أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - أنتصار الغائية















المزيد.....

أنتصار الغائية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 19:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أنتصار الغائية

لكل حركة في الوجود غائية محددة قد تتبلور في النتيجة أو تتبلور بالسيرورة , مثلا العبادة التي جاءت في النص القرآني الكريم ﴿-;-وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾-;- الذاريات الآية56 ,برغم أن النص الصريح في توضيح غائية الحركة "الخلق" ولكن ما لا يمكن أن يكون مقنعا أن العبادة هي الغائية المطلوبة لسبب بسيط أن الله تعالى جزم من قبل بخلاف ذلك إذا كان معنى العبادة هو السجود والركوع أو القنوت مثلا{وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }الأنعام116 ,فهو حكم سلفا أن كل شيء في الوجود بالقوة قانت ساجد عابد سواء عرفنا الطريقة أو لم نعرف ولكن ما ورد في النص الأول حقيقة لا يمكن تأويله بمعنى العبادة الحسية التي نتعارف عليها اصطلاحا .
لا بد لنا من البحث عن طريق أخر للفهم أما أن يكون هذا الطريق متعلق بالغائية ذاتها أو بالمحدد البنائي في النص وهي العبادة أو نبحث عن علية أخرى تحتوي التوافق بين النص وقصديته بين الموضوع أصلا وذاتيته , هنا يلزمنا أيضا أن نبحث عن معيار علمي وأصولي نقيس به نجاح المحاولة أو فشلها , نقيس به الدقة المنهجية ومدى مطابقتها للأصول العقلية العلمية , وهذا يقودنا أيضا لتحديد أسس منطقية الطريقة والمنهج كي لا نقع بالعبثية والتخبط والخروج عن أسلوبية المنهج القرآن بشكل عام .
نحن أذا أمام سلسلة من الخطوات المتوالية والمتتالية التي تجمع على أنها بالتكامل والتشارك تصنع لنا طريقا حقيقية لنكون لنا فهما جادا للوصول للغائية دون أن نتجاوز على موضوع النص وأرتباطه بالمبدع ولا نخرج من كونية أن النص وحدة مستقلة تعيش لأجل قصد محدد لا بد له أن يصل تاما وكاملا لعقل المتلقي ,هنا تكمن الصعوبة في الجمع بين الهدفين ليس لتناقض أو أستحالة فلا يمكن القول بذلك ولكن الصعوبة تكمن بمقدار الجهد والدقة والصبر في تحصيل ذلك .
يحاول الكثير ممن ينتمي للثقافة القرآنية بوجهها الذاتي التفريق بين النص والغائية منه على أعتبار أن النص ليس بالضرورة دوما قادرا للوصول بالمتلقي للمقصد الحقيقي من إرادة صاحب الكلام أو صاحب الفكرة ,كون ذلك أصلا ليس من وظيفة اللغة على أعتبار أن اللغة جزء من منظومة متعددة الأطراف والمسئوليات ومتعددة الجوانب في وظيفة الإبلاغ الدلالي ((هكذا أسس الأصوليون نظريتهم في علم الدلالة انطلاقاً من الدلالة الوضعية للكلمة، لأن اللفظ يجب أن يكون "على هيئة تكوينية ودرجة وضوحية في مساق أدائي يهيئ للسامع العالم بمواضعات اللغة القدرة على إدراك المعنيِّ له ذلك اللفظ في شرعة المتكلمين)) .
يعتمد الأصوليين إذا على معايير منطقية تنحاز للبناء اللفظي وأن يكون هذا البناء قادرا بشكل تام أن وبالقوة الذاتية أن يمتلك أسباب النجاح في نقل القصد وهم يخالفون في ذلك قواعد الدلالة وتصانيفها المعتمدة لديهم ,فهم مثلا لا يؤمنون بقدرة اللغة على التكثيف والرمزية التي تحرك الفعل العقلي على البحث ولا يؤمنون أيضا بكثير من أنواع البلاغة حينما يكون النص جزء من عالم ظاهري يخفي الكثير من المعاني والكثير من القراءات , اذن هم يركزون على الشكلية الخارجية التي تريد من النص كما يقولون يمتلك تمام الوضوحية حتى يفهم المتلقي القصد والغائية , إنهم يستهينون بمقدرة اللغة على التنوع في الإبداع .
هذه المقدمة التي يسوقونها ويسوقونها تمهيدا للفصل بين القصد الرباني من النص وبين القصد الذي يفهمون ويقدمون الأخر على الأول بحجة أن الله تعالى لا يمكن إدراك مقاصده بالصورة التي يريد لكون ذلك محال على العقل البشري , هذا التمهيد أيضا يقودنا إلى سؤال أخر إن كان الله تعالى عالم بقوة التلقي البشري ويعلم أن البشر عاجزون عن إدراك مقاصده ومع ذلك يرسل لهم نصوص يتعجزون عن إدراكها فهذا يقود أما أن الله متقصد العبث , أو أن الله هو من يريد الظلم بالعباد على أعتبار أنه هو يدرك أستحالة فهم القصد ويكلفهم بما لا يطيقون ((وهذا المعنى القصدي بعيد المنال فهم يقولون في بيان النص الديني ما يفهمون منه، لا ما هو مراد ومقصود من الصادر عنه النص- أي الله- ولذا تكون الدلالة الحقيقية للنص الديني أمراً مُعْجزاً. أما الدلالة الإدراكية فهي الدلالة التي يفهمها الناس من النص الديني وهي "دلالة حائلة متغيرة تابعة لفهم السامع وإدراكه وجودة فكره ومعرفته بالألفاظ ومراتبها)) .
