أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رامى عزيز - اليافطة














المزيد.....


اليافطة


رامى عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 4667 - 2014 / 12 / 20 - 05:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد توقف دام لقليل عن الكتابة بسبب الحالة النفسية المتأخرة التى مررت بها شأنى شأن الملايين من المصريين بعد الحكم ببراءة مبارك وأبنائه وعصابتهم ولشعورى بخلل فى ميزان العدالة التى من المفترض بأنها عمياء لا تفرق بين شخص وأخر، أدى كل هذا إلى نوع من التقوقع والأحباط وخيبة الأمل وظللت أردد عبارة "مفيش فايدة" الشهيرة التى قالها الزعيم الراحل سعد زغلول.
وما أن بدأت أستعيد عافيتى الفكرية والذهنية شيئاً فشىء بمساعدة بعض الأصدقاء من الكتاب والمثقفين الذين مروا بنفس التجربة المريرة بعد سماع الحكم، وبعد أن بدأت أحلم بغدً أفضل بدون مبارك محاولاً أن أتدارك تلك النكسة القوية فى تاريخ الوطن التى حدثت ببراءة الطاغية وأبنائه وأفراد العصابة، أن لم يكن أفراد العصابة الذين أَفرج عنهم فيما يعرف بقضية القرن أول من أفرج عنهم. بل كل سابقيهم من باقى العصابة الأن أحرار طلقاء يتنفسون نسيم الحرية ومنهم من يفكر فى خوض الأنتخابات البرلمانية القادمة ومنهم من طالب بتعويض نتيجة فترة الحبس والغرامات التى فرضت عليهم .
ما أن بدأت أحاول أن أنسى أو أتنسى كل هذا الكم الهائل من المصائب الذى يعيش فيه الوطن، ألا ولاحت فى الأفق حكاية أخرى قد تكون بسيطة فى ظاهرها ولكنها عميقة فى معناها لأنها تشير إلى مدى ما وصل إليه المجتمع من صدأ للعقول وتشير إلى حجم البارومة التى أصابته، والحكاية تتلخص فى قصة أحد شهدائنا فى حادث (كرم القواديس) الذى تم أعطاء أهله وعد بأن تسمى أحدى المدارس فى منطقة سكنهم على أسمه ولكن لم يتم تنفيذ هذا الوعد.
مما دفع بأم الشهيد التوجه إلى مكتب "المحافظ" لتسال لماذا لم يتم تسمية المدرسة على أسم أبنها الشهيد حتى الأن أسوة بأحد زملائه الذى من نفس المركز وأستشهد معه فى نفس الحادث الخسيس، وكان الرد صدمة أذ أجابها المحافظ بأنه أبنك "حياله مجند مش حاجة" وبالتعمق وراء الموضوع أكتشفت أن المجند الذى تم أطلق أسمه على المدرسة بدون أى عقبات هو مسلم ولكن الذى تواجه العقبات أطلق أسمه على المدرسة هو مسيحى وهنا شعرت بالأحباط مرة أخرى أمام مشكلة تنم عن واقع أليم ومرير نعيش فيه، وأخذت أفكر هل ذلك المحافظ لا يريد أن يطلق أسم "كيرلس فاضل" على المدرسة لانه كيرلس؟ أم أنه لايقوى على ذلك خوف من أتهامه بأنه محافظ كافر؟ نتيجة للدعوات التى صدرت من شيوخ الفتنة التى حرمت أن نطلق على من سقط من أجل الوطن من المسيحين لقب شهيد، وبالتالى فسيكون له حقوق الشهداء المتعارف عليها من الأوطان تجاه أبنائها الشهداء .
