|
السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين
فايز شاهين
الحوار المتمدن-العدد: 1306 - 2005 / 9 / 3 - 10:41
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
فاجعةً تلو أخرى تضرب شيعة العراق يرافقها تصريحات الإرهابيين بأنهم سينالون من الروافض الكفرة، ويفتخرون بأنهم ضربوا بقذائف هاون ضريح الإمام موسى الكاظم عليه السلام فاستشهد عدداً من زوار مرقده الشريف. لا يمكن أن يتصور إنسان بشاعة المجزرة التي راح ضحيتها قرابة ألف إنسان بريء يؤمن بأن زيارة الأئمة عليهم السلام من ثوابت مذهبهم فراحوا يحثّون الخطى مشياً على الأقدام، نساءً ورجالاً، أطفالاً وشيوخاً، ليذهبوا إلى بارئهم كما ذهب أجدادهم من قبل في مجازر وحشية قادها نظام القمع البعثي وأزلامه الذين لازالوا يذرفون دموع التماسيح على "وحدة العراق". هؤلاء الإرهابيين من بعثيين ومن "الطائفة المنصورة" أتباع المذهب الوهابي أعداء الإنسانية رفعوا "قميص عثمان" في أكبر عملية إرهابية عالمية ضد العراق وشعبه. المثير للاشمئزاز والأسى ليس ما حصل من جريمة نكراء ضد الإنسانية، وهي على شناعتها أكبر دليل على دناءة فاعليها وأتباعهم، بل المثير للاشمئزاز هو استمرار البعض في النفس الطائفي والذي يدّعي بمحاربته. هاهم من يتهم الشيعة بالعمالة لإيران من قيادات هيئة علماء المسلمين وعصاباتهم الذين صرّحوا علناً بأن شيعة العراق عملاء لإيران، هاهم يتباكون على المذبحة البشعة لجريمة جسر الأئمة، وكأن علينا أن نصدّق كلامهم الممطوط وهم أول من دعا لقتل كل من يتعامل مع الأمريكان والحكومة العراقية على أنهم عملاء يجب تصفيتهم. ربما على عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن يفرح بحدوث هذه الكارثة العظيمة، فهو أيضاً قد أشاد "بالمقاومة" وانتقد الدستور العراقي وكأن بقية الدول العربية لها دساتير أو أن دساتيرها تحترم حقوق الإنسان والأقليات. هذه هي المقاومة الباسلة التي للدول العربية الحق في الفخر بها، فهي فعلاً تجسّد ما في قلوبهم من غِل وحقد على الشيعة عامةً وشيعة العراق خاصة. حتى بعض الكُتّاب، لهم أن يفخروا بما أنجزه الجناح العسكري لهيئة علماء المسلمين، الجناح العسكري بقيادة الزرقاوي الذي أعلنها بوضوح بأنه سيقتل الشيعة لأنهم كفرة وعملاء للأمريكان. هذا الكاتب خالد عيسى طه، والذي عنون مقالته "الوقوف دقيقة حِداد" (إيلاف 1 سبتمبر 2005 م) لم يتوان عن دعمه "للمقاومة الشريفة" وبتحميل الأمريكان مسؤولية ما حدث من مجزرة ضد الشيعة. يقول الكاتب ذو النفس الطائفي بأنه يدعو "الاستمرار بالمقاومة وأدعو للوحدة الوطنية.. وأدعو بالعزوف عن الطائفية.. فالطائفية مرض خبيث جاءت به أمريكا وتود توسيع الخلاف والاحتراق الطائفي". فهو حتى مع عنوانه البرّاق، لازال يشيد "بالمقاومة" التي قتلت ألف إنسان بريء في يوم واحد، وتقتل ما معدّله 900 إنسان عراقي كل شهر، جلّهم من الشيعة. الكاتب يدعو للوحدة الوطنية ومقاومة الاحتلال، ولا أدري أين هي مقاومة الاحتلال، هل المذبحة جزءاً منها؟ هذا الكاتب، خلال تحدّثه عن المسيرة المليونية لزيارة الإمام الكاظم، يقول بأن هؤلاء الزوار جميعاً من أتباع السيد مقتدى الصدر "وهم جميعا يقتدون بالسيد مقتدى الصدر الذي أعلن صدق الوطنية وحسن الرؤى بالتعايش بين كافة المذاهب والطوائف"، وهو يرمي أولاً إلى الدعاية للسيد مقتدى الصدر ودق إسفيناً بين شيعة العراق، من أن الآخرين من العلماء وعلى رأسهم السيد السيستاني لا يمثل شيعة العراق. وثانياً، ولأن الكاتب طائفي حتى النخاع، فهو أيضاً يلعب لعبة قذرة أخرى فهو لم يُطالب بالقصاص من الإرهابيين والداعين لقتل الشيعة، بل حمّل حكومة الجعفري المسؤولية والمرجعية الشيعية، بطلبه منها التحدث عن موضوع