|
الذكري 59 لاستقلال السودان.
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 4664 - 2014 / 12 / 17 - 16:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الذكري 59 لاستقلال السودان بقلم: تاج السر عثمان تهل علينا الذكري ال59 لاستقلال السودان في ظروف تمر فيها البلاد باوضاع عصيبة بعد انفصال جنوب السودان ، واندلاع نيران الحرب في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، ومانتج عنها من تشريد و دمار واغتصاب ومآسي انسانية، مما يهدد بالمزيد من تشظي ما تبقي من الوطن. كما تأتي ذكري الاستقلال بعد التوقيع علي وثيقة "نداء السودان" التي اكدت علي دولة المواطنة والديمقراطية ووقف الحرب والحل الشامل والعادل لقضايا المناطق الثلاثة، وقيام المؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم في البلاد، وحل القضايا المعيشية والاقتصادية، والغاء القوانين المقيدة للحريات، وتصاعد النضال الشعبي حتي اسقاط النظام وقيام حكومة انتقالية تنجز المهام اعلاه، ولضمان الحفاط علي وحدة ماتبقي من الوطن.. لقد ظل السودان موحدا منذ حوالي قرنين من الزمان، وكان الميل للوحدة قويا منذ مملكة مروي، وممالك النوبة المسيحية ،والممالك الاسلامية( الفونج، والفور، وتقلي..)، وحتي بروز السودان بشكله الحالي تقريبا في فترة الحكم التركي( 1821- 1885م)، وحافظ السودان علي وحدته رغم الهزات العنيفة التي مرّ بها في فترة الحكم التركي والمهدية وفترة الاستعمار الانجليزي الذي عمل بدأب ومثابرة لفصل جنوب السودان، ولاسيما بعد ثورة 1924م ،التي اسهم فيها قادة من جنوب السودان، ولم يطالب ثوار 1924م بوحدة السودان فقط، بل طالبوا بوحدة وادي النيل!!. وبعد ثورة 1924م ، ثابر الاستعمار الانجليزي من اجل فصل الجنوب من خلال سن قانون المناطق المقفولة ومؤتمر الرجاف للغة، واسهم في تهميش مناطق :الجنوب ودارفور والشرق وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبا، ولكن الحركة الوطنية التي توحدت في ثورة 1924م والحركات السياسية والثقافية والرياضية والأدبية والاصلاحية بعد هزيمة الثورة وحتي تكوين مؤتمر الخريجين 1938م وتكوين الأحزاب السياسية والاتحادات والنقابات بعد الحرب العالمية الثانية، وقفت ترياقا في وجه مخطط الاستعمار لفصل الجنوب، وكان مؤتمر جوبا عام 1947م والذي اكد علي وحدة السودان، وتم تكوين اوسع جبهة من اجل استقلال السودان وبقاءه موحدا، حتي تم توقيع اتفاقية الحكم الذاتي لعام 1953م ومانتج عنها من ترتيبات دستورية انتقالية وانتخابات حرة نزيهة وتحت رقابة داخلية ودولية ودستور انتقالي كفل الحقوق والحريات الأساسية، وتم اعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955م، واعلان الاستقلال رسميا في اول يناير 1956م، وكان استقلالا حقيقيا بعيدا عن أي احلاف عسكرية وتكتلات دولية.. وبعد الاستقلال كانت القضية الأساسية استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والثقافي، وترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية ومعالجة مشاكل الديمقراطية بالمزيد من الديمقراطية وانجاز التنمية المتوازنة في كل انحاء البلاد وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن العرق أواللون أوالعقيدة أوالفكر السياسي أوالفلسفي، ولكن ذلك لم يتم ودخلت البلاد في حلقة جهنمية من انقلابات عسكرية وأنظمة ديكتاتورية شمولية اخذت 47 عاما من عمر الاستقلال البالغ 59 عاما، وأسهمت تلك الانظمة العسكرية في تكريس قهر الجنوب والمناطق المهمشة، والتنمية غير المتوازنة ومصادرة الديمقراطية والحقوق الأساسية، وتكريس التنمية الرأسمالية والفوارق الطبقية والتبعية للدول الغربية حتي بلغت ديون السودان حاليا حوالي 43 مليار دولار!!.. ووصل التدهور الي ذروته في ظل نظام ا لحكم الفاشي باسم الدين بعد انقلاب 30 يونيو 1989م، الذي قام به تنظيم الأخوان المسلمين بقيادة د. الترابي، والذي قطع الطريق امام الحل السلمي الديمقراطي بعد مبادرة الميرغني – قرنق، واشعلها حربا دينية بين أبناء الوطن الواحد والتي امتدت من الجنوب لتشمل: دارفور والشرق وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبا، وتركت جروحا غائرة لن تندمل بسهولة، كما دمرالنظام كل المؤسسات القومية التي كانت ترمز لوحدة السودان مثل: الخدمة المدنية والقوات النظامية ونظام التعليم الذي كان قوميا في مناهجه ونظمه، وخصخصة وتدمير المؤسسات العريقة التي بناها الشعب السوداني بعرقه مثل: السكة الحديد ومشروع الجزيرة والخطوط الجوية السودانية والنقل الميكانيكي والنقل النهري، والمؤسسات الانتاجية الصناعية وبقية المشاريع الزراعية، اضافة لخصخصة الخدمات الصحية ، اضافة للثراء علي حساب الدولة وممتلكاتها التي تم بيعها بأثمان بخسة وخلق فئات رأسمالية طفيلية اسلاموية دمرت كل