فى صورة مطلقة فأنهم أخرجوا لنا مكنون نفسيتهم المتعطشة للوصول الى السلطة بأى ثمن سواء بالقتل و الذبح و النهب و السلب. هذا هو الصنم الذى صنعه رجال السلطات السياسية و الاقتصادية و الدينية الذى يحاول الكاتب السامى اللبيب أن يكشفه ليفنده بحججه التى تثير حفيظة رجال الدين و من معهم من المؤمنين. فلم يعد الله هو الخالق للبشر بل البشر هم الخالقون لله بمقاييسهم و مواصفاتهم هم و هى كلها مقاييس و مواصفات بشرية غير قادرة على صناعة أله له وجود مادى أو حتى وجود فكرى و فلسفى متماسك. و لكى يجعلوا لهذا الاله وجود على الأقل فكرى لجأوا الى إطلاق صفاته و مواصفاته التى رأها السامى اللبيب تضرب بعضها بعضاً فتسقط الواحدة تلو الأخرى لكى تكشف لنا عن إنسان أراد أن يطير الى الشمس فصنع لنفسه جناحين من الشمع و للأسف سقط هذا الانسان الأله أو سقط هذا الاله الإنسان لأنه لم يفكر جيداً أو لم يتخذ الأحطياطات الواجبة.

يتناول الكاتب خمس حجج يتباهى بها المؤمنون بأن الههم يمتلكها و لا يشاركه فيها أحد لإثبات تفرده بها دون غيره لتثبت الوهيته تشمل صفات الكمال و اللامحدودية و الأزلية و المقدرة على الخلق و أخيراً الحرية مقابل الجبرية.


الكمال:
يتناول الأستاذ السامى اللبيب فكرة الكمال لكى يردها لرجال الدين و التابعين لهم فتعرى سَّوءة الفكرة كلها و تكشف عن رؤية بشرية مهزوزة لا تصل الى درجة الحجة. يُعرف الكاتب الكمال بأنه وصول (الشئ إلى أتم حاله فلا ينتابه التغيير ولا يعتريه النقصان أو الزيادة , فالزيادة تعنى أنه لم يصل لحالته المثالية كونه يحتاج الإضافة لذا يكون الكمال حالة إستاتيكية فأى حركة تُغير من طبيعة الكمال). فالكمال هو حالة المنتهى حيث يكون الكائن الموصوم بحالة الكمال مستقل و مستغنى بذاته عما حوله فهو "الكمال" حالة إستاتيكية لا يطرأعليها أى تغيير سواء بالزيادة أو النقص. و يستتبع الوصول الى حالة الكمال ان كل ما يصدر عن الشخص الكامل سواء كان فعلاً أو قولاً أو فكراً لابد أن يكون كاملاً.

يرى الكاتب أن المشكلة التى أوقع فيها رجال الأديان الأبراهيمية الههم أو ألهتهم انها شخصنته و أضفت عليه صفات بشرية ثم منحت هذه الصفات مجال التمدد فى اللانهاية. فهى بذلك فصلت ثوباً فضفاضاً لاله بشرى الجوهر و بشرى الهوى و الهوية ليرتديه الأنسان نفسه فى صورة حكامه السياسيين او العسكريين او رجال الدين. فظهر هذا الإله فى هذا الثوب الفضفاض ليكون نادلاً لرجال الدين مرة و مهرجاً لرجال السياسة مرة و يكون فزاعة دائمة لمجموع البشر الغلابة التابعين دائماً. و ربما يعنى الكاتب بالحالة الأستاتيكية هى بلوغ هذه الصفات بصاحبها الى حالة المنتهى فلا يوجد فائض أو باقى لهذه الصفات فقد أستهلكها أو إستوعبها الموصوف "الله" جميعها و بالتالى تنتفى "الأطلاقية" عن الصفات. فإذا كانت الصفات ما زالت مطلقة أى أنها لا تنفذ و أن الموصوف ما زال يستزيد