أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خالد عبدالرحمن - الليبرالية الجديدة بنكهة السيسي















المزيد.....

الليبرالية الجديدة بنكهة السيسي


خالد عبدالرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 4667 - 2014 / 12 / 20 - 14:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


..يشير تعبير الليبرالية الجديدة إلى تبني سياسة اقتصادية تقلل من دور الدولة وتزيد من دور القطاع الخاص قدر المستطاع، وتسعى لتحويل السيطرة على الاقتصاد من الحكومة إلى القطاع الخاص بدعوى أن ذلك يزيد من كفاءة الأداء ويحسن الحالة الاقتصادية للبلد. تقوم الليبرالية الجديدة تحت شعار “دعه يعمل، دعه يمر” على مجموعة من الأعمدة الرئيسية مثل: خصخصة وحدات القطاع العام، وخصخصة الخدمات مثل الصحة والتعليم، وفتح المجال للقطاع الخاص للمشاركة في البنية التحتية تمهيدا لخصخصة الخدمات التي تقدم للمواطن مقابل تعريفة مثل الكهرباء والطرق والمياه وغيرها من الخدمات، بالإضافة إلى الفتح الكامل للأسواق أمام السلع والرأسمال الأجنبي وتحرير العملة والأسعار ورفع يد الدولة عن الدعم.

وكما نلاحظ فالطريق إلى الليبرالية الجديدة والسوق الحر يمر عبر العديد من الإجراءات المحفوفة بالمخاطر بالنسبة لأي نظام، حيث أن انسحاب الدولة من تقديم الخدمات الاجتماعية ورفع الدعم على السلع الاستهلاكية الأساسية والخصخصة واسعة النطاق ومثل هذه الإجراءات قد تدفع الملايين إلى التحرك ضد النظام لما لها من تبعات اجتماعية شديدة القسوة على الحياة اليومية للفقراء والعمال.

لذا تفضل الليبرالية الجديدة الأنظمة الديكتاتورية والعسكرية بالذات في الدول النامية لتمرير مثل هذه الإجراءات بالحديد والنار، فالجنرال بينوشيه كمثال استخدمته الليبرالية الأمريكية للإطاحة بحكم الاشتراكي سلفادور الليندي وقتله في قصره ثم حل البرلمان لشيلي وقتل ما يزيد عن 3 آلاف مواطن واعتقال فوق الـ 30 ألف. لُقب بينوشيه بـ”الرجل الذي جعل من شيلي أمة رجال أعمال”، وأعلن صراحة أنه يطمح إلى جعل شيلي “أمة من رجال الأعمال وليس البروليتاريا”، لكن يظل التحدي في كون نظام بينوشيه، وأمثاله من الأنظمة التي تعتمد عليها الليبرالية الجديدة، لا تستند إلى منظمات قاعدية موالية قادرة على استيعاب الغضب الجماهيري من أسفل.

مبارك.. الكنز الاستراتيجي
في مصر، كان مبارك حليفا مثاليا لليبرالية الجديدة، اعتمد في عهده سياسات الخصخصة وتحرير العملة والسوق الحر والاقتصاد الليبرالي الجديد مما زاد من اندماج الاقتصاد المصري بصورة غير متكافئة في الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وأدى داخلياً إلى إفقار الغالبية العظمى من الشعب المصري لصالح ضخ المزيد من الأرباح في خزائن الشركات متعددة الجنسية ومجموعة صغيرة من الرأسماليين المصريين وجنرالات الجيش والشرطة وكبار رجال الدولة من المنتفعين.

عجز نظامه عن خلق منظمات قاعدية وشعبية موالية له قادرة على استيعاب أي غضب جماهيري مما أدى إلى الاعتماد المطلق على الحل الأمني والداخلية لقمع كل ما يتولد عن هذه السياسات من احتجاجات، يضاف إلى ذلك الارتماء التام في أحضان الكيان الصهيوني والسعودية كبوابتين لرضاء الولايات المتحدة عنه في المنطقة، وزاد من ذلك التقارب محاولات تمرير جمال مبارك وريثا له في السلطة على خطى حافظ الأسد، لكن نظام مبارك لم يفلح في ذلك، وانهارت آلته القمعية في 12 ساعة أمام ثورة الجماهير في يناير 2011 ليسقط مبارك الحليف المخلص والكنز الاستراتيجي، وتقع الليبرالية الجديدة في مأزق البحث عن حلفاء جدد لضمان استمرار مصر في الحظيرة الرأسمالية.

العسكر والإخوان في مواجهة الشارع
قدم التحالف بين العسكر والإخوان للرأسمالية الخلطة السحرية التي كانت تبحث عنها بالتحالف بين القلب الصلب للدولة والأداة القمعية الأقوي “المجلس العسكري” مع أكبر فصيل سياسي وجماهيري منظم (الإخوان المسلمين) ليقدم لهم ما يبحثون عنه لاحتواء الغضب الجماهيري المتصاعد على سياسات الليبرالية بمزيج من “الإجبار والقبول” الذي تحدث عنهما مكيافيلي في كتابه “الأمير”، وبالتالي راهنت الرأسمالية العالمية على هذا التحالف أن يستطيع تأمين الاستمرار في وتيرة الدمج الغير متكافيء للاقتصاد المصري في المنظومة الرأسمالية العالمية.