هنا لا يمكننا أن نسلم بعجز العقل الإنساني المكلف بإدراك المقاصد من النص الديني بدعوى التعجز والاستحالة في الوصول لها تامة , علينا أن ندرك أن المقاصد والغائيات لا تنال أعتباطا بمجرد أن نفهم من النص ما يتوافق مع قدرتنا العقلية , الغائية المبسطة في الكلام العادي بين الناس لا بد أن تخضع للتوجيه والتصحيح بعد الملاحظة من المنشئ أما أن يجيزها أو يعترض كلا أو جزءا مما مس الغائية والمقصد من كلامه , أما الكلام المرسل المحكم الله تعالى رقيب على أعمال العباد ليس كل الأعمال مشمولة بهذه الرقابة , الأعمال التي تتصل بالغائية والمقصدية هي محل المراقبة والتتبع .
بواسطة الدلالة الإدراكية يعللون تفاوت درجات فهم النص عند المتلقين، فمن كان متقدماً في المعرفة وعالماً باللغة أكثر من غيره كان فهمه أقرب لمقاصد النص، لذلك اعتنوا عناية كبيرة بدراسة اللغة وبتدقيق دلالة الألفاظ لأن اللغة عندهم آلة فهم النص والدلالة مركب العبور للارتقاء إلى معرفة مقاصد النص, لذلك نراهم يدققون في فهم الدلالة اللفظية تدقيقاً يبعث على الإعجاب من تمكنهم من الإحاطة بمختلف المعاني التي يدل عليها اللفظ, إنهم يعبدون النص ويتعبدون بذاتيتهم الخاصة المرتبطة بالنص لكنهم مع كل هذا لم ينجحوا بالاتفاق على قراءة واحدة لقصدية نص واحد , وهنا يعلنون للناس أنهم ما زالوا غير قادرين على أختراق عالم النص بمنطق اللغة وليس أمامهم إلا ميزان اللسان المبين .
لقد كان جل أهتمام اللغويين بالجماليات والكماليات وصحيح أن البض أنصرف للبحث في المقاصد ولكن بعنوان التفاسير التي تطرحا اللغة بجمالياتها والافتنان بفن تمجيد اللغة , لذا كان النتاج قاصر ومضطرب وقليل الجدوى أضافة للتنوع والأختلاف الشيد بين المضان والنتائج , هذا كله يعلن للجميع أن النص ليس لغة النص مجموعة من النظم المترابطة التي تجعل منها ممر نحو الغائية التي يتبناها النص عن الله .
ليس هدف الله من أستخدام اللغة دون غيرها طريقا للوصول للغايات هو أن يظهر بلاغته وهذا ليس من واجبات النص الرباني , الله أستخدم نظاما محكما موحدا ومنضبطا للوصول لهدف واحد ومتعدد الأعماق لكنه يسير بخط واحد , كلما غاص القارئ في النص سيكتشف عوالم أخرة بفعل ما في النص وليس عوالم النص ذاته , الغائية تكمن في أخر نقطة يمكن أن يصلها الإنسان في غوصه وهو يتخذ خط مستقيم بين بناء النص والمعنى المكنون .
برغم من تفنن العرب بدراسة اللغة وبراعتهم في البلاغة والمنطق اللغوي ووجود هذا الكم الهائل من الدراسات والبحوث والقراءات اللغوية إلا أنهم فشلوا في قراءة واحدة لنص واحد من القرآن الكريم بموجب هذا الكم الهائل من المعرفة باللغة , السبب أنهم ينطلقون من الذات العربية لفهم النص وليس من الذات الإنسانية التي خاطبها الله {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} ,إنهم لا يدركون الفرق بين الله رب العالمين وبين الله الذي يعرفون بحدود ما في كلمة الله من صورة ذهنية محكومة بالفم الذاتي لها فقط .
إن الأنتصار للغائية والمقاصد من النص لا يتم إلا عبر بناء نظرية القصد بدل نظرية اللغة وأعتماد منهجية الفهم بدل منهجية التفسير والتفريق بين إعجاز اللغة كونها تملك الكونية والبعد اللا محدود في المخاطبة وبين تعجيز الأخر أن يبني نص مشابه أو مماثل للنص الديني في جمالية اللغة , النص فكرة قبل أن يكون مجموع من الكلمات والنص طريق لهدف قبل أن يكون هو الهدف .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يسقط فرسان الدين
- النص واللغة
- من رسائل امرأة طفلة _ قصة فصيرة
- قصدية عالم سبيط النيلي قراءة متأنية ح1
- قصدية عالم سبيط النيلي قراءة متأنية ح3
- أحلام ليست وردية _ قصة قصيرة
- في معنى السياديني ح1
- في معنى السياديني ح2
- دنفش وصندوق جدتي وصورة الزعيم _ قصة قصيرة
- مشروع قرضة حسنه _ قصة قصيرة
- الرقص على جسد الشهوة _ قصة قصيرة
- إشكاليات الثقافة العراقية
- الإسلام وتأريخ المسلمين ح1
- الإسلام وتأريخ المسلمين ح2
- الف جني وجنية _ قصة مجنونة
- مشاكل التدخل الإنساني في هيكلية النص الديني
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح1
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح2
- عناوين كبرى وعناوين صغرى
- مفاهيم القيادة والعمل التنظيمي في فكر الرسالة


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - أنتصار الغائية