منها فهذا يعنى أن الموصوف فى طور الكمال و لم يكتمل بعد. يرى الكاتب أن "حادثية" الخلق أصبحت نقطة فاصلة لما (قبلها و أثناءها و بعدها) جعلت من الخالق مقسوماً زمكانياً يختلف فى كل قسم منها عن الاخر. فالله الذى كان قبل الخلق ليس هو نفسه الموجود أثناء عملية الخلق ليس هو نفسه الموجود بعد إتمام عملية الخلق. و هكذا يكشف الكاتب عن زيف شخصية "اللهات" التى صنعها رجال الدين و رجال السياسة فجعلت من الله كائن متغير ليعبر عن حالات العلاقة بين اصحاب السلطات الثلاثة "السياسية و الإقتصادية و الدينية" و هو الثالوث القمئ الذى يحكم منطقتنا الشرق أوسطية. و يركز الكاتب أيضاُ على مفهوم الوجود و الحياة من خلال خصيصة التغير التى تميز الوجود و الحياة فالله الذى خلقه رجال الدين بإيعاز من رجال السياسة أله حى و موجود و بذلك فهو اله متغير ذو ردود أفعال متباينة و متناقضة. كذلك عندما أضفوا على الههم صفة اللامحدودية فأنهم جعلوا الههم يتمدد و ينتشر فى اللازمكان وفى الزمكان لتجعل الههم يتواجد في أزمنة وأماكن يرفعوه عن الوجود بها. و هكذا انعكس تناقضهم و نقصهم و شيزوفرينيتهم و ساديتهم و ماسوشيتهم و نقصهم وكمالهم على الههم الذى صنعوه. ولنرى كيف يدحض السامى اللبيب أفكارهم عن الههم التى هى فى الحقيقة محاولات تأليه الأنسان نفسه. و بالتالى فانه (الكاتب) يهدم صرحاً كبيراً يحتمى به مرتزقة الأديان و يأوى اليه لصوص و قطاع الطرق من الساسة و عامة الشعب. فلا غرابة ألا يكون رد فعلهم على نقد الموضوع الذى يتناوله السامى اللبيب بل يكون نقدهم صب جامات غضبهم على شخص الكاتب أو يخرجون عن السياق فى الدفاع عن مكونهم بنصوص من مؤلفاتهم ليدوروا فى نفس الحلقة المفرغة.

لامحدودية الله:
أ‌- لامحدودية الله تعنى عدم الكمال
ب‌- اللامحدودية تعنى التزايد المستمر و التغير و هذان يعنيان عدم الكمال
ت‌- لا محدوديه الله فى الزمكان تجعل هناك علاقة جدلية عضوية لا تنفصم لتكون إحدى عناصره و من ثم تضعه فى إطار الحالة المادية
ث‌- فكرة لامحدودية الله تلغى وجوده أو تجعل وجوده يلغى وجودنا ليكون هو جزء منا أو نحن جزء منه.
ج‌- عدم منطقية اللامحدودية و اللانهائية المكانية: لانها تنفى وجوده. فوجود الشئ يكون بالنسبة للمكان. إلا اذا كان هو المكان نفسه. و بالتالى فان وجود الله يتحدد بالمكان... و طالما تحدد وجود الله بالمكان فيكون الله محدوداً.
ح‌- المكان له خصائص تحدده كامكانية قياس ابعاده و قربه او بعده بالنسبة لمكان او شئ اخر فاذا كان الله قريب من مكان ما فانه يكون بعيد او غير متواجد فى مكان اًخر. هذا أذا قلنا بإسستقلالية وجود الله. فإذا كان الله موجود فى كل مكان فهل يعنى هذا أنه موجود فى ادق الكائنات "الخلية" و الجحيم و فى أعماق البحار و فى الأماكن التى يعتبرها المؤمنون انها نجسة. و بالتالى يكون الله متواجد فى المكون البشرى و الحيوانى و الجمادى.