وبالفعل كانت أولى تصريحات المجلس العسكري احترام الاتفاقات الدولية، والملاحظ في تصريحات قيادات الحرية والعدالة والبرنامج الاقتصادي لهم الالتزام الكامل بشروط البنك الدولي والاحترام الكامل للاتفاقات الدولية والسعي لدمج الاقتصاد المصري في الاقتصاد العالمي معتمدا على قواعده التنظيمية للجماعة بالأساس، لكن مرسي وقع بين سندان الحراك الجماهيري المتصاعد بقوة مدفوعا بالتطلعات الثورية العالية والأزمة الاقتصادية الطاحنة ومطرقة شريحة الجنرالات وكبار رجال الدولة الذين لا يديرون فقط استثمارات ومشاريع تابعة للدولة بل يديرون مشاريعهم واستثمارتهم الخاصة، ويستغلون مناصبهم الرفيعة بالجهات المدنية في صفقات فساد لتضخيم ثرواتهم، بالإضافة إلى رجال أعمال مبارك الذين يحلمون بالعودة الظافرة لمواقعهم بالبرلمان والاقتصاد، ونظرا لطبيعة قيادة الإخوان البرجوازية الكبيرة فقد اختارت خوض معركتها بالتحايل وعقد الصفقات دون إشراك الجماهير، مما دفع بها إلى نهايتها المحتومة في 30 يونيو لتسقط جماعة الإخوان المسلمين وتقع الرأسمالية العالمية في مطب جديد.

تحالف 3 يوليو.. قطع الطريق أمام الحراك الجماهيري المتصاعد
لم يكن أمام الدولة العميقة، وفي القلب منها المجلس العسكري، سوى تحويل الغضب الشعبي المتزايد قبل 30 يونيو، وبالذات في الـأشهر الستة الأخيرة من حكم مرسي، من غضب ضد الدولة الطبقية إلى غضب ضد الإخوان، وبالفعل بدأت، منذ مارس 2013، الاجتماعات والتخطيطات لقطع الطريق أمام الفعل الجماهيري المباشر وتحويل العداء من عداء ضد الدولة الطبقية إلى عداء مباشر ضد الإخوان، وتحميل جماعة الإخوان تكلفة الفاتورة كاملة، في المقابل تلميع المؤسسة العسكرية بخطاب السيسي في عيد تحرير سيناء، والإضرابات المستمرة للداخلية بحجة رفضها لقمع المواطنين! وقد اعترف السيسي بهذا المضمون في أحد خطاباته فيما معناه أن حكم الإخوان بدأ في السقوط من شهر مارس، كذلك تصريح الكاتب عمرو حمزاوي في أحد مقالاته إنه دُعي إلى اجتماع في نفس التوقيت يحمل نفس المعنى ورفض حضوره، وغيرها من المشاهدات التي لا تخفي على متابع جيد.

كان استبدال الجماهير، التي تفتقد لقيادة ثورية أو حتى نقابية منظمة، بالقوات المسلحة لمواجهة الإسلاميين هو بالأساس منع لهذه الجماهير من الفعل المباشر والإطاحة بمرسي وجماعته، بما يعزز ثقتها في نفسها وقدرتها على التغيير، ويهدد الدولة الطبقية ذاتها في مقتل. من هنا بدأ تحالف 3 يوليو في التشكل، ولعب فيه البرادعي والليبراليين وحمدين واليسار دورا هاما في تجميل وجه الدولة القديمة ووسيلة لتلطيف مرور السيسي ومجلسه العسكري نحو السلطة على أنقاض سلطة الإخوان، وبالفعل تم إنقاذ الدولة القديمة من السقوط.

حرب على الإرهاب أم حرب على الفقراء؟
جاء السيسي في مهمة رئيسية وهي الحفاظ على الدولة الطبقية، وكحل جديد للرأسمالية العالمية التي ستراهن على قدرته في ترسيخ لسياسات الليبرالية الجديدة، فعدلت حكومة الببلاوي قانون الاستثمار لمنع الطعن على عقود شركات القطاع العام التي تم خصخصتها، وغلقت الباب أمام عودة الشركات للقطاع العام، ثم البدأ في إصدار القوانين القمعية الواحد تلو الآخر مثل قانون منع التظاهر وقانون تنظيم العمل بالجامعا، وقانون الإرهاب والمحاكمات العسكرية للمدنيين، وقانون العمل الجديد وغيرها من الإجراءات القمعية، مع ارتكاب المذبحة تلو الأخرى من الحرس الجمهوري لرابعة والنهضة، ليصل عدد الشهداء في عهده إلى 3 آلاف شهيد و40 ألف معتقل.