وسرعان ما بدأت الفضائيات ومواقع التواصل الأجتماعى فى تلقف الخبر حتى أنتشر كالنار فى الهشيم وبدات برامج التوك شو فى الأتصال بالمحافظ لإستبيان الموقف، ونفى الرجل كل هذا الكلام وأكد بانه تم أستصدار قرار بهذا الشأن وبالغد سيتم تنفيذه وسيكون هناك يافطة على أحد المدراس تحمل أسم "الشهيد كيرلس فاضل". وسرعان ما وجدنا صور تلك اليافطة تتصدر مرة أخرى واجهة الحدث فى وسائل الأعلام وصفحات التواصل الأجتماعى وهلل الجميع من مؤيدى فكرة المواطنة والمساواة والوطن الذى يعامل أبنائه كلهم بنفس المعاملة وخلافه من الأحلام المشروعة التى نأمل جمعياً أن نراها فى مصر فى يوم من الأيام.
ولكن سرعان ما أتت الرياح بما لاتشتهى السفن وفى اليوم التالى مباشرة أنتشرت فى وسائل الأعلام والتواصل الأجتماعى صورة نفس اليافطة التى تحمل أسم "الشهيد كيرلس فاضل" وهى ممزقة بطريقة يعلن من مزقها بها عن رفضه بأن يكون هناك عدالة ومواطنة ومساواة فى مصر، رافضين أن تكون مصر بلد متقدم متحضر عازمين على أخذها الى مسالك الجهل والتطرف والتعصب البغيض أن ماحدث هو ليس مجرد يافطة كانت أم مكلومة تبحث من خلالها عن تكريم لأبن رحل من أجل الوطن ليكون ذلك التكريم الذى هو حق لكل شهيد شئ يثلج صدره حينما تقع عينها على تلك اليافطة لبعض لحظات أو دقائق.
ولكن هناك من لا يريد ذلك ويرى أنه ليس من حقها لأن "أبنها كافرعلى حد تعبير شيوخ الفتنة وحياله مجند على حد تعبير المحافظ " الحقيقة انا أشعر ان تلك الأم شعرت بأن أبنها مازال على قيد الحياة عندما رأت أسمه على تلك اليافطة التى تحمل أسمه على أحدى المدراس، وشعرت بوفاته بالفعل يوم أن تم تمزيق اليافطة .
ولكن حال هذه الأم المكلومة لا يفرق شئ عن حال ملايين من المصريين، الذين شعروا بالحياة عندما رأوا الفساد والظلام والقهر فى القفص متمثلاً فى مبارك وأبنائه وعصابته ثم شعروا بالموت وضياع الأمل يوم أن خرج كل ما سبق من تسميات براءة، فتمثيلة "اليافطة" لا تفرق كثيراً عن تمثيلة "محاكمة مبارك" .
وسيظل الأشرار فى وطنى دائماً طلقاء وسيظل الأبرياء يدفعون الثمن.



#رامى_عزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن صناعة آلالهه
- إلى متى؟؟!!
- المقاولة وكراسة الشروط
- لا تفنى ولا تستحدث


المزيد.....




- العثور على جثة بتجويف عجلة طائرة تابعة لـ-يونايتد-.. وغموض ي ...
- سوريا.. -كمين- نصبته قوات سابقة للأسد يقتل 14 فردا في الأمن ...
- رئيس مجلس الشيوخ بكازاخستان يكّذب المزاعم حول تعرض الطائرة ا ...
- حملة غير مسبوقة لقوات أمن السلطة داخل مخيم جنين في الضفة الغ ...
- السلطة السورية الجديدة تحرق مليون حبة كبتاغون في مستودع تابع ...
- من قتل المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية؟ بي بي سي تقصي ال ...
- صحف عالمية: السودان حرب -منسية- وملايين يعانون في صمت
- بايدن وترامب يبعثان رسائل متباينة بمناسبة عيد الميلاد
- علاقات موسكو مع دول العالم ومواقفها من القضايا الدولية.. أبر ...
- -فايننشال تايمز-: بكين أطلقت حملة وطنية لتشجيع الإنجاب


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رامى عزيز - اليافطة