خ‌- قبل خلق الكون كان الله موجود فى اللامكان. فالمكان معرف بخصائصه "الطول و العرض و الأرتفاع" مرتبط بوجود الأشياء المادية التى بدونها لا يوجد مكان. و بالتالى لا يمكن تصور وجود الله بدون المكان الذى بدوره حدد وجود الله و بالتالى أصبح وجود الله غير مستقل لإرتباط وجوده بالمكان. كما أن وجود المكان جعل من المستحيل تخيل عدمه. كما ان وجود المكان جعل الله موجود فى المكان و هذا يعنى أن وجود الله خاضع و مرتبط بوجود المكان. كأى شيئ فى الوجود لابد أن يكون مرتبط بمكان و لا يمكن ان نتخيل وجود انفسنا بدون مكان و كذلك لا يمكن تخيل وجود الله بدون مكان يوجد فيه. فإذا كان المكان لا يمكن أن يحد الله إذاً فإن الله يحد المكان أى أن الكون و المكان يوجد فى الله ذاته. و بالتالى فان الجدلية إنعكست هنا و أصبح المكان محدوداً بوجود الله و هو "المكان" جزء منه "من الله" و لا ينفصل عنه. أى أن الكون بكل ما فيه موجود فى الله و إلا فاننا نقع فى جدلية وجود المكان الكونى مقابل اللامكان الموجود به الله.

الله و خلق الزمان:
أ‌- الزمن ليس له وجود مستقل بل هو علاقة أو بعد و جودى من ابعاد الكون "الفضاء" اى أنه مرتبط بحركة أحد مفردات الوجود و قوة هذه الحركة بالنسبة لمكان محدد أو مفردة وجودية معينة. فى تعريف الزمن فى الوكيبيديا هو المقياس الذى به يتم ترتيب الأحدلث من الماضى مروراً بالحاضر نحو المستقبل و هو أيضاً قياس "توقيتات" الأحداث و الفواصل بينها. و يعتبر الزمن من الأبعاد الأربعة بالإضافة الى ابعاد الفضاء الكونى الثلاثة. و الزمن يلعب دوراً هاماً فى قياس الحركة و القوة. فلا يمكن تخيل الزمن بدون الحركات و القوى. و بالتالى فأن مقولة ان الله قد خلق الزمن مستقلاً عن الوجود المادى أو قبل الوجود المادى بها مغالطة منطقية ذلك لأنها تجعل الزمن كيان مادى قائم بذاته منفصل عما عداه. أذاً مقولة أن الله خلق الزمن من قبل خلق الكون بها مغالطة منطقية وهى إعطاء الزمن كيان مستقل عن المكان و الحركة و القوة. فعلاقة المكان و الحركة و القوة هى التى نعبر عنها بإستخدام تعبير "زمن". إذاً من يقولون أن الله "خلق الزمن" يتحدثون عن حدث "الخلق" و هذا الحدث يتعلق بالوجود المادى للشيئ "المخلوق" و لأن الزمن ليس له وجود مادى و بالتالى فهو لم يوجد مستقلاً عن – و ليس قبل – الوجود المادى أصلاً و بالتالى فأنه "فُهِم" أو "تم إدراكه" – و لم ينشأ – نتيجة أو كعلاقة نسبية بين قوى و حركات مفردات الوجود. فمثلاً لدينا مفردات الوجود الشمس و االكواكب (و الأرض من ضمن هذه الكواكب) و الحركة و القوة. فالشمس لها قوة جاذبية للأرض و فى نفس الوقت فأن هذه القوة تحدد حركة الأرض "الدوران حول محورها" ومن حركة الأرض المحورية نتج عنها علاقة بينها و بين الشمس و هو تغيير النقاط الأرضية (longitudes) "أو خطوط الطول" لإستقبال اشعة الشمس هذه العلاقات عرفها "الأنسان" بمسميات زمنية مختلفة بالنسبة (لنقطة و احدة أى خط طول واحد أو مجموعات نقاط مجتمعة أى مجموعات خطوط طول) أطلق عليها الأنسان "مناطق توقيتات" وسمى هذه التوقيتات بما يتناسب مع سد إحتياجاته الغذائية "الفطار الغدا العشاء" و مع تطور فكر الأنسان فى إدارة الاعمال قسم هذه العلاقة الى "الفجر الشروق الصباح الظهيرة الضحى المساء الليل" و مع تقدم الأنسان و تركيزه على الإنتاج "اعماله" التى يقوم بها أخترع أدوات لقياس "حركة الأرض المحورية" بعلاقتها بالشمس فقسم هذه الحركة المحورية الى 24 وحدة و سمى كل وحدة بالساعة .. الخ ومن ثم عرف الأنسان أن الأرض تتم حركتها المحورية "دورتها حول نفسها" فى يوم واحد "24 ساعة" و فى مسعى منه نحو الدقة لمعرفة سرعة دوران الأرض حول نفسها قسم الانسان الكرة الأرضية الى 180 خط طول (longitudes) ليتوصل الى أن المسافة بين كل خطى طول هى 8 دقائق ... كما أن الأنسان أكتسف ان قوة جاذبية الشمس للأرض جعل لها مكان شبه ثابت من الشمس و حركة حولها و هو ما سماه الأنسان مدار الأرض حول الشمس و قسم هذا المدار حسب أحساسه و نشاطه الرعوى و الزراعى بحرارة الشمس الى فصول "الربيع الصيف الخريف و الشتاء" و أطلق على هذه الحركة شبه المنتظمة "دوران الأرض حول الشمس" و الذى يتغير فيه درجة ميل محور الأرض و هذا الميل يجعل هناك علاقة عرضية بين الشمس و الأرض هذه العلاقة تخيلها الأنسان بوجود خطوط عرض (latitudes) و هذه العلاقة علاقة مكانية و هى درجات تعامد الشمس على خطوط العرض التى صاغها الانسان فى مصطلحات زمنية لتعاقبها شبه المنتظم " الربيع الصيف الخريف و الشتاء" و هذه التسميات ما هى إلا تعبيرات عن حالات تغير مناخ البيئة "المكان" المتواجد فيه الأنسان بالنسبة لسطح الأرض فبينما يكون المناخ بارداً "شتاءاً" فى نصف الكرة الشمالى نجده دافئاُ أو حاراً فى نصفها الجنوبى و هكذا. فهل بعد هذا يمكن أن نقول أن الزمن كائن مخلوق مستقل بذاته عن الوجود؟؟ فعندما نريد أن نعرف (اليوم) على سبيل المثال فأننا نقول هو وحدة قياس دورة واحدة للأرض حول نفسها (حركة و قوة) بالنسبة للشمس (مكان ثان له قوة – جاذبية – مؤثرة على الأرض). وكذلك الحال عندما نعرف السنة نقول انها وحدة قياس دورة الأرض حول الشمس.

الله و عملية الخلق:
أ‌- النقطة الأولى: حالة الله قبل الخلق متغيرة عن تلك بعد الخلق: يرى الأستاذ السامى اللبيب أن الله قبل الخلق لم يكن مكتملاً، و ذلك لأنه لم يمارس فعل الخلق بعد. و لكى يكتمل فكان لزاماً عليه – أى أنه إحتاج الى – أن يخلق، فهو بذلك فى إحتياج الى غيره لكى يكتمل به. و لأن الله منزه عن النقص و الأحتياج – كما هو فى مفهوم المؤمنين أو كما ينبغى أن يكون الله – إذاً فلابد أن يكون الخلق غير مستحدث، بل هو كائن مع كينونة الله. و لأن الخلق كائن منذ أو مع كينونة الله إذاً يكون الخلق أزلياً مثله مثل الله.