بدأ السيسي بالتوازي مع هذه الإجراءات القمعية في تطبيق سياسات الليبرالية الجديدة، فصرح رئيس وزراءه محلب جريدة الوطن أن أزمة الكهرباء ستستمر لمدة عامين وأن مصر تستهدف إلغاء دعم الطاقة تماما خلال 3 سنوات، وإقرار رفع أسعار الكهرباء بنسبة 20%، وتخفيض دعم المواد البترولية بنحو 40 مليار جنيه بما يعادل 5.6 مليار دولار من أصل 104 مليارات جنيه، وأن هناك خطوة جديدة لمزيد من رفع الدعم على الطاقة في يناير القادم، ثم تصريحه الأخير جريدة اليوم السابع عن حزمة من التعديلات في قوانين الاستثمار والعمل لتشجيع الاستثمار قبل مؤتمر الاستثمار والمانحين في فبراير القادم.

يستمر تطبيق هذه السياسات، فيتم البدء في حفر قناة السويس الجديدة التي يقدمها السيسي وفقا لتصريحاته هدية للرأسمالية العالمية كشريان جديد لتسهيل التجارة الدولية ونقل البترول من الخليج لأوروبا والولايات المتحدة في عصر الاحتكارات والحاويات الكبري التي لم تكن تستطيع عبور القناة في السابق، ويبدأ في عمل مشروعات كبرى للطرق والكباري بمحافظات مصر لتسهيل نقل السلع الرأسمالية كخطوة لتهيئة البنية التحتية للاستثمارات الأجنبية.

تم تفعيل منظومة الخبز الجديدة التي حررت سعر الدقيق ورفعت يد الدولة عن استيراد القمح لتفتح الباب لرجال الأعمال للاستثمار والسيطرة المطلقة على هذا القطاع الحيوي، ثم تفعيل النظام النقدي لبطاقة التموين مما سيحرر سعر السلع التموينية ويضع المواطن البسيط تحت رحمة رجال الأعمال دون أي تسعيرة إجبارية، والأهم دون دولة تحميه، والعصف بالفلاحين بإجراءات مثل زيادة أسعار السماد بنسبة 33%. هذه الإجراءات مهدت التربة المصرية والاقتصاد المصري لنمو قوى الليبرالية الجديدة والاستثمار.

بالطبع يعلم السيسي وتحالف 3 يوليو أن شعبية السيسي التي اكتسبها على أنقاض جماعة الإخوان المسلمين لن تستمر طويلا تحت مطرقة الإجراءات التقشفية التي قام ويقوم وسيقوم بها لتهيئة مناخ الاستثمار لقوى الليرالية الجديدة، هذا سيدفعه أكثر وأكثر في نفس الاتجاه الذي اندفع إليه أستاذه مبارك من اعتماد الحل الأمني والآلة القمعية الداخلية، وتدعيمها سواء بعناصر من الجيش أو مرتزقة شرطة “فالكون” أو الشرطة المجتمعية أو فرق القوات المسلحة لفض الشغب أو الطائرات الأباتشي، كما سيندفع أكثر وأكثر إلى أحضان الكيان الصهيوني والسعودية لنيل الرضاء الأمريكي بالمنطقة، فيقوم بتحويل الجيش المصري إلى مجموعة مرتزقة لدول الخليج تحت شعار “مسافة السكة”، وأن أي تقصير في حماية أمن الخليج هو تقصير في حماية أمن مصر إلى موقفه الأخير من الحرب على غزة، وتصريحاته بأن الجيش المصري في سيناء لحماية أمن إسرائيل من أي أعمال عدائية”.

وتحت سحابة كثيفة من الشعارات الفاشية مثل “مصر أولا” و”مصر فوق الجميع”، وخلق معركة متعمدة مع الإسلاميين لرفع شعار “الحرب على الإرهاب” و بالتالي “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”، يسعى السيسي لتمرير سياسات الليبرالية الجديدة تحت حكم الجنرالات وخلق تماسك مع رجال أعمال مبارك الذين أضرت بمصالحهم المباشرة بعض الإجراءات مثل التبرع لصندوق تحيا مصر والتأجيل المستمر للانتخابات البرلمانية وتسليم معظم الصفقات الجديدة للجنرالات أولا لتوزيعها عليهم من الباطن، كما يسعى لتأجيل الانفجار الجماهيري ضد سياسات التقشف والليبرالية الجديدة لحين النجاح في تمرير هذه السياسات كاملة أو على الأقل عمل تحسن نسبي في المنظومة القمعية لتصبح قادرة على احتواء أي حراك جماهيري قادم.



#خالد_عبدالرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية الجديدة بنكهة السيسي


المزيد.....




- الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
- من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل ...
- التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي ...
- هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
- مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
- إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام ...
- الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية ...
- الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خالد عبدالرحمن - الليبرالية الجديدة بنكهة السيسي