المؤسسات الانتاجية الصناعية والزراعية، وباعت أراضي السودان الزراعية، اضافة لتشريد الالاف من الكفاءات من أعمالهم لأسباب سياسية ونقابية، واعتقال وتعذيب الالاف من المعارضين في "بيوت الاشباح"، وتعميق التهميش الديني واللغوي والثقافي وتفتيت النسيج الاجتماعي والحزبي وتعميق العنصرية والقبلية، ودمج النقابات والمؤسسات النيابية في جهاز الدولة، والعداء للديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية حتي النخاع. وكانت الحصيلة انفصال جنوب السودان ، وعدم الايفاء بمتطلبات اتفاقية نيفاشا مثل:. الغاء كل القوانين المقيدة للحريات وتحقيق التحول الديمقراطي الذي يكفل الديمقراطية وتحسين الأوضاع المعيشية،واستقلال القضاء ومبدأ سيادة حكم القانون وتحقيق قومية الخدمة المدنية والعسكرية، واصدار قرار سياسي لتسوية أوضاع المفصولين تعسفيا ، ورد المظالم ومحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم في حق الوطن، وقيام انتخابات حرة نزيهة... وكان مطلوبا لنجاح فترة الانتقال أن يحس الناس بان الاتفاقية غيرت في حياتهم واسهمت في تحسين احوالهم المعيشية في الشمال والجنوب وتوفير احتياجاتهم الأساسية في التعليم والعلاج والخدمات والسكن..الخ، ولكن حدث العكس فقد تدهورت أوضاع المواطنين والكادحين في الشمال والجنوب ولم تذهب عائدات البترول التي بلغت مليارات الدولارات الي دعم الزراعة والصناعة وخدمات التعليم والصحة وبقية البنيات الأساسية في الشمال والجنوب، بل لم يتم حتي صرف استحقاقات ومتأخرات مرتبات العاملين كما يتضح من موجة الاضرابات الكثيرة للعاملين في التعليم والصحة وقطاع المياه والسكة الحديد وقطاع البترول، وقد بلغت مليارات الجنيهات، فأين نظام الانقاذ من الحديث الشريف( اعطوا الأجير حقه قبل ان يجف عرقه)، والواقع أنه نظام نهب عرق العاملين والشعب السوداني واعتصره حتي بلغت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر 95%. وكرت مسبحة السنوات، فبعد 59 عاما من الاستقلال، ونتيجة لسياسات المؤتمر الوطني المدمرة، فقد السودان استقلاله وسيادته الوطنية ، واصبح الوجود الأجنبي في السودان كثيفا، وكل من هب ودب اصبح يتدخل في شؤون البلاد الداخلية، واصبحت البلاد خاضعة لسياسة "العصا والجذرة" الامريكية، وهذا يتطلب ترسيخ الديمقراطية والسلام والتنمية والوحدة وتصفية المليشيات والبؤر المسلحة، ووقف الحرب حتي نضمن السيادة الوطنية التي حققها شعبنا قبل 59 عاما في الاستقلال عام 1956م، كما جاء في " وثيقة " نداء السودان".. ان الحفاظ علي الوطن وتحقيق دولة المواطنة التي تسع الجميع ضرورة ملحة، ودون ذلك التفريط في وحدة ماتبقي من السودان، وهي جريمة تاريخية لن يرحم التاريخ من يتسببون فيها. وبالتالي يصبح من المهم تعميق وتوسيع قوي "نداء السودان"، وخلق اوسع جبهة لانقاذ الوطن و من أجل بقاءه موحدا، ومواصلة تكثيف النشاط النشاط الجماهيري :(ندوات، ومسيرات، اعتصامات ، اضرابات، وقفات احتجاجية، وقيام أوسع حملة لاطلاق سراح المعتقلين، وتوسيع حركات الاحتجاج ضد الغلاء وتركيز الأسعار،ووقف الحرب، ..الخ) في داخل وخارج السودان، ومن أجل الغاء القوانين المقيدة للحريات وديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وانتزاع التحول الديمقراطي وتتويج ذلك باسقاط الديكتاتورية والشمولية، والحل الشامل والعادل لقضايا المناطق الثلاثة، وتحسين مستوي المعيشة، و انهاء الشمولية والدكتاتورية والتسلط بهزيمة المؤتمر الوطني ومخططه لتمزيق وحدة البلاد من اجل البقاء في الحكم..
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-نداء السودان -وتصعيد المقاومة الجماهيرية
-
مالعمل بعد التوقيع علي وثيقة- نداء السودان-؟
-
لابديل غير الديمقراطية ووقف الحرب.
-
أزمة النظام تتفاقم: وقف الحرب وانتزاع الديمقراطية واجب الساع
...
-
ذكريات من نادي عمال السكة الحديد بعطبرة.
-
نظام الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية: المزيد من القمع والحروب
...
-
تفاقم أزمة النظام الرأسمالي وضرورة البديل الاشتراكي.
-
تفاقم الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبديل.
-
الذكري 61 لتأسيس الجبهة الديمقراطية:
-
كيف تناولت الماركسية مسألة الدين؟
-
التشكيلة الاجتماعية لسلطنة دارفور
-
الحكم الاسلاموي في السودان وادمان الفشل.
-
تجربة الاضراب السياسي والعصيان المدني في ثورة اكتوبر 1964م
-
الذكري 97 للثورة الروسية
-
الذكري ال 50 لثورة اكتوبر 1964م
-
الثورة العلمية التقنية والمتغيرات في التشكيلة الرأسمالية
-
الجذور التاريخية للتنوع الثقافي في السودان
-
التشكيلة الاجتماعية للسلطنة الزرقاء
-
الطبقة العاملة السودانية: النشأة والتحولات
-
المثقفون والثورة الوطنية الديمقراطية
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|