ب‌- النقطة الثانية: إستحداث علاقات الله بمخلوقاته: أن الله لم يكن فى علاقة مع أحد قبل الخلق فهو كامل منزه مكتفى بذاته لا يطرأ عليه تغيير ... و لكن بعد الخلق نشأت علاقات أو أُستحدثت علاقات جديدة بينه و بين خلائقه ... و لأن العلاقات الجديدة تنتج تفاعل بين الله و خلائقه و يتمظهر هذا التفاعل فى سلوك او فعل يصدر من الخلائق و بالتالى سلوك أو رد فعل من الخالق و العكس، مما يترتب عليه أن الله لابد أن يكون متغيراً نتيجة لدخوله فى علاقة مع متغير. و بناء على هذه العلاقة فان سلوك الله سوا كان فعل أو رد فعل مرتبط بـ و متوقف على فعل و تصرف المخلوق مما يعنى أن الله لا يؤثر فقط فى خلائقه بل أيضاً يتأثر بهم و هذا ينفى عنه الثبات كما ينفى أستقلاليته فى سلوكه و ينفى عنه كلية المعرفة بطبائع خلقه و سلوكياتهم كا ينفى حرية سلوكه المطلقة. و تصبح كل صفاته و خصائصه المطلقة ما هى إلا مجرد صفات و خصائص نسبية و أخيراً تنفى عنه مطلاقيته و تفرده بأى صفة. و مما يدل على ذلك انه يقرر شيئاً ثم يتراجع عنه أو ينسخه. و كمثال على ذلك من القراَن الكريم ما جاء فى سورة النحل اَية 125 "ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين " ثم ينقلب القرار الى 180 درجة بما جاء فى سورة البقرة اَية 216 "كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون ". كذلك ما جاء فى الكتاب المقدس فى سفر الخروج أصحاح 20 أعداد من 3 الى 17 الوصايا العشر. فالاَية او العدد 13 من أصحاح 20 هى الوصية السادسة "لا تقتل" فتحريم القتل جاء تحريماً مطلقاً فى الوصية يتعلق بالعمل ذاته و لا يتعلق بشخص الفاعل أو شخص المفعول. و العدد 15 يمثل الوصية الثامنة "لاَ تَسْرِقْ" فالتحريم هنا مطلق يرتبط بالفعل و ليس بالشخص أو الظرف ... ثم يعدل الله عن هذين القرارين قبل أن يجف مدادهما فيقول ليشوع فى أصحاح 8 العددين 1 و 2 "1 قَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ. خُذْ مَعَكَ جَمِيعَ رِجَالِ الْحَرْبِ، وَقُمِ اصْعَدْ إِلَى عَايَ. انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ مَلِكَ عَايٍ وَشَعْبَهُ وَمَدِينَتَهُ وَأَرْضَهُ،2 فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا. غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ. اجْعَلْ كَمِينًا لِلْمَدِينَةِ مِنْ وَرَائِهَا." فماذا فعل يشوع و بنوا إسرائيل بأريحا و شعبها؟ نجد الأجابة فى سفر يشوع أصحاح 6 عدد 21 "وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُل وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْل وَشَيْخٍ، حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ." فالله الذى نهى شعبه عن القتل و السرقة ينقلب على قراره 180 درجة فيأمر نفس شعبه بالقتل و السرقة و مما زاد الطين بلاً أنه يأمرهم بالنهب أيضاُ و هو ذات الله الذى أمر بقتل و حرق ثم الرجم بعد الحرق لكل أهل و بيت و ممتلكات عخان أبن كرمى لمجرد أنه سرق بعيض أشياء عند غزوهم لأريحا سفر يشوع أصحاح 7.
ت‌- النقطة الثالثة: مطلاقية الله و مطلاقية زمنه: يقول السامى اللبيب أن الله مطلق فى الزمن أو ذو زمن مطلق أى أنه أزلى و بالتالى مطلق الزمن أو مطلق الأزلية فلا يمكن له أن يُستَحدث (بضم الياء و فتح التاء) أو يستحدث الزمن. و كون أن الله إستحدث الزمن "خلقه" يعنى أن الله الذى كان متموضعاً فى اللازمن تموضع (أى وضع نفسه فى زمن) فأصبح محدوداً به؛ أو بمعنى أخر أن الله غير الزمنى وغير المحدود أصبح زمنياً و محدوداً بهذا الزمن الذى خلقه و هذا أيضاَ ينفى عن الله الثباتية و اللاتحولية ليصبح متغيراً و متحولاً.
