لندن مربط خيلنا

داود خوري

الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 02:31
المحور: كتابات ساخرة
    

منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى وعلى مدى عشرات السنين من حقبات النضال ضد السيطرة الاستعمارية على شعوبنا كان شعارنا الشهيروشعار الاغنياء منا ايضا: لندن مرابط خيلنا, يدوي في المظاهرات والمقاهي والبيوت للتعبير عن مقاومتنا واستيائنا من السيطرة الاستعمارية على مقدرات شعوبنا ومن الفئات الكسولة المسيطرة على الاقتصاديات الوطنية المتعاونة مع الرجعية المحلية القوروسطية.
اليوم ومنذ حقبة غير وجيزة ... اصبحت عواصمنا, مدننا, وسهولنا, وودياننا, وهضابنا وجبالنا, مرابطا لخيولهم يصولون ويجولون, ليس لوحدهم بل بمؤازرة وبتلاقي مصالح مع قوى اثيمة شريرة لا سابق لها, عديمة القيم الانسانية والاخلاقية متخذة الدين غطاء لها في القضاء على كل ما يمت بصلة لتاريخنا ولتراثنا.
اما نحن من اغنياء وفقراء ومثقفين وطلبة, نساء ورجال اصبحنا مرابطا لخيولهم في لندن وباريس وبرلين وروما, وحتى في مالطا اصبحنا مرابطا لخيولهم. هناك نحن نفرط في الاداب والاخلاق العامة, نتعلمها بسرعة رهيبة لا مثيل لها بين الشعوب. نحييهم في الصباح والمساء بلغتهم وبلهجتهم المحلية قدر المستطاع لاكتساب رضائهم.
هناك, الغني والغنية منا, المحجبة وغير المحجبة, يتقبل وتتقبل بصدر رحب (رغم اخفائة خلف الثوب الاسود), والى مدى معين بخنوع, جميع التعليمات الصادرة من اصحاب المحلات لهم. لن ابالغ اذا قلت انة قي المدة الاخيرة, حتى عادة سرقة الكلاسين والكلسات من المحلات التجارية كماركس اند سبنسراخذة في الزوال. هذا لا يعني ان هذة العادة انتهت كليا.
هناك, نتعامل مع الكلاب باحترام متبادل, نقدم لها الشرب والمأكل, نحضن القطط ونعطف عليها اكثر مما نعطف على ابناءنا وبناتنا في بلادنا.
هناك, نقوم بتنطيم المظاهرات ضد العنصرية ومن اجل الحفاظ على الحقوق الاجتماعية والسياسية والكرامة الانسانية, اما هنا واقصد في بلادنا نلغي الاخر, نسجنة وفي الحالات المستعصية يتم استعمال السكاكين لاشباع غرائزنا البدائية
فهل بقيت لندن مربطا لنا ؟ وهل بقيت لنا خيول ؟

#داود_خوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات