|
العرب هم شركاؤنا السياسيون وشركاؤنا بالحياة
نير برعام
الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 09:39
المحور:
القضية الفلسطينية
نحن هنا اليوم لأننا نعلم أنه لا يوجد خيار آخر. نحن نعيش تحت حكم مضطهد وعنصري تنتهجه حكومة نتنياهو، نحن نرى كيف تخلع دولة اسرائيل عباءة الديمقراطية البالية عنها وتكتسي بالكره، بالتخويف، وبالتحريض ضد كل من هو ليس يهوديا. على مدار عقود روّجت تيارات مركزية في السياسة الإسرائيلية فوقيّة القومية اليهودية، إلى جانب دور الضحية التي مصدرها ملاحقة اليهود في أوروبا والمحارق النازية. على مدار عشرات السنين روّجت المؤسسة الاسرائيلية إلى أن اليهود أفضل من غيرهم، أكثر أخلاقية وأكثر تميّزًا، وفي الوقت ذاته الأكثر بؤسًا من أي مجموعة اثنية أخرى. هذه آراء جوفاء، تعتمد على أساطير وعلى تخويف، ينبغي التخلّص من كل هذه التوجهات والاعتراف أن اليهود هم بشر عاديّون، ليسوا أفضل من أحد وليسوا أكثر أخلاقية. يعيش معنا في دولة اسرائيل مواطنون فلسطينيون، في الأشهر الأخيرة نشهد تحريضا غير مسبوق ضدّهم. نحن نعلم أنهم يتعرضون لهجوم، نحن ندرك أنهم يعانون من العنصرية في كلّ نواحي الحياة في المجتمع الاسرائيلي، ونحن نعي أن قانون القومية اليهودية سيزيد الوضع سوءًا. منذ مدّة قالت لي أم عربية من القدس انها تحذّر أولادها من التحدّث باللغة العربية في الأماكن العامة، أنا أسألكم: أهذا هو المجتمع الذي تريدون العيش فيه؟ كل شخص بيننا يشهد كيف تنتشر العنصرية من حوله، وكلّ منّا عليه أن يطرح السؤال: هل فعلت ما يكفي للحدّ من مظاهر العنصرية؟ والأهم من ذلك: ما الذي عليّ أن أفعله الآن؟ وإن كنّا نسأل ما الذي يمكن أن نفعله مستقبلا، ينبغي أولا الاعتراف بما حصل. علينا أن نعرف كيف نناقش وننتقد أنفسنا قبل انتقاد اليمين. اليسار في اسرائيل أيضا مسؤول عن الفصل بين اليهود والعرب، الذي يعتبر لبّ العنصرية. فصل تام، فصل يومي، في رياض الأطفال، في المدارس، في الجامعات وفي الحارات. معظمنا قدّم يد العون لمثل هذا الانفصال، حتى لو كان ذلك بعدم القيام بأي شيء، وساهمنا بخلق غيتو يهودي يرى بغير اليهودي خطرًا يلاحق اليهودي ومشروعه. لسنوات طويلة تقبّل اليسار في اسرائيل الفصل بين اليهود والعرب، بداية بالتجاهل التام وثمّ التسليم بالأمر الواقع ونهاية بالتعاطف. وفي الحقيقة اليسار ذوّت الرؤية العنصرية التي تضع العرب خارج خانة التأثير السياسي. لذلك يتحمّل اليسار مسؤولية التحريض العنصري المتفشّي في الآونة الأخيرة الذي وصل ذروة غير مسبوقة. لا يمكن الهروب من المحاسبة الذاتية، الرسالة الأولى التي يحب أن نطلقها من هذه المظاهرة هي أن في اسرائيل لا يمكن أن يكون يسار يهودي وآخر عربي منفصلان، يجب أن يكون يسار واحد، يسار يهودي عربي مشترك. يمكن أن يكون في هذا اليسار نقاش وجدال، لكن لا يمكن أن نرضى بعد بهذا الفصل. لقد نشأتُ في القدس، أجدادي اتقنوا اللغة العربية، كذلك أهلهم. لكن أولادهم وأحفادهم لا يجيدون اللغة العربية ولا التحدّث بها. في المدرسة لم أرغب بتعلّم اللغة العربية، الآن أدرك مدى أهميتها وعدت لأتعلمها بشكل مستقل. اليوم أدرك أن المكان الذي أرغب أن أعيش فيه هو دولة بها كلّ طفل يهوديّ يتقن العربية وكلّ طفل عربيّ يتقن العبريّة. وأنا أقول لكم ان هذا التغيير ممكن. نحن نواجه حكومة عنصرية، لا تحمل أي قيم ولا أي تصوّر مستقبلي لمواطنيها. لديها ترسانة أسهم، أسهم كراهية، تحريض وفوقيّة يهودية جوفاء. نحن نواجه قوى نزعت أقنعتها العنصرية، قوى تقول بكلّ وضوح أنها تسعى لدولة لليهود فقط. وزير الخارجية يطرح مقابلا ماديا للعرب في يافا وعكا لتركهم البلاد. كم كانت ستكسب الدولة لو تمّ إعطاء ليبرلمان مقابلا ماديا ليغادر البلاد نهائيا؟ سيكون بمقدورنا مواجهة هذه القوى عندما نقف بصدق وبإخلاص وقفة مشتركة مع الفلسطينيين مواطني الدولة. ليس فقط في المظاهرات والكنيست، بل من منطلق السعي إلى تحقيق المساواة الحقيقية والتامة بين كل المواطنين في الدولة. سنستطيع أن نقف أمام ليبرمان وبينيت وأعوانهما، سنستطيع أن نقف أمام نتنياهو الذي يلوّح بورقة المحرقة النازية في كل فرصة فقط عندما ندرك أن السلطة هي من بنت جدران الفصل بيننا، وعلينا جميعًا تقع مهمة إزالتها، جدران الفصل بين الأطفال اليهود والعرب، بين الشباب اليهود والعرب وبين العائلات اليهودية والعربية. علينا أن نقول بصوت عالٍ في وجه اليمين: العرب هم شركاؤنا السياسيون وشركاؤنا بالحياة والعيش المشترك، لا نريد العيش في غيتو يهودي تحيط به جدران التخويف من بشاعة المحرقة النازية، لا نريد الديمقراطية المنقوصة، ولا نريد العيش في دولة تخضع سياساتها لاعتبارات ديمغرافية وجغرافية عنصرية تفصل بها بين مواطنيها. على اليسار أن يقول بصوت عال وواضح: نحن نريد ديمقراطية حقيقية، حرّة، واننا سنناضل لكي يتفوّق مبدأ المساواة بين المواطنين على أي اعتبارات أخرى. إن كنّا نريد ذلك ونؤمن به وسنناضل من أجله، وإن كنّا ندرك أن هذا هو الواجب الأخلاقي الأهم الملقى على عاتقنا، إذًا حتمًا سنحقق مرادنا.
(نص الكلمة التي ألقاها الكاتب في مظاهرة ضد قانون القومية اليهودية)
#نير_برعام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|