ث‌- النقطة الرابعة: عملية الخلق و تقسيم الزمن: ان عملية خلق الكون قسمت الزمن الى ما قبل خلق الكون و الى ما بعد خلق الكون مما يثير سؤال هام ماذا كان يفعل الله قبل خلق الكون و ماذا يفعل الاَن بعد أن أتم خلق الكون. هل هو مجرد (عاطل) جالس على العرش فقط (ثم استوى على العرش) يراقب ما يحدث فى حالة أسترخاء تأخذه مرة سِنةُ و مرة نومُ؟؟؟
ج‌- النقطة الخامسة: أزلية الله و تحولها الى زمنية: لو سلمنا أن الله لا زمنى أى أنه أزلى لا بداية و لا نهاية له؛ و عملية الخلق حادثة فى زمن أى انها لحظة زمنية؛ فلكى تحدث عملية الخلق تستلزم عبور الخالق من اللازمن (او الأزل) الى الزمن؛ و منطقياً فان هذا مستحيل لأن الأزلية التى تكون لله و يكون هو فيها لا نهاية لها. و على فرض أن الله قادر أن يخرج من اللازمن (الأزلية غير المتناهية) لكى يدخل فى الزمن فكم يقطع أو يستغرق أو ماهو مقدار (الأزلية اللامتناهية) التى يستغرقها ليصل الى الزمن المستحدث لكى يتم فيه خلق الكون؟؟؟
ح‌- النقطة السادسة: قابلية قياس زمن الله: كيف يقيس الله الزمن؟ هل يقيسه كما نحن نقيسه و ذلك بإيجاد العلاقة بين القوة و الحركة بالنسبة لمفردات الوجود كما أسلفنا القول فى حركة دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس لكى يستنبط منها الإنسان تعرفه على و حدات قياس الزمن كاليوم و السنة. فإذا كان الله يقيس الزمن كما نقيسة نحن فإذاً هو كائن محدود بالمكان مثلنا و هو بهذا يكون متواجد بالكون و متأثراً به و بالتالى فهو يتأثر و يؤثر فى المحيط المتواجد به. و يكون السؤال إذاً أين هو؟؟ أو هل لم يُكتشف بعد؟ إذاُ فلتكن المهمة الأولى الملقاة على عاتق الإنسان الاَن هى "إكتشاف الله". أو مع فرضية أن الميتافيزيقى له وجود (خارج الكون طبعاً) فهل هذا الوجود الميتافيزيقى يضاهى وجودنا الفيريقى فيكون الله و عرشه فى مجرة حيث يدور العرش حول نفسه و له مدار حول نجم ما ... الخ وإلا يكون الله فى "اللازمكان" الذى يعنى "العدم" فهل الله موجود فى العدم ... فإذا كان الله موجود فى العدم فهو إذاً "عدم".
خ‌- النقطة السابعة: قابلية اليوم الإلهى للتقدير: إذا كان هناك وجود لليوم الإلهى و يساوى كذا من أيامنا فهذا يعنى أن زمن الله قابل للقياس و بناء عليه يكون الله متواجد فى حيز مكانى مادى معين لا نعرفه و له قوانين طبيعيتة الخاصة به. و يستتبع هذا وجود مادى لله من نوع ما؛ الذى بدوره يجعل الله خاضع لقوانين هذا الزمكان مما ينتج عنه قابلية تقدير الله كماً و بعداً و نوعاً؛ و عليه فوجود الله المادى فى وسط مادى مستقل عنه يفقده الوهيته.