الفيدرالية، وهو بهذا يلمز إلى أنهم هم المسؤولون عماّ حدث، أو أن موضوع الفيدرالية مبرراً شرعياً لذبح الشيعة، أو إذا لم يتراجع الشيعة عن موضوع الفيدرالية، وهذا تهديد مبطن، فإن أتباع الكاتب من عصابة الزرقاوي ستقوم "بالواجب" وتستمر بعمل أمثال هذه المذابح بالشيعة. الكاتب خالد عيسى طه فعلاً ينفّذ ما قاله مسؤولون في الأحزاب "السنة العرب" من أنهم سيحاولون إفشال التصويت ضد الدستور، وأنهم سيحاولون استمالة السيد مقتدى الصدر ليصوت أنصار الصدر ضد الدستور أيضاً، مع أن الصدر من الشيعة، ومطالب الأحزاب السنية ليس فقط في رفض الفيدرالية، بل في رفضهم لمعاقبة أتباع النظام البائد باستبعادهم من العملية السياسية، أي البعثيين الذين تلوثت أيديهم بدماء العراقيين، وعلى رأسهم الشهيد السيد صادق الصدر والد السيد مقتدى الصدر. اللعبة الخبيثة للكاتب وأمثاله باتت واضحة، فهو مثل غيره، يشكك حتى في العراقيين من أصحاب الجنسية المزدوجة، وأنهم هم السبب فيما حصل، بشكل أو بآخر، بل يسمّيهم "جرذان الطائفية" وأنهم سيغادرون العراق مع الاحتلال وأنهم انتهازيون "سيذهب جرذان الطائفية والانتهازية أما إلى مزبلة التاريخ أو إلى جحورهم المظلمة أو أن يذهبوا من حيث أتوا مع الاحتلال وهم في أكثريتهم حاملي جنسية مزدوجة". هؤلاء أصحاب الجنسية المزدوجة، "الجرذان" هم من قام صدّام بتهجيرهم بالملايين، هم من "الطائفة الشيعية" والأكراد، أما أتباع صدّام من أمثال الكاتب، فلا يحتاجون لجنسية أخرى أو للهجرة، فقد تكفّل صدّام بإعاشتهم، لذلك لازالوا يرفعون صورة قائدهم ويهتفوا باسمه، هؤلاء هم "المقاومة الشريفة" التي حكمت العراق ونهبت خيراته على مدى ثلاثة عقود مضت وأكثر. مجزرة بهذا الحجم كان المفترض أن يقف الكاتب وأمثاله موقفاً يحترم فيه نفسه، موقفاً واضحاً من الوهابيين والإرهابيين البعثيين، كان من المفترض أن يعلنوها على الملأ بأنهم أبرياء من هذه الجريمة الشنيعة، وأنهم ضد كل من يدّعي تمثيلهم والدفاع عن العراق، وأن هؤلاء هم قتلة يجب "تصفيتهم" فكرياً وجسدياً؛ لكن تبين بأن هؤلاء لم يتغيروا، فهم كما قيل في الأمثال "لا يستقيم الظل والعود أعوجُ". هؤلاء من إنتاج ثقافة الكراهية، من ثقافة أنهم الأفضل وأن لهم الحق في الحكم من دون الآخرين، وإن كانوا لا يمثّلون الأكثرية، ولهذا فهم بعد فقدهم حكم العراق، لا يتوانون عن تدميره، عاملين بالمثل القائل "عليّ وعلى أعدائي"، وأعدائهم بدون شك هم أكثرية الشعب العراقي المظلوم، الشيعة. أكثر من ألف إنسان بريء راح ضحية هذا العمل الآثم من طفل وطاعن في السن، من رجل وامرأة، من الفقراء والمعدمين، من جميع مناطق العراق، ليسوا فقط أتباع السيد مقتدى الصدر، أو غيره، بل هم شيعة عراقيين جمعتهم محبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين. كم أتمنى أن أكون من ضمن من يشيع الجثامين الطاهرة إلى مثواها الأخير لأقول ما قاله شفيع الأمة في زيارته للبقيع (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون).
#فايز_شاهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيوخ الغفلة
-
نور مياتي بعيون سعودية!
-
لك الله يا جنوبنا الصابر
-
اسمها نور، نور مياتي
-
مسجد أم مساجد ضِرار؟
-
امرأة -ناقصة- تؤم -كاملين-
-
لا تشمتوا في قطر
-
في العبرية الإسرائيلية!
-
ولكن شُبّه لهم
-
شُهداء بلا حدود
-
لا تنتصروا للمرأة!
-
أربعٌ وعشرونَ ساعة في حياة الرياض
-
رأس الحيّة في الانتخابات البلدية
-
ملاذُ المؤمنين!
-
حدّثني شيخي فقال
-
تَرفَّعوا .. تفلحوا
-
انتخبوا فايز شاهين !
-
شُلّت يدُ كلّ عابثٍ بأمن ومستقبل الوطن
-
معاً ضد الإرهاب الحكومي المنظم
-
يوم الغضب العراقي
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|