حرية الله أو جبريته:
أ‌- يبدى الأستاذ السامى اللبيب ملاحظة قيمة و هى تجنب كتب الأديان الإبراهيمية عن الحديث عن "حرية" الله و هل هى حرية نسبية أو مطلقة، كما أن هذه الكتب لم تتناول "جبرية" الله و هل هذه الجبرية مطلقة أو نسبية و يعلل ذلك بأن مفهوم الحرية مقابل الجبرية مفهوم حداثى نسبياً؛ على أن الكاتب يستدرك أن مصطلح "المشيئة" ورد فى هذه الكتب بديلاً عن "الحرية" و كدليل عليها. و بالتالى إذا كنا نقول أن الأنسان له حرية نسبية فالمقابل الطبيعى لها هو حرية الله المطلقة. فهل الله حر مخير ام مجبر مُسُّير؟؟ يورد الكاتب عدة جدليات يثبت بها نفى الحرية المطلقة عن الله. و بالتالى يكون حراً فى مواقف و مجبراً مسيراً فى مواقف أخرى لا فرق بينه و بين الإنسان فى هذا المنحى.
ب‌- معنى الحرية و الوقوع تحت تأثير الخيارات: يوضح الكاتب أن الحرية تعنى المقدرة على الإختيار من بين بدائل متاحة فى لحظة معينة. و هذا يعنى أن الشخص القائم بالإختيار واقع تحت ثلاث تأثثيرات أولها: تأثير لحظة الأختيار التى تعنى مفاجأة الشخص القائم بالإختيار بهذا الموقف و عنصر فجائية الموقف تعنى عدم توقع الشخص لموقف الإختيار مما ينفى علم الشخص المسبق لملابسات ظرف الأختيار. التأثير الثانى: وجوبية المفاضلة و الإختيار التى ينتج عنها اضطرار الشخص لعمل مفاضلة بين البدائل ثم بعد ذلك يختار وهذا الإضطرار للمفاضلة ينفى حرية الأختيار. التأثير الثالث وقوع الشخص تحت ضغط "إتخاذ قرار" مما يجعل المفاضلة أو الإختيار مجرد رد فعل مبعثة عوامل نفسية و نوازع عاطفية أو براجماتية او نفعية.
ت‌- حرية الأختيار بين البدائل يعنى نسبية الحرية التى يمارس بها الشخص لإختياره: إذا كانت عملية الإختيار تتم نتيجة عمل مفاضلات "تبريرات" لإختيار واحد بعينه من بين بدائل فهذا يعنى نسبية هذا الإختيار الذى يتحكم فيه المنطق و قوة الحجة و هما عوامل موضوعية مستقلة عن الشخص القائم بالإختيار وفى نفس الوقت مؤثرة فيه و هو متأثر و متفاعل معها كرد فعل لتجعله فى النهاية يحسم إختياره ناهيك عن الميل و الهوى الذى قد يتحكم فى الشخص لإتخاذ قرار الإختيار. كل هذه العوامل و المؤثرات تنفى عن الشخص صفة الإلوهية و صفة الإطلاق.
ث‌- معرفة الله الكلية تنفى حرية إختياره: معرفة الله الكلية تعنى أنه هو صاحب القرار فى صناعة الحدث رسماً و تصميماً و معرفة مسبقة بمنفذين الحدث سواءاً كان هو المنفذ شخصياً أو عن طريق إستخدامه أحداً غيره لنصل فى النهاية الى أن معرفة الله تصبح قراراً صادراً يتم تنفيذه فى إعتبار ما سيكون بالنسبة لمفهومنا البشرى. و بهذه المعرفة يكون الإلتزام بالتنفيذ من قِبل الله مقيداً لحريته لأن المعرفة و الإلتزام تجعل الله كاَلة كمبيوتر مُبَرمجة. و يصبح الله فى إشكالية مع نفسه إذا أرد أن يغير أى من قراراته. فتغييره القرار ينفى عنه كلية المعرفة و تنفيذه للقرار ينفى عنه حريته المطلقة. إن أخطر سؤال فى المقال وضعه أو إفترضه السامى اللبيب و الذى أعتبره أن شخصياً نوعاً من التحدى لإيمان المؤمنين و رجال الأديان هو: هل يمكن أن يلغى الله يوم الحساب و الجنة و الجحيم؟؟ لم يفكر أحد فى هذا السؤال و لكن الكاتب و المفكر العظيم توفيق الحكيم أفترض عدم وجود أحد أضلاع مثلث الدين و هم الله و الشيطان و المؤمن فى احدى قصصه من مجموعته القصصية "أرنى الله" و جاءت الأجابة على لسان ابطال القصة فقال لن يكون هناك رجال دين يخيفوا و يرعبوا المؤمن مرة من الشيطان و مرة من الله و مرة من عصابات تنفيذ الأحكام. و اَه لو أصدر الله قراراً مثل ذلك!!! أول من سوف يكذبه سيكون رجال الأديان و سوف يفتحون النار عليه أكثر و أعنف مما يفتحونها على الملحدين و اللادينيين.
ج‌- مصداقية الله و الحرية: عندما يحاول أحد أن يسأل فى مدى مصداقية الوعود بالجنة و حور العين و الأنذارات من جهنم و نارها و سعيرها التى تعج بها الكتب السماوية يجد الإجابة الفورية من المؤمنين و رجال الدين أن الله صادق و لا يبدل أو يخلف مواعيده فهذا يعنى أن الله ليس حراً فهو رهن و قيد ما وعد. و الواقع غير ذلك فهو وعد بحفظ كلامه فى التوراة فحرفه اليهود ومن ثم بدله بالأنجيل الذى حرفه النصارى فنسخه بالقراَن الذى هو نفسه لم تعجبه بعض الأيات فنسخها و إستبدلها بأُخر أحسن منها. و لا أحد يدرى ما ينوى عليه هذا الله فى المستقبل ربما ينسخ القراًن بكتاب اخر أحدث لا ندرى ماذا سوف يسميه هو و ماذا سوف نسميه نحن.
ح‌- كلية صفات الله الخيرية و الصالحة تنفى حرية اختياره: إذا كان الله كلى الخير و كلى الصلاح وكلى الصفات الإيجابية فانه من المستحيل أن يكون كلى الصفات السالبة. فلا يمكن أن يكون كلى الخير و كلى الشر. فإذا قام بالأثنين فيكون متناقضا مع نفسه منقضاً لما يبنيه و بانياً لما ينقضه دائراً فى حلقة مُفَّرغة. و أذا قام بالأعمال الخيرة الصالحة الصحيحة فهو لا يقوم بعمل الخير و الصلاح و الصُح بمحض إرادته و لكنه يفعل ذلك لأن هذه طبيعته سواء أراد أو لم يرد؛ و بالتالى فانه من المستحيل أن يخطأ فإن أخطأ أو أرتكب شراً فأنه لا يصبح كلى الصفات الإيجابية و لا كلى الصفات السالبة بل يكون الله نسبى فى صفاته مثله مثل الأنسان الذى صنعه أو خلقه.
دمتم بخير و سلام.
(رمسيس حنا)



#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنياب الذاكرة -شعر-
- تأملات فى السقوط 3
- تأملات فى السقوط 2
- تأملات فى السقوط 1
- الفلاح و التلميذ
- الرافض للحقيقة (قصة قصيرة)
- -موسرب- أو الفلاح المصرى الذى مات واقفاً -قصة قصيرة-
- الى إمرأة غانية (شِعر)
- إعتذار لسيدتى العراقية (شِعر)
- تباريح وطن (شِعر)
- الطاعون فى العراق - شِعر - الى المضطهدين و المهمشين بالعراق
- إغتراب (شِعر)
- دماء فى القلب المقدس (قصة قصيرة جزء 3 و الأخير)
- دماء فى القلب المقدس (قصة قصيرة جزء 2)
- دماء فى القلب المقدس (قصة قصيرة جزء 1)
- سياسة (1)
- الهروب منه إليه
- الصوفية المصرية
- شخصية يسوع فى الألحان الفرعونية
- أسبوع الألاَم خصوصية مصرية


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - من هو الله الذى يدحض وجوده السامى اللبيب؟